
شعوب إسلامية منسيّة بين ظهراني الأقوام الأخرى… لماذا تُمحى هويّتها؟ ولماذا صمت العالم الإسلامي؟
في زوايا بعيدة من الجغرافيا، وفي مناطق لا يتردد اسمها في نشرات الأخبار ولا على ألسنة الدعاة والخطباء، توجد شعوب إسلامية كاملة تعيش واقعًا بالغ القسوة: محاولة منهجية لطمس الهوية، محو اللغة، تفكيك الثقافة، ومنع أي شكل من أشكال الوجود الإسلامي الطبيعي.
هذه الشعوب ليست مجرد مجموعات صغيرة؛ إنها عُمق تاريخي وأصوات ثقافية طُمست عمدًا حتى أصبح كثير من المسلمين لا يعرفون عنها شيئًا.
1. الروهينغا… محنة جيل كامل
الروهينغا في ميانمار أحد أبرز الأمثلة في العصر الحديث.
شعبٌ بلا جنسية، بلا اعتراف، بلا حماية.
منذ عقود تُمارَس عليهم سياسات:
-
التجريد من الوثائق
-
منع الزواج والتنقل
-
الحرق المنهجي للقرى
-
طرد مئات الآلاف بالقوة نحو بنغلاديش
ورغم قسوة المأساة، بقيت القضية موسمية. تُذكر عندما يحدث قتل جماعي، ثم تختفي من الوعي العام.
لماذا؟
لأن الروهينغا يعيشون في منطقة محرومة من النفوذ الإسلامي السياسي والإعلامي؛ فلا توجد دولة إسلامية قوية قريبة تدافع عنهم.
2. الباشكير والتتار وشعوب روسيا الإسلامية… صراع بطيء وممنهج
في قلب روسيا، حيث تمتد أراضي الباشكير والتتار والشيشان وداغستان، يعيش ملايين المسلمين تحت ضغط ثقافي رهيب.
ليس الأمر قتلًا جماعيًا كالروهينغا، بل هو طمس بطيء:
-
فرض اللغة الروسية على حساب لغاتهم
-
اختراق الهوية الدينية عبر مشاريع حكومية
-
تصوير الإسلام كخطر
-
إعادة تشكيل الخطاب الديني تحت رقابة مباشرة
إنهم شعوب كاملة جرى "تدجينها" ثقافيًا بحيث يصبح الانتماء الإسلامي مجرد خلفية تراثية، لا هوية حية.
3. الإيغور… المثال الأكثر وضوحًا للطمس الممنهج
في الصين يتعرض الإيغور لسياسات هي الأقسى عالميًا:
-
معسكرات إعادة تعليم
-
منع الحجاب والصلاة والصوم
-
فصل الأطفال عن أهاليهم
-
هندسة سكانية لتغيير التركيبة الديموغرافية
ورغم هول الكارثة، يعيش المسلمون حول العالم حالة صمت، إلا من بيانات مستهلكة لا تغيّر شيئًا.
4. لماذا ينسى العالم الإسلامي هؤلاء؟
أولًا: ضعف البوصلة الجيوسياسية
العالم الإسلامي اليوم مستغرق في أزماته الداخلية:
-
حروب
-
انقسامات سياسية
-
اقتصادات منهكة
وبالتالي، تصبح قضايا الأقليات الإسلامية الضعيفة "ترفًا سياسيًا" مقابل ملفات ساخنة داخلية.
ثانيًا: غياب النفوذ الإعلامي
المنصات المؤثرة التي تصنع الرأي العام ليست عربية ولا إسلامية، ولهذا لا تُسلّط الضوء إلا على ما يخدم مصالح القوى الكبرى.
أما الشعوب المسلمة الصغيرة، فتُترك للنسيان.
ثالثًا: تحالفات وصمت دبلوماسي
العديد من الدول الإسلامية تربطها مصالح اقتصادية مع الدول التي تضطهد الأقليات الإسلامية:
-
الصين
-
روسيا
-
الهند
-
ميانمار
لذلك تُفضل أن تبقى صامتة كي لا تخسر هذه العلاقات.
رابعًا: تأثير التغريب
نعم… التغريب أحد الأسباب الأساسية.
فقد تم دفع جزء من العالم الإسلامي إلى أولوية القضايا المدنية الغربية بدلًا من قضايا الأمة، فأصبح الحديث عن هوية المسلمين أو الأقليات “رجعية” أو “غير مهمة”، بينما تُرفع أصوات هائلة لمواضيع أخرى يحددها الغرب.
وأصبح المسلم المعاصر يعيش حالة "انفصال شعوري" عن قضايا أمته، وكأن الإيغور والروهينغا والباشكير لا علاقة لهم به.
5. هل المشكلة في الشعوب أم في الأنظمة؟
الحقيقة خليط من الاثنين:
-
الأنظمة لا تُعطي اهتمامًا حقيقيًا بسبب المصالح.
-
الشعوب نفسها أصبحت مشدودة للقضايا الأكثر انتشارًا إعلاميًا.
وبذلك يختفي صوت الأقليات الإسلامية بين صفوف الأقوى إعلاميًا وسياسيًا.
6. كيف يعاد الاعتبار لهذه الشعوب؟
الأمر ليس مستحيلًا، بل يحتاج:
-
وعيًا عامًا يتجاوز الإعلام الرسمي.
-
مشاريع ثقافية وإعلامية تعرف بهذه الشعوب وتعيدها للواجهة.
-
تحركات شعبية تضغط على الحكومات الإسلامية لفتح ملفاتهم دوليًا.
-
استراتيجية أممية إسلامية لحماية الأقليات، كما تفعل الأمم الأخرى مع شعوبها.
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا