الأحد، 28 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 28, 2025 by with 0 comment

"لو أُهين المواطن انكسرت التركيبة عندي"

"لو أُهين المواطن انكسرت التركيبة عندي" 



تُعد مقولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة: "لو أُهين المواطن انكسرت التركيبة عندي"، دستوراً أخلاقياً وإنسانياً يتجاوز حدود الحكم السياسي إلى رحاب الأبوة المسؤولة.


 هذه الكلمات ليست مجرد شعار، بل هي فلسفة حكم تقوم على أن "كرامة الإنسان" هي العمود الفقري الذي يمسك هيكل الدولة، فإذا انكسر هذا العمود، انهار كل شيء.


كرامة المواطن: العقد الاجتماعي الجديد في العالم العربي

المواطن العربي اليوم يعيش في مفترق طرق بين نماذج متباينة من الحكم. فالكرامة ليست مجرد "خبز"، بل هي "حق وقيمة". المواطن له حقوق مشروعة (العدل، الحرية، العيش الكريم، والتعليم)، وعليه واجبات (الولاء، العمل، واحترام القانون). لكن هذه المعادلة لا تستقيم إلا إذا كان "رأس الهرم" يرى في المواطن شريكاً لا تابعاً.


1. النموذج المثالي: القائد الأب (الشيخ سلطان القاسمي نموذجاً)

يمثل الشيخ سلطان مدرسة تفردت بجعل "بناء الإنسان" يسبق بناء العمران. في الشارقة، الكرامة تعني تأمين السكن، الرعاية الصحية، ودعم الدخل، مع فتح قنوات مباشرة للتواصل بين الحاكم والمحكوم (مثل برنامج "الخط المباشر").


  • لماذا هو نموذج مثالي؟ لأنه ربط الاستقرار النفسي للمواطن باستقرار الدولة. عندما يقول "انكسرت التركيبة"، فهو يقصد أن جرح كرامة الفرد هو جرح في قلب الحاكم، مما خلق حالة من الحب المتبادل والولاء القائم على الاحترام لا الخوف.


2. نماذج لقادة وحكومات أعزت شعوبها (الإعمار والكرامة)

هناك دول عربية، ولا سيما في منطقة الخليج العربي، استطاعت تحويل الثروة إلى "عزة" للمواطن:

  • دولة الإمارات: التي تصدرت مؤشرات السعادة العالمية، حيث المواطن هو الأولوية الأولى في السكن والتعليم المبتعث والخدمات الرقمية.

  • المملكة العربية السعودية (رؤية 2030): التي تشهد تحولاً جذرياً نحو تمكين الشباب ورفع جودة الحياة، مع الحفاظ على هيبة المواطن السعودي داخل وخارج بلاده.


3. نماذج القمع ومصادرة الأوطان (الخراب والتهجير)

في المقابل، شهد التاريخ العربي الحديث نماذج لـ**"أنظمة أمنية"** اختزلت الوطن في "الفرد الحاكم":

  • أنظمة "الجمهوريات الوراثية": كما حدث في بعض الدول التي ثار عليها شعوبها، حيث صودرت مقدرات الأوطان لصالح "النخبة الحاكمة" وأقاربهم، بينما يعيش الشعب تحت خط الفقر. في هذه الدول، "الإهانة" كانت أداة للسيطرة، والسجون كانت الرد على المطالبة بالحقوق، مما أدى في النهاية إلى "انكسار التركيبة" الوطنية واندلاع الحروب والنزاعات.

4. نموذج "الرفاهية مقابل القسوة" (خبز بلا حرية)

هناك قادة قدموا لشعوبهم مستويات معيشية مرتفعة جداً ("بحبوحة من العيش") لكنهم حكموا بقبضة حديدية:

  • ليبيا في عهد معمر القذافي: كان الليبيون يتمتعون بمزايا مادية (كهرباء مجانية، قروض بلا فوائد، دعم سكني)، ولكن في ظل غياب تام للحريات السياسية أو التعددية، مع قسوة في التعامل مع أي صوت معارض.

  • العراق في بعض فتراته السابقة: حيث كانت الدولة قوية اقتصادياً وعسكرياً والخدمات متوفرة، لكن الخوف كان رفيقاً دائماً للمواطن. هذا النموذج يثبت أن "الإنسان لا يحيا بالخبز وحده"، وأن غياب الكرامة السياسية قد يؤدي إلى انفجار المجتمع مهما بلغت درجة ثرائه.


الدروس المستفادة: ما الذي يحتاجه العالم العربي؟

إن كلمات الشيخ سلطان القاسمي تختصر الحل لكل أزماتنا. استعادة "التركيبة" العربية تتطلب:

  1. أنسنة السلطة: أن يشعر الحاكم أن إهانة أضعف مواطن هي إهانة لشخصه.

  2. العدالة في توزيع الثروة: إنهاء احتكار مقدرات الوطن وتوجيهها للتعليم والصحة والابتكار.

  3. التوازن بين الحق والواجب: عندما تُعز الدولة مواطنها، يصبح هو حائط الصد الأول عنها أمام أي عدوان خارجي.


الخلاصة:

 

إن الحكم الذي يُبنى على الخوف يزول، والحكم الذي يُبنى على المصالح المادية وحدها يهتز، أما الحكم الذي يُبنى على "عزة المواطن وكرامته" كما يفعل الشيخ سلطان، فهو الحكم الذي يخلده التاريخ وتأمن به الأوطان.

Read More
    email this