الخميس، 28 مارس 2024

Published مارس 28, 2024 by with 0 comment

⚖️ العدالة والاستقرار: رؤية تحليلية لتحديات الأمن المجتمعي

 

تفشي الظلم في بلاد العدالة

⚖️ العدالة والاستقرار: رؤية تحليلية لتحديات الأمن المجتمعي



من الملاحظات التي تسترعي الانتباه في متابعة المشهد العالمي والمحلي، سواء عبر النشرات الإخبارية أو منصات التواصل، وجود تزايد في معدلات الجرائم والتحديات المجتمعية المقلقة على مستوى العالم. هذا الارتفاع يمكن ربطه -جزئيًا- بالأجواء العالمية المشحونة، والصراعات التي تؤدي إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وهي عوامل تنعكس سلبًا على استقرار الأفراد والمجتمعات.



وفي سياق أمتنا العربية والإسلامية، تبرز عوامل مشتركة تقف وراء العديد من التحديات الأمنية. ورغم أن الجريمة ظاهرة إنسانية عالمية، إلا أن هناك أسسًا ومبادئ تميز مجتمعاتنا، وعلى رأسها المرجعية الدينية القويمة التي تنظم الحياة وتضع ضوابط صارمة لحفظ النفس والحقوق، جاعلةً من تعاليمنا مؤشرًا دائمًا للعدل والرحمة.


💎 الأساس القيمي والضرورة الإنسانية للعدل

إن ديننا الحنيف وضع قواعد راسخة تحرّم القتل وسفك الدماء والاعتداء على حقوق الإنسان، مؤكدًا على مبدأ الرحمة والعدل في التعامل مع الجميع. هذه التعاليم تمثل حصنًا قيميًا، وتؤكد على أن العدل ليس مجرد قانون وضعي، بل هو واجب إنساني وديني يضمن كرامة الإنسان واستقراره.

ومع ذلك، تظهر في مجتمعاتنا تحديات هيكلية تغذي بيئة عدم الاستقرار، وأبرزها:

 * التحديات الاقتصادية وسوء توزيع الفرص: حيث يؤدي ضعف الإمكانيات الاقتصادية والحاجة إلى العوز، وعدم تكافؤ الفرص في توزيع الثروات والموارد، إلى شعور بالإحباط يدفع البعض إلى السعي للكسب غير المشروع، أو يضعف وازع القناعة والرضا.

 * تحديات في تطبيق العدالة والمساواة: الشعور بـغياب الإنصاف أو الإحساس بالظلم، سواء كان مرتبطًا بالتعسف الإداري، أو استخدام النفوذ لتجاوز القوانين، أو أكل حقوق الآخرين، يمثل تحديًا خطيرًا يمس الثقة بين الأفراد والمؤسسات، وهو أساس أي بناء مجتمعي سليم.


🌐 الاستثمار في البشر والعدالة الاقتصادية

في مواجهة هذه التحديات، يجب أن تكون الأولوية القصوى لـالاستثمار في الإنسان باعتباره الخط الأول والحصن المنيع للوطن.


 * الشعب هو القوة المحركة: إن الكوادر الوطنية، وخاصة الشباب، هم من يحرك عجلة الاقتصاد، والازدهار، والنمو. متى حظي هؤلاء بالرعاية الكافية، والتعليم الجيد، والتدريب على المهن، وتكافؤ الفرص، تقل الحاجة إلى القوى العاملة الأجنبية، ويزداد الإبداع المحلي.


 * الوفرة في الرزق مسؤولية إلهية وسعي بشري: مسألة تزايد الأعداد السكانية ليست عائقًا بل قوة دافعة، كما حثنا نبينا الكريم. فبدلاً من القلق بشأن الموارد، ينبغي على صانعي القرار بذل الأسباب وتطبيق مبدأ الإنصاف والمساواة في منح الحقوق والفرص.

 فالمساواة في المعاملة والتقدير، وعدم المحاباة أو تفضيل فئة على أخرى، تضمن أن موارد الوطن تكفي للجميع، وتؤسس لعدل اقتصادي يقلل من دوافع الجريمة.


🏛️ إصلاح المؤسسة القضائية: ركيزة الحكم الصالح

إن العدل أساس الملك، والمؤسسة القضائية هي آخر الحصون التي يجب أن تُصان وتُقوّى. إن أي قصور في هذه المؤسسة يهدد الاستقرار المجتمعي العام.

 * أهمية الثقة القضائية: إن الشعور بوجود قضاة نزيهين يحكمون وفق مرجعية إسلامية أصيلة وخوف من الله، دون محاباة لنفوذ أو سطوة، هو ما يبعث الاطمئنان في نفوس الناس. متى شعر الناس بأن حقوقهم مصانة وأن لا قوة تعلو فوق قوة القانون، زادت ثقتهم في الدولة وقلت دوافعهم للجوء إلى العنف أو أخذ الحق باليد.

 * ضرورة المراجعة والتطوير: يجب العمل على تطوير النظم القضائية والإدارية لمواجهة الثغرات التي يستغلها البعض لتضييع الحقوق. كما ينبغي مراجعة كفاءة وتأهيل القائمين على القضاء، وضمان قدرتهم على العطاء الذهني والجسدي الكامل لخدمة العدالة، فالعدل يحتاج إلى فطنة ويقظة دائمتين.


 * العدل ينتج خيرًا شاملاً: إن الاهتمام بتقوية العدل يُثمر خيرًا في جميع مناحي الحياة؛ فهو يقطع الطريق على تجار الظلم، ويمنع نشوء المشاحنات المجتمعية، ويجعل الناس يعيشون في أمان وطمأنينة.


🤲 نداء للمسؤولية

إن من يتولى أمور الناس ويدير شؤونهم يحمل أمانة عظيمة. فالسعي للعدل والإنصاف ليس مجرد عمل إداري، بل هو عبادة ومسؤولية تُحاسب عليها الأجيال العدل هو الضمان لبقاء الذكر الحسن والأثر الطويل.


علينا أن ندرك أن العدالة الشاملة، التي تشمل العدالة الاقتصادية (تكافؤ الفرص) والعدالة القضائية (الإنصاف في الحكم)، هي صمام أمان مجتمعاتنا، وهي أساس بناء الأوطان القوية والمستقرة.

Read More
    email this