تحليل استراتيجي: الأسباب الداخلية والخارجية لتفاقم الأزمات في العالم الإسلامي
ليس رفضاً لقضاء الله وقدره، بل هو تساؤل مشروع يطرح نفسه بإلحاح: لماذا تُعد الدول والشعوب الإسلامية الأكثر عرضة للصراعات، والأكثر تضرراً من حيث عدد الضحايا وحجم الخراب والدمار الذي يحل بمدنها؟
من فلسطين إلى العراق والسودان، ومن ليبيا إلى أفغانستان وميانمار، تشترك هذه الدول في كونها دولاً ذات غالبية مسلمة، تؤمن بمبادئ واحدة وتواجه تحديات متشابهة.
التساؤل الوجودي: لماذا نحن في قلب العواصف؟
ما الذي يجعل بلداننا وشعوبنا أكثر عرضة للخطر من غيرها؟ سؤال تتعدد إجاباته، ويمكن وضع اليد على جرحين رئيسيين يثقلان جسد الأمة:
كثرة الأرواح المزهقة وكثرة الخراب الذي يحل بالمدن.
الاستغلال الواضح لمواردها وتصاعد المؤامرات التي لا تستهدف الأشخاص فقط، بل تسعى لضرب ثوابت الهوية.
العوامل الخارجية: التنافس الجيوسياسي وتأثير القوى العالمية
الإجابة تبدأ بالصراع المستمر الذي يواجهه أتباع الدين الحق. لطالما كان الإسلام هدفاً لأعدائه منذ البداية. في عصرنا الحديث، يتركز التحدي في:
التحدي الأمني والإقليمي: تصاعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وارتفاع وتيرة العنف الذي يمارس على أساس الهوية، بدعم من قوى غربية ترى في أمن إسرائيل أولوية قصوى.
التنافس على النفوذ: ظهرت قوى إقليمية جديدة تسعى للتوسع في النفوذ الجيوسياسي (كإيران)، مغلفة أهدافها بتوجهات تبدو إسلامية في ظاهرها. هذا التنافس الطائفي أضعف من استقرار الدول وساهم في تأجيج الصراعات الداخلية.
التبعية للغرب: الدعم السياسي والمالي غير المحدود من القوى الغربية، التي تديرها ضغوطات نافذة ومصالح مزدوجة، مما يضع الدول الإسلامية تحت ضغط مستمر.
الأسباب الداخلية: التشرذم وضعف القرار المستقل
من أهم الأسباب التي جعلت الدول الإسلامية هدفاً سهلاً هو ضعفنا الداخلي:
التشرذم والانقسام: تفرقنا إلى جماعات وأحزاب وتيارات، ينشغل بعضها بقتال بعض وتكفير بعض، متناسين أنهم إخوة في الدين والملة. هذا التشرذم سهل على الأعداء اختصار الوقت والجهد للسيطرة على الأراضي الإستراتيجية.
اختراق القرار السيادي: التلاعب ببعض الشخصيات النافذة والقيادات السياسية، ودفعهم لتولي زمام الأمور أو إدارتهم وتوجيههم وفق أجندات خارجية، مما يضعف القرار الوطني المستقل.
الخلافات المدمرة: التبرؤ من الأخ المخالف في الرأي والتحالف ضده. ونجد مثالاً واضحاً في الصراع الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس، الذي أضعف الموقف الفلسطيني الموحد.
الفرصة الأخيرة: دور الشعوب في التغيير الإيجابي
هناك ظاهرة سلبية تحتاج إلى معالجة، وهي السلبية الكبيرة لدى الشعوب العربية، التي تظهر ضعفاً وخوفاً على أرض الواقع، رغم غضبها عبر المنصات الاجتماعية.
في الوقت الذي تخرج فيه الشعوب الغربية لتعبر عن رأيها بثبات، نجد أن السلبية المفرطة في مجتمعاتنا هي ما يبقي الوضع على ما هو عليه. يجب أن يدرك الجميع أن القمع والتضييق لا يمكن أن يستمرا حين يظهر الشعب بأكمله ويقف وقفة واعية ومسؤولة، تعترض وتطالب بالحقوق دون تخريب لمقدرات الوطن.
كما قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:
هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ
يجب علينا استلهام مبادئ ديننا التي أرست قواعد حرية الرأي والتعبير، والتحرك نحو التغيير الإيجابي.
.png)
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا