الأربعاء، 31 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 31, 2025 by with 0 comment

الهيمنة الإسرائيلية على القرار الأميركي: نفوذ اللوبي أم تحالف المصالح؟

 

الهيمنة الإسرائيلية على القرار الأميركي: نفوذ اللوبي أم تحالف المصالح؟

الهيمنة الإسرائيلية على القرار الأميركي: نفوذ اللوبي أم تحالف المصالح؟




منذ عقود، يثار سؤال مركزي في السياسة الدولية:
لماذا تقف الولايات المتحدة دائمًا إلى جانب إسرائيل؟
ولماذا يتكرر استخدام الفيتو الأميركي لحمايتها في مجلس الأمن؟
وهل ما نشهده هو هيمنة صهيونية على القرار الأميركي، أم تحالف مصالح متبادل بين دولتين قويتين؟

هذه الأسئلة ليست وليدة العاطفة، بل يطرحها باحثون ومراكز دراسات وحتى سياسيون أميركيون أنفسهم.


أولًا: الفيتو الأميركي… نمط ثابت لا استثناء

منذ عام 1972، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو عشرات المرات لمنع قرارات تدين إسرائيل، حتى في حالات:

  • انتهاك القانون الدولي

  • توسيع الاستيطان

  • استخدام القوة ضد المدنيين

هذا السلوك لم يقتصر على إدارة أو حزب معين، بل شمل:

  • الجمهوريين

  • والديمقراطيين

  • ورؤساء من توجهات مختلفة

ما يعني أن المسألة مؤسسية وليست مرتبطة بشخص رئيس بعينه.


ثانيًا: اللوبي الصهيوني في واشنطن… نفوذ لا يمكن إنكاره

تُعد منظمات مثل:

  • AIPAC

  • ADL

  • Conference of Presidents

من أقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة، وتعمل عبر:

  • تمويل الحملات الانتخابية

  • التأثير على الإعلام

  • الضغط على الكونغرس

  • صياغة تشريعات داعمة لإسرائيل

لكن من المهم توضيح نقطة أساسية:

اللوبي لا يفرض قرارات بالقوة، بل يعمل داخل النظام السياسي الأميركي بذكاء ومصالح.


ثالثًا: ترامب ونتنياهو… لماذا هذا التوافق؟

في عهد دونالد ترامب، شهدنا:

  • الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل

  • نقل السفارة الأميركية

  • الاعتراف بضم الجولان

  • إسقاط ملف الاستيطان من كونه غير شرعي

ورغم تصريحات ترامب أحيانًا عن “الحياد” أو “صفقات السلام”، كان يتراجع سريعًا عند أي تعارض مع المصالح الإسرائيلية.

هل السبب خوف؟

ليس بالضرورة.

التفسير الأدق:

  • ترامب رأى في إسرائيل حليفًا استراتيجيًا يخدم مشروعه السياسي

  • دعم إسرائيل يمنحه دعمًا انتخابيًا داخليًا

  • ويعزز صورته كرئيس “حاسم” في الشرق الأوسط

أي أن العلاقة كانت صفقة سياسية متبادلة أكثر من كونها خضوعًا.\



رابعًا: هل إسرائيل تهيمن على أميركا؟

القول إن إسرائيل “تسيطر” على الولايات المتحدة تبسيط مخل.
الأدق هو أن:

  • إسرائيل نجحت في جعل دعمها مصلحة أميركية داخلية

  • وأصبحت جزءًا من توازنات السياسة الأميركية

فالولايات المتحدة:

  • تستفيد عسكريًا

  • وتكنولوجيًا

  • واستخباراتيًا

  • ومن وجود حليف ثابت في منطقة مضطربة


خامسًا: لماذا تخشى دول العالم هذه الثنائية؟

التحالف الأميركي–الإسرائيلي يخيف دولًا كثيرة لأنه:

  • يتمتع بغطاء قانوني دولي (الفيتو)

  • يمتلك تفوقًا عسكريًا وتقنيًا

  • لا يخضع للمساءلة الدولية بسهولة

لكن الخوف لا يعني التبعية المطلقة.


سادسًا: هل العالم عاجز عن المواجهة؟

العالم ليس عاجزًا، لكنه:

  • منقسم

  • تحكمه المصالح

  • يفتقر لإرادة سياسية موحدة

بدليل أن:

  • الرأي العام العالمي يتغير

  • الجامعات الغربية تشهد حراكًا واسعًا

  • دولًا كبرى بدأت تنتقد إسرائيل علنًا

  • المحكمة الجنائية الدولية فتحت ملفات تحقيق

لكن التغيير في النظام الدولي بطيء بطبيعته.


سابعًا: أين الخلل الحقيقي؟

الخلل لا يكمن فقط في قوة هذا التحالف، بل في:

  • ضعف الموقف العربي الموحد

  • غياب استراتيجية سياسية وإعلامية طويلة المدى

  • الاكتفاء بردود الفعل بدل الفعل

فالقوة الدولية لا تواجه بالشعارات، بل:

  • بالعمل الدبلوماسي

  • وبناء التحالفات

  • واستثمار القانون الدولي

  • وتوحيد الخطاب السياسي


خاتمة

العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليست علاقة “سيطرة مطلقة” ولا “تبعية عمياء”، بل تحالف مصالح عميق ومركب، نجحت إسرائيل في ترسيخه لعقود.

والسؤال الحقيقي لم يعد:

لماذا تدعم أميركا إسرائيل؟

بل:

لماذا فشل الآخرون في بناء مصالح موازية قادرة على التأثير؟

التاريخ لا تصنعه النوايا، بل موازين القوة والإرادة السياسية.

    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا