
معركة بيت جن: حين واجه المدنيّون السوريون القوات الإسرائيلية وحدهم
شهدت قرية بيت جن الواقعة على بعد 40 كيلومتراً فقط من العاصمة دمشق واحدة من أعنف المواجهات بين السكان المحليين والقوات الإسرائيلية منذ سنوات. ما حدث لم يكن اشتباكاً محدوداً، بل تحوّل إلى معركة كاملة خاضها المدنيون السوريون بأسلحة خفيفة، في ظل غياب واضح للجيش السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع.
أولاً: بداية الاقتحام
توغل مفاجئ داخل القرية
مع فجر يوم الجمعة، فوجئ سكان بيت جن بقوات إسرائيلية تقتحم بيوتهم، وتعتقل عدداً من الشباب، وتنفّذ عمليات تفتيش وخطف وقتل داخل مناطق سكنية قريبة جداً من القلب السياسي والعسكري لسوريا.
اعتياد على التوغلات… حتى لحظة الانفجار
اعتقد السكان في البداية أنّه تكرار لعمليات التسلل التي تصاعدت بعد احتلال جبل الشيخ ومحيط القرية. لكن المفاجأة وقعت عندما بادر أحد الشبان بإطلاق النار على القوات الإسرائيلية داخل بيته، لتندلع بعدها مواجهات مسلحة شاملة.
ثانياً: المعركة داخل الشوارع والبيوت
انتشار الاشتباكات
انتقلت الاشتباكات بسرعة من بيت واحد إلى بيوت عديدة. المدنيون، مستخدمين أسلحة فردية لحماية النفس، أطلقوا النار من:
-
النوافذ
-
الأزقة
-
خلف الأبواب
-
أسطح المنازل
حتى تحولت القرية إلى ساحة حرب كاملة.
خسائر إسرائيلية غير متوقعة
فقدت القوات الإسرائيلية:
-
13 جندياً
-
مدرعة عسكرية كاملة
وكانت هذه الخسائر كافية لأن تتراجع القوات الإسرائيلية في حالة أقرب إلى الفرار، تاركةً معداتها الثقيلة.
التصعيد الجوي
لمنع وقوع المدرعة في يد السكان، استهدفتها الطائرات الإسرائيلية بصواريخ مباشرة. ثم شرعت الطائرات بقصف منازل عديدة داخل القرية، مما أسفر عن:
-
37 ضحية سورية (منهم 13 شهيداً و24 جريحاً على الأقل)
-
عائلات قُتل أفرادها بالكامل
-
مدنيون ما زالوا تحت الأنقاض وفق روايات الأهالي
ثالثاً: الروايات الإسرائيلية المتضاربة
قدّمت إسرائيل أربع روايات مختلفة لتبرير الاقتحام، مما كشف ارتباكاً ملحوظاً:
-
اعتقال عناصر من الجماعة الإسلامية اللبنانية.
-
اعتقال عناصر تابعة لإيران وحزب الله.
-
البحث عن عناصر "الحوثيين" في جنوب سوريا.
-
الادعاء بوجود خلايا تابعة لحماس تعيد تنظيم صفوفها.
تناقض هذه الروايات يعكس — وفق التحليل — أنّ إسرائيل حاولت التغطية على فشل ميداني كبير.
رابعاً: أين كان الجيش السوري؟
صمت عسكري كامل
المسافة بين بيت جن ووزارة الدفاع لا تتجاوز 40 كيلومتراً، ومع ذلك لم تتحرك قوات أحمد الشرع لإنقاذ السكان.
تفسير القيادة السورية
تصريحات رسمية لاحقة أوضحت أن:
-
الرد على إسرائيل سيكون دبلوماسياً فقط.
-
القدرات العسكرية السورية الحالية "أضعف بكثير" من الجيش الإسرائيلي.
-
إسرائيل "تحاول جرّ سوريا إلى مواجهة مباشرة" لاحتلال مزيد من الأراضي.
بالتالي اكتفت الحكومة بإرسال قوات الدفاع المدني بعد انتهاء القصف فقط.
خامساً: ما الذي تريده إسرائيل من جنوب سوريا؟
وفق التحليلات السياسية، تسعى إسرائيل إلى:
-
الحفاظ على احتلال الجولان وجبل الشيخ.
-
إضافة "منطقة عازلة" داخل العمق السوري.
-
نزع السلاح من الجنوب بالكامل.
-
فرض وضع خاص بالدروز تحت حماية إسرائيلية.
مما يعني — بحسب مراقبين — عزل جنوب سوريا عن الدولة المركزية.
سادساً: معركة درعا – سوابق مشابهة
قبل معركة بيت جن، شهدت درعا عام 2025 مواجهة مشابهة، حين حاولت قوة إسرائيلية اقتحام ريف درعا الغربي.
ثلاثة شباب فقط واجهوا قوات إسرائيلية عبر كمين بسيط.
انتهت المعركة باستشهاد اثنين وإصابة الثالث، دون أي تدخل من الجيش السوري.
سابعاً: شهادة جندي إسرائيلي
في مقابلة مع صحيفة إسرائيل هيوم، ذكر جندي شارك في العملية تفاصيل تؤكد الرواية السورية:
-
المهمة كانت تبدأ باعتقال عناصر فقط.
-
خلال 8 دقائق اعتُقل أول مطلوب "دون إطلاق نار".
-
بعدها تفجرت الاشتباكات من خمسة منازل في وقت واحد.
-
امتدت المعركة ساعة وأربعين دقيقة.
-
الطيران لم يستطع التدخل بسبب وجود جنود إسرائيليين داخل البيوت.
-
في النهاية انسحبت القوة وتركت مدرعتها، التي دمرها الطيران لاحقاً.
ثامناً: نتائج المواجهة ومعناها
ماذا تعكس هذه الأحداث؟
-
فقدان ثقة الشعب السوري بجيشه الجديد
-
تصاعد المقاومة الشعبية للتوغلات الإسرائيلية
-
تآكل الردع الإسرائيلي في جنوب سوريا
-
اشتداد التوتر بين نتنياهو والقيادة السورية
خلاصة عامة
معركة بيت جن ليست حدثاً معزولاً؛ إنها مؤشر على بداية مرحلة جديدة عنوانها:
الشعب السوري يواجه إسرائيل بنفسه، في غياب الدولة.
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا