
جيفري إبستين: الوجه القذر للسلطة والمال
جيفري إبستين ليس مجرد رجل أعمال فاسد أو مدان بجرائم جنسية — إنه نموذج صارخ لفساد النخب، والتواطؤ المؤسسي، والخطر المدفون الذي يمكن أن تولّده العلاقات بين الـ المال والسلطة. في هذا المقال، نكشف ونناقش بعض الأبعاد الأخطر من قصته، بعيدًا عن التغطية السطحية، لنفهم لماذا يجب ألا يكون مجرد “فضيحة من الماضي”، بل تحذير مستمر.
1. من هو إبستين حقًا؟
جيفري إبستين (1953–2019) كان مليارديرًا، مستثمرًا، لكنه أيضًا متهمًا بإدارة شبكة اغتصاب وتجارة جنسية للقاصرات.
ورغم علاقاته الواسعة بالنخبة العالمية، فقد استخدم ثروته ومكانته لإخفاء ممارساته الشنيعة لسنوات طويلة.
من جهة أخرى، ثمة ادعاءات يثيرها بعض المصادر بأن إبستين كان “عميلًا استخباراتيًّا”. صحيفة الجزيرة نقلت عن ضابط إسرائيلي سابق أن إبستين قد يكون عميلًا للموساد، واستخدم علاقاته مع السياسيين والشخصيات الهامة لتحقيق أجندات أمنية.
2. شبكة من الاستغلال: ضحايا، وساسة، وقضاة
* الوثائق التي أُفرجت بعد موته تكشف عن تورط شخصيات بارزة جدًا — سياسيون، رجال أعمال، محامون — في شبكة إبستين.
* غيسلين ماكسويل، شريكته “الاجتماعية” المقربة، تمت إدانتُها رسميًا ودُينت بمساعدة إبستين في استدراج ضحايا قاصرات.
* وفق منظمة Polaris، الأساليب التي استخدمتها ماكسويل وإبستين لتعزيز “الثقة” مع الضحايا تُظهر أن هذا ليس استغلالًا عشوائيًا، بل شبكة استغلال مَن يخشى ويحتاج البداية (grooming) طويل الأمد.
3. التستر المؤسسي: كيف فشل النظام في محاسبته؟
إبستين لم يقع وحده. هناك سؤال عميق: كيف سمح النظام (القانوني، المالي، والاعلامي) له بأن يستمر؟
* في عام 2008، توصل إبستين إلى صفقة تسوية مثيرة للجدل في فلوريدا، سمحت له بالاعتراف بتهمة “الدعارة القاصرة” فقط، وليس بتهم فدرالية أعنف.
* بعد موته، ظل العديد يطالبون بـ كشف كامل “ملفات إبستين”، لكن هناك مقاومة كبيرة من بعض الجهات.
* هناك تساؤلات أيضًا حول ما إذا كانت جهات تحقيق استخبارية أو أمنية قد استخدمته لتحقيق مصالح خاصة، بحسب من ينظرون إلى مزاعم عمله لصالح “الموساد” أو جهات سرية.
4. الجانب البشري: الضحايا الذين لا يزالون يُنسون
من بين الضحايا البارزين فيرجينيا جوفري، التي رفعت دعوى مدنية كبيرة ضد إبستين وماكسويل، وذكرت تفاصيل مؤلمة عن استغلالها منذ سنّ مراهقة.
في وقت متأخر، أعلنت وسائل إعلام عن انتحارها، وهو أمر يثير تساؤلات مؤلمة عن تأثير الصدمة العميقة وكيفية تعامل النظام مع الناجيات.
5. بعد الموت: ما الذي تغير؟ وما لم يتغير؟
رغم وفاة إبستين في السجن عام 2019 (السلطات وصفته بأنه انتحار)، إلا أن الكثير من الأسئلة لم تُجب:
* تم إلغاء استئناف ماكسويل من قبل المحكمة العليا الأمريكية مؤخرًا، وبقيت عقوبتها فرضية قوية على من شاركوه في شبكة الدعارة.
* السلطات لا تزال تجري تحقيقات وأصوات ترفع للمطالبة بالكشف الكامل عن ملفات إبستين.
* بينما هناك تقارير عن صفقات استخباراتية قد تكون مرتبطة بإبستين وخيوطه الدولية: مثل ما أفاد به موقع “دروب سات” عن دوره في تسهيل مفاوضات أمنية بين إسرائيل وساحل العاج.
6. لماذا تثير هذه القضية غضبنا — ولماذا يهمنا أن لا تنتهي هنا؟
* لأنها ليست مجرد قصة “معتوه غني ارتكب جرائم”: إنها رمز للقوة الفاسدة التي تستفيد من النقص القانوني والأخلاقي.
* لأنها تبيّن كيف يمكن للمال والنفوذ أن يغسلا الجرائم الأكثر بشاعة إذا توفرت شبكة الحماية السياسية والاجتماعية.
* لأنها تذكرنا دومًا بضحايا هم إنسانات: لم يكنوا مجرد “مجهولين” في التقارير، بل أشخاصًا جُرّدوا من كرامتهم.
7. دعوة للنهوض: ما الذي يجب أن يحدث الآن؟
1. الشفافية الكاملة: يجب نشر كل الملفات المتبقية بشأن إبستين — بما في ذلك أسماء الأشخاص المتورطين بربطاته.
2. دعم الضحايا: ليس فقط من الناحية القانونية، بل نفسيًا أيضًا، ليتمكن من تجاوز ما عاشوه.
3. مراجعة النظام: كيف يمكن منع مَن لديهم المال والنفوذ من بناء مثل هذه الشبكات؟ القوانين يجب أن تكون أقوى، والتحقيقات أكثر استقلالًا.
4. توعية عامة: قصة إبستين يجب أن تكون درسًا — كمثال على مخاطر الاستغلال حين تُغلق الأبواب أمام المساءلة.
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا