الجمعة، 21 يناير 2022

Published يناير 21, 2022 by with 0 comment

بحثاً عن الشهرة بأي ثمن: ظاهرة "صُنّاع التفاهة" على منصات التواصل


بحثاً عن الشهرة بأي ثمن: ظاهرة "صُنّاع التفاهة" على منصات التواصل


مقدمة: الشهرة الشائنة وإرث الأعرابي

روى الإمام ابن الجوزي حادثة غريبة حدثت أثناء الحج، حيث قام أعرابي بفعل شنيع ومستهجن في بئر زمزم أمام الطائفين. وعندما سُئل عن دافعه لذلك، أجاب بكل بساطة: "حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي فعل كذا وكذا!".

مع أن فعل هذا الأحمق قد سطّر اسمه في التاريخ كرمز للسخافة والجرأة غير المسؤولة، إلا أن دافعه كان واضحاً: الحرص الشديد على بلوغ الشهرة، حتى لو كانت شهرة سلبية أو شائنة.

ظاهرة "صُنّاع التفاهة" في العصر الرقمي

في وقتنا الحاضر، تتجسد روح هذا الأعرابي في ظاهرة واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي. لقد تحولت الشهرة إلى هدف مقدس لدى البعض، يتم السعي إليه بشتى الطرق التي تخالف الأعراف والقيم.

نجد اليوم فئات تسعى إلى تحقيق "المجد الرقمي" عبر سلوكيات تُصنف كـ "محتوى رخيص"، ومنها:

  • من يسعى للشهرة بقدر ما ينشر من خوف أو ترويع للآخرين.

  • من يسعى لها بقدر ما يفسد وينتهك من الأخلاق والعادات المجتمعية.

  • من يلهو ويلعب بالموارد والنعم، أو يتبجح بالتبذير.

  • من يقدم محتوى يعتمد على التعري أو الكشف المفرط عن الجسد لجذب الانتباه.

هؤلاء هم مشاهير اللحظة الزائلة الذين يعتمدون على الصدمة لتحقيق الانتشار.


التأثير السلبي على القيم والمجتمع

للأسف، لا يقتصر تأثير هؤلاء المؤثرين على أنفسهم، بل يمتد ليصبح وباء اجتماعياً ينخر في الوعي العام. كثير من أبنائنا وبناتنا، وحتى بعض الكهول، يتأثرون بهم ويتابعون "جديدهم"، بل قد يتخذون منهم قدوات، ظناً منهم أن الشهرة تستحق التضحية بالقيمة والأخلاق.

إن هذا النوع من المحتوى يسعى إلى تلويث الفضاء الرقمي المشترك الذي نعتمد عليه في حياتنا اليومية والتواصل البنّاء. لقد أصبحت المنصات الاجتماعية ساحة اختبار لقيمنا ومبادئنا.

دعوة للمتابعة الواعية

إن الواجب علينا كمستخدمين هو التمييز بين المحتوى الهادف والمحتوى الذي لا يضيف إلا التفاهة والصدمة. فكما أننا نحرص على نقاء مصادر المياه والهواء، يجب علينا أن نحرص على نقاء المحتوى الذي نستقبله ونشاركه.

نتمنى أن يتجه مجتمع المؤثرين نحو تقديم محتوى إيجابي وبنّاء يخدم الصالح العام، ويستبدل البحث عن الشهرة الشائنة بالبحث عن المجد القيمي والإنساني الحقيقي.

Read More
    email this

الاثنين، 17 يناير 2022

Published يناير 17, 2022 by with 0 comment

تأثير "السوشيال ميديا" على السيادة والقانون: جدل مشعل النامي والفنانة أحلام حول إجراءات السفر

 

النامي وأحلام يشعلان وسائل التواصل

تأثير "السوشيال ميديا" على السيادة والقانون: جدل مشعل النامي والفنانة أحلام حول إجراءات السفر


جدل الحجر الصحي: الفنانة أحلام والقانون الكويتي

شغلت قضية الفنانة الإماراتية أحلام والمحلل السياسي الكويتي مشعل النامي منصات التواصل الاجتماعي مؤخراً، إثر مقطع فيديو تحدثت فيه أحلام عن تجربتها مع إجراءات الحجر الصحي في الكويت.

الجدل بدأ عندما اعترضت أحلام على تطبيق الإجراءات عليها، مشيرة إلى مرور فنان آخر، هو القطري فهد الكبيسي، دون الخضوع لنفس القواعد. أثارت هذه المناشدة العلنية بعض ردود الفعل الغاضبة في الأوساط الكويتية.


رد فعل النامي: نقد حاد للسلوكيات غير المسؤولة

كان المحلل السياسي مشعل النامي من أبرز المنتقدين لأسلوب الفنانة، حيث هاجم مناشدتها العلنية لأمير الكويت وولي عهده. وقد رأى النامي أن هذا التصرف يمثل تجاوزاً غير مسؤول، مشدداً على أن قوانين الدولة تسري على الجميع دون استثناء للقادمين أو المقيمين، بغض النظر عن شهرتهم. وأكد النامي على ضرورة احترام القرارات السيادية للدولة.

وبغض النظر عن شدة العبارات التي استخدمها النامي في هجومه، فقد أشار إلى نقطة مهمة: وهي أن مناشدة أحلام تسببت في فتح تحقيق داخلي في الأجهزة الأمنية للتأكد من حيثيات مرور الفنان القطري فهد الكبيسي، والتحقق من مدى قانونية الإجراءات المتبعة.

مشعل النامي، المعروف بأسلوبه الجذاب ونظرته الشمولية في تحليلاته السياسية محلياً ودولياً، سبق له التعرض لقضايا المشاهير، لكن حدة رده هذه المرة كانت لافتة، مما يضع تساؤلات حول دوافع هذا النقد القوي.


الخروج العلني: بين حق المناشدة ومكانة القانون

تكمن الأخطاء الجوهرية في قضية المناشدة العلنية لأحلام في شقين:
تحدي السيادة: المناشدة بطلب استثناء من قرار يسري على الجميع، خاصة في مسألة حساسة كالصحة العامة، هو تصرف غير مقبول.


إثارة النعرات: التكرار على صفة "أحلام الإماراتية" و "فهد القطري" كان يمكن أن يفسر على أنه محاولة لخلق مقارنة أو إيحاء بوجود تفضيل في المعاملة بين مواطني دول الخليج، وهو أمر يستبعد تماماً في دولة كالكويت التي لطالما كانت رائدة في جمع الكلمة الخليجية.


من ناحية أخرى، قد تكون أحلام قد تصرفت من منطلق ثقافي سائد في بعض دول الخليج، حيث يُعتبر الخروج العلني بمناشدة المسؤولين في وسائل الإعلام أمراً مقبولاً كوسيلة لتبسيط الإجراءات أو لفت النظر لقضية ما، لكنها لم توفق في اختيار الموضوع والمنصة.

مكاسب الجدل غير المتوقعة

من المفارقات في هذا الجدل، أن المناشدة التي اعتبرها النامي "خاطئة"، أدت إلى نتيجة إيجابية غير مقصودة، وهي تنبيه السلطات والتدقيق في الإجراءات المتبعة في المنافذ الحدودية وفتح تحقيق في واقعة مرور الفنان القطري الكبيسي. هذا الأمر يضمن محاسبة أي تقصير محتمل ويوضح أهمية الشفافية في تطبيق القانون.


دروس مستفادة: مسؤولية المؤثرين في الفضاء الرقمي

للأسف، أخذ الموضوع منحنى آخر، حيث انقسمت وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، ووصل الأمر إلى تبادل الإساءات والاتهامات بين بعض المتابعين الكويتيين والإماراتيين.

كان من الأفضل لكلا الشخصيتين المؤثرتين أن يوازنا حديثهما، فالخلافات بين الشخصيات العامة، خاصة في منطقة الخليج التي تتميز بعلاقات وثيقة، قد تجر صغار العقول إلى تصادمات غير ضرورية. إن أهم ما يميز العلاقات الخليجية هو القدرة على احتواء الخلافات وإخماد نار الفرقة بسرعة بفضل الروابط الأخوية المتينة.

إن هذه الحادثة هي تذكير بمسؤولية المؤثرين في استخدام منصاتهم لمعالجة القضايا العامة بأسلوب راقٍ وتحليلي، بدلاً من إثارة الجدل الذي قد يشتت الانتباه عن جوهر القضايا القانونية والسيادية.

Read More
    email this