
التغير المناخي في الدول العربية
من الفيضانات والسيول إلى الأعاصير: ماذا يحدث؟ وهل هناك تلاعب بالمناخ؟
خلال السنوات القليلة الماضية، لم تعد الظواهر المناخية المتطرفة حكرًا على مناطق بعيدة عن العالم العربي.
فيضانات في الخليج، سيول جارفة في السعودية وعُمان، أعاصير في بحر العرب، وأمطار غير مسبوقة في مناطق صحراوية…
وآخرها ما شهدته مدينة ينبع من سيول مفاجئة أعادت إلى الواجهة سؤالًا مقلقًا:
هل ما يحدث نتيجة تغيّر مناخي طبيعي ومتسارع؟
أم أن هناك تلاعبًا متعمّدًا بالمناخ؟
أولًا: العالم العربي والتغير المناخي – لماذا نحن أكثر هشاشة؟
الدول العربية تقع في واحدة من أكثر المناطق حساسية مناخيًا في العالم، لعدة أسباب:
-
مناخ صحراوي أو شبه جاف
-
ندرة الموارد المائية
-
تمدد عمراني سريع أحيانًا دون بنية تصريف كافية
-
ارتفاع درجات الحرارة بمعدل أسرع من المتوسط العالمي
بحسب تقارير علمية، ترتفع حرارة المنطقة العربية بمعدل أعلى من المعدل العالمي، ما يؤدي إلى:
-
تبخر أسرع
-
أمطار قصيرة لكنها غزيرة جدًا
-
سيول مفاجئة بدل أمطار موسمية منتظمة
ثانيًا: الفيضانات والسيول… لماذا أصبحت أكثر عنفًا؟
في السابق، كانت الأمطار في كثير من الدول العربية:
-
أقل كمية
-
أطول زمنًا
-
أكثر قدرة على التسرب في الأرض
اليوم تغيّر النمط:
-
أمطار غزيرة في ساعات قليلة
-
أرض جافة لا تمتص المياه
-
مدن خرسانية تعيق التصريف
وهنا تكمن الخطورة.
مثال: ما جرى في ينبع
ما حدث في ينبع ليس حالة منفصلة، بل نموذج لظاهرة متكررة:
-
كميات كبيرة من الأمطار في وقت قصير
-
أودية جافة تتحول إلى سيول جارفة
-
بنية تحتية لم تُصمَّم لمثل هذه السيناريوهات المتطرفة
ثالثًا: الأعاصير في بحر العرب… ظاهرة جديدة؟
منذ مطلع الألفية، لوحظ:
-
ازدياد الأعاصير المدارية في بحر العرب
-
وصولها إلى سواحل لم تكن معتادة عليها سابقًا
السبب العلمي الأساسي:
-
ارتفاع حرارة مياه البحر
-
كلما زادت حرارة المياه، زادت طاقة العواصف
وهذا يفسر وصول أعاصير قوية إلى عُمان واليمن وأحيانًا تأثيرها غير المباشر على الخليج.
رابعًا: هل هناك تلاعب بالمناخ فعلًا؟
هنا يجب التفريق بين ثلاثة مستويات:
1️⃣ التغير المناخي (حقيقة علمية)
✔️ مثبت علميًا
✔️ ناتج عن:
-
الانبعاثات الكربونية
-
النشاط الصناعي
-
التوسع العمراني
-
الإخلال بالتوازن البيئي
ولا خلاف جدي عليه بين علماء المناخ.
2️⃣ التعديل المناخي المحدود (واقع تقني)
✔️ موجود لكن بقدرات محدودة جدًا
مثل:
-
استمطار السحب
-
تجارب علمية محصورة
❗ هذه التقنيات:
-
لا تصنع أعاصير
-
لا تخلق فيضانات عملاقة
-
لا تتحكم بأنظمة الطقس العالمية
هي محلية ومحدودة التأثير.
3️⃣ التلاعب الشامل بالمناخ (نظرية غير مثبتة)
❌ لا يوجد دليل علمي موثوق على:
-
التحكم بالأعاصير
-
توجيه الفيضانات
-
ضرب دول معينة بمناخ اصطناعي
مشاريع مثل HAARP:
-
أُثير حولها جدل إعلامي
-
لكن لم يُثبت علميًا أنها تتحكم بالمناخ العالمي
🔴 الخلاصة:
لا يوجد دليل علمي قاطع على وجود تلاعب متعمد شامل بالمناخ لضرب الدول العربية.خامسًا: أين تكمن المشكلة الحقيقية إذًا؟
المشكلة ليست “مؤامرة مناخية”، بل:
-
تغيّر مناخي عالمي متسارع
-
استعداد ضعيف لمواجهة الظواهر المتطرفة
-
بنية تحتية صُممت على مناخ لم يعد موجودًا
العالم تغيّر…
لكن كثيرًا من مدننا ما زالت تُدار بعقلية مناخ الثمانينات والتسعينات.
سادسًا: ماذا يجب على الدول العربية؟
بدل الانشغال بنظريات غير مثبتة، المطلوب:
-
تحديث خرائط السيول والأودية
-
إعادة تصميم شبكات تصريف الأمطار
-
أنظمة إنذار مبكر فعّالة
-
تخطيط عمراني يأخذ المناخ الجديد بعين الاعتبار
التغير المناخي ليس حدثًا قادمًا…
إنه واقع نعيشه الآن.
خاتمة
ما تشهده الدول العربية من فيضانات وسيول وأعاصير ليس صدفة ولا عقابًا طبيعيًا مفاجئًا، بل نتيجة تراكمات طويلة من تغيّر المناخ العالمي وسوء الاستعداد المحلي.
أما سؤال “هل هناك تلاعب بالمناخ؟”
فالجواب العلمي الواضح هو:
التغير المناخي حقيقي وخطير،
التعديل المناخي محدود،
أما التلاعب الشامل المتعمد… فلا دليل علمي عليه حتى الآن.
والتحدي الحقيقي ليس معرفة السبب فقط،
بل الاستعداد لما هو قادم.





