الاثنين، 22 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 22, 2025 by with 0 comment

سجال فكري بين الإلحاد والإيمان في مناظرة مفتوحة

 

سجال فكري بين الإلحاد والإيمان في مناظرة مفتوحة

 سجال فكري بين الإلحاد والإيمان في مناظرة مفتوحة



 قراءة في مناظرة جاويد أختر والشيخ الهندي بين العقل والإيمان


أثار سؤال «هل الله موجود؟» جدلًا واسعًا عبر التاريخ، ولم يكن يومًا مجرد سؤال فلسفي عابر، بل مسألة وجودية تمس جوهر الإنسان ومعنى حياته. وفي واحدة من المناظرات التي عادت للواجهة مؤخرًا، دار نقاش علني بين الشاعر والمفكر الهندي **جاويد أختر**، المعروف بميوله اللادينية، وأحد **الشيوخ الهنود المسلمين**، في حوار تناول هذا السؤال الجوهري من زاويتين متباينتين: زاوية عقلية نقدية، وأخرى إيمانية قائمة على الوحي والمنطق الأخلاقي.


 من هما طرفا المناظرة؟


**جاويد أختر** شخصية ثقافية بارزة في الهند، اشتهر كشاعر وكاتب سيناريو، ويُعرف بمواقفه العلمانية وانتقاداته الصريحة للأديان عمومًا، إذ يرى أن الإيمان فكرة بشرية نشأت لتفسير ما عجز الإنسان عن فهمه في المراحل الأولى من تطوره.


في المقابل، مثّل **الشيخ المسلم** في المناظرة صوتًا إسلاميًا هادئًا، لم يعتمد على الخطاب العاطفي، بل استند إلى أسس عقلية وفطرية، مؤكدًا أن الإيمان في الإسلام لا يقوم على التسليم الأعمى، بل على الجمع بين العقل والوحي.


جوهر الخلاف: العقل وحده أم العقل والوحي؟


انطلق جاويد أختر من فكرة أن وجود الله لا يمكن إثباته تجريبيًا، وأن الإنسان لم يعد بحاجة إلى فرضية الإله لتفسير الكون بعد تطور العلم. واعتبر أن الأخلاق يمكن أن تُبنى بعيدًا عن الدين، وأن المجتمعات الحديثة قادرة على تنظيم نفسها دون مرجعية غيبية.


في المقابل، شدد الشيخ المسلم على أن **العلم يجيب عن سؤال “كيف” يعمل الكون، لكنه لا يجيب عن سؤال “لماذا” وُجد أصلًا**. وأوضح أن الإيمان بالله في الإسلام لا يتناقض مع العلم، بل يمنح للعلم معنى وغاية، ويضع له إطارًا أخلاقيًا يمنع تحوله إلى أداة تدمير.


 الإيمان في الإسلام: قناعة لا إكراه


أكد الشيخ أن الإسلام لا يفرض الإيمان بالقوة، بل يدعو إلى التفكير والتأمل:


 *«أفلا يتفكرون؟ أفلا يعقلون؟»


وهي أسئلة قرآنية متكررة تعكس احترام الإسلام للعقل الإنساني. كما بيّن أن فكرة الإله في الإسلام ليست فكرة غامضة أو أسطورية، بل تصور واضح لإله واحد، عادل، رحيم، وخالق للكون بنظام دقيق لا يمكن أن يكون وليد الصدفة.


هل الإلحاد بديل أخلاقي حقيقي؟


أحد المحاور المهمة في المناظرة كان سؤال الأخلاق. فبينما يرى بعض اللادينيين أن الأخلاق يمكن أن تُبنى دون دين، طرح الشيخ سؤالًا جوهريًا:

**من يحدد الصواب والخطأ في غياب مرجعية عليا ثابتة؟**


وأوضح أن التاريخ الحديث، رغم تقدمه العلمي، شهد حروبًا ومجازر كبرى قادها بشر لم تحكمهم أي مرجعية أخلاقية إيمانية، ما يدل على أن التقدم العلمي وحده لا يكفي لصناعة إنسان عادل.


 خلاصة المناظرة


لم تكن المناظرة صراعًا بقدر ما كانت كشفًا لفجوة عميقة بين رؤيتين للعالم:


* رؤية تختزل الوجود في المادة والعقل وحدهما

* ورؤية إيمانية ترى أن العقل أداة عظيمة، لكنه يحتاج إلى هداية الوحي


وبينما احترم الشيخ المسلم حق السؤال والشك، أكد أن **الشك ليس محطة نهائية، بل طريق يقود إما إلى الإيمان الواعي أو إلى فراغ روحي لا يملؤه العلم وحده**.


كلمة أخيرة


يبقى سؤال وجود الله حاضرًا ما دام الإنسان موجودًا. لكن المناظرات من هذا النوع تذكّرنا بأن الإسلام لا يخشى الأسئلة، ولا يعادي العقل، بل يراه جسرًا يقود إلى الإيمان، لا سلاحًا لهدمه.


    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا