الجمعة، 7 أبريل 2023

Published أبريل 07, 2023 by with 0 comment

مجلس الشورى العماني: شفافية مُشرفة.. ولكن هل تتحقق النتائج؟

 

مجلس الشورى العماني: شفافية مُشرفة.. ولكن هل تتحقق النتائج؟


لفتت جلسة حديثة لمجلس الشورى العماني الأنظار، حيث خُصصت لمناقشة أداء وزارة النقل والاتصالات، وهي وزارة حيوية تمس البنية التحتية وقطاع الاتصالات والتقنية في السلطنة.

ما ميّز هذه الجلسة هو المستوى العالي من الشفافية والجرأة في الطرح، وهو ما يطرح سؤالاً جوهرياً: هل تقود هذه النقاشات الساخنة إلى نتائج ملموسة؟


مشهد برلماني نادر: محاسبة بلا مجاملة

تميزت الجلسة بأجواء ساخنة وحوار ناضج من أعضاء المجلس، الذين تحدثوا بلسان المواطنين وعرضوا معاناتهم بوضوح. هذه الممارسة تمثل جوهر العمل البرلماني الذي ينتظره الشعب ممن انتخبهم.

  • شفافية كاملة: تم بث الجلسة مباشرة، مما أتاح للجميع رؤية النقد المباشر والأسئلة الدقيقة.

  • نقد بلا نفاق: غابت المجاملات، وتم توجيه الأسئلة وانتظار الردود والتعقيب عليها بجدية.

  • تمثيل حقيقي: أظهر الأعضاء أنهم يحملون هموم المواطنين، ويقدمونها على أي اعتبار آخر.



الوزير في مواجهة إرث ثقيل

في المقابل، حاول وزير النقل الرد على الاستفسارات، لكن الردود لم تكن كافية لعمق المشاكل المطروحة. والإنصاف يتطلب الإشارة إلى أن اللوم لا يقع كاملاً على الوزير الحالي.

لقد ورث الوزير تركة ثقيلة من سلفه، تشمل:

  • ملاحظات وانتقادات متراكمة.

  • وعود لم تُنجز.

  • مشاريع وخُطط صُرفت ميزانياتها ومناقصاتها لكنها لم تُستكمل أو لم تبدأ أصلاً.

لذلك، يواجه الوزير الحالي تحدياً مزدوجاً: المحاسبة على ما تم في فترته، والسعي لحل الملفات العالقة من الماضي.


المسؤول بين خيارين: الضمير أم المصلحة؟

ما حدث في عمان ليس استثناءً، بل هو انعكاس لـ "شرخ كبير" تعاني منه أغلب البلدان العربية. عملية الإصلاح تتطلب تضافر جهود الجميع، لأن ترك المسؤولية على فئة معينة دون دعم أو محاسبة لن يؤدي إلا إلى تفاقم المعاناة.

عندما يتولى أي إنسان منصباً "بالخيط والمخيط"، فإنه يقع بين خيارين:

  1. النوع النادر (صاحب الضمير): يُحسن أداء واجبه ويراقب الله في عمله، مُخلصاً لوطنه وللناس الذين وثقوا به. هذا النوع، بكل صراحة، نادر جداً في وقتنا الحالي.

  2. النوع السائد (الباحث عن المصلحة): يتقاعس عن الإنجاز، ويفكر في نفسه ومصالح جماعته. يبدأ بجمع الثروة وتقريب المقربين منه، مُبعداً الكفاءات وأصحاب الأفكار التطويرية، وكأن الدولة "إرث" شخصي له.


السؤال الأهم: هل تكون "سحابة صيف عابرة"؟

إن بث الجلسة، وقوة النقاش، وتوجيه "السهام" نحو الوزير، كلها مؤشرات "صحية جداً" تستحق الإشادة. الوضوح والشفافية والاعتراف بالخطأ هي سر النجاح.

ولكن، الأمل الأكبر هو أن تكون هذه الانتقادات والملاحظات مستمرة، وألا تكون "سحابة صيف عابرة" تنتهي بانتهاء الجلسة.

التحدي الحقيقي: إذا لم يتم اتخاذ إجراءات بخصوص ما طُرح، سيكون الوضع "محبطاً ومدمراً" للشعب الذي يعاني وينتظر. سيعود التشكيك في دور المجلس، كما هو حاصل في أغلب البرلمانات العربية، حيث يعلم الجميع أن الملفات "تُركن على الأرفف" بعد انتهاء الاجتماعات.

 

لماذا يخفت حماس المسؤولين الجدد؟

من الملاحظات المتكررة أن العديد من أصحاب القرار يدخلون مناصبهم بحماس وقوة، ويطلقون الوعود ويعيدون الأمل للناس. ولكن ما أن تمر فترة، حتى "يخفت توهجهم" ويتراجعون عن وعودهم، ولا يبقى لهم سوى اللقب الرسمي.

السبب غالباً يكمن في البيئة الداخلية للوزارات والمؤسسات:

  • الطاقم القديم: المسؤول الجديد يرث نفس الطاقم الذي عاصر من قبله وتشرب أفكاره.

  • مقاومة التغيير: إن كان الفريق معتاداً على الإهمال والتسيب، فإنه سيقاوم أي محاولة للتغيير وفرض السيطرة.

  • الضغط الداخلي: يواجه المدير الجديد "عصابات" وعراقيل تضعه في حيرة: إما التنازل، أو الاستمرار في التغيير وتحمل العواقب.


بصمة "ولي الأمر": الضوء الأخضر للحرية

إن كل هذه الحرية والانطلاق في الطرح من أعضاء المجلس لم تأتِ من فراغ. إنها نتاج "تعليمات سامية" من حاكم البلاد وسلطانها.

من الواضح وجود دعم وتوجيه من "ولي الأمر" للاهتمام بمصالح الناس ومحاسبة المقصرين. لولا هذا الدعم، لما استطاع هؤلاء الأعضاء الحديث بهذه القوة والحرية.

ففي تجارب عربية أخرى، كل من يصدح بالحق ويحاول الانتفاض على الفساد (ولو بالكلمة) يُحارب ويُطرد ويُسجن. هذا الدعم الأعلى هو الضمانة الحقيقية لاستمرار المساءلة.


خاتمة: النزاهة طريق الإصلاح

نسأل الله أن يُصلح كل من تولى مسؤولية في بلده، وأن يجعله ساعياً للخير، منفذاً لقراراته بلا تهاون. إن جلسة مجلس الشورى العماني خطوة إيجابية، لكن العبرة دائماً بالنتائج وليس ببلاغة النقاش.

Read More
    email this