السبت، 21 أكتوبر 2023

Published أكتوبر 21, 2023 by with 0 comment

تبعات «طوفان الأقصى»: قراءة في الأثر الإقليمي والإنساني

   

تبعان طوفان الأقصى

تبعات «طوفان الأقصى»: قراءة في الأثر الإقليمي والإنساني





أظهرت أحداث «طوفان الأقصى» وتداعياتها ضعفاً واضحاً في بعض جوانب القدرات الإسرائيلية، وأثارت نقاشًا واسعًا حول هشاشة الأنظمة الأمنية وإمكانية استغلال ثغرات لتحقيق مكاسب سياسية أو ميدانية. مع ذلك، فإن أهم نتائج هذه المواجهات تتركز في البعدين الإنساني والسياسي أكثر من أي جانب آخر.


أدى التصعيد إلى معاناة مدنية كبيرة، ما جعل الملف الإنساني محور اهتمام إقليمي ودولي. فبغض النظر عن حسابات القوى العسكرية، يبقى المدنيون هم الأكثر تضرراً — وفي غياب حلول سريعة لتأمين المساعدات والوقوف على احتياجات النازحين، فإن التداعيات الإنسانية قد تتفاقم سريعاً.


على المستوى الميداني، لو لم يَسلّم المدنيون برحابة صدر أو لم تكن هناك قواعد واضحة لحمايتهم، لربما تحولت المواجهات إلى مواجهة أوسع بين أطراف متعددة. وفي المقابل، كانت الوقفات الدبلوماسية الدولية والإقليمية واضحة: الولايات المتحدة أعادت التأكيد على دعمها لإسرائيل، بينما حاولت دول عربية وإسلامية إظهار مواقف متباينة بين التضامن السياسي والقلق من التصعيد وتأثيراته على السكان المدنيين.


الموقف العربي كان متباينًا؛ إذ بدت بعض العواصم متعاطفة مع مطالب الشعب الفلسطيني، بينما حاولت أخرى إبراز دورها في ضبط التصعيد ومنع امتداده إلى ما وراء الحدود. يبقى السؤال الأصعب: هل هذه المواقف ستتخطى حدود العواطف وتتحول إلى سياسات عملية ومستدامة تخدم الصالح الإنساني والسياسي للفلسطينيين؟


قضية الأسرى والرهائن ظهرت كأحد المحاور الحسّاسة: في الوقت الذي تؤكد فيه فصائل المقاومة على الحفاظ على سلامة من لديهم من محتجزين، يستمر القلق الدولي على معاملة الأسرى من كلا الطرفين. الإفراج المؤقت عن رهينتين أمريكيتين لفت الانتباه إلى هذا الجانب الإنساني والدبلوماسي، وأعطى زخماً للحوار حول قضايا التبادل والضمانات الإنسانية.


الموقف المصري مثّل حالة خاصة. فالقاهرة، التي تربطها علاقة جغرافية وسياسية بغزة، عبّرت عن خوفها من تداعيات أمنية محتملة على حدودها، وفي الوقت نفسه كانت حريصة على حماية المدنيين ومنع وقوع موجات نزوح غير منضبطة قد تُستغل سياسياً. التصريحات الرسمية حول ترتيبات محتملة لإيواء أو نقل سكان في حالات طارئة أثارت نقاشاً واسعاً حول البدائل الآمنة وحقوق المتضررين.


تطرح هذه الأحداث أسئلة إستراتيجية: إن دخلت قوات الاحتلال قطاعاً محمياً، هل ستتمكن من الخروج دون كلفة إنسانية أو مادية؟ وهل ستُعيد الأمور إلى سابق عهدها؟ التاريخ والوقائع السابقة يوضحان أن الحلول العسكرية وحدها لا تحقق استقرارًا دائمًا، وأن معالجة جذور الصراع تتطلب إجراءات سياسية ودبلوماسية تراعي الحقوق والكرامة الإنسانية.


من زاوية المقاومة والناشطين الميدانيين، هناك دعوات لتقليل الاستهداف المدني قدر الإمكان والتخطيط العملياتي المحسوب لتفادي سقوط ضحايا بين السكان العزل. هذه الدعوات تتقاطع مع قواعد القانون الدولي الإنساني التي تفرض حماية المدنيين والتمييز بين مقارعة العدو والاعتداء على المدنيين.


الإعلام الدولي غيّر أيضاً من معادلة السرد حول الأحداث؛ فقد رافق التصعيد حملة إعلامية واسعة النطاق ركّزت كل جهة فيها على إبراز روايتها. ظهور ما يُعرف بـ«المتاجرين بالقضية» وكشف مصالح فاعلين سياسيين واقتصاديين استغلوا الأزمة، أبرز الحاجة إلى توثيق مستقل وموضوعي للأحداث لتجنّب التضليل واستغلال المعاناة.


في الختام، تظل الأولوية الآن لحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، وإيجاد ممرات دبلوماسية لاحتواء التصعيد. كما أن الطريق إلى حل دائم يمر عبر حوار إقليمي ودولي يوازيه التزام بحماية الحقوق الأساسية، وإصلاحات تداولية تضمن عدم تكرار الثغرات الأمنية والسياسية التي كشفتها أحداث «طوفان الأقصى».
Read More
    email this