🇸🇦 هل تفعلها المملكة العربية السعودية وتغيّر واقع العرب؟
لاعب جديد قديم يعود إلى الساحة
في عالم يموج بالأحداث السياسية والاقتصادية المتسارعة، برزت السعودية من جديد كأحد أهم الفاعلين على الساحة الدولية، بعد أن كانت قوى كبرى تحاول تحجيم دورها لعقود. لكن المشهد تغيّر، وأصبحت المملكة اليوم رقمًا صعبًا في معادلة الشرق الأوسط والعالم العربي، بل وفي المنظومة الدولية ككل.
السعودية العظمى... من الجذور إلى الريادة
منذ تأسيسها، مرّت المملكة بمراحل صعبة ومفصلية، كانت كلها مقدمات لما وصلت إليه اليوم. رؤية الدولة الحديثة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان — حفظهما الله — أعادت رسم صورة السعودية كقوة اقتصادية وسياسية لها مكانتها الإقليمية والعالمية.
ولم يكن هذا التحوّل وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط استراتيجي طويل وتوظيف ناجح لقدراتها وموقعها وثرواتها.
بين التشدد والانفتاح... رحلة التوازن
في مراحلها السابقة، واجهت المملكة اتهامات بالتشدد أو الانغلاق نتيجة طبيعة مجتمعها المحافظ ومكانتها الدينية الحساسة. إلا أن هذا الانضباط كان جزءًا من مسؤوليتها تجاه مقدسات الإسلام في مكة والمدينة، ومن واجبها الشرعي في حماية القيم الدينية.
ومع التحوّل والانفتاح الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة، لم تسلم أيضًا من الانتقادات التي رأت في الانفتاح تمييعًا للهوية. لكن الواقع يُثبت أن **السعودية تسير نحو الاعتدال**، وتبحث عن صيغة توازن تجمع بين الأصالة والتجديد.
السعودية في مواجهة الحملات والتحديات
تعرضت المملكة خلال العقود الماضية لحملات إعلامية ممنهجة هدفت إلى التقليل من دورها وتأثيرها في العالم العربي والإسلامي. ومع ذلك، ظلت ثابتة في مواقفها، داعمة للقضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
ورغم محاولات التشويه، فإن السعودية بقيت نموذجًا للدولة التي **تضع مصلحة الأمة فوق الخلافات**، وتسعى للصلح بدل الصراع، وللوحدة بدل التفرقة.
من الربيع العربي إلى رؤية 2030
عندما اجتاحت المنطقة ما سُمّي بـ"الربيع العربي"، اتخذت السعودية موقف الحذر، وسعت إلى منع الفوضى التي كادت تعصف بالمنطقة. أدركت القيادة السعودية مبكرًا أن التغيير غير المنضبط قد يؤدي إلى انهيار الدول بدل إصلاحها.
واليوم، عبر **رؤية السعودية 2030**، تعمل المملكة على تغيير الواقع العربي عبر الاقتصاد والثقافة والاستثمار، لا عبر الصراع والخطابات. إنها تسعى لتكون نموذجًا يحتذى به في الإصلاح الهادئ والمتدرج.
التحديات أمام المشروع السعودي
نجاح السعودية في توحيد الصف العربي لن يكون سهلًا، فهناك **عوائق سياسية ومنافسات إقليمية** لا يمكن تجاهلها. بعض القوى الكبرى ترى في صعود الرياض تهديدًا لمصالحها التقليدية في المنطقة، وبعض الدول العربية ما زالت أسيرة خلافات قديمة.
ومع ذلك، تُظهر المملكة **قدرة استثنائية على الصبر والمناورة السياسية**، مستفيدة من ثقلها الاقتصادي والديني والجغرافي لتجاوز هذه العقبات.
مستقبل مشرق... وإشارات مبشرة
برغم التحديات، المؤشرات تدل على أن السعودية تسير بخطى ثابتة نحو إعادة صياغة الواقع العربي. مواقفها الداعمة للاستقرار، ومساعيها لاحتواء الأزمات في اليمن وسوريا والسودان ولبنان، كلها تؤكد أن **الرياض تعمل بصمت من أجل بناء شرق أوسط أكثر تماسكًا**.
ومع رؤية طموحة وقيادة شابة، يبدو أن السعودية بدأت فعلًا في **تغيير قواعد اللعبة** لصالح استقرار المنطقة وازدهارها.
السعودية اليوم ليست مجرد دولة مركزية في الخليج، بل **ركيزة في بناء مستقبل العرب**. تمتلك المقومات السياسية والاقتصادية والثقافية لتكون قوة تغيير إيجابية، تقود المنطقة نحو نهضة جديدة قائمة على التعاون لا الصراع.
ويبقى السؤال مطروحًا:
هل تفعلها السعودية وتغير واقع العرب؟
الجواب يبدو أقرب إلى **نعم** — فالمعطيات تقول إن السعودية بدأت بالفعل مرحلة التحوّل الكبرى.
Read More