الأربعاء، 26 نوفمبر 2025

Published نوفمبر 26, 2025 by with 0 comment

الإخوان المسلمون: بين الاتهامات الأمريكية والتصنيفات الدولية… هل تقترب الجماعة من آخر مراحل نفوذها؟

الإخوان المسلمون: بين الاتهامات الأمريكية والتصنيفات الدولية… هل تقترب الجماعة من آخر مراحل نفوذها؟

الإخوان المسلمون: بين الاتهامات الأمريكية والتصنيفات الدولية… هل تقترب الجماعة من آخر مراحل نفوذها؟



تجد جماعة الإخوان المسلمين نفسها اليوم أمام واحدة من أعقد لحظات تاريخها الممتد منذ تأسيسها عام 1928. وبينما تتزايد المؤشرات حول اتجاه الولايات المتحدة نحو تصنيف الجماعة “منظمة إرهابية”، تتجدد الأسئلة حول طبيعة الاتهامات الموجّهة إليها، وردة فعلها المتوقعة، والمكاسب والخسائر التي ستترتب على هذه الخطوة، ومدى تأثيرها على مستقبل الجماعة في العالم العربي.

هذا المشهد يستدعي الغوص في جذور الاتهامات، وفهم رموز الجماعة ومنظّريها، وتحليل أثر خطابها عبر عقود.


أولاً: الاتهامات الموجهة للجماعة — لماذا تُتهم بالإرهاب؟

تختلف الاتهامات من دولة لأخرى، لكنها تتمحور غالباً حول أربع نقاط رئيسية:

1. الارتباط بفصائل مسلّحة أو دعم مجموعات عنيفة

بعض الدول التي صنّفت الجماعة تستند إلى اتهامها بإيجاد بيئة فكرية أو لوجستية لفصائل مسلّحة في مصر وغزة وسوريا.
وتقول هذه الدول إن الخطاب العقائدي لبعض التيارات داخل الإخوان شكّل “مظلّة أيديولوجية” لجماعات أخرى، رغم أن الإخوان ينفون رسمياً علاقتهم بأي عمل مسلح خارج إطار المقاومة السياسية.


2. السعي للتمكين السياسي بوسائل غير مشروعة

تتهم دول عدّة الجماعة بتبنّي استراتيجية “التمكين” التي تقوم على اختراق مؤسسات الدولة تمهيداً للسيطرة عليها، خصوصاً خلال فترة ما قبل وبعد الربيع العربي.


3. التحريض الإعلامي والديني

يتهم خصوم الإخوان خطاب بعض الدعاة المرتبطين فكرياً بالجماعة بأنه لعب دوراً في خلق حالة الاستقطاب المجتمعي، أو في تبرير الاحتجاجات والصدامات السياسية.


4. العلاقات التنظيمية عبر الحدود

ترى بعض الدول أن “العالمية” التي تتميز بها الجماعة تُعدّ خطراً على سيادة الدول، لأنها تربط أعضاءها ببنية تنظيمية خارج حدود الدولة، وهو ما اعتبرته أكثر من دولة “تدخلاً سياسياً عابراً للحدود”.


ثانياً: الدول التي صنّفت الجماعة قبل الولايات المتحدة

قبل الحديث عن الخطوة الأمريكية المحتملة، من المهم معرفة أن جماعة الإخوان مصنفة كمنظمة إرهابية في عدة دول أبرزها:

  • مصر: منذ 2013، مع اتهامات بالعنف والتخريب (تنفي الجماعة).

  • السعودية: حظرت الجماعة عام 2014 وصنفتها كتنظيم إرهابي.

  • الإمارات: صنفتها في 2014 ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية.

  • البحرين: سارت في الاتجاه نفسه.

  • روسيا: صنّفت الجماعة في 2003 كتنظيم متطرف.

  • سوريا: منذ ثمانينات القرن الماضي بسبب الصدام مع النظام.

بهذا يصبح التوجه الأمريكي — إن اكتمل — جزءاً من موجة واسعة من القرارات الدولية حول الجماعة.


ثالثاً: ماذا قد تفعل الولايات المتحدة بعد التصنيف؟

في حال مضت واشنطن بالتصنيف، قد تشمل الإجراءات:

1. تجميد أي أصول مالية مرتبطة بالجماعة

حتى إن لم تكن الحسابات باسم “الإخوان” مباشرة، قد تشمل كيانات تُتهم بأنها واجهة لأنشطة الجماعة.

2. ملاحقة أي دعم أو تعامل مالي

قد يُعتبر أي تمويل أو تنسيق نوعاً من “دعم الإرهاب”.

3. تقييد أنشطة المؤسسات الإسلامية المقربة فكرياً

خصوصاً تلك الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا، حتى لو لم تكن مرتبطة تنظيمياً.

4. التأثير على علاقات الجماعة في العالم العربي

قد تستفيد الحكومات التي تصنّف الجماعة من القرار الأمريكي لتضييق أوسع عليها.


رابعاً: ردة فعل الجماعة المتوقعة

من خلال مواقفهم السابقة في مصر وتونس ودول أخرى، يمكن توقع أن تعتمد الجماعة على:

  • الإنكار الكامل لأي ارتباط بالعنف

  • الاستناد للخطاب الحقوقي الدولي باعتبار أن القرار “سياسي”

  • تحويل القرار إلى ورقة لكسب التعاطف الشعبي لدى قطاعات من الجمهور

  • التمسك بالتنظيم الخارجي كمساحة عمل بديلة


خامساً: أبرز قادة الإخوان ومنظّريها وتأثيرهم الفكري

جماعة الإخوان ليست كتلة واحدة، بل تيارات متعددة عبر الزمن.
وهؤلاء أبرز مؤثريها تاريخياً وحديثاً:

1. حسن البنا (المؤسس)

صاغ فكرة “الإسلام الشامل” الذي يجمع الدعوي والسياسي والاجتماعي.
تراثه الفكري كان الأساس للتحولات اللاحقة.

2. سيد قطب (المنظّر الأكثر جدلاً)

أشهر كتبه معالم في الطريق، الذي أثار جدلاً واسعاً.
اتهمه خصوم الجماعة بأنه وفّر قاعدة فكرية للحركات الجهادية، بينما يقول المدافعون إنه كان يطرح قراءة فكرية لا علاقة لها بالعنف.

3. يوسف القرضاوي (أبرز مرجع فكري معاصر — متوفى)

أثر بشكل كبير عبر الإعلام والفقه السياسي المعاصر، وتنتمي إليه آلاف المحاضرات والكتابات.

4. راشد الغنوشي (تونس)

أعاد تقديم فكر الإخوان بطريقة “ديمقراطية” وطرح نموذج الإسلام السياسي البرلماني.

5. طارق السويدان (الكويت)

هو مفكر وداعية إسلامي ذو توجه إصلاحي، ومرتبط فكرياً بمدرسة الإخوان دون أن يُتهم بعنف أو يرتبط بتنظيم مسلح.
أثر عبر الإعلام والتدريب والتنمية البشرية، وله حضور واسع في الخليج.

6. محمود عزت، خيرت الشاطر، محمد بديع (القيادة المصرية)

قادوا التنظيم العام خلال العقود الأخيرة، واتُهموا في مصر بقضايا تتعلق بالعنف والتحريض (بينما ينفي الإخوان هذه الاتهامات).


سادساً: كيف أثّر منظّرو الجماعة في المجتمعات العربية؟

تأثير الإخوان لم يكن محدوداً، بل امتد عبر:

1. الإعلام

من خلال الفضائيات والإذاعات والقنوات الرقمية والخطاب الديني.

2. العمل الخيري

كان أحد مصادر القوة الجماهيرية في مصر والأردن وغزة والسودان.

3. النقابات المهنية

سيطر الإخوان على نقابات مهمة (الأطباء، المهندسين، المعلمين) لسنوات طويلة، مما منحهم نفوذاً اجتماعياً.

4. التعليم والثقافة

أثرت كتب سيد قطب والبنا والغنوشي في أجيال من الشباب، وأصبحت جزءاً من المناهج غير الرسمية في بعض الدول.

5. المعارضة السياسية

في دول عديدة مثل مصر وتونس والمغرب والأردن، كانت الجماعة تمثل المعارضة الأقوى، ما جعلها لاعباً سياسياً محورياً.


سابعاً: هل نحن أمام “بداية النهاية”؟

الإجابة ليست بسيطة.

ما يدعم فكرة النهاية:

  • تضييق دولي وعربي غير مسبوق

  • خسارة الجماعة معظم قواعدها في مصر

  • تفكك تنظيمها في الخليج وشمال إفريقيا

  • فقدان خطابها لجاذبيته القديمة

ما يعاكس ذلك:

  • استمرار نفوذها في الأردن

  • تأثير قوي لحركة حماس في غزة

  • وجود قواعد فكرية في تركيا وماليزيا وشرق أفريقيا

  • شبكة تنظيمية منتشرة يصعب تفكيكها بالكامل


الخلاصة:

الجماعة تمر بأضعف مرحلة منذ تأسيسها…
لكن النهاية ليست محسومة، بل تعتمد على التحولات الإقليمية، وقدرتها على إعادة إنتاج خطاب جديد يتلاءم مع واقع ما بعد 2024.

    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا