الجمعة، 28 نوفمبر 2025

Published نوفمبر 28, 2025 by with 0 comment

آلة حرب منفلتة من دون رادع: كيف تحولت إسرائيل إلى قوة تضرب من تشاء دون محاسبة؟

آلة حرب منفلتة من دون رادع: كيف تحولت إسرائيل إلى قوة تضرب من تشاء دون محاسبة؟

آلة حرب منفلتة من دون رادع: كيف تحولت إسرائيل إلى قوة تضرب من تشاء دون محاسبة؟


على مدى العقود الماضية، بدت إسرائيل كقوة انفلتت من كل قيد، تتحرك في المنطقة بلا حسيب ولا رقيب، توسّع هجماتها، وتكرر اعتداءاتها، وتتمادى في استخدام القوة العسكرية حيثما شاءت، وبالطريقة التي تشاء. واللافت أن هذا السلوك لم يواجه ردعًا حقيقيًا، لا من الدول المتضررة، ولا من المجتمع الدولي، ولا حتى من القوى الكبرى التي يفترض أنها صاحبة النفوذ والقرار.


من فلسطين… حيث بدأ كل شيء

البداية كانت واضحة وصارخة:

احتلالٌ كامل، تهجيرٌ جماعي، هدمٌ للقرى، مجازر موثقة، حصار مستمر، وتوسع استيطاني لا يتوقف.

منذ 1948 وحتى اليوم، لم تُظهر إسرائيل يومًا استعدادًا للخضوع لقواعد القانون الدولي أو للحد الأدنى من أخلاقيات النزاعات.


وقد شكّل الصمت الدولي — بل الدعم الغربي — مظلةً حقيقية سمحت للاحتلال بتطوير عقلية "القوة التي لا تُحاسب".

وحين ينشأ كيان سياسي على هذا الأساس، يصبح التمدد والاعتداء سلوكًا طبيعيًا متوقعًا.


ثم امتد المشهد إلى الدول العربية: ضربات متتالية بلا تكلفة

*1. لبنان

من حرب 1982، إلى الاجتياحات المتكررة، إلى القصف الدوري على الجنوب…

لم تتردد إسرائيل في تنفيذ عمليات واسعة، بعضها وصل إلى قلب بيروت.

ورغم فداحة الاعتداء، لم تواجه إلا بيانات استنكار لا تغيّر في المشهد شيئًا.


*2. العراق

في 1981، دمرت إسرائيل مفاعل تموز النووي العراقي في عملية "أوبرا"، في واحدة من أكثر الضربات جرأة في التاريخ الحديث.

ومن جديد… لا عقاب ولا محاسبة.


*3. السودان

ضربات جوية متكررة على الأراضي السودانية استهدفت منشآت ومواقع متعددة، دون أي قدرة للدولة السودانية أو المجتمع الدولي على الرد.


*4. تونس

عام 1985 ضربت إسرائيل مقر منظمة التحرير في حمام الشط… آلاف الكيلومترات بعيدًا عن حدودها، في مؤشر جديد على أن لا خطوط حمراء في عقل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.


*وحتى سوريا… آخر الفصول المفتوحة

اليوم، تُقصَف سوريا بانتظام غير مسبوق:

من مطار دمشق إلى مرافئ اللاذقية، ومن مواقع في الجنوب إلى مراكز في الشرق.

وبينما تنهمك الدولة السورية في معالجة جراح حرب طويلة، تستغل إسرائيل الفراغ لتوسيع نفوذها العسكري وفرض معادلات جديدة في المنطقة.

هذه الضربات المتكررة ليست فقط عمليات عسكرية؛

إنها رسالة سياسية متعمدة من تل أبيب مفادها:

"لن يوقفنا أحد".


لماذا لا تُرَدّ هذه القوة المنفلتة؟

هناك عدة أسباب، أهمها:

*1. الانقسام العربي التاريخي

لم تعد الدول العربية تتفق على قراءة واحدة للتهديد الإسرائيلي.


*2. التنافس الإقليمي الداخلي

تشتت الأولويات الإقليمية منح إسرائيل فضاءً واسعًا للتحرك.


*3. المظلة الدولية الدائمة

الدعم الأمريكي–الغربي مستمر، سياسياً وعسكرياً وإعلامياً.


*4. تحويل المنطقة إلى ساحات صراع جانبية

الحروب الداخلية في الدول العربية أثّرت بشكل مباشر في قدرتها على الردع.



5.الابتعاد عن قيم الدين… عامل خفي لكنه حاسم في ضعف الأمة

يرى عدد من المفكرين، قديمًا وحديثًا، أن جزءًا من الأزمة لا يرتبط فقط بالعوامل السياسية والعسكرية، بل أيضًا بالابتعاد التدريجي عن قيم الدين الأساسية التي كانت عبر قرون مصدر قوة للأمة:

قيم مثل العدل، الوحدة، التكافل، نصرة المظلوم، المسؤولية الجماعية، وتغليب المصالح الكبرى على النزاعات الصغيرة.


ومع تراجع هذه المنظومة القيمية، ظهر:

* تفكك داخلي بين الدول

* نزاعات مذهبية وإيديولوجية

* جمود فكري وحضاري

* فقدان الروح الجماعية

* ضعف الإرادة السياسية

* غياب المشروع الموحد

هذا الفراغ القيمي مكّن القوى الخارجية من التمدد في المنطقة، لأن الأمة حين تتفرق، تسهُل السيطرة عليها، وحين تتنازع، يفقد كل طرف القدرة على حماية نفسه أو الدفاع عن الآخرين.

وبالنظر إلى المشهد اليوم، تبدو إسرائيل أحد أبرز المستفيدين من هذا التشتت، حيث تتحرك في الفراغ السياسي والفكري الذي خلّفته الانقسامات الداخلية.


*سؤال اللحظة… لماذا تواصل إسرائيل هذا النهج؟

لأنها — ببساطة — وجدت فراغًا عربيًا وإقليميًا، ومناخًا دوليًا مشجعًا، واعتقادًا راسخًا بأن أي خطوة تقوم بها لن تقود إلى مساءلة حقيقية.


*خاتمة… إلى أين؟

القصة ليست مجرد اعتداءات متفرقة، بل نمطًا استراتيجيًا مستمرًا لعقود.

ومادام العالم العربي يكتفي بدور المتفرج، ستظل إسرائيل قوة عسكرية منفلتة تضرب، وتهاجم، وتتوسع، بلا ثمن، وبلا سقف.

إن قراءة هذا المشهد بعمق تكشف حقيقة واحدة:

**الفراغ يولّد القوة، والسكوت يصنع المعتدي، والتردد يمنح الشرعية لكل من يعتقد أن القوة وحدها تكفي لصنع السياسة.**

Read More
    email this
Published نوفمبر 28, 2025 by with 0 comment

"حين يختلط المنبر بالسلطة: جدل تسييس الدين وتديين السياسة في العالم العربي"

 


"حين يختلط المنبر بالسلطة: جدل تسييس الدين وتديين السياسة في العالم العربي"


ظلّ سؤال العلاقة بين الدين والسياسة من أكثر الأسئلة حساسية في التاريخ الإسلامي، وتحوّل في العصر الحديث إلى محور صراع بين تيارات إسلامية تسعى لإعادة الدين إلى الحكم، وبين أنظمة سياسية تخشى من هذا الدمج وتراه تهديدًا لمستقبل الدولة، وبين شعوب منقسمة بين الأمل والقلق.


فهل نجح أي تيار إسلامي في مزج السياسة بالدين؟ وما أثر ذلك على المجتمعات؟ وهل هذا الدمج صحي أم مضر للأنظمة العربية؟ ومن أول من بدأ الفكرة تاريخيًا؟


هذا المقال يحاول فتح النقاش وتقديم رؤية واسعة مبنية على التجارب والوقائع وآراء العلماء.



1. من أين بدأت فكرة “السياسة الدينية”؟

تاريخيًا، بدأ دمج السياسة بالدين منذ قيام الخلافة الإسلامية نفسها بعد وفاة الرسول ﷺ، حيث نشأت الدولة الإسلامية على أساس ديني–سياسي واحد. كان الخلفاء الأوائل يمارسون الحكم والقيادة الدينية معاً، ثم ورثت الأمويون والعباسيون هذا النموذج مع اختلافات كبيرة.


لكن الدعوة لدمج الدين بالسياسة بصورتها “الحركية الحديثة” ظهرت في القرن العشرين، خاصة مع:

1. حسن البنا – مصر (1928)

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وهو أول من أعاد صياغة الإسلام في شكل مشروع سياسي كامل في العصر الحديث، داعيًا إلى:

* إقامة دولة إسلامية حديثة

* رفض القومية والدولة الوطنية

* توحيد الأمة

* تحرير الحكم من الهيمنة الأجنبية

تأثر المشروع حينها بالاستعمار البريطاني وسقوط الخلافة العثمانية عام 1924، ما ولد شعورًا بأن الأمة “بلا مرجعية سياسية”.


2. المودودي – الهند وباكستان

مؤسس الجماعة الإسلامية، وواحد من أهم منظّري “الحاكمية”، الذي قدّم صياغة فكرية عميقة لفكرة “الدولة الإسلامية”، وكان تأثيره كبيراً على الحركات الإسلامية حول العالم.


3. الخميني – إيران (1979)

طرح مفهوم ولاية الفقيه*بعد الثورة الإيرانية، ليصبح الدين رسميًا في رأس السلطة.

هذا شكل أحد أهم تجارب دمج الدين بالسياسة بشكل شامل في العصر الحديث.


2. هل نجحت تيارات الإسلام السياسي في دمج الدين بالسياسة؟**


تجارب تُعد “شبه ناجحة”

هناك تجارب استطاعت الوصول للحكم، لكنها واجهت تحديات كبيرة:


1. إيران – نموذج “نجاح بسلطة قوية”

* دمج كامل بين الدين والسياسة.

* دولة مركزية قوية، لكن مع مواجهة عزلة دولية.

* نجاح في تأسيس نظام مستقر، لكن مع تراجع اقتصادي وسياسي داخلي.


2. تركيا – حزب العدالة والتنمية (2002–الآن)

ليس إسلامياً صريحاً، لكنه يستخدم الهوية الإسلامية بشكل سياسي.

– حقق نموًا اقتصاديًا كبيرًا

– منح الحريات الدينية

– لكن انتهى بنزعة سلطوية وتوترات سياسية داخلية


3. تونس – حركة النهضة

تجربة ديمقراطية سليمة لكنها لم تصمد أمام تعقيدات المشهد السياسي والاقتصادي.


4. السودان – الحركة الإسلامية (1989–2019)

طبقت الشريعة، لكن التجربة واجهت عزلة دولية وأزمات اقتصادية وحروب داخلية، وانتهت بسقوط النظام.


تجارب “لم تنجح” في الحكم

* الإخوان المسلمين في مصر (2012–2013)

* الإسلاميون في الجزائر (1992)

* الإسلاميون في سوريا قبل 1982

* حماس في غزة تحت حصار خانق


السبب المشترك:

*احتكاك فكر ديني–ثوري بأنظمة عسكرية أو سياسية لا تقبل المشاركة.



3. لماذا تخشى الأنظمة العربية الإسلام السياسي؟

هناك عدة أسباب متداخلة:

1. النزعة الشمولية لبعض التيارات

العديد من الحركات الإسلامية ترى أنها تمثل “الحق المطلق”، ما يجعلها أقل مرونة في المشاركة السياسية.


2. مخاوف من تعدد الولاءات

الدولة العربية تريد ولاءً سياسيًا واحدًا، بينما الحركات الدينية قد ترى أن ولاءها العقائدي مقدّم على السياسي.


3. تجارب سابقة انتهت بصدام

مثل مصر وسوريا والسودان والجزائر.


4. الكتلة الشعبية الضخمة

الحركات الإسلامية تمتلك قواعد جماهيرية واسعة، ما يجعل الأنظمة ترى فيها تهديدًا استراتيجيًا.


5. تدخل خارجي

القوى الدولية تخشى صعود نماذج إسلامية سياسية قد تغيّر التوازنات الإقليمية.



4. أثر دمج السياسة بالدين على الدول والمجتمعات

إيجابيات محتملة

* تعزيز الأخلاق العامة

* مقاومة الفساد

* تقوية الهوية الثقافية والدينية

* زيادة مشاركة الناس في الشأن العام


لكن السلبيات كانت أكبر في أغلب التجارب

* صراعات أيديولوجية داخل المجتمع

* تقسيم ديني–سياسي يضعف الدولة

* تدخل العلماء في القرارات السياسية

* استغلال الدين لتبرير القمع

* تفكك المؤسسات المدنية

* صدام بين الأنظمة والتيارات الدينية

* حروب أهلية في بعض الحالات



5. آراء علماء ودعاة حول دمج الدين بالسياسة

علماء رفضوا التسييس

*ابن باز وابن عثيمين (السعودية)

كانوا يحذرون من الحركات الحزبية والدينية التي تدخل في السياسة وتؤدي إلى الفتن.


*الألباني

كان يرى أن “العمل الحزبي السياسي باسم الإسلام” باب للاقتتال وسبب في تضييع الدعوة.



علماء أيدوا المشاركة السياسية

*يوسف القرضاوي

دافع بشدة عن مشاركة الإسلاميين في الحكم، ورأى أن “الإسلام دين ودولة”.


*محمد الغزالي

كان يرى أن غياب الإسلاميين عن السياسة سمح للفساد بالانتشار.


*حسن البنا

اعتبر أن “الإسلام شامل لكل مناحي الحياة” بما فيها الحكم.



6. الأسباب الحالية لتعثر دمج الدين بالسياسة

* بنية الدولة الحديثة لا تقبل سلطة دينية عليا.

* المجتمعات أصبحت أكثر تنوعًا وغير قابلة لحكم أيديولوجي.

* الوعي الشعبي تغيّر ولم يعد يقبل الخطاب الديني التقليدي.

* الإعلام الجديد كشف أخطاء التيارات الإسلامية.

* التجارب الفاشلة السابقة جعلت الناس أكثر حذرًا.



7. هل دمج السياسة بالدين خيار صحي اليوم؟

العديد من الباحثين يرون أن:

*السياسة تحتاج إلى مؤسسات،

*والدين يحتاج إلى أخلاق وروحانية،

* ودمج الاثنين يؤدي إلى تسييس الدين أو تديين السياسة، وكلاهما له عواقب خطيرة.


أما النموذج الذي يراه البعض مناسبًا هو:

*“دولة مدنية بقيم إسلامية”


وليست:


* دولة دينية

  ولا

* دولة علمانية صِرفةد

بل دولة تستلهم القيم الأخلاقية دون إقامة حكم ديني شمولي.



*الخلاصة :

دمج الدين بالسياسة لم ينجح في أغلب التجارب الحديثة، ليس لأن الدين لا يصلح، بل لأن السياسة متقلبة، والدين ثابت، وعندما تلتبس الثوابت بالمتغيرات، يحدث الصدام والانقسام.

والخوف من الإسلام السياسي ليس بسبب الدين نفسه، بل بسبب:

* التجارب الفاشلة

* الصدام مع الأنظمة

* غياب النموذج الناجح

* وانقسام الحركات الإسلامية بين منهج دعوي وآخر ثوري


ويبقى السؤال مفتوحاً:

هل يمكن للعالم العربي أن يصنع نموذجاً جديداً يجمع بين القيم الدينية والاستقرار السياسي، دون صراع أو تهميش؟

Read More
    email this
Published نوفمبر 28, 2025 by with 0 comment

غياب صوت العلماء والدعاة… حين تنشغل المنابر بالخلافات ويضيع الوعي

 

غياب صوت العلماء والدعاة… حين تنشغل المنابر بالخلافات ويضيع الوعي

غياب صوت العلماء والدعاة… حين تنشغل المنابر بالخلافات ويضيع الوعي


في السنوات الأخيرة، برز سؤال كبير يطرحه الشارع العربي والإسلامي بوضوح وبصوت أعلى من أي وقت مضى:

أين علماء الدين والدعاة مما يجري في الأمة؟ ولماذا تحوّل حضورهم إلى خلافات جانبية ومناظرات تستهلك الوقت بدل النهوض بالوعي أو مواجهة التحديات الكبرى؟


هذا السؤال لم يعد طرحًا إعلاميًا، بل أصبح قضية نقاش يومي على منصات التواصل وحتى في المجالس الخاصة. فبين قضايا سياسية وإنسانية تمزق المنطقة، وانقسامات فكرية واجتماعية تحتاج إلى صوت رشيد، يغيب الخطاب الديني المؤثر، ويحلّ محله ضجيج السجالات.



1. الانقسام الواضح… مؤيد ومعارض دون رؤية جامعة

يشهد المتابع اليوم انقسامًا حادًا بين العلماء والدعاة حول معظم قضايا الأمة.

ففي كل حدث كبير، تظهر:

 فئة تؤيدموقفًا سياسيًا أو دينيًا معينًا.

وأخرى تعترض بشدة على الموقف نفسه.

لكن المشكلة ليست في الاختلاف بحد ذاته، بل في تحوله إلى خصومة وصراع ومزايدات حول من الأكثر علمًا أو التزامًا أو قربًا من “الحق المطلق”، حتى بات المتابع العادي عاجزًا عن التمييز بين الرأي الشرعي الحقيقي وبين المصالح أو الحسابات الشخصية أو الارتباطات المؤسسية.


هذا الانقسام أضعَف ثقة الناس، وخلق فجوة واسعة بين العلماء والمجتمع، بينما المعركة الحقيقية — مع الجهل والفقر والاستبداد والظلم — لا تزال بحاجة إلى أصواتهم.


*2. انشغال يغيب الإنسان… خلافات العقيدة ومزايدات العلم

في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة أزمات كبرى، يختار العديد من الدعاة والعلماء الدخول في:

* جدالات حول مسائل عقائدية تاريخية.

* محاولات إثبات التفوق العلمي على الآخر.

* التركيز على “تصحيح” الأتباع ومعاقبة المختلف.

وكأن الأمة تعيش في فراغ، لا حروب ولا نكبات ولا انهيارات اقتصادية واجتماعية.

بدل أن يكون العالم منارة ترشد الناس، أصبح — لدى البعض — مشاركًا في صراع داخل البيت الواحد، يكرر ذات الكلام منذ عقود دون تجديد أو معالجة للواقع.


3. مناظرات لا تُسمن ولا تُغني… البخاري مثالًا


انتشرت في السنوات الأخيرة مناظرات طويلة عن:

* صحة كتب البخاري.

* شخصية الإمام البخاري نفسه.

* المخطوطات القديمة.

* تحديات بين الدعاة لإثبات الحفظ والاطلاع.


السؤال الذي يطرحه الناس اليوم:

*ما الذي يستفيده المجتمع من هذه المعارك؟ وما أثرها على حياة الفرد؟

النتيجة تكاد تكون صفرًا.

فالقضايا المحورية — التربية، الأخلاق، مواجهة الانحلال، دعم الأسر، معالجة الفساد — تغيب تمامًا، بينما تحتل مكانها مناقشات نظرية لا تغيّر من الواقع شيئًا.



4. الرد على الجهّال… مضيعة للوقت أم ضرورة؟

انتشرت في السنوات الأخيرة موجة من “الدجالين الرقميين” الذين يقدمون محتوى هجوميًا أو تشكيكيًا لجذب المشاهدات، ويتوقع الجمهور أن يرد العلماء عليهم.


لكن المشكلة أن:

* الجهل لا ينتهي بالرد على أصحابه واحدًا واحدًا.

* والردود المتكررة تمنحهم شهرة وتأثيرًا أكبر.

* والانشغال بهم يسرق وقت العلماء وجهدهم من القضايا الكبرى.

كان من الممكن — وما زال — أن يكون الرد: عميقًا، موجزًا، غير متكرر، وموجها للجمهور لا لصاحب الادعاء.



5. أين الدور الحقيقي؟ ولماذا غاب؟

يحمّل الكثيرون المسؤولية لعوامل متعددة:

1.الضغوط السياسية والاجتماعية التي تقيد حركة العلماء.

2. الخوف من الاصطدام بالسلطات أو المؤسسات القائمة.

3. الانشغال الإعلامي بالمناظرات لأنها تجذب المشاهدات.

4. ضعف التجديد الديني وعجز المنظومة التقليدية عن مواكبة العصر.

5. ضياع “العالم المصلح” وسط فوضى “المؤثرين الدينيين الجدد”.

لكن مهما تكن الأسباب، فإن النتيجة واحدة:

**صمت أو خلاف، بينما الأمة تحتاج إلى صوت رشيد، موحد، شجاع، ومؤثر.**


6. أسئلة مفتوحة للنقاش والحوار

وفي ضوء كل هذا، يبرز عدد من الأسئلة الجوهرية التي تستحق النقاش:

* هل فقد العلماء دورهم القيادي في المجتمعات العربية والإسلامية؟

* وهل يتحمل الجمهور جزءًا من المسؤولية عندما يفضّل المحتوى الجدلي على الوعي الحقيقي؟

* وما المطلوب من العلماء اليوم؟ صوت سياسي؟ أخلاقي؟ تربوي؟ إصلاحي؟

* وهل يمكن استعادة الثقة بينهم وبين الناس بعد سنوات من الانقسام؟

* وكيف يمكن إعادة توجيه الخطاب الديني نحو الإصلاح بدل الجدال؟

هذه الأسئلة ليست للنقد فقط، بل لفتح باب حوار عميق حول **مستقبل الإرشاد الديني** في عالم متغير، حيث لم يعد الصمت خيارًا، ولا العدائية منهجًا، ولا الانشغال بالثانويات بديلًا عن مسؤولية العلماء تجاه الأمة.

Read More
    email this

الخميس، 27 نوفمبر 2025

Published نوفمبر 27, 2025 by with 0 comment

SHEIN — من “موضة سريعة” إلى جدل صحي: ما القصة؟

 

SHEIN — من “موضة سريعة” إلى جدل صحي: ما القصة؟

SHEIN — من “موضة سريعة” إلى جدل صحي: ما القصة؟


 ما هي SHEIN بإيجاز

SHEIN هي منصة تجارة إلكترونية صينية شهيرة عالميًا، تُعرف ببيع “موضة سريعة” — أي ملابس بأسعار منخفضة، تصميمات كثيرة، تجديد مستمر — وتجذب ملايين الزبائن حول العالم.

لكن في السنوات الأخيرة، تحولت إلى موضوع جدل كبير على خلفية تقارير تحذّر من أن بعض منتجاتها (ملابس، أحذية، إكسسوارات) تحتوي على مواد كيميائية خطرة قد تُشكّل خطرًا على صحة المستهلك والبيئة.


ما الاتهامات: أي مواد خطرة وُجدت ولماذا تُعتبر خطرة؟

  • في تقرير صادر عام 2025 عن Greenpeace Germany تحليليًا لِـ 56 قطعة ملابس/منتج من SHEIN، وُجد أن 18 قطعة — أي نحو 32٪ من العيّنة — تحتوي على “مواد كيميائية خطرة” تتجاوز الحدود التي يضعها قانون تنظيم المواد الكيميائية في الاتحاد الأوروبي (REACH). Greenpeace+2saudigazette+2

  • من هذه المواد: الفثالات (Phthalates) — وهي مواد تُستَخدم كملدنات لجعل الأقمشة أو البلاستيك أكثر ليونة — وكذلك مركبات PFAS (المعروفة أحيانًا بـ"المواد الكيميائية الأبدية") التي تُستخدم لجعل الملابس مقاومة للماء والبقع. FashionNetwork+2euronews+2

  • بعض المنتجات مخالفات بشكل كبير: في بعض الحالات كانت كمية المواد الكيميائية أعلى “مئات المرات” من الحد المسموح به. FashionNetwork+2BusinessEchoes+2

  • خطر هذه المواد: وفق منظمات بيئية وصحية، قد تتسبب في اضطرابات هرمونية، مشاكل في الإنجاب، ضعف الجهاز المناعي، اضطرابات في النمو لدى الأطفال، وحتى مخاطر على الصحة طويلة الأمد مثل السرطان. Greenpeace+2saudigazette+2

  • الخطر لا يقتصر على ملامسة الجلد فقط: عند غسل الملابس أو التخلص منها، قد تدخل هذه المواد إلى الماء أو التربة، ما يزيد من التأثير البيئي — وقد تتراكم في الجسم أو البيئة مع الوقت. saudigazette+2المشهد العربي+2

هل تم سحب الملابس من الأسواق؟ وما رد SHEIN؟

  • بعد التقرير الأخير، قالت SHEIN إنها “كإجراء احترازي” ستزيل من منصاتها العالمية “أي منتجات يمكن تحديد أنها تحتوي على المواد الخطرة” لحين التحقق. الإمارات اليوم+1

  • ولكن بحسب تقرير Greenpeace، حتى بعد هذه الإعلانات ما زالت بعض ملابس SHEIN تُباع — أو تُعاد إطلاقها بصيغ مشابهة — ما يجعل الشكوك مستمرة حول فعالية “الفحص الداخلي” أو “سحب المنتجات”. FashionNetwork+2SHEIN Group+2

  • في بعض دول مثل كوريا الجنوبية — لم تتعلق دائمًا بـ SHEIN وحدها — أكد فحص رسمي أن بعض منتجات المنصات الإلكترونية (بما فيها SHEIN) احتوت مستويات عالية جدًا من الفثالات، ما دفع إلى طلب إزالة هذه المنتجات من السوق. العربية الإنجليزي+1

  • من جانبها، SHEIN تقول إنها تضع “قائمة مواد محظورة” (MRSL) لمنع استخدام مواد كيميائية خطرة في إنتاجها، وتعمل مع مختبرات للاختبار، وتوقّع عقودًا مع موردين تلتزم بمعايير السلامة، وفق تقريرها الأخير. SHEIN Group+1


ما مدى مصداقية هذه التحذيرات — هل يعني أن كل ملابس SHEIN خطرة؟

ليس بالضرورة. من المهم ملاحظة:

  • الاختبارات لم تشمل كل منتجات SHEIN، بل عيّنات محدودة — أي أن النتائج تمثّل “جزءًا” من المنتجات وليس كلها.

  • الشركة تؤكد أنها أجرت آلاف الفحوصات، وأن “أغلب” منتجاتها — حسبها — آمنة وتطبق معايير السلامة. سنوبس+1

  • لكن الانتقادات — من منظمات بيئية ومستثمرين في السلامة — تقول إن “الفحص” و”الإعلان” لا يضمان إزالة المواد الضارة بالكامل، خصوصًا إذا أعيد إنتاج الملابس من موردين جدد دون رقابة مشدّدة. FashionNetwork+2Ethical Hour+2

بمعنى آخر: الخطر قائم — خاصّة للمنتجات التي ظهرت فيها المخالفات — لكن لا يعني أن كل قطعة ملابس من SHEIN خطيرة بشكل تلقائي.


لماذا هذه القضية مهمة — التأثير على الصحة والبيئة

  • الملابس ليست مجرد “قماش” — في كثير من الأحيان تُطلى بمعالجات كيميائية (طيبعة أو لحماية من الماء/البقع) تزيد من الراحة أو المظهر، لكن قد تحمل مخاطر عند الاستخدام الطويل أو عند ملامسة الجلد، خاصة للأطفال.

  • عند الغسيل أو التخلص من الملابس، تدخل المواد الكيميائية إلى البيئة (مياه، تربة)، ما يهدد النظام البيئي ويؤثر على الصحة العامة.

  • في سياق “الموضة السريعة” (fast fashion)، الإنتاج الضخم والتجديد السريع ربما يُزيد من استهلاك المواد الكيميائية وتكرار تعرض المستهلك لها — وهو ما يجعل القضية ذات بعد اجتماعي وبيئي، وليس فقط فرديًا.


الخلاصة — إلى أين تتجه الأمور؟

  • التقارير الأخيرة (2025) تشير بوضوح إلى أن بعض منتجات SHEIN تحتوي على مواد كيميائية تجاوزت الحدود المسموح بها في معايير السلامة الأوروبية، مما يرفع من مستوى القلق حول السلامة الصحية.

  • SHEIN ردّت بإجراءات إزالة المنتجات “المعرّضة” عن منصتها، وادّعت الالتزام بمعايير داخلية وفحص آلاف المنتجات — لكن التحليل المستقل يبقى أداة أساسية للتحقّق من سلامة الملابس.

  • كمستهلك: من الحكمة أن تكون حذرًا — خصوصًا عند شراء ملابس رخيصة أو “موضة سريعة” — ويفضل غسلها قبل الاستخدام، وتجنّب ملابس الأطفال أو الأحذية المشبوهة إذا أمكن.

  • على المدى البعيد: من الضروري تشديد رقابة المستورِدات ومنصات التجارة الإلكترونية، وتطبيق قوانين سلامة صارمة، لأن ما يُشترى “رخيصًا” قد يكلّف الصحة والبيئة — ثم تكلفة لا تُمحى بسهولة


  •  إلى أين يتجه عالم الموضة السريعة


إثارة الجدل حول SHEIN ليست مجرد قصة عن شركة واحدة بقدر ما هي انعكاس لتحوّل كامل في ثقافة الاستهلاك العالمي. فالسؤال الأهم اليوم لم يعد: *هل تحتوي بعض منتجات SHEIN على مواد خطرة؟*
بل أصبح: هل نموذج الموضة السريعة برمّته قادر على الاستمرار دون أن يترك أثراً صحياً وبيئيا واقتصادياً عميقاً؟

هنا تبدأ الأسئلة الحقيقية التي تستحق النقاش

 هل يمكن للمستهلك أن يستمر في دعم منتجات منخفضة السعر وهو يعلم أنها قد تُنتج بطرق غير آمنة أو غير أخلاقية؟

 وهل الشركات مثل  شي إن ومثيلاتها — قادرة على تعديل سلاسل التوريد الضخمة لتصبح أكثر شفافية وأقل ضرراً، أم أن رخص السعر يأتي دائماً على حساب الجودة والصحة؟

* وهل القوانين الدولية الحالية كافية للحد من استخدام المواد الضارة، أم أنها تلاحق الصناعة بعد وقوع الضرر؟

* وكيف يمكن التوفيق بين رغبة المستهلك في السعر المنخفض، وضرورة حماية صحته والبيئة؟

* الأهم: هل يجب على الحكومات العربية والخليجية إنشاء هيئات رقابية لفحص منتجات التجارة الإلكترونية بنفس صرامة الاتحاد الأوروبي، أم أننا لا نزال في بداية الطريق؟

تفتح هذه الأسئلة باباً واسعاً للحوار حول مستقبل صناعة الأزياء، ودور المستهلك، ومسؤولية الشركات، والدور التنظيمي للدول — في مواجهة نموذج اقتصادي ضخم يتوسع بسرعة غير مسبوقة.

Read More
    email this

الأربعاء، 26 نوفمبر 2025

Published نوفمبر 26, 2025 by with 0 comment

أطفال يحمون التمثال… وهويّة تحتاج من يحميها


أطفال يحمون التمثال… وهويّة تحتاج من يحميها


في إحدى مدارس مدينة أضنة التركية، ظهر مشهد أثار استغراب الكثيرين: طلابٌ صغار يحملون المظلات فوق تمثال مصطفى كمال أتاتورك لحمايته من المطر.

قد يبدو المشهد بسيطًا لأول وهلة، لكنه يفتح بابًا واسعًا لفهم طريقة صناعة الوعي في مجتمعٍ ما زال يحمل في عمقه إرث الكمالية وتقاليدها الممتدة لعقود.


طقوس تتجاوز العمر… وتشكيل مبكر للولاء

ليس من الطبيعي — في بيئة تعليمية يُفترض أن تساعد الطفل على التفكير والنقد والبحث — أن يُعطى الأطفال مهمة حماية تمثال.

فالطفل الذي لم يدرك بعد معنى التاريخ ولا مفهوم الدولة ولا جدل الهوية، يجد نفسه جزءًا من طقوس رمزية تُزرع فيه قبل أن يعي خلفياتها.


هذا النوع من الممارسات يعكس كيف تُنشَّأ الأجيال في أنظمة تتعامل مع الرموز بوصفها مقدسات، لا بوصفها شخصيات تاريخية قابلة للنقد والفهم والمراجعة.


إرث الكمالية… والهوية المُهمَّشة

لا يمكن فصل المشهد عن التاريخ السياسي التركي في بدايات الجمهورية.

عهد أتاتورك شهد إصلاحات كبيرة وجذرية شملت:


تغيير البنية الثقافية للمجتمع،


إعادة صياغة الهوية الوطنية على أسس جديدة،


فرض نموذج صارم من العلمنة،


تقليص التعليم الديني،


وتغيير طبيعة الحضور الإسلامي في المجال العام.

سواء اتُفِق مع هذه الإجراءات أو اختلف معها، إلا أن أثرها بقي حاضرًا، وتحوّلت شخصية أتاتورك إلى "نموذج رسمي" في المخيال العام، تُكرّس له طقوس يومية في المدارس والمؤسسات.


بين التاريخ والتلقين

المشكلة لا تكمن في تدريس التاريخ أو مناقشة إنجازات الشخصيات، بل في تقديم هذه الشخصيات بمعزل عن النقد، وفرض احترامها بطريقة شعائرية لا تتيح للطفل فهم الظروف التاريخية أو رؤية الصورة كاملة.


في الوقت الذي يحتاج فيه الطالب إلى معرفة:


كيف تغيّرت هويته عبر العقود،


لماذا اعتُمدت سياسات لغوية جديدة،


كيف أعيد تشكيل العلاقة بين الدين والدولة،


ولماذا دار صراع طويل حول مكانة الدين في تركيا…



تُختصر العملية التربوية في طقس رمزي: حماية تمثال من المطر.


جيل يحافظ على الرموز… ولا يعرف لماذا


النتيجة ليست غريبة: أجيال تتعامل مع الرموز كما لو كانت مقدسات، لكنّها تفتقر إلى فهم السياق التاريخي والسياسي والثقافي الذي أنتج تلك الرموز.

يتعلم الطفل كيف يرفع المظلة فوق التمثال، لكنه لا يتعلم لماذا اختلفت هوية بلده، وما معنى الصراع بين الكمالية والمحافظة، وكيف تشكلت تركيا الحديثة بين شدّ وجذب.


خاتمة

المشهد ليس مجرد فعل طفولي بريء، بل انعكاس لطريقة تفكيرٍ أعمق:

بدل أن يُمنح الطفل أدوات المعرفة والوعي، يُمنح مجموعة من الطقوس الجاهزة.

وبدل أن يتعلم كيف يقرأ التاريخ، يُطلب منه أن يحميه — أو بالأحرى أن يحمي "نسخة معينة" منه.


إنه سؤال مفتوح:

هل نريد جيلاً يحفظ الرموز؟ أم جيلاً يفهم التاريخ؟

Read More
    email this
Published نوفمبر 26, 2025 by with 0 comment

الإخوان المسلمون: بين الاتهامات الأمريكية والتصنيفات الدولية… هل تقترب الجماعة من آخر مراحل نفوذها؟

الإخوان المسلمون: بين الاتهامات الأمريكية والتصنيفات الدولية… هل تقترب الجماعة من آخر مراحل نفوذها؟

الإخوان المسلمون: بين الاتهامات الأمريكية والتصنيفات الدولية… هل تقترب الجماعة من آخر مراحل نفوذها؟



تجد جماعة الإخوان المسلمين نفسها اليوم أمام واحدة من أعقد لحظات تاريخها الممتد منذ تأسيسها عام 1928. وبينما تتزايد المؤشرات حول اتجاه الولايات المتحدة نحو تصنيف الجماعة “منظمة إرهابية”، تتجدد الأسئلة حول طبيعة الاتهامات الموجّهة إليها، وردة فعلها المتوقعة، والمكاسب والخسائر التي ستترتب على هذه الخطوة، ومدى تأثيرها على مستقبل الجماعة في العالم العربي.

هذا المشهد يستدعي الغوص في جذور الاتهامات، وفهم رموز الجماعة ومنظّريها، وتحليل أثر خطابها عبر عقود.


أولاً: الاتهامات الموجهة للجماعة — لماذا تُتهم بالإرهاب؟

تختلف الاتهامات من دولة لأخرى، لكنها تتمحور غالباً حول أربع نقاط رئيسية:

1. الارتباط بفصائل مسلّحة أو دعم مجموعات عنيفة

بعض الدول التي صنّفت الجماعة تستند إلى اتهامها بإيجاد بيئة فكرية أو لوجستية لفصائل مسلّحة في مصر وغزة وسوريا.
وتقول هذه الدول إن الخطاب العقائدي لبعض التيارات داخل الإخوان شكّل “مظلّة أيديولوجية” لجماعات أخرى، رغم أن الإخوان ينفون رسمياً علاقتهم بأي عمل مسلح خارج إطار المقاومة السياسية.


2. السعي للتمكين السياسي بوسائل غير مشروعة

تتهم دول عدّة الجماعة بتبنّي استراتيجية “التمكين” التي تقوم على اختراق مؤسسات الدولة تمهيداً للسيطرة عليها، خصوصاً خلال فترة ما قبل وبعد الربيع العربي.


3. التحريض الإعلامي والديني

يتهم خصوم الإخوان خطاب بعض الدعاة المرتبطين فكرياً بالجماعة بأنه لعب دوراً في خلق حالة الاستقطاب المجتمعي، أو في تبرير الاحتجاجات والصدامات السياسية.


4. العلاقات التنظيمية عبر الحدود

ترى بعض الدول أن “العالمية” التي تتميز بها الجماعة تُعدّ خطراً على سيادة الدول، لأنها تربط أعضاءها ببنية تنظيمية خارج حدود الدولة، وهو ما اعتبرته أكثر من دولة “تدخلاً سياسياً عابراً للحدود”.


ثانياً: الدول التي صنّفت الجماعة قبل الولايات المتحدة

قبل الحديث عن الخطوة الأمريكية المحتملة، من المهم معرفة أن جماعة الإخوان مصنفة كمنظمة إرهابية في عدة دول أبرزها:

  • مصر: منذ 2013، مع اتهامات بالعنف والتخريب (تنفي الجماعة).

  • السعودية: حظرت الجماعة عام 2014 وصنفتها كتنظيم إرهابي.

  • الإمارات: صنفتها في 2014 ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية.

  • البحرين: سارت في الاتجاه نفسه.

  • روسيا: صنّفت الجماعة في 2003 كتنظيم متطرف.

  • سوريا: منذ ثمانينات القرن الماضي بسبب الصدام مع النظام.

بهذا يصبح التوجه الأمريكي — إن اكتمل — جزءاً من موجة واسعة من القرارات الدولية حول الجماعة.


ثالثاً: ماذا قد تفعل الولايات المتحدة بعد التصنيف؟

في حال مضت واشنطن بالتصنيف، قد تشمل الإجراءات:

1. تجميد أي أصول مالية مرتبطة بالجماعة

حتى إن لم تكن الحسابات باسم “الإخوان” مباشرة، قد تشمل كيانات تُتهم بأنها واجهة لأنشطة الجماعة.

2. ملاحقة أي دعم أو تعامل مالي

قد يُعتبر أي تمويل أو تنسيق نوعاً من “دعم الإرهاب”.

3. تقييد أنشطة المؤسسات الإسلامية المقربة فكرياً

خصوصاً تلك الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا، حتى لو لم تكن مرتبطة تنظيمياً.

4. التأثير على علاقات الجماعة في العالم العربي

قد تستفيد الحكومات التي تصنّف الجماعة من القرار الأمريكي لتضييق أوسع عليها.


رابعاً: ردة فعل الجماعة المتوقعة

من خلال مواقفهم السابقة في مصر وتونس ودول أخرى، يمكن توقع أن تعتمد الجماعة على:

  • الإنكار الكامل لأي ارتباط بالعنف

  • الاستناد للخطاب الحقوقي الدولي باعتبار أن القرار “سياسي”

  • تحويل القرار إلى ورقة لكسب التعاطف الشعبي لدى قطاعات من الجمهور

  • التمسك بالتنظيم الخارجي كمساحة عمل بديلة


خامساً: أبرز قادة الإخوان ومنظّريها وتأثيرهم الفكري

جماعة الإخوان ليست كتلة واحدة، بل تيارات متعددة عبر الزمن.
وهؤلاء أبرز مؤثريها تاريخياً وحديثاً:

1. حسن البنا (المؤسس)

صاغ فكرة “الإسلام الشامل” الذي يجمع الدعوي والسياسي والاجتماعي.
تراثه الفكري كان الأساس للتحولات اللاحقة.

2. سيد قطب (المنظّر الأكثر جدلاً)

أشهر كتبه معالم في الطريق، الذي أثار جدلاً واسعاً.
اتهمه خصوم الجماعة بأنه وفّر قاعدة فكرية للحركات الجهادية، بينما يقول المدافعون إنه كان يطرح قراءة فكرية لا علاقة لها بالعنف.

3. يوسف القرضاوي (أبرز مرجع فكري معاصر — متوفى)

أثر بشكل كبير عبر الإعلام والفقه السياسي المعاصر، وتنتمي إليه آلاف المحاضرات والكتابات.

4. راشد الغنوشي (تونس)

أعاد تقديم فكر الإخوان بطريقة “ديمقراطية” وطرح نموذج الإسلام السياسي البرلماني.

5. طارق السويدان (الكويت)

هو مفكر وداعية إسلامي ذو توجه إصلاحي، ومرتبط فكرياً بمدرسة الإخوان دون أن يُتهم بعنف أو يرتبط بتنظيم مسلح.
أثر عبر الإعلام والتدريب والتنمية البشرية، وله حضور واسع في الخليج.

6. محمود عزت، خيرت الشاطر، محمد بديع (القيادة المصرية)

قادوا التنظيم العام خلال العقود الأخيرة، واتُهموا في مصر بقضايا تتعلق بالعنف والتحريض (بينما ينفي الإخوان هذه الاتهامات).


سادساً: كيف أثّر منظّرو الجماعة في المجتمعات العربية؟

تأثير الإخوان لم يكن محدوداً، بل امتد عبر:

1. الإعلام

من خلال الفضائيات والإذاعات والقنوات الرقمية والخطاب الديني.

2. العمل الخيري

كان أحد مصادر القوة الجماهيرية في مصر والأردن وغزة والسودان.

3. النقابات المهنية

سيطر الإخوان على نقابات مهمة (الأطباء، المهندسين، المعلمين) لسنوات طويلة، مما منحهم نفوذاً اجتماعياً.

4. التعليم والثقافة

أثرت كتب سيد قطب والبنا والغنوشي في أجيال من الشباب، وأصبحت جزءاً من المناهج غير الرسمية في بعض الدول.

5. المعارضة السياسية

في دول عديدة مثل مصر وتونس والمغرب والأردن، كانت الجماعة تمثل المعارضة الأقوى، ما جعلها لاعباً سياسياً محورياً.


سابعاً: هل نحن أمام “بداية النهاية”؟

الإجابة ليست بسيطة.

ما يدعم فكرة النهاية:

  • تضييق دولي وعربي غير مسبوق

  • خسارة الجماعة معظم قواعدها في مصر

  • تفكك تنظيمها في الخليج وشمال إفريقيا

  • فقدان خطابها لجاذبيته القديمة

ما يعاكس ذلك:

  • استمرار نفوذها في الأردن

  • تأثير قوي لحركة حماس في غزة

  • وجود قواعد فكرية في تركيا وماليزيا وشرق أفريقيا

  • شبكة تنظيمية منتشرة يصعب تفكيكها بالكامل


الخلاصة:

الجماعة تمر بأضعف مرحلة منذ تأسيسها…
لكن النهاية ليست محسومة، بل تعتمد على التحولات الإقليمية، وقدرتها على إعادة إنتاج خطاب جديد يتلاءم مع واقع ما بعد 2024.

Read More
    email this
Published نوفمبر 26, 2025 by with 0 comment

"عمران خان… حكاية زعيم غائب: أسئلة شقيقاته، صمت الدولة، وحوار الحقيقة"

"عمران خان… حكاية زعيم غائب: أسئلة شقيقاته، صمت الدولة، وحوار الحقيقة"

 "عمران خان… حكاية زعيم غائب: أسئلة شقيقاته، صمت الدولة، وحوار الحقيقة"



من هو عمران خان ؟ 

Pakistan Tehreek-e-Insaf  مؤسسها وقيادتها كان عمران خان زعيماً بارزاً في السياسة الباكستانية، وشغل منصب رئيس الوزراء في باكستان قبل أن يُعتقل في أغسطس 2023. www.ndtv.com+2India Today+2
خلال فترة سجنه، واجه مزاعم ومطالب من أنصاره وعائلته تتعلق برعايته، سلامته، وحقه في زيارة العائلة. Dawn+2ABP Live+2


❓ الشائعات حول “وفاته” — ما نعرف وما لا نعرف

في الأيام القليلة الماضية انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنباء تفيد بأن عمران خان “قتل في السجن”. Argus English+2India Today+2

  • هذه التقارير لا تستند إلى أي تأكيد رسمي من الجهات المعنية (السجن، الحكومة، أو أي مؤسسة رسمية). Soch Fact Check+2India Today+2

  • على العكس، تحقق جهات تدقيق الحقائق في وثيقة مزعومة من وزارة الخارجية (MoFA) تعلن وفاة عمران خان — ووجدت أن الوثيقة مزيفة وليس هناك أي بيان رسمي صُدر بهذا الخصوص. Soch Fact Check

  • الصحف والمصادر الإعلامية البارزة تصف ما يجري بأنه “شائعات” (rumours) — أي أنها غير مؤكدّة حتى الآن. العين الإخبارية+2India Today+2

الخلاصة: لا توجد أي معلومة موثوقة تؤكد وفاة عمران خان حتى هذه اللحظة.


👩‍👧 مطالبات شقيقاته ومعاناة العائلة / مناصرينه

  • شقيقات عمران — نورين خان وعليمة خان وعظمة خان — احتشدن خارج سجن Adiala Jail للمطالبة بلقائه، بعد أن قُيل لهن إن الزيارات “موقوفة مؤقتًا”. www.ndtv.com+2العين الإخبارية+2

  • عند محاولتهن الدخول، تحدثن عن “اعتداء وحشي” نفّذته الشرطة ضدهن وأنصارهـن: “سحل، سحب من الشعر، ضرب، جر على الأرض” — بحسب شهادتهن. Dawn+2ABP Live+2

  • في حديث علني، قالت إحدى الأخوات: «إذا كان حيّاً، دعونا نرتبط به. وإذا لم يكن… فقلوا لنا الحقيقة». TFIGlobal+1

  • العائلة والمناصرون طالبوا بتحقيق قضائي مستقل — معتبرين أن ما جرى “عنف دولة” وانتهاك لحقوقهم. ABP Live+1


🏛️ موقف الحكومة والسلطات — الصمت أو عدم التأكيد

  • حتى الآن، لم تؤكد أي جهة رسمية — سجن Adiala، وزارة الداخلية، أو وزارة الخارجية — وفاة عمران خان أو تعرضه لأذى جسيم. Soch Fact Check+2فيتو+2

  • النفي الأبرز جاء من تحقيقات تدقيق الحقائق، التي وصفت إشاعة الوفاة بأنها “مزورة وغير مطابقة للواقع”. Soch Fact Check+1

  • في نفس الوقت، منع الزيارات العائلية لفترة طويلة، وفرض قيود صارمة على الوصول إلى عمران داخل السجن — ما أثار تساؤلات عن الشفافية حول وضعه الصحي وسلامته. www.ndtv.com+2India Today+2


🧠 تحليل نقدي: لماذا تنتشر مثل هذه الشائعات — وما الرسائل المتداخلة؟

  • الفراغ الإعلامي + الحظر على الزيارات: عندما تُمنع العائلة أو المحامين أو الأحزاب من زيارة سجين بارز، هذا الفراغ يُخلف فجوة إعلامية تُملأ بالشائعات.

  • تجاذب سياسي حاد: عمران خان رمز سياسي قوي، وأي خبر — حقيقي أو مفبرك — عن مصيره يزرع خوفاً أو يوقظ غضباً في بيئة متوترة؛ لذلك الشائعات تنتشر بسرعة.

  • أداة ضغط سياسي أو معنوي: نشر خبر وفاة (حتى كإشاعة) يمكن أن يكون وسيلة لإشعال احتجاجات، أو اختبار ردود الفعل، أو خلق ضغط على الحكومة.

  • معاناة العائلة والمؤيدين — دفعة للمطالبة بالشفافية والعدالة: الحالات مثل اعتداء على شقيقاته تُظهر أن موضوع “مصير عمران خان” ليس فقط مسألة شخصية، بل رمز لحقوق إنسانية وسياسية أوسع.


🔎 لماذا من المهم أن ننتظر تأكيدات رسمية وما الذي يمكن أن يحدث لاحقاً؟

  • لأن كل التقارير الحالية إشاعات أو اتهامات — لا تتجاوز “شبهات” — ويجب التعامل معها بقدر من الحذر والنقد.

  • أي إعلان رسمي عن وفاة أو حالة طارئة من السجن سيكون له صدى قوي — داخليًا في باكستان، وخارجيًا في صحافة العالم — وتداعيات سياسية كبيرة.

  • من الممكن أن يتم إطلاق تحقيق دولي أو تدقيق حقوقي في حال تأكد أن هناك انتهاكات لحقوق السجين أو عائلته، خاصة إذا كان هناك “اعتداء على الأقارب/حصار على الزيارات”.

  • في المقابل، إذا استمر الصمت أو الرفض الممنهج للزيارات — فهذا بدوره وثيقة على غياب الشفافية، وصفته بعض الأطراف بأنه “تنكيل سياسي”.


🧑‍🤝‍🧑 رأيي كـ قارئ وكمراقب: على الحكومات أن تتحمل مسؤولية الشفافية

أرى أن في هذا الوضع، وتحت وطأة الحيرة والخوف من التصعيد، فإن الصدق والشفافية من الحكومة — سواء في باكستان أو من السّجانين — هي ضرورية.
حرمان العائلة من زيارة سجين سياسي كبير، وخصوصًا مع مزاعم عن سوء معاملة — يفتح الباب لنشر شائعات، ويغذي ثقافة عدم الثقة وعدم الاستقرار.
حتى لو لم يكن هناك شيء خطير، فإن الإفصاح عن المعلومات الأساسية — “إنه حيّ، هذا وضعه الآن، وله الحق في محامين/زيارات إذا رغب” — يقلل كثيرًا من الضرر المعنوي والسياسي.

Read More
    email this