#فيديو من #تركيا
— PIC | صـور من التـاريخ (@inpic0) November 26, 2025
طلاب مدرسة ابتدائية في أضنة يقومون بوضع المظلات فوق تمثال أتاتورك حتى لا يبلّله المطر !!!!
مشهد يبدو بسيطًا، لكنه يختصر كيف تُنشَّأ الأجيال في بيئة ما زالت تحمل إرث الكمالية:
أطفال صغار يُطلب يهرعون لحماية تمثال رجل قاد مشروعًا استهدف الهوية الإسلامية في… pic.twitter.com/llaUfCZQB7
أطفال يحمون التمثال… وهويّة تحتاج من يحميها
في إحدى مدارس مدينة أضنة التركية، ظهر مشهد أثار استغراب الكثيرين: طلابٌ صغار يحملون المظلات فوق تمثال مصطفى كمال أتاتورك لحمايته من المطر.
قد يبدو المشهد بسيطًا لأول وهلة، لكنه يفتح بابًا واسعًا لفهم طريقة صناعة الوعي في مجتمعٍ ما زال يحمل في عمقه إرث الكمالية وتقاليدها الممتدة لعقود.
طقوس تتجاوز العمر… وتشكيل مبكر للولاء
ليس من الطبيعي — في بيئة تعليمية يُفترض أن تساعد الطفل على التفكير والنقد والبحث — أن يُعطى الأطفال مهمة حماية تمثال.
فالطفل الذي لم يدرك بعد معنى التاريخ ولا مفهوم الدولة ولا جدل الهوية، يجد نفسه جزءًا من طقوس رمزية تُزرع فيه قبل أن يعي خلفياتها.
هذا النوع من الممارسات يعكس كيف تُنشَّأ الأجيال في أنظمة تتعامل مع الرموز بوصفها مقدسات، لا بوصفها شخصيات تاريخية قابلة للنقد والفهم والمراجعة.
إرث الكمالية… والهوية المُهمَّشة
لا يمكن فصل المشهد عن التاريخ السياسي التركي في بدايات الجمهورية.
عهد أتاتورك شهد إصلاحات كبيرة وجذرية شملت:
تغيير البنية الثقافية للمجتمع،
إعادة صياغة الهوية الوطنية على أسس جديدة،
فرض نموذج صارم من العلمنة،
تقليص التعليم الديني،
وتغيير طبيعة الحضور الإسلامي في المجال العام.
سواء اتُفِق مع هذه الإجراءات أو اختلف معها، إلا أن أثرها بقي حاضرًا، وتحوّلت شخصية أتاتورك إلى "نموذج رسمي" في المخيال العام، تُكرّس له طقوس يومية في المدارس والمؤسسات.
بين التاريخ والتلقين
المشكلة لا تكمن في تدريس التاريخ أو مناقشة إنجازات الشخصيات، بل في تقديم هذه الشخصيات بمعزل عن النقد، وفرض احترامها بطريقة شعائرية لا تتيح للطفل فهم الظروف التاريخية أو رؤية الصورة كاملة.
في الوقت الذي يحتاج فيه الطالب إلى معرفة:
كيف تغيّرت هويته عبر العقود،
لماذا اعتُمدت سياسات لغوية جديدة،
كيف أعيد تشكيل العلاقة بين الدين والدولة،
ولماذا دار صراع طويل حول مكانة الدين في تركيا…
تُختصر العملية التربوية في طقس رمزي: حماية تمثال من المطر.
جيل يحافظ على الرموز… ولا يعرف لماذا
النتيجة ليست غريبة: أجيال تتعامل مع الرموز كما لو كانت مقدسات، لكنّها تفتقر إلى فهم السياق التاريخي والسياسي والثقافي الذي أنتج تلك الرموز.
يتعلم الطفل كيف يرفع المظلة فوق التمثال، لكنه لا يتعلم لماذا اختلفت هوية بلده، وما معنى الصراع بين الكمالية والمحافظة، وكيف تشكلت تركيا الحديثة بين شدّ وجذب.
خاتمة
المشهد ليس مجرد فعل طفولي بريء، بل انعكاس لطريقة تفكيرٍ أعمق:
بدل أن يُمنح الطفل أدوات المعرفة والوعي، يُمنح مجموعة من الطقوس الجاهزة.
وبدل أن يتعلم كيف يقرأ التاريخ، يُطلب منه أن يحميه — أو بالأحرى أن يحمي "نسخة معينة" منه.
إنه سؤال مفتوح:
هل نريد جيلاً يحفظ الرموز؟ أم جيلاً يفهم التاريخ؟
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا