الاثنين، 10 يناير 2022

Published يناير 10, 2022 by with 0 comment

الكويت.. "دانة الخليج" بين إرث الريادة وتحديات التنمية المعاصرة

 
دانة الخليج لم تعد كذلك

الكويت.. "دانة الخليج" بين إرث الريادة وتحديات التنمية المعاصرة



المقدمة: إرث الريادة وصناعة التاريخ


عند ذكر دول الخليج العربي، تبرز الكويت دائماً كدولة كانت في الطليعة وصاحبة دور محوري ورائد. منذ تأسيسها، رسخت الكويت مكانتها كـ "دانة الخليج"، ليس فقط بحكم ثروتها النفطية، بل بفضل ريادتها السياسية والثقافية التي كان لها بصمة واضحة على مستوى المنطقة.

الكويت، بتاريخها الغني، كويت الكلمة الحرة والمواقف المشرفة، شكلت نموذجاً للدولة الصغيرة ذات التأثير والحضور الخليجي والعربي الفعال، وحازت على احترام وتقدير الجميع.


السبق الاقتصادي والديمقراطي

كان اكتشاف النفط في الكويت بمثابة بشرى خير لم تقتصر فائدتها على البلاد وحدها، بل امتدت لتشمل الدعم التنموي والاقتصادي والصحي والتعليمي للعديد من الدول المجاورة في بداياتها. وقد كان هذا العطاء سبباً في اعتراف تلك الدول بفضل الكويت، وتسمية المؤسسات والشوارع وحتى المواليد بأسماء شيوخها، عرفاناً بالدور التاريخي الذي لعبته القيادة الكويتية.

بالإضافة إلى السبق الاقتصادي، كانت الكويت أول دولة خليجية تدخل عصر الديمقراطية، حيث شهدت أول انتخابات للسلطة في المنطقة، ليصبح "مجلس الأمة" جهازاً تشريعياً عظيماً يجمع كفاءات البلاد للتخطيط للمستقبل. وقد كان المجلس منارة للحوار والنقاشات الجريئة حول مشاكل الكويت والخليج والأمة، وكانت القرارات تتخذ فيه بما يصب في الصالح العام، مما رسخ مكانتها كمركز للقرار الحر.


من التحول الكبير إلى دوامة التشرذم

منذ الغزو العراقي والتحرير الذي تبعه، تغيرت الأوضاع بشكل كبير. فبعد مرحلة الصمود والوحدة الوطنية التي أشاد بها العالم، دخلت الكويت في مرحلة عُرفت محلياً بـ "الحوسة" أو التشابك في معظم نواحي الحياة.

برزت ظواهر سلبية لم تكن معهودة في الماضي، وشهدت الأنظمة والقوانين اختراقات متزايدة، وتراجعت وتيرة الإصلاح والتنمية. إن تقاذف التهم والخلافات السياسية المستمرة منذ التحرير أمر محزن، ويهدد بإضاعة جهود الوحدة والتكاتف التي ظهرت في أصعب الأوقات.

إن وطن النهار يحتاج اليوم إلى العودة لروح التعاضد والاجتماع على قلب رجل واحد، ورفع البناء التنموي من جديد بدلاً من التشرذم الذي بدأ يؤثر على الحياة السياسية والاجتماعية.


تحديات الفساد والركود التنموي

للأسف، لم تسلم الكويت من آفة الفساد وسوء توزيع الثروات، وهي ظواهر أصابت أغلب الدول التي تعتمد على النفط. هذا الوضع تسبب في تباطؤ وتوقف حركة النماء والتطور التي كانت تسير بخطى سريعة، لتتأخر الكويت اليوم كثيراً عن الركب الخليجي المتسارع في التنمية العمرانية والاقتصادية.

الأمر مؤلم عندما نرى من كان رائداً ومُعلِّماً لطريق النجاح والتفوق يقف اليوم في مكانه، بينما تتقدم من حوله الدول التي كانت تستلهم منه. هذا التراجع لا يسعد أحداً، بل يدفع إلى التساؤل حول كيفية معالجة الفساد وإطلاق المشاريع التنموية الكبرى.


الوحدة الوطنية وأمل العودة

يظل الثابت الأهم هو الشعب الكويتي، المعروف بكرمه وجوده وولائه المطلق لآل الصباح. لقد كان الحب والوفاء والإخلاص هو الرابط بين حكام الكويت وشعبها، حيث اختلطت دماء الشهداء في أكثر من موقف، وبقيت علاقة الحاكم بالمحكوم تتسم بـ "الميانة" التي تتيح للمواطن البسيط إيصال صوته دون خوف.

إن هذا الترابط هو أساس القوة. نتمنى أن تعود دانة الخليج لتستلهم من تاريخها الريادي، وتتجاوز التحديات الداخلية لترتقي إلى القمة من جديد، وتقدم نموذجاً في التنمية الشاملة، كما كانت دائماً.

Read More
    email this