الأحد، 26 نوفمبر 2023

Published نوفمبر 26, 2023 by with 0 comment

طوفان الأقصى… تساؤلات مشروعة بعد هدنة قصيرة


طوفان الأقصى .... تساؤلات مشروعه

 طوفان الأقصى… تساؤلات مشروعة بعد هدنة قصيرة



بسم الله الرحمن الرحيم
نسأل الله الرحمة والمغفرة لشهداء فلسطين في غزة والضفة وكل بقاع أمّتنا الموجوعة، وأن يرزق أهلها الصبر والنصر والفرج القريب.


خلف المشهد: هدنة مؤقّتة وسط مشهدٍ متقلّب


بعد أسابيع من المواجهات والعمليات العسكرية المتبادلة، انتهت المواجهة الأولى المؤلمة باتفاق هدنة برعاية وساطة إقليمية ودولية. لكنّ الهدنة لم تطوِ كلّ الأسئلة، بل خلّفت جملة من التساؤلات المشروعة حول ما جرى وما ينتظر المنطقة في الأيام المقبلة.


 أين اختفى خطاب الحسم الإسرائيلي؟

قبل التهدئة بدا الخطاب الإسرائيلي متشدّداً يزعم القضاء على حركة المقاومة وتحقيق «أمر واقع» جديد في غزة. السؤال البسيط والضروري: أين ذهبت هذه الخطابات الآن؟ هل تغيّرت المعطيات ميدانياً وسياسياً أم أن الحسابات الإقليمية والدولية أعادت رسم خرائط الخيارات؟ وهل ستستمرّ تهديدات بعض المسؤولين بعد انتهاء وقت الهدنة؟


هل ستُستخدم الهدنة لإعادة التموضع؟

من جهة أخرى يتساءل المراقبون عما إذا كانت الهدنة ستمنح الاحتلال فرصة لتشديد سياساته لاحقًا أو لتنفيذ خطط بديلة، كسياسات تهجير أو تغيير ديموغرافي، أم أنها ستكون بداية لتهدئة طويلة تُبنى على آليات حماية مدنية وإدخال مساعدات وإنهاء حالة الحصار عن المدنيين؟



 موقف القيادة الإسرائيلية والمسؤولية الداخلية

الإحراج الذي لحق بقيادة الاحتلال بعد اختراقاتٍ أظهرت ثغرات أمنية جعلت الحكومة في موقفٍ حرج أمام مواطنيها. كيف ستُعالج هذه الخسارة الرمزية؟ هل ستعود الثقة إلى منظومة الأمن بعد أي عملية عسكرية مستقبلية أم أن الشكّ والقلق سيزيدان من الضغوط الداخلية؟


دور الفصائل الفلسطينية وإدارة المرحلة القادمة


من جانب الفصائل: هل ثبّتت هذه الجولة مواقفها الاستراتيجية أم ستعيد تقييم طرق العمل والمواجهة؟ وهل يجري التفكير بتمديد الهدنة لإتاحة مساحات إنسانية لإدخال الإغاثة وإعادة الإعمار الجزئي ودفن الضحايا، أم أن الميدان سيبقى عرضة لتصعيد متكرر؟


 موقع الدول الإقليمية والدولية: دعم أم إدارة أزمات؟

بدا واضحًا أن دولًا عدة لعبت أدوارًا دبلوماسية وإنسانية لتثبيت الهدنة؛ فهل سيستمر هذا الدور بنفس الفاعلية؟ وهل ستتضامن شعوب وديمقراطيات غربية مع الدعوات الإنسانية أم سيخفّ صداها بمرور الوقت؟ وبأي شكل يمكن للمجتمع الدولي أن يساهم بآليات حماية فعّالة للمدنيين؟


 محور المقاومة—التحالفات والاعتماد الخارجي

طرح البعض علاقة الفصائل بداعمين إقليميين كإيران وتساؤلات عن مدى الاعتماد على الدعم الخارجي وتأثيره في سياسات الفصائل وتوجهاتها. السؤال هنا: كيف يمكن للفصائل أن توازن بين دعم حيوي يُقدَّم لها، وبين الحفاظ على استقلالية القرار الوطني والمصلحة الفلسطينية؟


 ثمن المعركة: حماية المدنيين وسُبل المعالجة الإنسانية

أكبر تساؤل إنساني يبقى حول كيفية حماية المدنيين وفتح ممرّات آمنة لإدخال المساعدات وإجلاء الحالات الطارئة، إضافة إلى آليات محاسبة وشفافية في توثيق الانتهاكات والعمل على إعادة السكان إلى منازلهم بأمان حين تسمح الظروف.


 خاتمة: أسئلة مفتوحة ومسؤولية مشتركة

طوفان الأقصى فتح باب تساؤلاتٍ مشروعة عن مسارات الصراع القادمة، وعن موازين القوى السياسية والعسكرية والدبلوماسية. المطلوب الآن حكمة قيادة فلسطينية موحّدة، دور إقليمي فاعل ومسؤولية دولية حقيقية لحماية المدنيين وتهيئة شروط حلٍّ يعيد الحقوق ويضمن استقرارًا طويل الأمد. يبقى الأمل معقودًا على تضامن الوجدان الإنساني حول قضية عادلة تطالب بالكرامة والحق.


Read More
    email this

الجمعة، 10 نوفمبر 2023

Published نوفمبر 10, 2023 by with 0 comment

«راح تعمروا لبنان غصبن عنكم» — قراءة نقدية في خطابٍ واستعلاءٍ يسيء لبلدٍ يتألم

 

راح تعمرو لبنان غصبن عنكم

 «راح تعمروا لبنان غصبن عنكم» — قراءة نقدية في خطابٍ واستعلاءٍ يسيء لبلدٍ يتألم



شهدت الساحة اللبنانية في الأيام الأخيرة تصريحاتٍ نابية انطوت على احتقارٍ وتحقيرٍ للدول الشقيقة وقياداتٍ عربية، وجاءت على لسان شخصية سياسية محلية أثارت مزيدًا من الجدل والتذمّر. لا يهمّني اسم المتحدث بقدر ما يهمّني جوهر الكلمة وأثرها؛ فالكلمة الطائفيّة المستفزّة والاتهامات الرخيصة لا تُضيف للبلد الذي يعاني سوى مزيدٍ من الانقسام والضعف.


لبنان يمرّ بأزمة مركّبة: انهيار اقتصادي، تآكل مؤسسات، اختلالات سياسية، وتوغّل جماعاتٍ مسلّحة جعلت من القرار الوطني رهينة تأثيرات خارجية. وفي مثل هذا السياق، يصبح التصويب على دولٍ شقيقة أو التهوين من دورها في مثل هذه اللحظات بمثابة خيانة واضحة لمصلحة اللبنانيين.

من المؤسف أن تتكرّر في الخطاب الرسمي أو الإعلامي مواقفٌ تُشبه في نغمتها مَنْ ينتمي إلى منظومات إقليمية أوجدت أزماتٍ في المنطقة. تلك المواقف تعكس ثقلاً أيديولوجياً لا يقدّر حسّ الوطنية ولا يحترم قيمة التضامن العربي. في المقابل، تظل دول الخليج، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، على مرّ التاريخ من أبرز الداعمين للبنان على صعدٍ متعددة، سواءً في المساعدات التنموية أو في الاستجابة للأزمات، وما شهدناه من تأثير لخفض الدعم أو إعادة النظر في العلاقة يؤكد حجم الاعتماد المالي والاقتصادي الذي تربطه بالعلاقات الثنائية.


لا ينبغي أيضاً أن نغفل أن البعض يستغلّ الصراعات الداخلية لإحكام سيطرته، وأن جيوب النفوذ الخارجي — سواء أكانت إيرانية أو غيرها — تعمل على تحويل بعض السياسات اللبنانية إلى ساحة للتنافس الإقليمي. ذلك ما جعَل لبنان ساحة اختبار لولاءاتٍ خارجية، وما أوقع البلد في متاهاتٍ سياسية أضرت بمصالح مواطنيه قبل أن تمسّ سمعة دولٍ شقيقة.


إذا أردنا أن نكون واقعيين: بناء بلدٍ صالحٍ وإعادة بنائه لا يتحقق بالخطابات الانتقائية أو بالهجوم على من أعطى وساهم ودعم في أوقات الحاجة. لا يمكن أن يُبنى لبنان على عداواتٍ مؤدلجة أو على مزايداتٍ طائفية تُقحم بلدًا بكامله في سجالاتٍ لا طائل منها. المطلوب اليوم قيادة وطنية مسؤولة، قادرة على الحوار، وملتزمة بإصلاحاتٍ حقيقية تضع البلد على طريق التعافي.


أدعو من يلمّعون صورَ المحاور الإقليمية أو يتغنّون باحتماءٍ بظلّ دولٍ خارجية أن يتذكروا أصل المصلحة الوطنية: هو شعبٌ منهوبٌ ومتألم يبحث عن فرص عمل، عن كهرباء ومستشفيات وتعليم، عن بيئةٍ آمنة لأطفاله. هذه ليست شعاراتٍ جانبية يمكن التضحية بها، بل قضايا أساسية يجب أن توحّد الخطاب السياسي حتى ينتقل لبنان من دائرة الأزمات إلى مسارات البناء.


وأختم بأن أملاً حقيقياً يبقى معقودًا على عودة النخب الصالحة من أبناء لبنان، الذين لم يبتغوا الأضواء، والذين يمكنهم أن يقودوا بلداً نظيفاً من الفساد ومتحرراً من وصاية الخارج. إنّ لبنان يحتاج اليوم إلى من يقوّي مؤسساته، لا إلى من يفرّق كلماته؛ إلى من يعيد للدولة سيادتها، لا من يحتفي ببناء دولٍ داخل الدولة.


لنَنْهَ حوارَ الإهانة، ولنبدأ حواراً إصلاحياً يضع لبنان في موقعه الطبيعي بين الأشقاء؛ فالإصلاح سبيلاً للكرامة، والكرامة لا تُفرض بالقذف ولا تُستعاد بالإهانة.
Read More
    email this

الأحد، 29 أكتوبر 2023

Published أكتوبر 29, 2023 by with 0 comment

تشابك وتخالط في المصالح والتوجهات والضحيه واحدة

 

تشابك وتخالط في المصالح والتوجهات والضحيه واحدة

 تشابك وتخالط في المصالح والتوجهات… والضحية واحدة


**بسم الله الرحمن الرحيم**

مع استمرار آلة القتل في الأراضي الفلسطينية، وبخاصة في غزة، تتواصل المساعي الدولية واجتماعات التنسيق، لكنّها غالبًا ما تُترجم إلى بيانات ومناشدات لا تقيم وزنًا كافيًا لمعاناة المدنيين على الأرض. وفي ظل هذا الواقع، تتداخل المصالح الإقليمية والدولية، وتتشابك التوجّهات، لتظلّ النتيجة واحدة: مزيد من المعاناة والضحايا المدنيين.



 مراقبة أم فعالية؟ تناقض المواقف الدولية

لا يخفى أن النظام الدولي بات مرهونًا بمصالح متشابكة؛ فبعض الدول تتخذ مواقف داعمة للمحتلّ علنًا أو ضمنًا، بينما ترفع دول أخرى شعارات التضامن لكنها تلتزم حدود الدبلوماسية. في المقابل، تُبقى معظم المبادرات والإعلانات على مستوى الرصد والضغط الرمزي، دون آليات تنفيذية فعّالة تضمن حماية المدنيين وإيصال المساعدات.



 محور «الممانعة» والتبجّح الإعلامي: كلمات أم أفعال؟

الخطاب العالي النبرة من بعض محاور الإقليم يثير كثيرًا من الجدل: في كثير من الأحيان تذهب التصريحات إلى مدحٍ مبالغ فيه أو تهديدات إعلامية رنانة، لكنها قلما تُترجم إلى إجراءاتٍ ميدانية قادرة على تغيير مسارات الصراع. هذا النمط من الخطاب يثير سؤالًا مهمًا: هل الكلام يحل محل العمل؟ أم أنه يُستخدم لتأمين منافع رمزية وسياسية؟


 إيران وإيرانوفيل: دعم أم تبعية؟

يُشاد ببعض الدول الداعمة للمقاومة لتمرير العتاد أو الدعم السياسي، بينما تُلفَّت الأنظار إلى مخاطر الاعتماد الكامل على محاور إقليمية قد تفرض أجندات لا تخدم بالضرورة المصلحة الوطنية الفلسطينية المستقلة. سؤال عملي يُطرح: كيف تُوازن الفصائل بين قبول الدعم الضروري والحفاظ على استقلالية القرار الوطني؟



 دور مصر والدول المجاورة: توازن الأمن والإنسانية

لعبت مصر دورًا محوريًا في إدارة أزمة الحدود والضغط الدبلوماسي والوساطة، وهي تواجه تحديًا مزدوجًا: حماية أمنها الوطني ومنع توسّع الصراع، وفي الوقت نفسه المساهمة في التخفيف من معاناة الفلسطينيين. هذا التوازن الدقيق يستلزم حوارًا صريحًا بين الأطراف الفلسطينية ومع القاهرة لتفادي سياساتٍ تؤدي إلى نزوحٍ إجباري أو مزيدٍ من التوتر.



## قادة المقاومة في الخارج: صور براقة وأسئلة مشروعة

ظهور بعض القيادات خارج غزة في أجواءٍ مريحة يثير تساؤلات شعبية عن القرب من الشعب والتواجد في الميدان. يتوقع الجمهور من ممثليه مساندة ميدانية وروح تضامن حقيقية مع المتضررين، لا أن تظهر التناقضات الصورية بين حياة الرفاهية وخسارة العائلات على الأرض. الشفافية وخطط العودة وإدارة الأزمة هي ما يطمئن الميدان أولًا.


## الإعلام والشعب الدولي: طاقة تغيير أم هتاف عابر؟

الشعوب أظهرت تعاطفًا واسعًا عبر تظاهراتٍ عالمية، وهذا مؤشر قوي على وجود رأي عام قادر على الضغط على حكوماته. يبقى السؤال: هل سيتحول هذا الزخم الشعبي إلى إجراءات سياسية مستدامة؟ أم يظل مجرد بادرة تضامن رمزية؟



 طوفان الأقصى كصندوق أسرار: مخططات واستدراج أم صدفة؟

قضية طوفان الأقصى كشفت الكثير من نقاط الضعف والثغرات لدى الأطراف المتورطة، وأثارت فرضيات حول خططٍ طويلة الأمد أو سيناريوهات مُدروسة. في المقابل، لا بدّ من التمييز بين التحليل العسكري والسياسي وبين الروايات غير المؤكدة؛ فالمطلوب تحقيقات موضوعية وشفافة لفهم ما جرى بدلاً من الانزلاق وراء التأويلات.



 الخاتمة: الضحية واحدة… وضرورة تضافر القوى الإنسانية

في خضم هذا التشابك، تظلّ الضحية الأولى والأخيرة هي الإنسانية. سواء اختلفت المواقف أو تباينت المصالح، يبقى واجبًا إنسانيًا ودوليًا حماية المدنيين، وإيصال المساعدات، والعمل على حل سياسي عادل يضمن للفلسطينيين حقهم في العيش بكرامة. الشفافية، والحوار الداخلي الفلسطيني، والتنسيق الإقليمي البنّاء، ودفع المجتمع الدولي لتحويل البيانات إلى إجراءات حقيقية — كلها مفاتيح ضرورية لتقليل المعاناة وإيجاد مخرج ممكن لهذا الملف المزمن.
Read More
    email this

السبت، 21 أكتوبر 2023

Published أكتوبر 21, 2023 by with 0 comment

تبعات «طوفان الأقصى»: قراءة في الأثر الإقليمي والإنساني

   

تبعان طوفان الأقصى

تبعات «طوفان الأقصى»: قراءة في الأثر الإقليمي والإنساني





أظهرت أحداث «طوفان الأقصى» وتداعياتها ضعفاً واضحاً في بعض جوانب القدرات الإسرائيلية، وأثارت نقاشًا واسعًا حول هشاشة الأنظمة الأمنية وإمكانية استغلال ثغرات لتحقيق مكاسب سياسية أو ميدانية. مع ذلك، فإن أهم نتائج هذه المواجهات تتركز في البعدين الإنساني والسياسي أكثر من أي جانب آخر.


أدى التصعيد إلى معاناة مدنية كبيرة، ما جعل الملف الإنساني محور اهتمام إقليمي ودولي. فبغض النظر عن حسابات القوى العسكرية، يبقى المدنيون هم الأكثر تضرراً — وفي غياب حلول سريعة لتأمين المساعدات والوقوف على احتياجات النازحين، فإن التداعيات الإنسانية قد تتفاقم سريعاً.


على المستوى الميداني، لو لم يَسلّم المدنيون برحابة صدر أو لم تكن هناك قواعد واضحة لحمايتهم، لربما تحولت المواجهات إلى مواجهة أوسع بين أطراف متعددة. وفي المقابل، كانت الوقفات الدبلوماسية الدولية والإقليمية واضحة: الولايات المتحدة أعادت التأكيد على دعمها لإسرائيل، بينما حاولت دول عربية وإسلامية إظهار مواقف متباينة بين التضامن السياسي والقلق من التصعيد وتأثيراته على السكان المدنيين.


الموقف العربي كان متباينًا؛ إذ بدت بعض العواصم متعاطفة مع مطالب الشعب الفلسطيني، بينما حاولت أخرى إبراز دورها في ضبط التصعيد ومنع امتداده إلى ما وراء الحدود. يبقى السؤال الأصعب: هل هذه المواقف ستتخطى حدود العواطف وتتحول إلى سياسات عملية ومستدامة تخدم الصالح الإنساني والسياسي للفلسطينيين؟


قضية الأسرى والرهائن ظهرت كأحد المحاور الحسّاسة: في الوقت الذي تؤكد فيه فصائل المقاومة على الحفاظ على سلامة من لديهم من محتجزين، يستمر القلق الدولي على معاملة الأسرى من كلا الطرفين. الإفراج المؤقت عن رهينتين أمريكيتين لفت الانتباه إلى هذا الجانب الإنساني والدبلوماسي، وأعطى زخماً للحوار حول قضايا التبادل والضمانات الإنسانية.


الموقف المصري مثّل حالة خاصة. فالقاهرة، التي تربطها علاقة جغرافية وسياسية بغزة، عبّرت عن خوفها من تداعيات أمنية محتملة على حدودها، وفي الوقت نفسه كانت حريصة على حماية المدنيين ومنع وقوع موجات نزوح غير منضبطة قد تُستغل سياسياً. التصريحات الرسمية حول ترتيبات محتملة لإيواء أو نقل سكان في حالات طارئة أثارت نقاشاً واسعاً حول البدائل الآمنة وحقوق المتضررين.


تطرح هذه الأحداث أسئلة إستراتيجية: إن دخلت قوات الاحتلال قطاعاً محمياً، هل ستتمكن من الخروج دون كلفة إنسانية أو مادية؟ وهل ستُعيد الأمور إلى سابق عهدها؟ التاريخ والوقائع السابقة يوضحان أن الحلول العسكرية وحدها لا تحقق استقرارًا دائمًا، وأن معالجة جذور الصراع تتطلب إجراءات سياسية ودبلوماسية تراعي الحقوق والكرامة الإنسانية.


من زاوية المقاومة والناشطين الميدانيين، هناك دعوات لتقليل الاستهداف المدني قدر الإمكان والتخطيط العملياتي المحسوب لتفادي سقوط ضحايا بين السكان العزل. هذه الدعوات تتقاطع مع قواعد القانون الدولي الإنساني التي تفرض حماية المدنيين والتمييز بين مقارعة العدو والاعتداء على المدنيين.


الإعلام الدولي غيّر أيضاً من معادلة السرد حول الأحداث؛ فقد رافق التصعيد حملة إعلامية واسعة النطاق ركّزت كل جهة فيها على إبراز روايتها. ظهور ما يُعرف بـ«المتاجرين بالقضية» وكشف مصالح فاعلين سياسيين واقتصاديين استغلوا الأزمة، أبرز الحاجة إلى توثيق مستقل وموضوعي للأحداث لتجنّب التضليل واستغلال المعاناة.


في الختام، تظل الأولوية الآن لحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، وإيجاد ممرات دبلوماسية لاحتواء التصعيد. كما أن الطريق إلى حل دائم يمر عبر حوار إقليمي ودولي يوازيه التزام بحماية الحقوق الأساسية، وإصلاحات تداولية تضمن عدم تكرار الثغرات الأمنية والسياسية التي كشفتها أحداث «طوفان الأقصى».
Read More
    email this

الأربعاء، 19 يوليو 2023

Published يوليو 19, 2023 by with 0 comment

تمدّنا فازدادت عيوبنا: قراءة في أثر التقدّم على قيمنا

 


 🏙️ تمدّنا فازدادت عيوبنا: قراءة في أثر التقدّم على قيمنا



 حين يختلط التمدّن بالتحوّل القيمي


منذ سنوات، أصبح التمدن والتطور واقعًا لا يمكن تجاوزه. غيّرا نمط حياتنا، أسلوب تواصلنا، وحتى طريقة تفكيرنا. قد نحب هذا الواقع أو نرفضه، لكنه أصبح جزءًا من يومياتنا.

ورغم ما جلبه من رفاهية وسهولة، إلا أن الكثير من القيم والممارسات الأصيلة التي تربينا عليها بدأت تتراجع، لتحل محلها أنماط جديدة شوهت شيئًا من بساطة وجمال الماضي.


فهل التطور سلبٌ للفضيلة؟ أم أننا نحن من أضعنا التوازن بين التقدم المادي والقيم الإنسانية؟



 الحداثة بين الاستخدام وسوء الاستخدام


لا شك أن الوسائل الحديثة فتحت آفاقًا واسعة للعلم والتواصل، لكنها في الوقت نفسه كشفت خفايا لم تكن لتظهر في الماضي. لم يعد هناك ما يسمى “السر”، وأصبحت تفاصيل الحياة الخاصة تُعرض على الملأ.

الخلل هنا لا يكمن في التقنية نفسها، بل في **سوء استخدامها** وغياب الوعي الأخلاقي الذي يوجّهها. فالتطور ليس عدوًا للقيم، لكنه يحتاج إلى وعي يحفظ التوازن بين الحداثة والهوية.



 هل الإسلام ضد التمدّن؟


على العكس تمامًا، فالإسلام دين حضارة ورقيّ. دعا إلى العلم، وإعمار الأرض، وتحسين حياة الإنسان ماديًا ومعنويًا. المشكلة ليست في “التمدن” ذاته، بل في **الانقياد الأعمى** لكل ما يأتي من الغرب دون وعي أو تمحيص، حتى صار بعضنا يربط التقدّم بالتحلل الأخلاقي، وهو تصور مغلوط لا يمت للحقيقة بصلة.




 تغييب العقل وصمت الضمير


من المؤسف أن يصبح المجتمع أكثر تساهلاً تجاه سلوكيات كانت تُستنكر سابقًا. لم يعد الاعتراض على الخطأ أو النصح بالحكمة حاضرًا كما كان، وكأننا فقدنا جزءًا من مسؤوليتنا الاجتماعية.

القضية ليست في رفض الحداثة، بل في كيفية التفاعل معها بوعي يحافظ على قيمنا ويمنع الانجرار وراء التقليد الأعمى.


حين تنعكس الأدوار


من المثير أن نرى بعض الدول الغربية — التي كانت تُتهم بالانحلال — تعيد النظر في منظوماتها الأخلاقية، وتبدأ بتقنين بعض السلوكيات التي أفرطت فيها سابقًا، بعدما رأت أثرها السلبي على الأسرة والمجتمع.

بينما في المقابل، بدأت بعض مجتمعاتنا تتبنى تلك الممارسات نفسها تحت شعار “الحرية والتطور”. وكأننا نسير عكس الاتجاه.




 🚫 التقليد ليس حضارة


الحضارة لا تُقاس بالمظاهر، بل بالوعي. ما نراه من انبهار أعمى بكل ما يأتي من الغرب لا يعني تقدمًا، بل تراجعًا عن القيم التي ميّزتنا. التمدن الحقيقي هو أن نأخذ من العالم ما يفيدنا دون أن نفقد هويتنا في الطريق.




 الخاتمة


التمدن سلاح ذو حدين. هو وسيلة للارتقاء بالإنسان لا لإفقاده هويته.

إذا أعدنا التوازن بين العلم والقيم، بين التقنية والضمير، سنجد أن الحضارة ليست خطرًا، بل فرصة لإحياء إنسانيتنا بطريقة أعمق وأجمل.

Read More
    email this

السبت، 8 يوليو 2023

Published يوليو 08, 2023 by with 0 comment

🇸🇦 هل تفعلها المملكة العربية السعودية وتغيّر واقع العرب؟

 

🇸🇦 هل تفعلها المملكة العربية السعودية وتغيّر واقع العرب؟


 لاعب جديد قديم يعود إلى الساحة

في عالم يموج بالأحداث السياسية والاقتصادية المتسارعة، برزت السعودية من جديد كأحد أهم الفاعلين على الساحة الدولية، بعد أن كانت قوى كبرى تحاول تحجيم دورها لعقود. لكن المشهد تغيّر، وأصبحت المملكة اليوم رقمًا صعبًا في معادلة الشرق الأوسط والعالم العربي، بل وفي المنظومة الدولية ككل.


السعودية العظمى... من الجذور إلى الريادة

منذ تأسيسها، مرّت المملكة بمراحل صعبة ومفصلية، كانت كلها مقدمات لما وصلت إليه اليوم. رؤية الدولة الحديثة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان — حفظهما الله — أعادت رسم صورة السعودية كقوة اقتصادية وسياسية لها مكانتها الإقليمية والعالمية.

ولم يكن هذا التحوّل وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط استراتيجي طويل وتوظيف ناجح لقدراتها وموقعها وثرواتها.


 بين التشدد والانفتاح... رحلة التوازن

في مراحلها السابقة، واجهت المملكة اتهامات بالتشدد أو الانغلاق نتيجة طبيعة مجتمعها المحافظ ومكانتها الدينية الحساسة. إلا أن هذا الانضباط كان جزءًا من مسؤوليتها تجاه مقدسات الإسلام في مكة والمدينة، ومن واجبها الشرعي في حماية القيم الدينية.

ومع التحوّل والانفتاح الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة، لم تسلم أيضًا من الانتقادات التي رأت في الانفتاح تمييعًا للهوية. لكن الواقع يُثبت أن **السعودية تسير نحو الاعتدال**، وتبحث عن صيغة توازن تجمع بين الأصالة والتجديد.


 السعودية في مواجهة الحملات والتحديات

تعرضت المملكة خلال العقود الماضية لحملات إعلامية ممنهجة هدفت إلى التقليل من دورها وتأثيرها في العالم العربي والإسلامي. ومع ذلك، ظلت ثابتة في مواقفها، داعمة للقضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

ورغم محاولات التشويه، فإن السعودية بقيت نموذجًا للدولة التي **تضع مصلحة الأمة فوق الخلافات**، وتسعى للصلح بدل الصراع، وللوحدة بدل التفرقة.


 من الربيع العربي إلى رؤية 2030

عندما اجتاحت المنطقة ما سُمّي بـ"الربيع العربي"، اتخذت السعودية موقف الحذر، وسعت إلى منع الفوضى التي كادت تعصف بالمنطقة. أدركت القيادة السعودية مبكرًا أن التغيير غير المنضبط قد يؤدي إلى انهيار الدول بدل إصلاحها.

واليوم، عبر **رؤية السعودية 2030**، تعمل المملكة على تغيير الواقع العربي عبر الاقتصاد والثقافة والاستثمار، لا عبر الصراع والخطابات. إنها تسعى لتكون نموذجًا يحتذى به في الإصلاح الهادئ والمتدرج.


 التحديات أمام المشروع السعودي

نجاح السعودية في توحيد الصف العربي لن يكون سهلًا، فهناك **عوائق سياسية ومنافسات إقليمية** لا يمكن تجاهلها. بعض القوى الكبرى ترى في صعود الرياض تهديدًا لمصالحها التقليدية في المنطقة، وبعض الدول العربية ما زالت أسيرة خلافات قديمة.

ومع ذلك، تُظهر المملكة **قدرة استثنائية على الصبر والمناورة السياسية**، مستفيدة من ثقلها الاقتصادي والديني والجغرافي لتجاوز هذه العقبات.


 مستقبل مشرق... وإشارات مبشرة

برغم التحديات، المؤشرات تدل على أن السعودية تسير بخطى ثابتة نحو إعادة صياغة الواقع العربي. مواقفها الداعمة للاستقرار، ومساعيها لاحتواء الأزمات في اليمن وسوريا والسودان ولبنان، كلها تؤكد أن **الرياض تعمل بصمت من أجل بناء شرق أوسط أكثر تماسكًا**.

ومع رؤية طموحة وقيادة شابة، يبدو أن السعودية بدأت فعلًا في **تغيير قواعد اللعبة** لصالح استقرار المنطقة وازدهارها.


السعودية اليوم ليست مجرد دولة مركزية في الخليج، بل **ركيزة في بناء مستقبل العرب**. تمتلك المقومات السياسية والاقتصادية والثقافية لتكون قوة تغيير إيجابية، تقود المنطقة نحو نهضة جديدة قائمة على التعاون لا الصراع.

ويبقى السؤال مطروحًا:

هل تفعلها السعودية وتغير واقع العرب؟

الجواب يبدو أقرب إلى **نعم** — فالمعطيات تقول إن السعودية بدأت بالفعل مرحلة التحوّل الكبرى.

Read More
    email this

الأحد، 18 يونيو 2023

Published يونيو 18, 2023 by with 0 comment

فنُّ إغتصاب العقول

 

فنُّ إغتصاب العقول:

سفينة التيتانيك كان عليها تقريبا 2230 شخصاً، تم إنقاذ 706 شخص فقط، هذا يعني ان1524 شخصاً لقوا حتفهم.

في أحداث الفيلم مات تقريباً أغلب الناس بسبب الغرق، بينما مات بطل الفيلم بعد ساعات، بسبب برودة الماء وليس الغرق.


أغلب من شاهد هذا الفيلم لم يشعر بأي نوع من التعاطف تجاه المئات الذين ظهروا في الفيلم يغرقون، بالرغم من أن أغلبهم نساء وأطفال، وكانت أمنية كل شخص شاهد هذا الفيلم، هو أن يعيش البطل والبطلة وأن ينجوا من الغرق!.


 لكن هل سألت نفسك لماذا شعرت بالتعاطف مع البطل، وهو لصٌّ ومدمن خمر ولاعب قمار! ولم تتعاطف مع المئات من النساء والأطفال وكبار السنِّ، الذين ظهروا وهم يغرقون في الفيلم؟ والجواب: استطاع المخرج أن يسلط الضوء على البطل والبطلة فقط، وكأنهما الوحيدان على متن السفينة، وجعلك تحبهما وتتعاطف معهما بالرغم من كل عيوبهما، وتتناسى في نفس الوقت الأطفال والنساء الذين غرقوا من حوله وكأن لا وجود لهم!.


هكذا يتلاعب بنا الإعلام كل يوم، يسلط الضوء على مايريد وفق رؤيته السياسية أو الجهوية أو المنفعة المادية، وليس من زاوية الحق، سواء كان له أم عليه، الإعلام بكل وسائله يمارس هذا العبث القذر على مدار الساعة، وكل الأطراف المتصارعة والمتنازعة في عالمنا اليوم في مشارق الأرض ومغاربها، ترينا المشهد من زاويتها هي فقط، لكن الحقيقة شيء آخر .


وهاكذا تم تشويه صورة وسمعة الدائن من قبل المدينين والمستفيدين من الحكومه لمصالح شخصيه باسلوب نتن باللعب على وتر المشاعر وقلب الحق الى باطل.

Read More
    email this

السبت، 27 مايو 2023

Published مايو 27, 2023 by with 0 comment

هل أرضى بالظلم؟ قراءة في ضعفنا الجماعي وسبل الاستعادة

 

إن كنت مسلما أو عربيا فلترض بالظلم ولا تعترض

هل أرضى بالظلم؟ قراءة في ضعفنا الجماعي وسبل الاستعادة





الحرية قيمة أصيلة يولد بها الإنسان، ولا ينبغي أن تُستبدل بالرضوخ للظلم أو الاستسلام أمام الضغوط. لكننا اليوم نواجه ظاهرة مقلقة: ضعف جماعي في مواجهة ما يمس ثوابتنا وهويتنا. هذا الضعف لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج تراكمات تاريخية واجتماعية وسياسية.

منذ عهد الاستعمار وما تلاه من تأثيرات، دخلت دولنا في دوامة تغيّر عميق. المقاومة ضد الاحتلال والتحرّر أعقباها موجات تأثير أدت إلى تغيير مناهج تربوية وثقافية، وأضعفت مناعة مجتمعاتٍ كانت أقرب إلى ثوابتها. وأحيانًا، بدت بعض الأنظمة والجهات المحلية أكثر حرصًا على مصالحها الضيقة من حرصها على المصلحة العامة، ما سهّل استغلال الخارج لهذه الفجوات.

أحد أشدَّ الأضرار هو تدخل القوى الخارجية في تفاصيل الحياة الداخلية: سياسات تعليمية وثقافية تُعزل قيم الاعتزاز بالهوية أو تُستبدل بمضامين تُروّج للانفتاح بلا ضوابط. هذا لا يعني رفض كل جديد، فالتطور واجبٌ مطلوب، لكنه يتطلب وعيًا ومعايير تحفظ الهوية وتمنع التفكك الاجتماعي.

كما أن هناك دورًا مؤذيًا يلعبه بعض الأطراف الداخلية المتماهية مع مصالح خارجية: أولئك الذين يغازلون القوى الكبرى مقابل مكاسب مؤقتة يقدمون صورة منقسمة ومشتتة عن الأمة. مثل هذه المواقف تُضعف القدرة على التحالف وبناء إستراتيجيات مشتركة في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية.

في السياق المعاصر، برزت دول إقليمية تحاول استعادة دورها وتأمين مصالح شعوبها عبر سياسات مستقلة. هذا يدعو إلى التفاؤل، لكنه أيضًا يضع أمامنا تحديًا: كيف نُعزز وعي المجتمع ونبني مؤسسات قادرة على حماية الحقوق والمقدسات بدون الخضوع للمزايدات الخارجية؟

الإجابة تبدأ من الداخل: إصلاح مناهج التعليم، تقوية الخطاب الديني الوسطي الذي يدعو إلى العمل والبناء، تحفيز المجتمع المدني على المشاركة الفاعلة، وتعزيز الشراكات الاقتصادية والسياسية على أساس مصلحة وطنية حقيقية. كما أن استعادة الكرامة الجماعية تتطلب قيادة حكيمة تتعامل بذكاء دبلوماسي وتوازن بين الدفاع عن السيادة والانفتاح المسؤول.

الخوف من العقاب الخارجي والإكراه النفسي الذي يثنيه بعض القادة والشعوب ليس سوى تكتيك يستخدمه من يريد إبقاؤنا ضعفاء. تاريخ الأمة يعلمنا أن الشجاعة الجماعية والوحدة قادران على قلب المعادلات إذا صاحبهما تخطيط سليم وإدارة حكيمة للمصالح.

في الختام، الحرية لا تُمنح بالرضوخ ولا تُقوى بالاحباط. على الشعوب والقادة معًا أن يعيدوا ترتيب أولوياتهم لصالح المصلحة العامة، وأن يجعلوا الخشية الأولى هي خشية الله، أما خشية البشر فستزول بما يملأه الإيمان والعمل والوفاء بالواجبات الوطنية.

Read More
    email this

الثلاثاء، 23 مايو 2023

Published مايو 23, 2023 by with 0 comment

الثراء المفاجئ وغسيل الأموال: كيف تُبنى الثروات المشبوهة؟


غسيل الأموال والثروات المفاجئة المتزايدة

 الثراء المفاجئ وغسيل الأموال: كيف تُبنى الثروات المشبوهة؟

يشهد مجتمعنا في السنوات الأخيرة ظاهرة مقلقة تتمثل في "الثراء الفاحش المفاجئ". تكسر هذه الظاهرة القاعدة المتعارف عليها بأن تكوين الثروات يتطلب سنوات طويلة من الجهد والعمل والمثابرة. فجأة، نرى أشخاصاً كانوا من محدودي أو معدومي الدخل يمتلكون أرصدة بالملايين وممتلكات لا حصر لها، وينتقلون من حال إلى حال بين ليلة وضحاها.

يثير هذا التحول السريع تساؤلات ملحة: كيف يحصل شخص مجهول على هذه الثروات دون جهد أو إرث؟ وكيف يتوسع صاحب محل صغير ليصبح اسماً تجارياً ضخماً بهذه السرعة؟ وكيف يكوّن "المشاهير" الجدد سلاسل من المطاعم والمحلات وهم لم يكونوا يملكون شيئاً في بداياتهم؟


ما هو غسيل الأموال وكيف يعمل؟

غسيل الأموال هو باختصار، عملية احتيالية تهدف إلى إخفاء المصدر غير المشروع للأموال (كتجارة الممنوعات، المخدرات، الاتجار بالبشر، وغيرها) وجعلها تبدو كأنها أرباح مكتسبة من مصادر مشروعة.

وقد وجد الباحثون عن الثراء السريع في هذه الجريمة وسيلة لتحقيق أهدافهم، مستغلين ما وصفه الكاتب بـ "التهاون أو الغفلة" من الجهات الرقابية. وتتخذ هذه الجريمة أشكالاً متعددة:

  1. التستر التجاري: يتم عبر استقطاب "تجار أجانب" برؤوس أموال ضخمة. يبهر هؤلاء الجميع بحجم استثماراتهم، ويستخدمون العطايا لكسب الثقة وشراء الذمم.

  2. الواجهات التجارية: يبدأ هؤلاء بإنشاء أنشطة تجارية (كمحلات أو مطاعم)، ويقدمون عروضاً وتخفيضات غير منطقية تجارياً لجذب الناس. الهدف ليس الربح المشروع، بل "خلط" الأموال القذرة مع الإيرادات النظيفة. ومن أشهر الحيل المستخدمة، بيع وشراء سلع (خاصة قصيرة الصلاحية) بأسعار زهيدة جداً لتمرير مبالغ ضخمة.

  3. الغسيل الرقمي (مشاهير التواصل): يُعتبر هذا الوجه الأحدث والأخطر. أصبحت تطبيقات مثل "تيك توك" ساحة لهذه الممارسات. يتساءل الكاتب: كيف يمكن لشخص، قد يكون عاطلاً عن العمل أو مراهقاً، أن يجمع الملايين من بث مباشر واحد عبر "جولات الدعم"؟ وكيف يستطيع الداعمون إرسال هدايا باهظة تصل قيمتها لمئات الدولارات بهذه السهولة؟

الآلية المشتبه بها هنا هي استخدام الأموال غير المشروعة لشراء "هدايا" الدعم وإرسالها إلى المشهور (الذي قد يكون متواطئاً)، وبذلك تتحول الأموال القذرة إلى دخل "شرعي" في حساب المشهور.


مقارنة بين ثروات الأمس واليوم


  • أثرياء الماضي: كانت ثرواتهم محدودة ومعروفة المصدر (أراضٍ، مزارع، سفن). كان مدخولهم يحدد مكانتهم، وكانوا معروفين بالكرم الظاهر وأعمال الخير الخفية. كان خيرهم يشمل الجميع، ويفتحون مجالسهم للفقراء والمحتاجين، مما قلل الفقر في المجتمع.

  • أثرياء الحاضر (المشبوهون): يركز المقال على فئة من الأثرياء الجدد الذين يجمعون الأموال بهدف الجمع فقط. أموالهم "مسجونة" في البنوك لا نفع للمجتمع منها، وحتى زكاتهم وصدقاتهم (إن أخرجوها) توجَّه لأشخاص معينين قد لا يكونون من المستحقين.


الحلول المقترحة لمواجهة الظاهرة

لمواجهة هذه "الآفة الجديدة" التي تدمر الاقتصاد وتزيد الفجوة الطبقية، يقترح المقال ثلاثة حلول أساسية:

  1. الكشف والتعرية: ضرورة فضح هؤلاء المتورطين وعدم منحهم الفرص، حتى لا يصبحوا قدوة للآخرين، ويتحول المجتمع إلى طبقتين: واحدة فاحشة الثراء والأخرى تكافح من أجل لقمة العيش.

  2. التوعية المجتمعية: بناء مجتمع واعٍ يعرف حقوقه وواجباته، ويحارب الظواهر السلبية، ويرفض تمكين من يمارسونها.

  3. إيقاف الدعم والمتابعة: مقاطعة "التافهين" على برامج التواصل الاجتماعي الذين يعتمدون بشكل أساسي على المتابعين لجمع الثروات المشبوهة. ضغط المتابعين ومقاطعتهم قد يجبر القائمين على هذه التطبيقات على تغيير سياساتهم.


خاتمة

يخلص المقال إلى أن غسيل الأموال آفة خفية ومدمرة، تأثيرها مباشر وشامل. ورغم أن المنتفعين منها يحققون مكاسب سريعة في البداية، إلا أن هذه الأموال ستكون وبالاً وهلاكاً عليهم في النهاية، وستخسر المجتمعات والأوطان بسببها.


Read More
    email this