الأحد، 21 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 21, 2025 by with 0 comment

«لولا إسرائيل لما وُجدت أمريكا»

«لولا إسرائيل لما وُجدت أمريكا»

«لولا إسرائيل لما وُجدت أمريكا»


تصريح يكشف الحقيقة العارية للدعم الأمريكي المجنون لإسرائيل


حين يخرج تصريح من رئيس أمريكي – أو شخصية نافذة في هرم السلطة – يقول فيه:

«أنا أول رئيس أمريكي… ولولا إسرائيل لما وُجدت أمريكا»

فنحن لسنا أمام زلة لسان، ولا مبالغة خطابية، بل أمام اعتراف سياسي خطير يعرّي جوهر العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويضع علامات استفهام كبرى حول من يقود من، ومن يخدم من.


أولًا: ماذا يعني هذا التصريح فعلًا؟


هذا الكلام لا يُفهم حرفيًا على أن إسرائيل سبقت أمريكا تاريخيًا، بل يُقرأ سياسيًا واستراتيجيًا.

المعنى الضمني هو:


أن إسرائيل أصبحت جزءًا من تعريف القوة الأمريكية نفسها


أن النفوذ الصهيوني داخل مؤسسات القرار الأمريكي بلغ مرحلة الاندماج العضوي


أن دعم إسرائيل لم يعد خيارًا سياسيًا، بل ثابتًا مقدسًا لا يُمس


بعبارة أوضح:

أمريكا لا ترى إسرائيل كحليف… بل كامتداد لذاتها.


ثانيًا: من يحكم القرار الأمريكي؟


حين نراقب الواقع، نفهم لماذا يُقال مثل هذا التصريح دون خجل:


الكونغرس الأمريكي يصوت لإسرائيل بنسبة شبه إجماعية


أي مرشح رئاسي يُختبر أولًا في “ولائه لأمن إسرائيل”


اللوبي الصهيوني (AIPAC وغيره) يتحكم بالتمويل السياسي، والإعلام، والتشريعات



حتى إن الرئيس الأمريكي نفسه يصبح أسير معادلة واضحة:


> “إما أن تدعم إسرائيل بلا شروط… أو تنتهي حياتك السياسية”.



ثالثًا: الدعم الأمريكي… جنون أم عقيدة؟


الدعم الأمريكي لإسرائيل تجاوز المنطق والعقل:


مليارات الدولارات سنويًا بلا مساءلة


أحدث الأسلحة تُمنح لإسرائيل بينما تُمنع عن حلفاء آخرين


حماية دبلوماسية مطلقة في مجلس الأمن مهما كانت الجرائم



إسرائيل تقصف، تقتل، تحاصر، تُهجّر…

وأمريكا تستخدم حق النقض (الفيتو) وكأنها شريك في الجريمة لا وسيطًا.


وهنا يصبح السؤال مشروعًا:

هل هذا دعم سياسي أم عقيدة دينية–أيديولوجية؟


رابعًا: البعد الديني الخفي


لا يمكن تجاهل دور الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة، التي تؤمن بأن:


قيام إسرائيل شرط لعودة المسيح


دعم إسرائيل واجب ديني قبل أن يكون سياسيًا


أي تعاطف مع الفلسطينيين يُعد “خيانة إيمانية”



هذا التيار يضم عشرات الملايين من الأمريكيين، ويؤثر بشكل مباشر على قرارات الرؤساء والكونغرس.


خامسًا: أمريكا التي رهنت أخلاقها


حين يقول رئيس أمريكي إن وجود بلاده مرتبط بإسرائيل، فهو يعلن ضمنيًا أن:


القيم الأمريكية (الحرية، حقوق الإنسان) قابلة للبيع


دماء الأبرياء لا وزن لها أمام “أمن إسرائيل”


العدالة الدولية تُدفن إذا كان الجاني إسرائيليًا


وهنا تسقط صورة “الشرطي العالمي”

وتظهر أمريكا كدولة مختطفة القرار، مسلوبة الإرادة الأخلاقية.


سادسًا: لماذا هذا التصريح خطير؟


لأنه:


يشرعن الجرائم الإسرائيلية


يمنح إسرائيل شعورًا بأنها فوق القانون


يرسل رسالة للعالم أن أمريكا لم تعد وسيطًا نزيهًا


يكشف أن القضية الفلسطينية ليست صراعًا محليًا، بل صراعًا مع منظومة عالمية منحازة


ولم يكن تصريح دونالد ترامب  حدثًا معزولًا أو زلة لسان عابرة، بل جاء منسجمًا تمامًا مع خطابٍ أعمق كرّسه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المناسبة ذاتها. إذ قال نتنياهو صراحة: «إن الولايات المتحدة الأمريكية ما كانت لتوجد لولا الشعب اليهودي، ولما كانت هناك حضارة يهودية مسيحية، ولما كانت هناك الولايات المتحدة».


هذا التصريح لا يقل خطورة عن كلام ترامب، بل يكشف بوضوح الذهنية التي تحكم العلاقة بين الطرفين: ذهنية تقوم على إعادة كتابة التاريخ، ومصادرة دور الشعوب الأخرى، وتحويل أمريكا من دولة قامت على تعددية المهاجرين وصراعهم مع الاستعمار الأوروبي إلى نتاج “فضل يهودي خالص”، وفق الرواية الصهيونية.


نتنياهو هنا لا يخاطب جمهوره الداخلي فقط، بل يقدّم سردية سياسية موجهة للنخبة الأميركية، مفادها أن دعم إسرائيل ليس تحالف مصالح، بل “دين حضاري” يجب سداده، وأن أي تشكيك في السياسات الإسرائيلية هو تشكيك في جذور الولايات المتحدة نفسها. وهي محاولة فجة لابتزاز التاريخ، واستخدامه كسلاح أيديولوجي لإضفاء قداسة زائفة على مشروع استعماري قائم على الاحتلال والتهجير.


وبين تصريح ترامب الذي اختزل وجود أمريكا في وجود إسرائيل، وكلام نتنياهو الذي اختزل الحضارة الغربية في “الشعب اليهودي”، تتضح ملامح خطاب واحد: خطاب استعلائي، إقصائي، يتعامل مع العالم بمنطق الامتنان القسري، ويمنح الاحتلال صكوك شرعية مستمدة من أساطير سياسية لا من حقائق تاريخية.


الخلاصة

تصريح:

«لولا إسرائيل لما وُجدت أمريكا»

ليس مدحًا لإسرائيل… بل فضيحة سياسية.


هو اعتراف بأن:


إسرائيل لا تحتاج إلى تبرير جرائمها


وأمريكا لم تعد تخجل من انحيازها الأعمى


وأن العدالة في هذا العالم تُقاس بالهوية لا بالحق



ويبقى السؤال الأهم:

إلى متى سيظل العالم صامتًا أمام هذا الجنون السياسي؟

وإلى متى ستُدفع دماء الشعوب ثمنًا لتحالفٍ فقد إنسانيته؟

Read More
    email this