الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 30, 2025 by with 0 comment

وفاة محمد الحداد: هل تعرقل الحادثة مسار توحيد الجيش الليبي؟

 

وفاة محمد الحداد: هل تعرقل الحادثة مسار توحيد الجيش الليبي؟

وفاة محمد الحداد: هل تعرقل الحادثة مسار توحيد الجيش الليبي؟





أثار حادث سقوط الطائرة الذي أودى بحياة الفريق أول ركن محمد علي أحمد الحداد، رئيس أركان الجيش الليبي في المنطقة الغربية، موجة واسعة من الجدل السياسي والإعلامي داخل ليبيا وخارجها، ليس بسبب الحادث ذاته فحسب، بل بسبب المرحلة الحساسة التي وقع فيها، والدور الذي كان يؤديه الرجل في ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.

فمن هو محمد الحداد؟ ولماذا تحوّل رحيله إلى حدث سياسي يتجاوز كونه حادثًا مأساويًا؟


من هو الفريق أول ركن محمد الحداد؟

وُلد محمد علي أحمد الحداد في مدينة مصراتة عام 1967، وتخرّج في الكلية العسكرية الليبية عام 1987.
شارك في الأحداث العسكرية التي شهدتها ليبيا بعد عام 2011، وكان من القادة البارزين في المواجهات التي جرت ضد قوات النظام السابق، ثم لاحقًا في صدّ الهجوم على غرب ليبيا عام 2019.

بفضل حضوره العسكري والتنظيمي، تم تعيينه:

  • قائدًا للمنطقة العسكرية الوسطى عام 2017

  • ثم رئيسًا لأركان الجيش الليبي في الغرب عام 2020

وخلال هذه الفترة، ارتبط اسمه بملف إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية ومحاولات توحيدها.


خطاب سياسي غير مألوف في المشهد العسكري

لم يكن محمد الحداد مجرد قائد عسكري تقليدي، بل برز بخطاب علني دعا فيه إلى:

  • رفض استخدام الجيش لتحقيق مكاسب سياسية

  • منع إعادة ليبيا إلى مربع الحرب

  • الدعوة إلى المصالحة الوطنية وجبر الضرر

  • التأكيد على أن الليبيين «أسرة واحدة»

وقد ظهر ذلك في أكثر من مناسبة رسمية، حيث وجّه رسائل مباشرة للحكومة وللشعب، مؤكدًا أن الحرب لن تكون خيارًا، وأن توحيد البلاد يتطلب تنازلات متبادلة وعدالة انتقالية.

هذا الخطاب، وفق مراقبين، منح الحداد حضورًا سياسيًا متناميًا إلى جانب دوره العسكري.


توحيد الجيش الليبي: ملف شديد الحساسية

كان محمد الحداد من أبرز الداعمين لعمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، والتي تشكّلت لبحث سبل توحيد المؤسسة العسكرية بين الشرق والغرب، وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 2020.

ومن أبرز الملفات التي دعمها:

  • تنفيذ بنود وقف إطلاق النار

  • الحد من تعدد الكيانات المسلحة

  • إعادة تنظيم حراسة المنشآت النفطية

  • فتح الطرق والمعابر بين المناطق الليبية

وهي ملفات تُعد من أكثر القضايا تعقيدًا في المشهد الليبي، نظرًا لتداخلها مع التوازنات السياسية والعسكرية القائمة.


المصالح الإقليمية والدولية في ليبيا

لا يمكن فصل أي تطور في ليبيا عن السياق الإقليمي والدولي، إذ تُعد البلاد:

  • من أكبر دول إفريقيا من حيث احتياطي النفط

  • تمتلك احتياطي غاز كبير

  • تقع في موقع استراتيجي على المتوسط

لذلك، تشهد ليبيا تواجدًا وتأثيرًا لقوى إقليمية ودولية متعددة، لكل منها:

  • مصالح اقتصادية

  • اعتبارات أمنية

  • تحالفات محلية مختلفة

ويُجمع محللون على أن أي محاولة لتغيير المعادلات القائمة، أو إعادة توزيع مراكز النفوذ، تُقابل بحساسية عالية.


حادث الطائرة: بين الرواية الرسمية والتساؤلات

بحسب الروايات الرسمية، فإن الطائرة التي كانت تقلّ رئيس الأركان تعرضت لعطل فني أدى إلى سقوطها بعد إقلاعها من تركيا بفترة وجيزة.

ورغم صدور هذه الرواية، فإن:

  • توقيت الحادث

  • موقعه

  • وحساسية منصب الضحية

كلها عوامل دفعت قطاعات من الرأي العام إلى طرح تساؤلات سياسية، دون وجود أدلة معلنة تؤكد أو تنفي فرضيات معينة.


لماذا أثار رحيل الحداد كل هذا الجدل؟

يرى مراقبون أن الجدل لا يرتبط بشخص محمد الحداد فقط، بل بـ:

  • رمزية ما كان يمثّله

  • الملفات التي كان يعمل عليها

  • التوازنات التي كان يسعى لتعديلها

ففي بلد منقسم سياسيًا ومؤسساتيًا، يصبح أي مشروع توحيد شامل مصدر قلق لأطراف داخلية وخارجية اعتادت على الوضع القائم.


ما الذي يعنيه غياب الحداد للمشهد الليبي؟

غياب رئيس الأركان يطرح عدة تساؤلات، من بينها:

  • هل ستتأثر مسارات توحيد الجيش؟

  • هل ستتراجع ملفات المصالحة وإعادة الهيكلة؟

  • أم أن المؤسسات الليبية قادرة على الاستمرار بمعزل عن الأفراد؟

الإجابة عن هذه الأسئلة ستتضح مع تطورات المرحلة المقبلة.


خاتمة

رحيل الفريق أول ركن محمد الحداد لم يكن مجرد فقدان لقائد عسكري، بل محطة سياسية حساسة في مسار ليبيا المعقّد.


وبين الرواية الرسمية للحادث، والتساؤلات التي يطرحها الشارع، يبقى المؤكد أن توحيد ليبيا وبناء مؤسساتها سيظل التحدي الأكبر، بغضّ النظر عن الأشخاص.


ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل تستطيع ليبيا استكمال مسار التوحيد والاستقرار، أم أن الانقسام سيظل هو العنوان الأبرز؟

    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا