.jpg)
الثبات بعد رمضان: 6 أسباب شائعة للانتكاسة وكيف تتغلب عليها
ها هي أيام شهر رمضان الفضيل ولياليه تمر مسرعة، وتستعد للرحيل. ومع هذا الرحيل، يبدأ التحدي الأكبر: كيف نحافظ على ما اكتسبناه؟
يتفق الكثيرون أن رمضان هذا العام كان سريعاً، ومرت أيامه بأجواء مريحة ومباركة. لكن السؤال الأهم يبقى: ماذا بعد رمضان؟
يواجه العديد منا ظاهرة مقلقة تُعرف بـ "الانتكاسة بعد رمضان"، حيث تعود فئة من الناس، التي بدل الله أحوالها للأفضل في الشهر الكريم، إلى سابق عهدها من التقصير والفتور. هذا المقال ليس موجهاً لمن هم في غفلة دائمة، بل لأولئك الذين ذاقوا حلاوة القرب في رمضان ويخشون فقدانها.
لماذا نعود إلى مستنقع الذنوب بعد أن خرجنا منه؟ وما الذي يبعدنا عن الثبات على الطاعة؟
6 أسباب رئيسية للانتكاسة بعد رمضان
العودة للفتور بعد الجدّ هي أمر مقلق يتطلب وقفة صادقة مع النفس. إليك أهم الأسباب التي قد تدفعنا إلى طريق الانتكاسة:
1. العبادة الموسمية (عبادة رمضان فقط)
الخطأ الأكبر هو أن نتعامل مع الله كـ "رب رمضان" فقط. إن نسيان أن الله هو رب الشهور كلها، وأن عبادته واجبة في كل وقت وحين، هو السبب الأول للانتكاسة. للأسف، أصبحت قراءة القرآن، والصدقات، وقيام الليل عند الكثيرين مرتبطة بالشهر الفضيل فقط.
الحل: ذكّر نفسك أن العبادة هي أسلوب حياة وليست طقساً موسمياً.
2. الملل وفقدان التعود
من لم يعتد على الصلاة في وقتها، ومن لم يفتح المصحف طوال العام، سيشعر حتماً بالملل والضيق عند محاولة الاستمرار. إن عدم التعود على الطاعة يجعلها ثقيلة على النفس بعد زوال الأجواء الرمضانية الدافعة.
الحل: ابدأ بـ "القليل الدائم". ركعتا ضحى، أو صفحة واحدة من القرآن يومياً، خير من كثير مُنقطع.
3. الاستعجال للعودة إلى الروتين القديم
بدلاً من الحفاظ على النظام الرمضاني المليء بالروحانية والراحة النفسية، يسارع الكثيرون للعودة إلى روتين ما قبل رمضان المليء بالملهيات والتأثيرات السلبية. هؤلاء لم يستشعروا حقاً بركة النظام الذي عاشوه لثلاثين يوماً.
الحل: لا تغير نظامك بالكامل. احتفظ ببعض العادات الرمضانية، كجلسة شروق، أو وقت مخصص للذكر قبل النوم.
4. تأثير الأصحاب (الصحبة الساحبة)
"الصاحب ساحب". قد تجتمع مجموعة من الأصدقاء على الطاعة في رمضان، من صلاة وتراويح وإفطار صائم. ولكن ما أن ينقضي الشهر، حتى يتراجع أحدهم فيسحب البقية معه إلى طريق الفتور والانتكاسة.
الحل: ابحث عن الصحبة الصالحة التي تعينك على الطاعة، وكن أنت من يشدّ أصدقاءك للاستمرار، ولو بحدٍ أدنى.
5. الاهتمام بنظرة الناس (الرياء الخفي)
وهذا من أخطر الأسباب. عندما يكون دافع العبادة هو الخشية من انتقاد الناس ("ماذا سيقولون عني لو لم أصلِّ؟")، فإن العبادة هنا ليست لله. وحين يذهب رمضان وتختفي الرقابة المجتمعية، تختفي العبادة معها.
الحل: راجع نيتك باستمرار. اجعل عملك كله خالصاً لله، فهو الوحيد الذي يستحق أن نرجو رضاه ونخشى غضبه.
6. عدم استغلال رمضان كفرصة "حقيقية" للتغيير
البعض يدخل رمضان ويخرج منه كما دخله. لم يضع في قلبه نية صادقة بأن هذا الشهر هو فرصته للبدء من جديد وتغيير حياته. من لم يخطط للتغيير، لن يحصل عليه، وسيعود حتماً لما كان عليه.
الحل: رمضان كان "دورة تدريبية" مكثفة، والعيد هو بداية "التطبيق الفعلي". انظر لرمضان كنقطة انطلاق، لا كنهاية للطاعة.
خاتمة: رسالة من أجل الثبات
إن الثبات على الطاعة بعد رمضان هو العلامة الحقيقية للقبول. لا تدع جهادك يذهب سدى. استغل ما تبقى من أيام وليالٍ، خاصة ونحن في العشر الأواخر.
نسأل الله الثبات على الطاعات، وأن يجعلنا ممن قام رمضان إيماناً واحتساباً. ولا تنسوا الإكثار من الدعاء الذي أوصى به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:
(( اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عنا ))
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا