
أصحاب الهمم: حوار مفتوح حول الحقوق، التمكين، والاندماج… بين واقع الخليج وتحديات المنطقة
تختلف الدول في طريقة تعاملها مع أصحاب الهمم؛ فالبعض ينظر إليهم باعتبارهم جزءاً أصيلاً من المجتمع يستحق كل الفرص، بينما لا يزال البعض الآخر يضعهم على هامش الحياة العامة. وبين هذين المشهدين، تبرز دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الإمارات والسعودية، كنموذجين متقدمين في رعاية أصحاب الهمم وتمكينهم من العمل والدراسة والمشاركة في كل مجالات الحياة.
لكن السؤال الأوسع يبقى: كيف يبدو واقع أصحاب الهمم في المنطقة ككل؟ وما الذي يحتاجون إليه لضمان حقوقهم والعيش بكرامة كاملة؟
وقفة أولى: من “معاقين” إلى “أصحاب همم”… تغيير اللفظ وتغيير النظرة
لم يكن تغيير المصطلح مجرد خطوة لغوية، بل كان إعلاناً بأن الفارق الحقيقي يبدأ من النظرة الاجتماعية.
مصطلح أصحاب الهمم يضع الإنسان قبل الإعاقة؛ قدراته قبل احتياجاته؛ ودوره قبل ظروفه.
هذا التحول حمل معه سياسات جديدة في الدول التي تبنّت المفهوم، وعلى رأسها الإمارات والسعودية.
وقفة ثانية: الإمارات… تجربة رائدة في الدمج الشامل
تعد دولة الإمارات واحدة من أبرز الدول العربية التي أسست منظومة كاملة لتمكين أصحاب الهمم، ومن أهم ملامح التجربة:
-
قوانين واضحة تمنع التمييز وتضمن فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية.
-
مراكز متقدمة للتأهيل والتدريب وتطوير المهارات.
-
دمج مدرسي وجامعي قائم على تجهيزات ذكية وتمكين تقني.
-
فرص عمل فعلية في القطاعين العام والخاص، مع برامج حكومية تدعم التوظيف المستدام.
-
بيئة مدن صديقة عبر بنية تحتية مهيأة بالكامل: ممرات، مواقف، وسائل نقل، إشارات سمعية وبصرية.
وتُظهر الإمارات أن أصحاب الهمم ليسوا فئة تحتاج للعطف، بل قوة بشرية قادرة على الابتكار والإبداع إذا توفرت لها الظروف.
وقفة ثالثة: السعودية… رؤية واضحة ومستقبل أكثر شمولاً
في إطار رؤية 2030، كرّست السعودية جزءاً كبيراً من تشريعاتها وبرامجها لتمكين أصحاب الهمم. ومن أبرز ملامح التوجه السعودي:
-
نظام رعاية متكامل يشمل الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي.
-
تأهيل مهني متطور لتمكين أصحاب الهمم من العمل في مجالات ذات مردود فعلي.
-
مبادرات الدمج الشامل في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية.
-
تبسيط الخدمات الحكومية بما يناسب احتياجاتهم من خلال التحول الرقمي.
-
ارتفاع فرص العمل بعد إلزام القطاعات بتوفير بيئات مناسبة وفتح أبواب التوظيف.
تؤكد التجربة السعودية أن الدمج ليس شعاراً بل مشروع دولة.
وقفة رابعة: ماذا عن باقي الدول العربية؟
هنا يظهر التفاوت الكبير…
ففي حين تسير بعض الدول بخطى بطيئة نحو تطوير القوانين وتحديث المراكز، لا تزال دول أخرى تعاني من:
-
ضعف البنية التحتية.
-
غياب سياسات الدمج الحقيقي.
-
نقص برامج التدريب والتوظيف.
-
هيمنة النظرة السلبية التي تربط الإعاقة بالضعف والعجز.
وفي بعض المجتمعات، ما زال أصحاب الهمم يتعرضون للتنمر أو العزلة أو التهميش.
وهنا يبرز السؤال الحواري الذي يستحق النقاش:
لماذا لازال أصحاب الهمم في بعض الدول يعانون من التمييز، رغم أن دمجهم ينعش الاقتصاد ويرفع مستوى الوعي الاجتماعي ويخلق مجتمعاً أكثر إنسانية؟
وقفة خامسة: ما هي الصعوبات العامة التي تواجه أصحاب الهمم؟
رغم اختلاف الدول، تبقى بعض التحديات مشتركة:
-
القبول الاجتماعي قبل أي شيء.
-
قلة فرص العمل الفعلية في بعض الدول.
-
البنية التحتية غير المهيأة للكرسي المتحرك أو الضعف البصري والسمعي.
-
ندرة البرامج التعليمية المتقدمة التي تواكب احتياجاتهم.
-
ضعف التشريعات أو عدم تطبيقها.
-
نقص الوعي الأسري حول التعامل الصحيح معهم.
وقفة سادسة: هل هناك من ينبذهم أو يكرههم؟
للأسف نعم…
بعض المجتمعات ما زالت تحمل أفكاراً قديمة تعتبر الإعاقة “نقصاً”، أو تربطها بوصمة اجتماعية.
هؤلاء الأشخاص هم أكبر عائق أمام الدمج.
فالدمج الحقيقي يبدأ من الوعي، وليس من القوانين وحدها.
وقفة ختامية: ما الآلية التي يمكن تطبيقها لضمان حقوقهم؟
لضمان حقوق أصحاب الهمم في كل الدول العربية، لا بد من:
-
بناء تشريعات ملزمة تحمي حقوقهم في العمل والتعليم والكرامة.
-
تهيئة المدن لتكون صديقة لأصحاب الهمم.
-
إطلاق حملات وعي تغيّر النظرة الاجتماعية.
-
إشراكهم في اتخاذ القرار عبر مجالس وهيئات تمثلهم.
-
تحفيز الشركات على توظيفهم عبر مزايا اقتصادية وحوافز ضريبية.
-
دعم الأسر وتوفير برامج تدريب لهم.
سؤال حواري مفتوح للقارئ
هل نمتلك الشجاعة لتغيير طريقة نظرتنا لأصحاب الهمم؟
وهل نحن، كأفراد ومجتمعات، جزء من الحل… أم جزء من المشكلة؟
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا