
الحسابات الوهمية على منصة X: من كشفها؟ وكيف استُخدمت لمهاجمة السعودية والدول العربية؟
في التحديث الأخير لمنصة X (تويتر سابقًا)، برزت واحدة من أهم عمليات “تنظيف المحتوى” منذ سنوات، حيث قام النظام الجديد بتعقب وإيقاف آلاف الحسابات الوهمية وشبه الآلية (Bots & Fake Networks)، والتي كانت تُستخدم في حملاتٍ منظمة ضد عدد من الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
هذا الكشف أثار نقاشًا واسعًا حول حجم التدخل الخارجي في تشكيل الرأي العام العربي، وحول الأدوات التي كانت تُستخدم لتوجيه الجماهير ودفعهم إلى مواقف محددة دون وعي منهم.
الوقفة الأولى: كيف كشف التحديث الأخير في X هذه الشبكات؟
جاء التحديث الأخير ليركّز على 3 معايير حسّاسة:
-
تحديد الأنماط المكرَّرة في التغريدات: الحسابات التي تُغرد بنفس الجمل أو الهاشتاقات خلال ثوانٍ قليلة.
-
التحقق من صحة بيانات الحسابات: الكثير منها يستخدم صورًا مسروقة أو معلومات عامة غير منطقية.
-
التعرّف على النشاط غير البشري: مثل التغريد على مدار الـ24 ساعة، أو الردود التلقائية السريعة.
هذه المعايير أدت إلى إغلاق موجة كبيرة من الحسابات التي تبين لاحقًا أنها ليست أفرادًا حقيقيين بل أدوات موجهة.
الوقفة الثانية: لماذا كانت السعودية هدفًا رئيسيًا؟
تظهر التحليلات أن الهجمات الرقمية على السعودية كانت تتم لأسباب مختلفة، أهمها:
1. تأثير السعودية الإقليمي المتنامي
صعودها الاقتصادي والسياسي يجعلها هدفًا لكل من يحاول التأثير على مراكز القوة في المنطقة.
2. محاولة ضرب الثقة الداخلية
الحملات الوهمية كانت تركز على:
-
بث الإحباط.
-
تهويل المشكلات الصغيرة.
-
خلق انطباع بوجود رفض داخلي واسع، رغم أن الحسابات نفسها ليست سعودية أصلًا.
3. محاولات توجيه الرأي العربي ضد الخليج
إشعال خلافات بين الدول العربية، ونشر رسائل طائفية أو قومية مزيفة.
الوقفة الثالثة: الأساليب المستخدمة في الهجمات
الحسابات الوهمية لا تعمل بشكل عشوائي، بل باتباع استراتيجيات واضحة، منها:
1. التحريض العاطفي
نشر تغريدات مصممة لإثارة الغضب الشعبي باستخدام كلمات حادة وصور مفتعلة.
2. صناعة الترند الوهمي
رفع هاشتاقات ضد دولة معينة عبر آلاف التغريدات المزيفة.
3. انتحال الهوية
حسابات تدّعي أنها:
-
مواطنون من داخل السعودية أو الخليج،
-
أو صحفيون،
-
أو “معارضون مجهولون”.
والهدف إعطاء مصداقية مزيفة للرسالة.
4. نشر الإشاعات قبل الأحداث الكبرى
مثل القمم السياسية، أو الأزمات الاقتصادية، أو القرارات الحكومية.
الوقفة الرابعة: من يقف خلف هذه الشبكات؟
رغم صعوبة تحديد الجهات بدقة، إلا أن التحليلات تشير إلى ثلاث فئات رئيسية:
-
جماعات أيديولوجية تسعى لضرب استقرار الدول الخليجية.
-
أطراف خارجية تستخدم التكنولوجيا لإضعاف تأثير السعودية في المنطقة.
-
جيوش إلكترونية مدفوعة تعمل لصالح أحزاب أو دول تتصارع على النفوذ.
الوقفة الخامسة: أثر الحسابات الوهمية على المجتمعات العربية
وجود هذه الحسابات تسبب في:
-
نشر خطاب الكراهية،
-
خلق انطباع مضلّل عن الواقع،
-
تقليل الثقة في المؤسسات،
-
إشعال الفتن بين الشعوب العربية.
والأخطر من ذلك أنها تتلاعب بالعقل الجمعي من خلف الستار.
الوقفة السادسة: ماذا بعد كشف التحديث الأخير؟
الكشف لا يعني انتهاء الظاهرة، لكنه خطوة مهمة. ويبقى السؤال:
هل يستطيع المستخدم العربي التمييز بين الرأي الحقيقي والحساب المصنوع؟
وهل لدينا الوعي الكافي لفهم أن بعض “الضجيج الإلكتروني” ليس إلا أصواتًا تأتي من غرف مظلمة عبر روبوتات صامتة؟
فقرة حوارية ختامية للنقاش
يبقى السؤال الأهم الذي يحتاج إلى نقاش واسع:
إلى أي مدى شكلت الحسابات الوهمية وعي المجتمعات العربية دون أن تشعر؟
وهل نحن أمام مرحلة جديدة يجب فيها إعادة تقييم ما نقرأه ونشاركه على منصات التواصل؟
وما مسؤولية الأفراد والإعلام والحكومات في بناء فضاء رقمي نظيف لا تتحكم فيه “خوارزميات مموّلة” ولا “جيوش إلكترونية تعمل بالظل”؟
.png)


.png)
