
دور دول الخليج العربي: حصانة الموقف وعطاء لا ينضب في قضايا الأمة
لا يمكن لأي متابع عاقل أو منصف أن ينكر الدور المحوري والإيجابي الذي قامت به، وما زالت تقوم به، دول الخليج العربي منذ نشأتها. هذه الدول ذات السيادة كان لها بصمات واضحة في أبرز الأحداث التي مرت بها الأمة على مر التاريخ.
قد تختلف مع سياسات الإمارات أو السعودية أو قطر أو الكويت أو عمان أو البحرين، إلا أن واقع الحال يجبرك على الإقرار بأن هذه الدول صاحبة فضل ودور إيجابي كبير على عدد ليس بالقليل من دول العالم.
1. لماذا تتعرض دول الخليج للهجوم؟
إن الهجمات التي تُشن على دول الخليج، أو على بعضها، وتحاول شيطنتها وجعلها مصدرًا للفتن التي أصابت أمتنا، ونعت حكامها بأوصاف سلبية، هي في الحقيقة دليل على نجاح هذه الدول.
وكما يقال في المثل: "لا تُرمى بالحجارة إلا الشجرة المثمرة".
المؤسف أن جل هذه الهجمات تأتي من الأقربين، وممن يجب أن يكونوا في صف الأخوة والدعم. كثير من المهاجمين عاشوا على أرض الخليج، وتمتعوا بخيراتها، وتلقوا دعماً كبيراً منها. إن حياة جزء كبير منهم قامت بفضل الله ثم بفضل دول الخليج العربي التي يهاجمونها الآن، وهذا مثال واضح على الفجر في الخصومة.
نماذج من الهجوم: مصر وفلسطين كأمثلة على نكران الجميل
من الشقيقة الكبرى: غالباً ما يأتي جزء من هذا النقد من جمهورية مصر الحبيبة، الشقيقة الكبرى التي تشترك مع دول الخليج في تاريخ مشرف ومواقف لا يمكن إنكارها. للأسف، يركز بعض ذوي التوجهات المعارضة، وخاصة من يحملون أيديولوجيات غير متوافقة مع خط الاعتدال، على مهاجمة دول الخليج إرضاءً لأجندات خارجية وبحثاً عن مصالحهم الخاصة. لقد نسوا التاريخ المشترك عندما سُمح لهم بالانصهار في خطط التطور والنماء الخليجية، وحين انكشف مسعاهم لتسميم الأجواء، كان طبيعياً إبعادهم.
من أرض فلسطين: تتعرض دول الخليج للنقد أيضاً من بعض الأصوات في فلسطين، بالرغم من الدور الكبير الذي قامت به، وما زالت تقدمه، لدعم القضية الفلسطينية. مع الأسف، يتم تداول هذا النقد على المنابر ومنصات التواصل الاجتماعي، وهو أمر غير منصف. إن أي خطوة تطبيعية لبعض الدول الخليجية هي شأن خاص يدخل في باب البحث عن المصالح والمنافع السياسية، وهو لن يضر عدالة القضية الفلسطينية أو التمسك بحق الشعب الفلسطيني في وطن مستقل.
2. التحدي الإقليمي: مواجهة التوغل والنفوذ الخارجي
لم تسلم دول الخليج العربي من نيران الحقد الإيراني، الذي توغل في دول عربية مثل العراق، اليمن ولبنان.
لقد لعب نظام الملالي بذكاء على الوتر المذهبي والعقائدي، مما أضر بهذه الدول من الداخل وأشعل الصراعات فيها. كان دور دول الخليج العربي يتمثل دائماً في:
تقريب القلوب والآراء بين الأشقاء.
التركيز على اللحمة الوطنية والتعاون الداخلي.
إخراج الدخلاء من المشهد الداخلي لتلك الدول.
بالرغم من قوة التوغل الإيراني، إلا أنه لم يكن مستحيلاً. نحن نشهد اليوم الكثير من التغيير في المشهد الداخلي في لبنان والعراق، وسيأتي الدور على اليمن. الهدف هو أن تعود هذه الدول إلى الفكر المعتدل والمحب لكل ما هو عربي ومسلم، رافضة أي إملاءات أو تعليمات تأتيها من الخارج.
3. درس القوة والمصلحة: كيف غيَّر الخليج سياساته
منذ تأسيسها، سارت دول الخليج على سياسات تركز على التطور، النماء، والنأي بالنفس عن المشاكل والحروب، حفاظاً على مكتسباتها. هذا النجاح جعلها للأسف مطمعاً للكثيرين.
مشكلة القوة العسكرية: أصبحت دول الخليج تُرى أحياناً على أنها دول غنية وضعيفة عسكرياً يمكن ابتزازها واستغلالها للحصول على مكاسب، خاصة في ظل غياب رؤية موحدة وآليات تعاون مشتركة شاملة.
الصدمة التاريخية: حتى العراق، التي تلقت دعماً خليجياً كبيراً في حربها مع إيران، غدرت بالكويت بغزو مفاجئ، مما أدى إلى نتائج كارثية على جميع الأطراف.
تغيير السياسة نحو الكرم المشروط
كان الكرم والجود والعطاء جزءاً أصيلاً من عادات وتقاليد دول الخليج. لكن هذا الكرم اصطدم مرات عديدة بنكران الجميل والغيرة من بعض الحكومات والشعوب، وحتى من دول عالمية حاولت استغلال الثروة الخليجية لتمويل أجندات خاصة.
في عالم اليوم، حيث لا يعترف اللاعبون الدوليون إلا بالقوة والمال، بدأت دول الخليج تفهم الدرس:
تغيير سياسة العطاء: أصبح العطاء والمساعدات للدول التي تحتاج بالفعل والتي لن تتسبب في معاداة الخليج لاحقاً.
التعامل بحذر: التعامل مع الأطراف التي يخشى منها الغدر والخيانة أصبح وفق ضوابط وحدود صارمة.
الخاتمة: طريق الاكتفاء الذاتي والمستقبل المشرق
لقد فهمت دول الخليج العربي الدرس وبدأت في تغيير سياساتها والبحث عن حلفاء أقوياء تبنى العلاقات معهم على التطوير وتقوية الذات وتبادل المنافع، وليس على المصالح الأحادية كما كانت العلاقة مع بعض القوى الغربية.
يكفي دول الخليج فخراً أنها الكيان المتحد الوحيد الثابت في المنطقة، رغم الظروف الأخيرة التي حاولت زعزعة صفوه. الآن، وبعد انكشاف الأقنعة، أصبح لزاماً على المنظومة الخليجية العمل على:
وحدة شاملة في شتى المجالات.
تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل القطاعات الحيوية.
دول الخليج قادرة، بمساعدة الأشقاء والأصدقاء، على الحفاظ على أمنها وتعزيز موقعها كقوة إقليمية وعالمية ذات تأثير.