الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 30, 2025 by with 0 comment

الخطاب الخليجي بين الحقائق والضجيج الإعلامي: دعوة لمراجعة الوعي مع نهاية العام

 

الخطاب الخليجي بين الحقائق والضجيج الإعلامي: دعوة لمراجعة الوعي مع نهاية العام

الخطاب الخليجي بين الحقائق والضجيج الإعلامي: دعوة لمراجعة الوعي مع نهاية العام



مع اقتراب نهاية العام، تبرز الحاجة إلى وقفة هادئة لمراجعة الخطاب الخليجي السائد، والتمييز بين الحقائق الموثقة والضجيج الإعلامي الذي يغذيه خطاب الاستقطاب والمزايدات السياسية.

فكثير من النقاشات الدائرة في الفضاء الرقمي الخليجي لا تستند إلى معلومات دقيقة، بقدر ما تنقاد خلف روايات جزئية أو تفسيرات مضللة تتجاهل الصورة الأشمل للعلاقات الخليجية.


أولًا: مواقف خليجية واضحة… لكنها مغيّبة

من الحقائق التي لا تحظى بالانتشار الكافي:

  • إدانة دولة الإمارات لأي محاولات انفصال أحادية في إقليم أرض الصومال، والتأكيد على وحدة الدول وفق القانون الدولي.

  • التنسيق السعودي–الإماراتي–العُماني في عدد من الملفات الإقليمية الحساسة، بما فيها القضايا الجنوبية، ضمن أطر سياسية ودبلوماسية واضحة.

  • التزام الإمارات المعلن بحل الدولتين في القضية الفلسطينية، ضمن المبادرات العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية.

  • احتلال الإمارات المرتبة الثانية بعد السعودية في حجم المساعدات المقدمة لقطاع غزة.

هذه المواقف المعلنة غالبًا ما يتم تجاهلها لصالح روايات انتقائية تخدم أجندات معينة.


ثانيًا: الأرقام الاقتصادية تكشف عمق الشراكة

بعيدًا عن الخطاب العاطفي، تعكس المؤشرات الاقتصادية مستوى متقدمًا من التكامل الخليجي، أبرزها:

  • تصنيف السعوديين ضمن أكبر خمس جنسيات استثمارية في سوق العقارات بدبي.

  • حصول شركات إماراتية على حقوق تشغيل مطار الدمام.

  • مرور نحو 60% من شحنات ميناء جبل علي عبر الأراضي السعودية.

  • تصنيف خط الرياض–دبي كأحد أكثر الخطوط الجوية ازدحامًا عالميًا.

  • كون الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية في التجارة غير النفطية.

هذه الأرقام لا تعكس مجرد تبادل اقتصادي، بل تشابكًا استراتيجيًا طويل الأمد.


ثالثًا: إشكالية الخطاب الخليجي المعاصر

يعاني الخطاب الخليجي اليوم من تأثير فئتين أساسيتين:

  1. المنساق خلف التضليل الإعلامي دون تحقق من المعلومات.

  2. المتردد عن التعبير عن قناعاته خشية حملات التشويه أو التخوين.

وفي الحالتين، تُترك الساحة لروايات خارجية تحاول تصوير العلاقات الخليجية باعتبارها متوترة أو قابلة للانهيار، بينما الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا.


رابعًا: الخلاف لا يعني القطيعة

الخلافات السياسية بين الدول أمر طبيعي في أي منظومة إقليمية، لكنها:

  • لا تنفي وجود تنسيق استراتيجي دائم

  • ولا تلغي العمل المؤسسي الخليجي المشترك

  • ولا تعكس حجم المصالح الأمنية والاقتصادية المتشابكة

فالبيانات الرسمية أو التصريحات الفردية لا تمثل وحدها حقيقة العلاقات الخليجية، التي تُدار عبر قنوات متعددة ومستمرة.


خامسًا: نحو عام جديد برؤية أوضح

يحمل العام المقبل مشاريع خليجية كبرى، من بينها:

  • الاندماج الجمركي

  • نظام النقطة الواحدة في التنقل

  • مشاريع الربط السككي

  • تطبيق التأشيرة الخليجية الموحدة

وهي خطوات تؤكد أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التكامل لا الانقسام.


خاتمة

إن قراءة العلاقات الخليجية من زاوية الشعارات أو الاصطفافات الإعلامية تُفضي إلى استنتاجات مضللة. أما القراءة القائمة على الأرقام، والمصالح المشتركة، والموروث التاريخي، فتقود إلى فهم أعمق وأكثر واقعية.


ومع نهاية العام، تبقى الدعوة قائمة إلى خطاب عقلاني يضع الحقائق في مقدمة النقاش، ويحصّن الوعي الخليجي من التضليل، لأن ما يجمع دول الخليج أكبر بكثير مما يفرّقها.


وفي النهاية… لا يصح إلا الصحيح.

    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا