
موسم الترفيه في السعودية: نقد متوازن بين التطور والهوية
في السنوات الأخيرة شهدت المملكة حركة واسعة في مجال الفعاليات الترفيهية والسياحية، وأصبح موسم الرياض وموسم جدة عنوانًا لتغيير اقتصادي واجتماعي تسعى الدولة من خلاله لتعزيز السياحة وتنمية القطاعات الثقافية. هذا التحول أثار تساؤلات واسعة داخل المجتمع: كيف نوفق بين فتح المجال للترفيه وتنمية الاقتصاد من جهة، والحفاظ على الهوية والقيم المجتمعية من جهة أخرى؟
واقع يتبدّل
من الواضح أن الهدف المعلن من إنشاء هيئات متخصّصة في الترفيه هو تنويع مصادر الدخل وتنشيط السياحة. إلا أن بعض مظاهر هذا الانفتاح أحدثت حالة من الجدل. فبينما يرى فريق أن هذه الفعاليات شعلة للنشاط الاقتصادي وفرص للشباب، يُخشى لدى آخرين أنّ بعض التجارب قد تتخطى الحدود المتوقعة لدى المجتمع المحافظ، مما يولّد شكوكًا ومخاوف حول مستقبل الهوية الثقافية.
أين يكمن القلق؟
القضية ليست معارضة مطلقة للفن أو للترفيه، بل تتعلّق بـــ:
-
التوافق الثقافي: هل تتناسب بعض الفعاليات مع عادات وقيم المجتمع؟
-
الخطاب الديني والاجتماعي: هل يبقى دور العلماء والمثقفين والفئات المؤثرة واضحًا وفاعلاً في توجيه النقاش؟
-
التوعية والضوابط: هل هناك آليات كافية للحفاظ على التوازن بين الحرّية والالتزام بالقيم؟
دور الجهات الرسمية والمجتمع
الجهات المسؤولة عن تنظيم الفعاليات مطالبة بوضع معايير واضعة في الاعتبار السياق المحلي، وإشراك ممثلين من المجتمع المدني والمختصين الدينيين والثقافيين في وضع برامج تراعي الحساسية الثقافية. وفي المقابل، يقع على المجتمع دور بناء: الحِوار الهادئ، النقد الموضوعي، وتوجيه النّصح بأسلوب بناء لا ينجر إلى التجريح أو الإساءة.
عن الشباب: موارد وفرص وتحديات
الشباب هم رأس مال الأمة ومستقبلها. لا يمكن تجاهل أن بعض المظاهر قد تجذب فئة من الشباب لاعتبارات عمرية واجتماعية، لكن بالاحتواء والتوجيه يمكن تحويل الطاقة الشبابية إلى مشروع بنّاء: برامج ثقافية، تعليم مهني، فعاليات تواصلية تربوية، ومبادرات فنية تواكب الهوية دون تناقض.
مقترحات عملية للتوازن
-
إطار إرشادي للفعاليات: ضوابط واضحة تتفق عليها الجهات الرسمية مع ممثلي المجتمع.
-
إشراك المجتمع المدني: مجالس استشارية تضمّ علماءًا ومثقفين وشبابًا لصياغة محتوى الفعاليات.
-
برامج بديلة وتعليمية: فعاليات ذات طابع تربوي وثقافي بجانب الترفيه.
-
حملات توعوية: توعية الأسر والشباب حول أفضل السلوكيات وكيفية التفاعل الإيجابي مع الفعاليات.
-
مراقبة وتقييم: آليات تقييم دورية لقياس تأثير الفعاليات على المجتمع والقيم.
خاتمة
التحدّي الأهم هو بناء نموذج سعودي للترفيه يعتمد على التنمية والاعتدال مع الحفاظ على الهوية والقيم. النقد البنّاء والمشاركة المجتمعية المتوازنة هما مفتاح النجاح؛ فالسعي نحو التنوّع الاقتصادي لا يتناقض بالضرورة مع الثوابت إذا ما ترافق مع رقابة حكيمة ووعي مجتمعي.
