
طوفان الأقصى… تساؤلات مشروعة بعد هدنة قصيرة
بسم الله الرحمن الرحيم
نسأل الله الرحمة والمغفرة لشهداء فلسطين في غزة والضفة وكل بقاع أمّتنا الموجوعة، وأن يرزق أهلها الصبر والنصر والفرج القريب.
خلف المشهد: هدنة مؤقّتة وسط مشهدٍ متقلّب
بعد أسابيع من المواجهات والعمليات العسكرية المتبادلة، انتهت المواجهة الأولى المؤلمة باتفاق هدنة برعاية وساطة إقليمية ودولية. لكنّ الهدنة لم تطوِ كلّ الأسئلة، بل خلّفت جملة من التساؤلات المشروعة حول ما جرى وما ينتظر المنطقة في الأيام المقبلة.
أين اختفى خطاب الحسم الإسرائيلي؟
قبل التهدئة بدا الخطاب الإسرائيلي متشدّداً يزعم القضاء على حركة المقاومة وتحقيق «أمر واقع» جديد في غزة. السؤال البسيط والضروري: أين ذهبت هذه الخطابات الآن؟ هل تغيّرت المعطيات ميدانياً وسياسياً أم أن الحسابات الإقليمية والدولية أعادت رسم خرائط الخيارات؟ وهل ستستمرّ تهديدات بعض المسؤولين بعد انتهاء وقت الهدنة؟
هل ستُستخدم الهدنة لإعادة التموضع؟
من جهة أخرى يتساءل المراقبون عما إذا كانت الهدنة ستمنح الاحتلال فرصة لتشديد سياساته لاحقًا أو لتنفيذ خطط بديلة، كسياسات تهجير أو تغيير ديموغرافي، أم أنها ستكون بداية لتهدئة طويلة تُبنى على آليات حماية مدنية وإدخال مساعدات وإنهاء حالة الحصار عن المدنيين؟
موقف القيادة الإسرائيلية والمسؤولية الداخلية
الإحراج الذي لحق بقيادة الاحتلال بعد اختراقاتٍ أظهرت ثغرات أمنية جعلت الحكومة في موقفٍ حرج أمام مواطنيها. كيف ستُعالج هذه الخسارة الرمزية؟ هل ستعود الثقة إلى منظومة الأمن بعد أي عملية عسكرية مستقبلية أم أن الشكّ والقلق سيزيدان من الضغوط الداخلية؟
دور الفصائل الفلسطينية وإدارة المرحلة القادمة
من جانب الفصائل: هل ثبّتت هذه الجولة مواقفها الاستراتيجية أم ستعيد تقييم طرق العمل والمواجهة؟ وهل يجري التفكير بتمديد الهدنة لإتاحة مساحات إنسانية لإدخال الإغاثة وإعادة الإعمار الجزئي ودفن الضحايا، أم أن الميدان سيبقى عرضة لتصعيد متكرر؟
موقع الدول الإقليمية والدولية: دعم أم إدارة أزمات؟
بدا واضحًا أن دولًا عدة لعبت أدوارًا دبلوماسية وإنسانية لتثبيت الهدنة؛ فهل سيستمر هذا الدور بنفس الفاعلية؟ وهل ستتضامن شعوب وديمقراطيات غربية مع الدعوات الإنسانية أم سيخفّ صداها بمرور الوقت؟ وبأي شكل يمكن للمجتمع الدولي أن يساهم بآليات حماية فعّالة للمدنيين؟
محور المقاومة—التحالفات والاعتماد الخارجي
طرح البعض علاقة الفصائل بداعمين إقليميين كإيران وتساؤلات عن مدى الاعتماد على الدعم الخارجي وتأثيره في سياسات الفصائل وتوجهاتها. السؤال هنا: كيف يمكن للفصائل أن توازن بين دعم حيوي يُقدَّم لها، وبين الحفاظ على استقلالية القرار الوطني والمصلحة الفلسطينية؟
ثمن المعركة: حماية المدنيين وسُبل المعالجة الإنسانية
أكبر تساؤل إنساني يبقى حول كيفية حماية المدنيين وفتح ممرّات آمنة لإدخال المساعدات وإجلاء الحالات الطارئة، إضافة إلى آليات محاسبة وشفافية في توثيق الانتهاكات والعمل على إعادة السكان إلى منازلهم بأمان حين تسمح الظروف.
خاتمة: أسئلة مفتوحة ومسؤولية مشتركة
طوفان الأقصى فتح باب تساؤلاتٍ مشروعة عن مسارات الصراع القادمة، وعن موازين القوى السياسية والعسكرية والدبلوماسية. المطلوب الآن حكمة قيادة فلسطينية موحّدة، دور إقليمي فاعل ومسؤولية دولية حقيقية لحماية المدنيين وتهيئة شروط حلٍّ يعيد الحقوق ويضمن استقرارًا طويل الأمد. يبقى الأمل معقودًا على تضامن الوجدان الإنساني حول قضية عادلة تطالب بالكرامة والحق.