
الموجة المباركة: لماذا يتجه الآلاف في أوروبا والغرب لاعتناق الإسلام… وكيف أشعلت حرب غزة شرارة الوعي؟
تشهد الساحة الغربية منذ أشهر موجة استثنائية وغير مسبوقة من اعتناق الإسلام، لم تعد مجرد حالات فردية أو قصص متفرقة، بل ظاهرة متصاعدة وموثّقة بمقاطع تنتشر على كل منصات التواصل الاجتماعي.
من باريس إلى لندن، ومن نيويورك إلى سيدني، ومن برلين إلى أمستردام، يصطف رجال ونساء في المساجد، يرفعون أصابعهم بالشهادة، في مشاهد أصبحت مألوفة ورابطة بين شعوب لا يجمعها أي تاريخ مشترك سوى رحلة بحث عن الحقيقة.
واللافت أن هذه الموجة ليست دعوة منظّمة، ولا نتيجة لحملات تبشيرية، بل ناتجة عن صدمة أخلاقية عميقة خلّفتها حرب غزة.
أولًا: لماذا تتزايد أعداد المسلمين الجدد في الغرب؟
1. لحظة انكشاف غير مسبوقة
حرب غزة لم تكن مجرد حدث سياسي، بل زلزال أخلاقي عالمي.
الغربيون – ولأول مرة – رأوا:
-
أطفال غزة تحت الأنقاض
-
مشاهد المستشفيات المدمّرة
-
استهداف المدنيين
-
تضليل إعلامي مكشوف
هذا الانكشاف خلّق سؤالًا وجوديًا لدى الملايين:
كيف يمكن لحضارة تدّعي حقوق الإنسان أن تبرر قتل الأبرياء؟
عند هذا السؤال بالتحديد، بدأ كثيرون يفتحون عيونهم على الإسلام باعتباره النظام الأخلاقي الوحيد الذي بقي ثابتًا في وجه تلك الازدواجية.
ثانيًا: الإسلام للمرة الأولى يظهر بلا تشويه
أحد أهم أسباب هذه الصحوة أن مواقع التواصل الاجتماعي أزالت الوسيط التقليدي – الإعلام الغربي – الذي كان يقدّم الإسلام دومًا عبر عدسة التشويه.
بدلًا من:
-
“الإسلام دين عنف”
-
“المسلمون إرهابيون”
-
“الحجاب قمع”
بدأ العالم يرى:
-
شبابًا مسلمين يحملون الطعام للنازحين
-
أمهات محجبات ينقذن أطفالًا
-
رجالًا يرفعون الأذان وسط الدمار
-
شعوبًا كاملة تتكاتف رغم الألم
هنا حدث التحوّل:
الإسلام لم يُنقل عبر الكتب… بل عبر المواقف.
ثالثًا: لماذا ترتبط اعتناقات الإسلام بغزة تحديدًا؟
1. لأن غزة قدّمت للعالم نموذجًا روحيًا مدهشًا
الغربيون رأوا شعبًا:
-
يُقصف ولكنه لا يستسلم
-
يُحاصر ولكنه لا يفقد ثقته بالله
-
يُشرّد ولكنه لا يفقد إنسانيته
هذه الثباتية الروحية في ظل الألم أصبحت أعظم دعاية غير مقصودة للإسلام منذ عقود طويلة.
2. لأن المظلوم دائمًا يفتح أبواب الهداية
عندما يرى الناس شعبًا مظلومًا ثابت المعنى، يبدأون بالسؤال عن مصدر ذلك الثبات.
فيكتشفون أن مصدره: الإيمان.
فيسألون عن الإسلام… ثم يقتربون… ثم يدخلون.
رابعًا: ماذا يقول الداخلون الجدد إلى الإسلام؟
المشترك بين معظم شهاداتهم:
● الإسلام دين منطقي
● الإسلام يعطي للحياة معنى
● الإسلام يقدّم أخلاقيات ثابتة
● الإسلام يعالج أزمة الروح في الغرب
● غزة فتحت أعينهم على حقيقة الإسلام
وهنا تُدرك أن الموجة ليست عاطفية أو مؤقتة، بل تحوّل فكري عميق.
خامسًا: لماذا لم يستغل العرب والمسلمون هذا الزخم كما يجب؟
رغم أن الموجة المباركة تزداد يومًا بعد يوم، إلا أن العالم الإسلامي – رسميًا – لا يستثمرها بالشكل المطلوب.
أبرز نقاط القصور:
1. غياب التنظيم الدعوي الاحترافي في الغرب
الدعوة لا تزال فردية، تعتمد على نشطاء وحركات صغيرة.
2. ضعف المحتوى الدعوي الموجّه للأوروبيين
يقابله محتوى إلحادي وعلماني ضخم ومنظّم.
3. عدم دعم اعتناق الإسلام ببرامج تعليمية ومؤسسات احتضان
الكثير ممن يدخلون الإسلام يبقون وحدهم في مواجهة التحديات.
4. انشغال العالم العربي بصراعاته الداخلية
ففقد القدرة على استثمار لحظة تاريخية.
سادسًا: كيف يمكن للعرب والمسلمين استغلال هذه الموجة المباركة؟
1. إنشاء مراكز دعوية حديثة في أوروبا
مراكز ذات:
-
لغات أوروبية
-
أسلوب حضاري
-
فهم للبيئة الغربية
2. إنتاج محتوى مرئي قصير بلغات متعددة
يتناول:
-
تعريف الإسلام
-
الرد على الشبهات
-
عرض القيم
-
قصص الداخلين الجدد
3. دعم المسلمين الجدد ماديًا ونفسيًا وتعليميًا
ليثبتوا على إسلامهم ويصبحوا سفراء له.
4. نقل نموذج غزة الروحي إلى العالم بصورة واعية
فالناس تأثرت بغزة لأنها شاهدت إيمانًا حيًا وليس خطابات.
5. بناء تحالفات مع مؤثرين غربيين متعاطفين مع العدالة
فالحملة الإعلامية الحديثة تعتمد على الشخصيات المؤثرة أكثر من المؤسسات.
سابعًا: هل هذه الموجة ستستمر؟
نعم، كل المؤشرات تقول إنها ستكبر ولن تنحسر.
لأن الغرب يعيش:
-
أزمة الفراغ الروحي
-
انهيار مؤسسة الأسرة
-
استهلاك مفرط
-
فقدان المعنى
والإسلام يقدّم ما يحتاج إليه الغرب تمامًا:
معنى + منظومة أخلاق + طمأنينة + بناء أسرة + انسجام روحي.
والأهم:
الناس رأوا الدين على أرض الواقع في غزة، لا في الكتب.
الخلاصة
نحن أمام لحظة فاصلة في تاريخ الدعوة.
حرب غزة – رغم آلامها – أعادت الإسلام إلى المشهد العالمي بصورة مشرقة.
موجات الدخول في الإسلام ليست ظاهرة طارئة، بل انعكاس لوعي عالمي جديد يبحث عن الحقيقة التي تجاهلتها الحضارة المادية طويلًا.
ويبقى السؤال الأهم:
هل سيستغل العرب والمسلمون هذه الفرصة التاريخية؟
أم ستضيع كما ضاعت فرص كثيرة قبلها؟



