‏إظهار الرسائل ذات التسميات صراحه سياسيه. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صراحه سياسيه. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 15 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 15, 2025 by with 0 comment

الشرق الأوسط بعد حرب الاثني عشر يوماً: قراءة إيرانية من الداخل

الشرق الأوسط بعد حرب الاثني عشر يوماً: قراءة إيرانية من الداخل

الشرق الأوسط بعد حرب الاثني عشر يوماً: قراءة إيرانية من الداخل



الصدمة الأولى: كيف تلقّى المجتمع الإيراني الاختراقات؟

سؤال: الاختراقات التي شاهدها العالم داخل إيران، كيف استقبلها المجتمع الإيراني؟

جواب: ما حدث كان صدمة شاملة. الحديث هنا عن فشل استخباراتي كبير وغير مسبوق في تاريخ إيران الحديث. ضُربت قيادات عسكرية وسياسية، وقواعد صواريخ ومنصات إطلاق، خلال ساعتين إلى ثلاث ساعات فقط. القيادات الرئيسية اغتيلت في منازلها أو مقراتها عند اللحظة صفر من الحرب. هذا الواقع لم يحاول أحد تبريره؛ السلطة والمجتمع أقرّا بأنه فشل واضح.

في اليوم الأول، كان الذهول هو العنوان. لا خطاب رسمي، فقط أخبار متتالية عن اغتيالات وضربات. المجتمع كان يسأل: ماذا يحدث؟ هل انتهت قدراتنا؟ هل ما زال لدينا ما نردّ به؟


الخديعة السياسية والفشل الاستخباراتي

سؤال: هل لعب السلوك الأمريكي دوراً في تعميق الصدمة؟

جواب: نعم. قبل ساعات من الهجوم، كان الخطاب الأمريكي يتحدث عن مفاوضات وجولة سادسة في عُمان، ثم وقع الهجوم. رُسّخت قناعة بأن ما جرى كان خديعة أمريكية–إسرائيلية. لكن هذا لا يبرر حجم الفشل الداخلي. الصدمة كانت مزدوجة: اختراق أمني واسع، وخداع سياسي في آن واحد.


التكيّف السريع: ما الذي شفع للنظام؟

سؤال: ما الذي غيّر المزاج العام بعد الصدمة؟

جواب: سرعة التكيّف. خلال ست ساعات أُعلن عن قيادات بديلة. وبعد نحو 17 ساعة جاء الرد الصاروخي الأول بأكثر من 200 صاروخ. ثم خرج المرشد الأعلى بخطاب طمأنة واضح، أكد فيه أن إيران سترد وتؤلم خصومها. هذا التسلسل – تعيين بدائل، رد عسكري، خطاب سياسي – أعاد شيئاً من الثقة.

تاريخياً، الضربات الصاعقة تشلّ الطرف المتلقي لفترة طويلة. ما حدث هنا كان مختلفاً: إيران خرجت من الصدمة خلال 24 ساعة تقريباً، وبدأت مرحلة جديدة من الصراع.


موازنة الردع: من الصدمة إلى المبادرة

سؤال: كيف تطورت المعركة في النصف الثاني من الحرب؟

جواب: في النصف الثاني، مالت موازنة الردع تدريجياً. إيران استخدمت صواريخ ثقيلة مثل «سجيل» و«خيبر شكن» برؤوس تدميرية كبيرة. في المقابل، تراجعت فعالية منظومات الدفاع الإسرائيلية مع استنزاف صواريخ الاعتراض، مثل «ثاد» و«مقلاع داود».

الضربات الإيرانية باتت أقل عدداً وأكثر دقة وتأثيراً. صاروخ واحد على حيفا في يوم متأخر من الحرب كان رسالة واضحة: منظوماتكم لم تعد تعمل كما في البداية.


الداخل الإيراني: الخوف، الخروج، ثم العودة

سؤال: كيف أثّرت دعوات إخلاء طهران على المجتمع؟

جواب: أثارت قلقاً واسعاً. البعض غادر العاصمة خوفاً من تصعيد أمريكي محتمل، خاصة مع صدور الدعوة من الرئيس الأمريكي. آخرون بقوا. حصل خروج جماعي تزامن أيضاً مع فترة إجازات دراسية. لاحقاً، ومع استقرار ميزان الردع، عاد معظم من غادروا.


الخسائر الإسرائيلية وسردية التكتيم

سؤال: ماذا عن الخسائر في إسرائيل؟

جواب: الأرقام المعلنة لا تعكس الواقع. في إسرائيل، هناك تكتيم قانوني صارم على الخسائر العسكرية. تجارب سابقة أظهرت أن الأرقام الحقيقية تُكشف بعد سنوات وتكون أعلى بكثير. التقارير الإسرائيلية اللاحقة تحدثت عن استهداف عشرات المواقع الحساسة، وهو ما ينسجم مع التقديرات الإيرانية.


قرار وقف إطلاق النار: لماذا الآن؟

سؤال: لماذا وافقت إيران على وقف إطلاق النار رغم تحسن موقعها؟

جواب: داخل المؤسسات الإيرانية كان هناك رأيان: عسكري يرى ضرورة الاستمرار لتعزيز الردع، وسياسي يرى ضرورة لملمة الجراح. الحرب أحدثت ارتباكاً اقتصادياً وحركة نزوح داخلي بالملايين. في النهاية، رُجّح خيار وقف النار، خاصة مع اشتراط إيران توجيه الضربة الأخيرة، وهو ما حدث.


هل شعرت إيران بأنها انتصرت؟

سؤال: هل خرج المجتمع الإيراني بشعور الانتصار؟

جواب: نعم، إلى حد كبير. السردية السائدة أن إيران لم تبدأ الحرب لكنها أنهتها بشروطها، ومنعت خصومها من تحقيق أهداف استراتيجية كبرى. هذه السردية تخفف من وقع الفشل الأولي، لكنها أيضاً تستند إلى واقع ميداني تمثل في قيام موازنة ردع حقيقية.


قصف «فوردو»: ضربة للكبرياء والبرنامج النووي

سؤال: كيف استُقبل قصف منشأة فوردو؟

جواب: كان هناك خوف من توسع الحرب، ثم تبلورت قراءتان: الأولى ترى القصف تصعيداً خطيراً، والثانية تراه محاولة لإنهاء الحرب. لاحقاً تبيّن أن البرنامج النووي تضرر فعلاً، وتوقف التخصيب في بعض المراحل. هذا شكّل ضربة لكبرياء وطني بُني على عقود من العمل.

في الوقت نفسه، هناك قناعة بأن المعرفة النووية توطنت، وأن ما تضرر يمكن إعادة بنائه، وإن كان الثمن كبيراً وسيظل حاضراً في أي مفاوضات مقبلة.


الثقة المفقودة والتفاوض المؤجل

سؤال: هل ما زال باب التفاوض مفتوحاً؟

جواب: نظرياً نعم، عملياً الثقة مفقودة. التفاوض بات يُنظر إليه كمسار قد يُستغل للهجوم لا للحل. الخطاب الداعي للتفاوض تراجع بشدة داخل المجتمع، من دون أن يبذل النظام جهداً كبيراً لإقناع الناس بذلك؛ الحرب نفسها فعلت ذلك.


قطر وقاعدة العديد: كيف رأت إيران الضربة؟

سؤال: كيف فُسرت ضربة قاعدة العديد في إيران؟

جواب: جرى الفصل بين قطر كدولة، والقاعدة الأمريكية كهدف عسكري. في القراءة الإيرانية، الضربة لم تكن موجهة لقطر، بل لوجود أمريكي شارك في الحرب. لاحقاً تبيّن أن هذه القراءة لم تكن دقيقة بالكامل، لكن جرى احتواء التداعيات سريعاً.


المحاسبة والاختراق: إنساني أم تقني؟

سؤال: أين تتجه أصابع الاتهام بعد الحرب؟

جواب: المحاسبة جارية، غالباً خلف الكواليس. أُعلن عن اعتقالات واسعة، بينها قضايا تجسس خطيرة وصلت إلى إعدام عالم نووي. لكن التركيز المفرط على «الجواسيس» يغفل حقيقة أن قسماً كبيراً من الاختراق كان تقنياً، قائماً على تفوق تكنولوجي ودعم أمريكي.


الهوية الإيرانية: الدين، القومية، والوطن

سؤال: هل تغيّر الخطاب الهوياتي بعد الحرب؟

جواب: الحرب أظهرت تعددية الهوية الإيرانية. الدين لم يختفِ، لكنه لم يعد وحده. البعد القومي والوطني عاد بقوة، واستُثمر رسمياً وشعبياً. في الأزمات، التقت التيارات المختلفة تحت عنوان الوطن، وهو ما أخطأت إسرائيل في تقديره عندما راهنت على انتفاضة داخلية.


إلى أين تتجه إيران؟

سؤال: ما الطريق الذي يراه المجتمع الإيراني للمستقبل؟

جواب: ليس بالضرورة الحرب، ولا التعويل على رفع العقوبات. العقوبات وصلت سقفها. الخيار الواقعي هو البناء على القدرات الذاتية، والتوجه شرقاً، مع تفضيل – نظري – لموازنة دولية لو كانت ممكنة. تجربة 2015 جعلت المجتمع أكثر حذراً من الوعود الغربية.\


خلاصة

حرب الاثني عشر يوماً شكّلت صدمة كبرى لإيران، لكنها أيضاً أعادت تشكيل معادلات الردع والهوية والسياسة الداخلية. بين فشل استخباراتي أولي، وتكيّف سريع، وموازنة رعب فرضت وقف النار، خرجت إيران بوعي مختلف: أقل ثقة بالغرب، أكثر اعتماداً على الذات، وأكثر إدراكاً لأهمية التماسك الداخلي في مواجهة التحديات المقبلة.

Read More
    email this
Published ديسمبر 15, 2025 by with 0 comment

هجوم عيد الحانوكا في أستراليا: الأسئلة المسكوت عنها وتشابك الخيوط السياسية والأمنية


هجوم عيد الحانوكا في أستراليا: الأسئلة المسكوت عنها وتشابك الخيوط السياسية والأمنية

هجوم عيد الحانوكا في أستراليا: الأسئلة المسكوت عنها وتشابك الخيوط السياسية والأمنية



أعاد الهجوم المسلح الذي استهدف تجمعًا يهوديًا في أستراليا أثناء الاحتفال بعيد الحانوكا (عيد الأنوار) فتح ملفات معقدة تتجاوز الحدث ذاته، لتلامس قضايا الأمن، والسياسة الدولية، ودور أجهزة الاستخبارات، وسرديات الإعلام الغربي المتناقضة.

الهجوم، الذي أسفر عن 56 إصابة ما بين قتيل وجريح، لم يكن مجرد حادث أمني عابر، بل تحوّل سريعًا إلى قضية دولية، خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل أن إيران تقف خلفه، رغم نفي طهران القاطع لأي صلة بالعملية.


الموساد في قلب التحقيق… رغم وقوع الهجوم داخل أستراليا

اللافت منذ اللحظات الأولى أن جهاز الموساد الإسرائيلي تولّى دورًا مباشرًا في التحقيق، رغم أن الهجوم وقع على الأراضي الأسترالية، وهو ما أثار تساؤلات حول الجهة التي طلبت تدخل الموساد، ولماذا وافقت إسرائيل على المشاركة الفورية.

وبعد ذلك مباشرة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح واضح يتهم فيه إيران بالوقوف خلف الهجوم، مستندًا إلى معطيات قال إنها استخباراتية.


موقف إيراني معقد وسياق سابق يزيد الشبهات

رغم نفي إيران، فإن موقفها بدا معقدًا، خاصة أن هذا الهجوم جاء بعد حادثة سابقة في أغسطس الماضي، استهدفت معبدًا ومطعمًا يهوديًا في أستراليا، وهو الهجوم الذي أدى حينها إلى طرد السفير الإيراني من البلاد.

هذا السياق جعل الاتهامات الإسرائيلية تلقى صدى أسرع، حتى قبل اكتمال التحقيقات الرسمية.


تفصيلتان غريبتان قلبتا المشهد

عند التدقيق في تفاصيل الهجوم، تظهر مفارقتان لافتتان:

أولًا: المستفيد الوحيد

عند تحليل النتائج السياسية والأمنية، تبدو إسرائيل الطرف الوحيد المستفيد من الهجوم، سواء على مستوى تعزيز رواية “التهديد الإيراني”، أو الدفع نحو تشديد الإجراءات الأمنية ضد الجاليات المسلمة.

ثانيًا: البطل الذي أربك الرواية

العنصر الأكثر إحراجًا في القصة هو أن الشخص الذي أنقذ اليهود واشتَبك مع المسلحين كان مواطنًا مسلمًا يدعى أحمد الأحمد.

أحمد واصل الاشتباك مع المهاجمين حتى أُصيب بطلقين ناريين، ونُقل إلى المستشفى حيث خضع لعملية جراحية، ويتابع رئيس الوزراء الأسترالي شخصيًا حالته الصحية، فيما وصفه الشارع الأسترالي بـ”البطل”.


أسئلة مشروعة بلا إجابات

تداخل هذه الخيوط يفتح الباب أمام تساؤلات كبرى:

  • ما علاقة إيران بالهجوم إذا كانت إسرائيل المستفيد الأكبر؟

  • كيف تواجد المواطن المسلم أحمد الأحمد في الاحتفال؟

  • ما هو عيد الحانوكا الذي كان يُحتفل به؟

  • كيف حصل المسلحون على السلاح رغم القوانين الصارمة في أستراليا؟

  • وما هي النتائج السياسية والأمنية التي ترتبت على الهجوم؟


قوانين السلاح في أستراليا… ذاكرة مجزرة بورت آرثر

للإجابة عن سؤال السلاح، لا بد من العودة إلى عام 1996، حين شهدت أستراليا مجزرة بورت آرثر، التي نفذها مسلح أسترالي يُدعى مارتن براينت، أسفرت عن مقتل 35 شخصًا.

آنذاك، وصفته الصحافة الأسترالية بـ”المسلح” وليس “الإرهابي”، رغم فداحة الجريمة.

بعد تلك المجزرة، شُددت قوانين السلاح بشكل غير مسبوق، وجرى جمع أكثر من مليون قطعة سلاح من المواطنين وإتلافها، وفرضت شروط صارمة على اقتناء السلاح، من بينها إثبات “الضرورة القصوى”.


فكيف وصل السلاح والعبوات الناسفة؟

الصدمة كانت حين أعلنت الشرطة أنها عثرت في سيارة المهاجمين على عبوات ناسفة، ما يعني أن الهجوم لم يكن مجرد إطلاق نار، بل كان يمكن أن يتطور إلى كارثة أكبر لولا تدخل أحمد الأحمد.

هذا الاكتشاف فتح فرضية خطيرة:
هل كان المسلحان يعملان بمفردهما؟ أم أن هناك جهة مولت ودعمت وخططت؟


الرواية الإسرائيلية والأدلة الثلاثة

إسرائيل سارعت للإجابة، واتهمت الحرس الثوري الإيراني، مستندة إلى ثلاثة “أدلة”:

  1. رصد الموساد لتحركات إيرانية – وفق ادعائه – في عدة دول لاستهداف جاليات يهودية.

  2. اعتراف المخابرات الأسترالية بأن أحد المنفذين كان تحت المراقبة الأمنية قبل الهجوم.

  3. اكتشاف أن أحد المسلحين اشترى منزلًا قبل عام واحد فقط، وهو ما اعتبرته إسرائيل دليلًا على أن التخطيط للهجوم استغرق عامًا كاملًا، وليس عملًا فرديًا عشوائيًا.

وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن هذا المستوى من التخطيط لا يمكن أن يتم دون دعم جهاز استخباراتي منظم.


خلاصة المشهد

ما جرى في أستراليا ليس مجرد حادث أمني، بل قضية متشابكة تتداخل فيها:

  • السياسة

  • الاستخبارات

  • الإعلام

  • سرديات الإرهاب

وبين اتهامات بلا أدلة قاطعة، وبطولة مواطن مسلم أربكت كل الروايات، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل نحن أمام هجوم معزول؟ أم حلقة في صراع دولي أكبر تُستخدم فيه الأحداث لإعادة رسم المشهد؟

Read More
    email this

السبت، 13 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 13, 2025 by with 0 comment

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة: كيف أعاد ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في العالم؟

تحليل معمق للاستراتيجية الأمريكية الجديدة في عهد ترامب، من إنهاء الليبرالية إلى سياسة أمريكا أولًا، وتأثيرها على الشرق الأوسط والعالم.

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة: كيف أعاد ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في العالم؟




 من المزاج إلى الوثيقة الرسمية

في السابق، كان يُنظر إلى قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أنها قرارات مزاجية أو شخصية، يتحكم بها أسلوبه الخاص في الحكم. إلا أن ما تغيّر اليوم هو أن تلك التوجهات لم تعد مجرد ممارسات فردية، بل تحولت إلى استراتيجية أمريكية رسمية مكتوبة، أُقرت في الخامس من ديسمبر الماضي، وأصبحت إطارًا عامًا تلتزم به مؤسسات الدولة الأمريكية كافة: وزارة الخارجية، وزارة الخزانة، البنتاغون، الكونغرس، وأجهزة الاستخبارات.

هذه الوثيقة وضعت الخطوط العريضة، بينما تُترك التفاصيل لكل مؤسسة لترسم الجزء الخاص بها، وفق اختصاصها، ضمن رؤية موحدة.


أمريكا أولًا: نهاية الليبرالية وبداية الدولة القومية

تقوم استراتيجية ترامب الجديدة على إعلان نهاية المرحلة الليبرالية، وبداية مرحلة الدولة القومية.
وقد أعاد ترامب إحياء شعار «أمريكا أولًا»، وهو شعار تاريخي استخدمه سياسيون أمريكيون سابقًا، ديمقراطيون وجمهوريون، خاصة قبل الحرب العالمية الأولى، وكان معناه واضحًا:
لا تدخل أمريكا حربًا أو تحالفًا إلا إذا كان ذلك يخدم مصالحها المباشرة.

وبناءً على هذا المبدأ، تؤكد الاستراتيجية الجديدة أنه لا يوجد حليف دائم للولايات المتحدة، بل تحالفات مؤقتة تُبنى وتُفك وفق المصالح. إذا التقت المصالح اقتربت أمريكا، وإذا انتهت ابتعدت دون التزام أخلاقي أو سياسي طويل الأمد.


تراجع المواجهة مع روسيا والصين

على عكس سياسة الرئيس السابق جو بايدن، التي ركزت على مواجهة روسيا والصين، تشير الاستراتيجية الجديدة إلى تراجع هذا النهج.
فالولايات المتحدة لن تنخرط بعد الآن في حروب بعيدة تحت شعار «مكافحة الإرهاب»، خاصة في الشرق الأوسط، بل ستعيد تركيزها على محيطها الجغرافي المباشر: كندا وأمريكا الجنوبية.

ولهذا لم تكن تصريحات ترامب حول كندا، ودعوته لضمها، أو تحركاته تجاه فنزويلا وكولومبيا، مجرد خطابات عابرة، بل جزءًا من تصور استراتيجي أوسع.


أمريكا الجنوبية: الخطر الصامت

لطالما اعتبرت الولايات المتحدة دول أمريكا الجنوبية «باحتها الخلفية».
هذه الدول تمتلك:

  • كثافة بشرية هائلة

  • أيدٍ عاملة رخيصة وماهرة

  • موارد طبيعية ضخمة

ويرى صناع القرار في واشنطن أن تحوّل هذه الدول إلى قوى صناعية واقتصادية مستقلة قد يشكّل تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الأمريكي، لذلك تسعى أمريكا تقليديًا إلى إضعافها عبر إشغالها بصراعات داخلية.

وتاريخ دعم الولايات المتحدة لثوار «الكونترا» في كولومبيا وفنزويلا، وفضيحة «إيران–كونترا»، يوضح كيف تجاوزت واشنطن حتى الكونغرس، ووصل الأمر إلى تمويل تلك الجماعات عبر تجارة المخدرات، بهدف إضعاف الحكومات المحلية.


الهجرة والمخدرات: الذريعة الحقيقية

يستخدم ترامب ملف الهجرة والمخدرات كذريعة للتدخل في شؤون دول أمريكا اللاتينية، لكن جوهر القضية أعمق بكثير.
فالهدف الحقيقي هو الهيمنة الاقتصادية والسياسية، خاصة على دول مثل فنزويلا، التي تملك أكبر احتياطي نفطي في أمريكا الجنوبية.


الرسوم الجمركية: استراتيجية لا بلطجة

ما بدا للكثيرين حرب رسوم جمركية عشوائية، أو ممارسة بلطجة اقتصادية، اتضح أنه جزء أساسي من استراتيجية الأمن القومي.
فالولايات المتحدة تعاني من دين عام تجاوز 36 تريليون دولار، معظمها نتيجة الحروب.

ومن خلال فرض رسوم جمركية مدروسة:

  • حمت أمريكا صناعاتها الداخلية

  • أنعشت الاقتصاد المحلي

  • خفّضت العجز التجاري

  • وساهمت في تقليص الدين

الصناعات التي لا يمكن الاستغناء عنها خُفّضت عليها الرسوم، بينما فُرضت ضرائب أعلى على الصناعات المنافسة.


أوروبا: انهيار حضاري متوقّع

توقعت الوثيقة الأمريكية حدوث انهيار حضاري في أوروبا نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة وأزمة الهوية المرتبطة بالهجرة.
وترى الاستراتيجية أن التغير الديمغرافي والثقافي سيقود إلى تآكل الهوية الوطنية الأوروبية، ما يبرر دعم الولايات المتحدة للتيارات اليمينية المناهضة للهجرة.


الديون والحروب: الانسحاب بدل المواجهة

أشارت الوثيقة إلى أن الولايات المتحدة أنفقت بعد أحداث 11 سبتمبر نحو 4.4 تريليون دولار على الحروب دون عائد حقيقي.
لذلك أصبح الانسحاب من الحروب وعدم خوض نزاعات جديدة جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية لتقليص الدين.

وهذا الانسحاب سيجبر دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والفلبين على إعادة ترتيب علاقاتها مع الصين، وهو أمر تقبله واشنطن طالما لا يهدد أمنها المباشر.


الشرق الأوسط: الانسحاب الذي فشل

رغم أن الفكر الاستراتيجي منذ عهد أوباما دعا للانسحاب من الشرق الأوسط، فإن هذا الانسحاب:

  • فتح الباب أمام تمدد الصين

  • ومكّن روسيا من دخول سوريا والمنطقة

  • وخلق فراغًا استراتيجيًا كبيرًا

لذلك عادت أمريكا للتركيز على الشرق الأوسط، لا باعتباره ساحة حروب، بل باعتباره:

  • مصدر الطاقة الأهم عالميًا

  • عقدة طرق التجارة الدولية 


إسرائيل: الوكيل الإقليمي

في ظل رغبة ترامب بعدم خوض حروب مباشرة، وجد ضالته في إسرائيل.
فأطلق لها حرية الحركة، ودعمها سياسيًا وعسكريًا، لتقوم بدور الضابط الإقليمي، بما يخدم المصالح الأمريكية دون تدخل مباشر.

ويرى ترامب أن دولًا مثل السعودية، وتركيا، ومصر، والإمارات تشكل توازنًا إقليميًا مهمًا، لكنه يواجه صعوبة في دمج الجميع ضمن الاتفاقيات الإبراهيمية، خاصة مع الرفض السعودي.


خلاصة: استراتيجية أزمة لا هيمنة

ما نراه اليوم ليس فوضى، بل إعادة تموضع أمريكي فرضته أزمة الديون وانتهاء الأحادية القطبية.
الولايات المتحدة لم تعد قادرة على حكم العالم بالقوة، فاختارت إدارة النفوذ بالمصالح، والاستثمار بدل الحرب، والضغط الاقتصادي بدل التدخل العسكري.

هذه الاستراتيجية مرشحة للاستمرار لسنوات قادمة، حتى وإن تغير الرئيس، لأنها تعكس واقعًا جديدًا لم تعد أمريكا قادرة على تجاهله.


Read More
    email this

الجمعة، 12 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 12, 2025 by with 0 comment

الصراع في السودان: الجيش وقوات الدعم السريع… كيف بدأت الحرب، وما المستقبل؟

تحليل شامل لبداية صراع الجيش والدعم السريع في السودان، جذوره، انتهاكات الأطراف، تعثر المسار السياسي، وآفاق انفراج الأزمة في بلد غني مُنهك بالحرب.


الصراع في السودان: الجيش وقوات الدعم السريع… كيف بدأت الحرب، وما المستقبل؟



1. لمحة تاريخية عن الأزمة

ما يحدث في السودان اليوم ليس نزاعًا عابرًا بل يتجذر في سنوات طويلة من الاضطرابات السياسية والأمنية في البلاد. بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، دخل السودان في مرحلة انتقالية حساسة بين القوى المدنية والمكون العسكري في الدولة، ممثلاً في الجيش و«قوات الدعم السريع». 


كانت البداية بالتعاون بين الطرفين للحفاظ على الاستقرار بعد الثورة، إذ شارك الجيش وقوات الدعم السريع في المجلس السيادي الانتقالي، على أمل الانتقال نحو حكم مدني. ولكن التوتر سرعان ما تصاعد حول مصير هذه القوات ومكانتها في هيكل الدولة العسكرية والأمنية.


في صلب الخلاف كان موضوع دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني وفقًا لخطط الإصلاح الأمني والعسكري. الجيش أراد دمجًا سريعًا وضمن قيادة موحدة، بينما طالب قائد الدعم السريع بأن يتم ذلك بمهل زمنية طويلة ليحافظ على نفوذه وبنيته الحالية. 


هذا الخلاف الأساسي وتفاقم التوتر بين الطرفين أدّى، في 15 أبريل/نيسان 2023، إلى مواجهات مسلحة واسعة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم ومدن أخرى في السودان، لتحمل البلاد منذ ذلك الحين أهوال حرب لم تشهد مثلها منذ استقلالها. 


2. من هم «قوات الدعم السريع»؟ وكيف ولدت؟

«قوات الدعم السريع» (Rapid Support Forces – RSF) هي قوة شبه عسكرية نشأت أساسًا من عناصر الجنجويد في إقليم دارفور، وهي ميليشيا مسلحة كانت تُستخدم في السابق لقمع التمرد في الإقليم خلال سنوات الصراع هناك.

في السنوات التي سبقت الثورة، اكتسبت هذه القوات قوة ونفوذًا متناميين داخل السودان، ثم شاركت في الأحداث السياسية التي تبعت إسقاط البشير، وأصبح قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائبًا لرئيس المجلس السيادي الانتقالي. 

اعتمدت «الدعم السريع» على مصادر تمويل خاصة، منها مناجم الذهب وغيرها من الأنشطة التجارية، مما منحها استقلالية نسبية عن الميزانية المركزية للدولة، وخلق لها قدرة كبيرة على التسليح والسيطرة. 

بهذا الشكل، تحولت من ميليشيا محلية إلى قوة سياسية وعسكرية لها تأثيرها الخاص داخل الدولة السودانية، وهو ما أثار القلق لدى المؤسسة العسكرية الرسمية وفتح باب النزاع معها.


3. الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»: الخطوط العريضة

الصراع بين الجيش السوداني (SAF) و«قوات الدعم السريع» بدأ في أبريل/نيسان 2023، مع فشل المفاوضات حول الدمج وقيادة القوة الأمنية الموحدة. 

المعارك انتشرت سريعًا من العاصمة الخرطوم إلى دارفور وحتى ولاية الجزيرة، التي تعد القلب الزراعي للسودان، ما أدّى إلى سيطرة «الدعم السريع» على أجزاء واسعة من البلاد، في حين سيطر الجيش على مناطق أخرى، وتحولت المعارك إلى حرب استنزاف مدمرة. 

هذه الحرب ليست بين جيشين فقط، بل امتدت لتشمل جماعات قبلية وأمنية، ما جعل المشهد أكثر تعقيدًا وأعقد للبنية الاجتماعية والسياسية في السودان.


4. أكبر الانتهاكات والجرائم خلال الصراع

الحرب تميزت بانتهاكات خطيرة ضد المدنيين والبُنى الأساسية، ارتُكبتها أطراف النزاع ولا سيما «قوات الدعم السريع»، وفق تقارير حقوقية متواترة:

  • الهجوم على مستشفى في الفاشر باستخدام الطائرات المسيّرة في يناير 2025، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين من المرضى والعاملين في المستشفى. 

  • هجوم على سوق في أم درمان (الخرطوم) أدى إلى مقتل وإصابة المئات نتيجة القصف والقذائف. 

  • مجازر في القرى والبلدات مثل مجزرتي الكدّاريس والخلوت في ولاية النيل الأبيض، حيث راح ضحية العشرات بل المئات من المدنيين. 

  • هذه الأعمال أثّرت على الوضع الإنساني في السودان بشكل مأساوي، ودفع النزاع إلى ارتفاع مستوى العنف ضد السكان المدنيين بشكل غير مسبوق. 


5. الوضع الحالي: أين هي الحرب؟

بحلول أواخر 2025، ما زال القتال مستمرًا، مع تقلبات في الأرض:

  • قوات «الدعم السريع» استطاعت السيطرة على بعض المدن الاستراتيجية مثل الفاشر، ما اعتبره الكثير من المحللين منعطفًا حاسمًا في الحرب. 

  • وهناك تحركات في مناطق النفط والبنى الاقتصادية الحساسة، حيث سجلت «الدعم السريع» سيطرته على حقول مهمة مثل حقول النفط في هجلِيج، ما أثّر على صادرات النفط والاقتصاد الإقليمي. 

  • مع عمليات عسكرية مستمرة وتشابكات في عدة ولايات، تبدو الحرب في حالة “جمود واستنزاف” مع محاولات من بعض الدول والمنظمات الدولية للضغط على الطرفين لوقف النار وتمهيد الطريق للحوار السياسي. 


6. إلى أين يسير السودان؟ هل هناك انفراجة؟

الوضع في السودان ما زال هشًا، والآفاق مفتوحة على تفسيرات متعددة:

  • لا توجد نهاية واضحة للحرب في الوقت الراهن. التوتر بين الجيش و«الدعم السريع» لا تزال جذوره قائمة، ولا اتفاق سياسي شامل بينهما حتى الآن.

  • المدنيون يدفعون الثمن الأكبر. النزاع أدى إلى نزوح الملايين وتشريد الأسر، ووضع السودان أمام أزمة إنسانية واسعة. 

  • في السيناريوهات المتوقعة، يمكن أن تستمر الحرب طويلة، وقد تمتد إلى مرحلة تقسيم السلطة أو حتى النزاع الإقليمي الأوسع إذا لم يتم التوصل لتسوية سياسية. 

خاتمة

السودان بلد غني بالثروات الطبيعية والبشرية، لكنه اليوم في أحد أخطر مراحل تاريخه الحديث.
الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» بدأ من خلاف حول هيكل الدولة ومستقبل المؤسسة العسكرية، لكنه سرعان ما تحوّل إلى حرب شاملة لا تترك مكانًا آمنًا لسكان البلاد.
الانتهاكات والجرائم أثّرت على الوضع الإنساني، والوضع الحالي لا يزال معقّدًا، ما يجعل أي انفراجة حقيقية تتطلب حلولًا سياسية جوهرية وخارطة طريق واضحة تشارك فيها كل القوى الوطنية، وتضمن وقف إطلاق النار واحترام حقوق الشعب السوداني.

Read More
    email this

الخميس، 11 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 11, 2025 by with 0 comment

تسريبات الأسد… حين تكشف الكواليس ما يحاول الإعلام تضخيمه

تسريبات الأسد… حين تكشف الكواليس ما يحاول الإعلام تضخيمه

تسريبات الأسد… حين تكشف الكواليس ما يحاول الإعلام تضخيمه


مقدمة: الإعلام بين أداة كشف وأداة فتنة

بعد تسريبات بشار الأسد ولونا الشبل والضجة التي أثارتها تلك المقاطع وما زالت تثيرها، والاستضافات التي قامت بها قناة العربية الإخبارية للمحللين والإعلاميين والمسؤولين من سوريا وروسيا ولبنان، زاد يقيني في خطورة هذه الأداة التي تسمى الإعلام وما يتبعها من محطات وقنوات ووسائل تواصل اجتماعي وغيرها وكيفيه استطاعتها في تضخيم الحقائق والوقائع ونفيها او تثبيتها واعادة توجيه الانظار نحو اي موضوع او قضيه حتى ان مر عليها سنين طويله جدا.


أولًا: مشاهد التسريب… كواليس لا تفاجئ من يعرف حقيقة النظام

لقد رأيت التسريبات الأخيرة والتي أفضل أن أسميها كواليس، لأنها كانت مصورة في برنامج خاص بتلك المرحلة الصعبة التي مرت بها سوريا، وتشابه المشاهد التي تظهر فيها أخطاء الممثلين.
ولكن الفرق بينها وبين الكواليس هو أنها ليست أخطاء، بل وقائع ومشاعر داخلية حقيقية كان يشعر بها المتواجدون في المقطع.

وأنا لم أستغرب ما جاء فيها أبدًا؛ لأن ما كان يفعله بشار الأسد في شعبه أكبر مما قاله في المقاطع المنتشرة.
بل إن ذهابه لمنطقة تمت مهاجمتها من جيشه ومن ميليشيا حزب الله ومن جاء معهم من مرتزقة من كل بقاع الدنيا أشد وطأة من تلك العبارات التي كان يتفوه بها أثناء سيره في تلك المناطق التي تظهر عليها اثار القصف والتدمير  ومن ضحكات الاستهزاء التي كانت تصدر منه ومن لونا الشبل والشخص الذي كان معهم في المركبة.


ثانيًا: لغة الجسد… خوف وتباهي في آن واحد

قذارة الأسد والشبل ظهرت في حوارهم وحديثهم الذي كان فيه الكثير من التباهي والكثير من الخوف من المجهول وأكد لي ذلك تصرفات بشار الأسد ونظراته وحركات جسده غير المتزنة والتي لا تليق برئيس جمهورية؛ حيث كان يتلفت ويتحدث كالمراهق وليس كشخص متزن عاقل.


وقد رأيت أن وضع الأسد وطريقة حديثه كانت تعكس المأزق الذي كان يعيشه، وإحساسه بأن الأمور قد فلتت من يده، وأنه كان يعيش ضغوطًا كبيرة من كل الجهات: ضغط روسي، وضغط حزب الله، وضغط إيراني، وضغط دولي .


ثالثًا: قناة العربية… تركيز على بوتين وتجاهل للواقع السوري

وبالنسبة للجهة التي نشرت المقطع وهي قناة العربية، لفت نظري أمر جعلني أتأكد أن القنوات العربية الإخبارية تتفنن في البحث عن إثارة الجدل والفتن.

فقد ركزت المذيعة في حديثها مع الضيف الروسي على ما ذكره بشار واستهزائه ولونا الشبل بالرئيس الروسي بوتين، واستهزائهم بعمره، ورد بشار بالقول كله عمليات .


وكأنهم يعتبرون ذكر بوتين أهم ما جاء في هذا التسريب، وتجاهلت المذيعة الواقع الذي تعيشه المناطق السورية وأهلها.

وقد سألت أكثر من مرة عن ردة فعل بوتين حين يشاهد هذا المقطع، وما الذي قد يقوم به مع بشار الأسد.
وكان رد الضيف الذي كان يعمل بشكل مباشر وقريب من الرئيس الروسي صادمًا لها؛ لأنه تحدث بعقلانية وقال إنه يعرف الرئيس الروسي جيدًا وكيفية تفكيره، وأفاد أنه سيبتسم فقط ويقول: بشار يغار من نضارة بشرتي واردف أن الرئيس الروسي متزن وليس صاحب عقليه مقلبه .

وحينها تغيّر وجه المذيعة وشكرت الضيف وقامت بإنهاء المكالمة المرئية.


رابعًا: الحوار مع الضيف اللبناني… الموضوعية التي لا تعجب المذيعين

وكذلك كان الوضع مع الصحفي اللبناني حين تحدث عن حزب الله وأخبرها أنه لا يدافع عن الحزب، ورد بموضوعية ومن دون تحيز عن سبب تواجد الحزب في سوريا والانقسام الداخلي في الحزب نفسه حول ما تم الحصول عليه في حرب سوريا وما تمت خسارته في هذه الحرب وأوضح الخطأ الكبير الذي قام به الحزب في دخوله للغوطة وغيرها من مناطق سوريا وما قام به من جرائم.


وعندما لم يكن الرد كافيًا وشافيًا ومقنعًا للمذيعة أو على حسب هواها، قامت بإنهاء المكالمة بابتسامة ساخرة من الضيف.

كلا الموقفين جعلاني أتساءل:
لماذا يبحث الإعلاميون، وخاصة من يديرون البرامج الإخبارية أو الحوارية، عن إثارة الجدل ويبحثون عن تشبيك وربط الخيوط وإشعال نار الفتنة بين الحكومات والأشخاص وبين ضيوفهم؟


خامسًا: التسريبات… تأكيد للمؤكد وليس حدثًا يغيّر المشهد

مثل هذه التسريبات – إن اعتُبرت تسريبات – يفترض عند تحليلها أن يتم  تناول الأمور العظيمة التي كانت تتحدث عنها وتحاول تعرية وفضح النظام المفضوح أصلًا، حتى يتم تدارك أي عثرات أو أخطاء في المستقبل السوري والعربي الذي يعتبر قاتمًا حتى الآن، في ظل وجود كيان صهيوني متربص مدعوم بقوة من إدارة ترامب وغيرها من اللاعبين الدوليين.

ومن وجهة نظري هذه التسريبات هي تأكيد للمؤكد، ولن تغير أي شيء في المشهد السوري.
فبشار وحكومته انهاروا وتركوا سوريا وهربوا منها، والشعب السوري بحكومته الجديدة يسعون جاهدين لرسم صورة مشرقة لسوريا الجديدة، وسيكون لهم ذلك بإذن الله، حتى وإن كانت هناك معارضة فاعلة وفلول يسعون لإثارة الفتن واشعال المناطق السورية بهدف تلميع صورة بشار وإظهار أن الوضع بعده من انحدار إلى انحدار.

Read More
    email this

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 09, 2025 by with 0 comment

أمريكا واسرائيل وتفصيل السياسة حسب الذوق والمزاج علينا

 

أمريكا واسرائيل وتفصيل السياسة حسب الذوق والمزاج علينا

أمريكا واسرائيل وتفصيل السياسة حسب الذوق والمزاج علينا 


هذا هو الواقع الذي نعيشه للاسف في عالم العربي والاسلامي أمريكا القوى الكبرى في العالم ورئيسها المنحاز للجانب الاسرائيلي ونتنياهو المنفلت وخلفه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة يقومون بفرض واقع سياسي على دول المنطقة وخاصة دول الطوق سوريا و لبنان وبشكل غير مباشر  مصر والاردن مع استمرارهم في العمل بقوة في غزة العصية التي مازال اهلها يفشلون مخططاتهم بالاضافة الى الاستمرار في ضم دول اخرى الى الاتفاقيه الابراهيميه كأن هذه المنطقة ورث ورثوه ويحق لهم التصرف كيفما يشاؤون من دون اعتراض او رفض من أي أحد.


الهوان والخضوع والخوف وعدم وجود ردة فعل قوية جعل امريكا واسرائيل يتمادون في تصرفهم وجعل ترامب يمنح الثقة العمياء لنتنياهو حتى ان ابدا بعض الرفض لسياساته وتصرفاته واظهر انه غاضب في بعض الاحيان وفي احيان اخرى انه لا يعلم ما قام به رئيس الوزراء الصهيوني إلا أن الواقع والاحداث المتسارعه تثبت ان ما يقوم به نتنياهو هو بعلم ودرايه ومباركة امريكية وكل ما يقال غير ذلك هو كذب وضحك على الذقون . 



انجز الاحتلال الاسرائيلي بقيادة نتنياهو جزءا لا يستهان به من المخططات التي وضعها ومازال يسير في إكمال ما بقي منها ونحن وللاسف الشديد ساعدناه في إتمامها لأنه بعد ان قام بجس نبضنا واختبار ردات فعلنا اكتشف ان لا نبض فينا ولم تكن هنالك ردات فعل تنتظر وانا هنا لا أسعى لجلد الذات ولكن  اتحدث بواقعية وبحقائق لا يمكن انكارها وأرجو ان أكون مخطئا طبعا لا بد أن استبعد أهل غزة والمقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس التي كانت الثغر الاخير الصامد ولا ادري ان كانت ستسطيع الصمود بعد الاحداث الاخيره التي عصفت بها وانا لا اشكك بصمود أهل غزة وأهل فلسطين لأنهم اصحاب حق والحق لا يموت طالما خلفه اناس تطالب به ولكني اقصد حماس الحركة واذرعها التي يضع الصهاينة كل ثقلهم من أجل القضاء عليها بمساعدة مباشرة من الدائم الأول لهم أمريكا وبمساندة من العملاء والجماعات المسلحة الصغيرة المتواجده في غزة مع الألاف من المرتزقة والجواسيس والعملاء الذي يعملون من الداخل ، وكذلك في سوريا التي أعاد الكيان الصهيوني احتلال اراض فيها ووجد في السويداء وأهلها فرصه للتدخل في الشأن السوري الداخلي ومن ثم غير البوصله إلى القرى الحدودية وبدأ يسوق الاعذار والاسباب من اجل الاقتحام تلو الاقتحام ومن ثم تلاعب بالمواقف بالشراكة مع الامربكان ويحاول ضم سوريا إلى الاتفاقات الابراهيميه حتى تغلق احدى الجبهات المطله عليها وتتفرغ للأخرى . 


في عالمنا العربي يطغى الخوف من الأمريكان على المشهد العام وبسببه تقف دول وجيوش عاجزه حتى عن إبدا الرأي او القيام بردة فعل تحفظ الكرامة وتثبت للصهاينة أن هذه المنطقة يوجد بها رجال لا يخشونها ولديهم غيره على مقدساتهم واوطانهم ولن يرضوا ان يكونوا لقمة سائغة للصهاينة وانا لا اقصد بردة الفعل اشعال النار في المنطقة والدخول في حرب طاحنه مع الصهاينة والأمريكان في الوقت الحالي على الأقل بسبب ما تمر به اغلب الدول من خلافات وانقسامات داخليه وتشظي لم تصله في فترات سابقة من تاريخها ولكني اقصد بعض الاجراءات التي قد ترعب الصهاينة والأمريكان وتجعلهم يتراجعون قليلا عن المضي في ما يقومون به ومنها الاتحاد والتعاون والاتفاق على كلمة وفعل واحد من كل العرب والمسلمين  وما اقصده اتفاق مختلف عن اتفاقات القمم والمؤتمرات التي تعقد منذ سنين والتي لا تتخطى قراراتها القاعة التي عقدت فيها بل هو على شاكلة الاتفاق والتعاون الفعلي في حرب اكتوبر التي ظهرت فيها ارداة العرب والمسلمين وقوتهم حين يعقدون العزم على الاتفاق والمضي قدما في مواجهة العدو المحتل وبغض النظر عن التراجع الذي حصل بعد ذلك الا أن تلك الوقفة تثمن وتقدر ونحن بحاجة ماسة الى تكرارها وفقا للواقع الحالي . 



تخيل معي عزيزي القارئ لو تتوحد صفوفنا واختياراتنا ورفضنا للهيمنة الامريكية والانصياع الأعمى لما يملئ علينا ونكون احرار في تقرير  مصيرنا من دون تحكم او املاءات خارجية من هنا وهناك ونرفض وجود اي كيان محتل على اراضينا ونسترجع المكانة والسمعة الطيبة التي عرفت عنا منذ القدم وتخيل ان تقف الاقلام والاصوات المثبطة والمطبله للغرب والامريكان والكيان الصهيوني والمهاجمة للأوطان والرؤساء والناقده بشكل هدام من اجل اجنداتها وولاءاتها التي فضلتها على الوطن وتنضم تلك المجموعات والافراد  الى محيطها العربي وتسخر اصواتها وكلماتها وقوتها التأثيرية في دعم الوطن والأمة وترك الاشخاص والحكومات وجعل الادوات المتاحة لديهم داعمة للوحدة والتعاون الذي نسعى اليه فماذا سيكون الوضع حينها ؟؟ وهل ستجد استخبارات هذا المحتل او ذاك عملاء وجواسيس ينفذون اجنداتهم ويكونون بمثابة حقل الاسرار والدسائس الذي لاينضب؟ بكل تأكيد لا .


مشكلتنا فينا من قديم الزمان وليست في الطامع والمحتل عند تغلبنا على هذه المشكله  يحصل التغيير والتأثير خلافاتنا التي نراها عظيمة وعميقة لا تعني شيئا أمام ما يقوم به المحتل من تصرفات غير مسؤوله بحق شعوبنا وهذا ما يستوجب العودة إلى المنطق وتشغيل العقل بدلا من تغييبه واشغاله في مهاترات وخلافات بسيطة جدا يمكن حلها بعد انقشاع غيمة الاحتلال التي تحمل الموت والدمار فهل من مستمع لهذا النداء .

Read More
    email this

الاثنين، 8 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 08, 2025 by with 0 comment

تسريبات «فضيحة الغوطة» تخرج إلى العلن

تسريبات «فضيحة الغوطة» تخرج إلى العلن

 تسريبات «فضيحة الغوطة» تخرج إلى العلن





  • في أول ديسمبر 2025 نشرت قناة Al Arabiya تسجيلات مصوّرة تُنسب إلى بشار الأسد ومستشارته الإعلامية السابقة لونا الشبل، يُعتقد أنها من داخل سيارة أثناء جولة في محيط دمشق — وبعض المشاهد تشير إلى الغوطة أو مناطق متضررة من الحرب. اليوم السابع+2The New Arab+2

  • الفيديوهات تظهر مواقف وسلوكيات وصفت — من قبل المتابعين — بأنها سخرية واضحّة وإهانة للضحايا والمناطق المحاصرة. The New Arab+2en.haberler.com+2

  • في أحد المقاطع يقول الأسد بصوتٍ فاضح: «يلعن أبو الغوطة» أثناء حديث عن المنطقة. مصراوي.كوم+2independentpress.cc+2

  • في لقطات أخرى، يستهزئ بمنطقة أنهار الحصار والعنف، ويصف مواطنيها بطريقة مهينة، في وقت كانوا يعانون الجوع والقصف والتشريد. مصراوي.كوم+2en.haberler.com+2

  • أيضًا في التسجيل يُسمع كلام مسيء تجاه جنود سوريين، وازدراء لمؤسسات أو مليشيات دعمت النظام في الحرب. اليوم السابع+2The New Arab+2


🎯 لماذا الاهتمام الآن؟ وما سبب ظهور الفيديو بهذه اللحظة؟

  • التوقيت جاء قبل ذكرى مرور سنة على ما يُقال إنه “سقوط النظام” أو تغيّر جذري في موازين القوى في سوريا. عرب نيوز+2The New Arab+2

  • محللون يرى أن نشر هذه التسجيلات الآن ليس مصادفة: قد يكون جزءًا من ملف ضغط سياسي أو إعلامي يستهدف إعادة تشكيل الصورة العامة عن النظام — خاصة في ضوء نقاشات عن مصير اللاجئين، عودة اللاجئين، إعادة إدماج سوريا في المحيط العربي، أو مفاوضات دولية. Elaph - إيلاف+2نيوز رووم+2

  • كما أن الفيديو يكشف لمن “تمدّ أيديهم” دعمًا للنظام — خصوصًا أولئك الذين ربما يراهنون على “استقرار” أو “تصالح” مع سوريا — بأن الشخص الذي حكم ما يزال يحتفظ بنزعته الاستعلائية والاحتقار للناس العاديين. يمن الآن نيوز+2صحيفة عاجل+2


📄 ماذا تُظهر التسجيلات؟ أبرز ما جاء فيها

المحتوىما يعنيه / لماذا أثار الجدل
شتيمة لمنطقة الغوطة: «يلعن أبو الغوطة»إهانة مباشرة لمليوني مدني عانوا الحصار والقصف تحت حكم النظام؛ تهديم الحاجز الرمزي بين الحاكم والمحكوم. مصراوي.كوم+2independentpress.cc+2
سخرية من بناء المساجد في مناطق الفقر: «ينفقون على المساجد وما معهم ياكلوا»استخفاف بمعاناة المدنيين — السخرية من دين وهموم الناس الأساسية. www.ndtv.com+2اليوم السابع+2
ازدراء الجنود السوريين، والسخرية من ولائهمتهديد لشرعية النظام الداخلي — إذ يظهر أن الولاء ليس مقدّساً، وقد يصبح أداة للسخرية. اليوم السابع+1
سخرية من حلفاء النظام — مليشيات أو جهات دعمت الحرب (بحسب الحديث عن “حزب الله” في التسجيلات)تقويض للن narratives التي بررتها الحرب، وإظهار أن القيادة نفسها لا تقدّر تضحيات حلفائها أو تضحيات المدنيين. Elaph - إيلاف+2The New Arab+2

🌍 دلالات سياسية وإنسانية: ماذا تعني هذه التسريبات لسوريا والعالم؟

  • كشف “الوجه الحقيقي” للنظام: الفيديو يطيح بـ”الخطاب الرسمي” عن الوطنية، الدفاع عن البلاد، أو الشعارات التي استخدمت لتبرير الحرب والدمار.

  • جرح قديم يُعاد فتحه: للضحايا في الغوطة وكل المناطق التي عانت الحصار والقصف، هذه التسجيلات تمثل إهانة مزدوجة — أولاً على الأرض، وثانيًا في الاعتراف بأن من أمر ودبر يرىهم “ميّتة” أو “لا شيء”.

  • ضغط على الجهات الدولية: مع الحديث عن إعادة إدماج سوريا، أو إعادة إعمار، أو عودة diaspora، يطرح هذا المقطع سؤالاً أخلاقيًا وقانونيًا: هل يمكن التعامل مع من أدلى بهذه التصريحات على أنه “شريك سياسي” بعد كل ذلك؟

  • رهان على “صمت المعارضين” أو “النسيان”: ربما الهدف من التسريب هو التذكير بأن النظام لا يزال موجودًا، أو أن عناصره لا زالوا يسعون للإبقاء على الشرعية عبر النفوذ والذكريات.


⚠️ لماذا قد البعض يشكّك أو يتساءل بشأن مصداقية الفيديو؟

  • لم يتم — حتى اللحظة — نشر النسخة الكاملة الموثوقة علنًا؛ ما انتشر هو مقتطفات عبر وسائل إعلام، مما يفتح الباب للتلاعب أو المونتاج.

  • لا توجد — بحسب التقارير — تاريخ دقيقًا موثوقًا لتسجيل الفيديو؛ يقول بعض التقارير إنه ربما يعود إلى 2018 بعد “استعادة الغوطة”، لكن لا تأكيد رسمي. The New Arab+2en.haberler.com+2

  • النظام أو أنصاره قد يُبرّرن الأمر بأنه “محاولة تشويه” من خصوم داخليين أو جهات استخباراتية — وهو ما يُسمع في مثل هذه القضايا دائمًا.

✨ خلاصة: تسريبات الأسد — تحوّل الجو العام نحو حساب تاريخي

يمكن القول إن هذه التسريبات تمثّل نقطة تحوّل في الحرب الإعلامية والجريمة الأخلاقية المرتبطة بالنظام السوري:

  • لما يكشف داخليًا أن الحاكم لم يكن فقط مصممًا على الحرب، بل كان يقف — ضاحكًا — على آثارها ودمارها.

  • ولأن المجتمعات السورية (داخل الوطن وفي الخارج) أمام فرصة لمراجعة حساباتهم: هل التوافق مع “مصالحة” ممكن مع هذا السجل؟ أم أن العدالة — على الأقل المجتمعية والرمزية — تفرض أن يواجه كل مسؤول عن هذه الكلمات والأفعال؟

  • كما أن الضغط الدولي ـ إن وجد ـ سيزداد إذا بقي هذا الملف حيًا ومتداولًا؛ لأن استعادة العلاقات مع دولة بزعم “إعادة إعمار” تصبح مرفوضة أخلاقيًا إذا من يديرها يعترف بهذه المواقف.

Read More
    email this
Published ديسمبر 08, 2025 by with 0 comment

غيبوبة أمريكا: الحكاية التي أرادت المخابرات دفنها — كاثي أوبراين

 

غيبوبة أمريكا: الحكاية التي أرادت المخابرات دفنها —   كاثي أوبراين

غيبوبة أمريكا: الحكاية التي أرادت المخابرات دفنها — قصة كاثي أوبراين




مقدمة الحكاية: هبوط غامض في خريف 1984

في إحدى أمسيات خريف عام 1984، هبطت طائرة خاصة في بلدٍ مجهول من بلدان أمريكا الوسطى. كان وفدٌ دبلوماسي رفيع المستوى يترجَّل منها، وبدا كل شيء روتينياً… لولا وجود فتاة شابة وسط الرجال، جميلة الملامح، ساكنة النظرات، خالية من أي تعبير.

هذه الشابة لم تكن دبلوماسية ولا موظفة رسمية. كانت تحمل حقيبة صغيرة تضمّ رسالة مشفّرة، وتمتلك ذاكرة فوتوغرافية قادرة على تسجيل كل حرف يُقال في الاجتماعات السرية. لكنها —على الرغم من ذلك كله— لم تكن تعرف من تكون، ولا لماذا هي موجودة هناك. كانت مجرد أداة مبرمجة؛ آلة تسجيل… وأداة استغلال.

هذه الفتاة كانت كاثي أوبراين، "النموذج الرئاسي للعبودية" كما سمت نفسها لاحقاً، وأحد أكثر ملفات التحكم بالعقول إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة.

الفصل الأول: الطفلة التي وُلدت في بيتٍ مكسور

1957 – ميشوغان: بيت يبدو عادياً… لكنه أبعد ما يكون عن الطبيعي

وُلدت كاثي أوبراين في مدينة ميوسكايغون بولاية ميشيغان سنة 1957. للناس، كان بيتها يبدو أسرةً أمريكية تقليدية. لكن ما خفي كان كارثياً.

والدها، إيرل أوبراين، لم يكن أباً قاسياً فحسب، بل كان غارقاً في سلوك منحرف بشع. اعتدى على ابنته منذ أن كانت رضيعة، ثم استغل أطفاله في تصوير موادّ غير أخلاقية كان يبيعها مقابل المال.

ورأى الأب في ابنته الصغيرة "استثماراً". طفلة لا يتجاوز عمرها ثماني أو تسع سنوات، بدأ يقدّمها لدائرة معارفه: سياسيين، رجال أعمال، صحفيين… وجميعهم يشتركون في الانحراف ذاته. والأسوأ أن بعض هؤلاء كانوا جزءاً من منظومة أكبر تتبع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA).


الفصل الثاني: لماذا كانت المخابرات تبحث عن أطفال من هذا النوع؟

من برلين المحترقة إلى مختبرات CIA

بعد سقوط برلين وانتهاء الحرب العالمية الثانية، تنافس الأمريكيون والسوفييت على "كنز العلماء". ضمن عملية مشبك الورق، هرّبت CIA عشرات العلماء الألمان، بينهم من كانوا يُعرفون بـ أطباء الموت الذين أجروا تجارب على البشر في المعتقلات.

أخطر تلك التجارب كانت التحكم بالعقول.

وفي عام 1953، أصدر مدير CIA ألان دالس قراراً سرياً بإطلاق مشروع MK-Ultra، المشروع الذي هدف للإجابة عن سؤال شيطاني:

“كيف نسيطر على عقل الإنسان؟ كيف نفصله عن الواقع ونخلق داخله شخصيات بديلة؟”

وجد العلماء أنّ الأطفال الذين يتعرضون لصدمة مستمرة ينفصل وعيهم، وتتكون لديهم شخصيات بديلة قابلة للبرمجة، وقدرة تذكر خارقة.


الفصل الثالث: كيف وصلت كاثي إلى أيدي المخابرات؟

كانت مواد والدها الإباحية هي المفتاح. حين قُبض عليه وهو يرسل طرداً يحتوي صوراً لأطفاله، تدخلت CIA. عرضت عليه صفقة:

– سلمنا ابنتك…
– ولن نحاسبك على جرائمك، وسنمنحك حماية ونفوذاً.

وباعها الأب بدمٍ بارد.

ومن تلك اللحظة اختفت كاثي من حياتها الطبيعية، ودخلت مرحلة "صناعة الدمية"، وفق منهج Monarch، أحد فروع MK-Ultra.


الفصل الرابع: البرمجة عبر الخيال والصدمة

ديزني… والطقوس القاتمة

أُجبرت كاثي على مشاهدة أفلام "أليس في بلاد العجائب" و"ساحر أوز"، ليس للتسلية، بل لاستخدام القصص في برمجتها النفسية، حتى يختلط الخيال بالواقع في ذهنها.

ثم بدأت سلسلة من الطقوس العنيفة والصدمات المروّعة، هدفها:

  1. خلق الطاعة العمياء

  2. بناء ذاكرة فوتوغرافية

  3. فصل الوعي وخلق شخصية بديلة

كبرت كاثي… وكبر معها الجحيم.


الفصل الخامس: السيناتور روبرت بيرد… المشغّل الأعلى

كان أبرز من استغلها هو السيناتور روبرت بيرد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ. في العلن كان سياسياً صاحب نفوذ، وفي الخفاء كان أحد كبار المشغّلين في مشروع التحكم بالعقول.

كان يستخدم أساليب غريبة منها عزف معيّن بالكمان لإدخالها في حالة غيبوبة قبل تنفيذ أوامره.


الفصل السادس: زواج قسري… وحياة مع قاتل

أمرها مشغلها بالزواج من رجل يدعى واين كوكس، قاتل محترف يعمل ضمن فرق اغتيال مرتبطة بالوكالة. أجبرها على مشاهدة عمليات قتل وتمثيل بالجثث. وكانت تُسقط حملها مراراً، ويُستخدم الجنين في تجارب أمام عينيها.

حتى حملها السابع أُجبرت على إكماله، ووضعت طفلة سمّوها كيلي، التي خضعت منذ لحظاتها الأولى لبرامج مشابهة.


الفصل السابع: النقل إلى المشغّل الجديد — أليكس هيوستن

حين بدأ الزوج يفقد السيطرة بسبب الإدمان، نُقلت كاثي إلى أليكس هيوستن—متعهد حفلات معروف، وساحر يمتلك فقرة تحريك الدمى… لكنه في الحقيقة عميل CIA، واستخدم حفلات الموسيقى لنقل المخدرات.

أصبحت كاثي تحت سيطرته الكاملة، تُقدَّم كهدايا لضيوف سياسيين ودبلوماسيين، وتُستغل لضمان الولاء أو الابتزاز.

وفي تلك المرحلة وصلت إلى أروقة البيت الأبيض، بعد أن رأت الوكالة نجاح برنامجها بصورة مبهرة.


الفصل الثامن: الشرارة التي كسرت الجدار — مارك فيليبس

كان مارك فيليبس موظفاً متعاقداً مع وزارة الدفاع، مطلعاً على دراسات العقل وتعديل السلوك. وفي منتصف الثمانينيات، قادته الصدفة للعمل مع أليكس هيوستن.

منذ لقائه بكاثي، لاحظ عليها "نظرة الألف ياردة" — نظرة الذين شهدوا صدمات ساحقة. رأى سلوكها الآلي، واستجابتها الكاملة للأوامر… وفهم أن شيئاً غير طبيعي يحدث.

وبينما كان يعمل معهم، كان الشك يكبر داخله… إلى أن وقع الحدث الذي غيّر كل شيء، وفتح أمامه باب الحقيقة — وحياة من الهروب مع كاثي وإنقاذها من البرنامج.

Read More
    email this