الاثنين، 15 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 15, 2025 by with 0 comment

هجوم عيد الحانوكا في أستراليا: الأسئلة المسكوت عنها وتشابك الخيوط السياسية والأمنية


هجوم عيد الحانوكا في أستراليا: الأسئلة المسكوت عنها وتشابك الخيوط السياسية والأمنية

هجوم عيد الحانوكا في أستراليا: الأسئلة المسكوت عنها وتشابك الخيوط السياسية والأمنية



أعاد الهجوم المسلح الذي استهدف تجمعًا يهوديًا في أستراليا أثناء الاحتفال بعيد الحانوكا (عيد الأنوار) فتح ملفات معقدة تتجاوز الحدث ذاته، لتلامس قضايا الأمن، والسياسة الدولية، ودور أجهزة الاستخبارات، وسرديات الإعلام الغربي المتناقضة.

الهجوم، الذي أسفر عن 56 إصابة ما بين قتيل وجريح، لم يكن مجرد حادث أمني عابر، بل تحوّل سريعًا إلى قضية دولية، خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل أن إيران تقف خلفه، رغم نفي طهران القاطع لأي صلة بالعملية.


الموساد في قلب التحقيق… رغم وقوع الهجوم داخل أستراليا

اللافت منذ اللحظات الأولى أن جهاز الموساد الإسرائيلي تولّى دورًا مباشرًا في التحقيق، رغم أن الهجوم وقع على الأراضي الأسترالية، وهو ما أثار تساؤلات حول الجهة التي طلبت تدخل الموساد، ولماذا وافقت إسرائيل على المشاركة الفورية.

وبعد ذلك مباشرة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح واضح يتهم فيه إيران بالوقوف خلف الهجوم، مستندًا إلى معطيات قال إنها استخباراتية.


موقف إيراني معقد وسياق سابق يزيد الشبهات

رغم نفي إيران، فإن موقفها بدا معقدًا، خاصة أن هذا الهجوم جاء بعد حادثة سابقة في أغسطس الماضي، استهدفت معبدًا ومطعمًا يهوديًا في أستراليا، وهو الهجوم الذي أدى حينها إلى طرد السفير الإيراني من البلاد.

هذا السياق جعل الاتهامات الإسرائيلية تلقى صدى أسرع، حتى قبل اكتمال التحقيقات الرسمية.


تفصيلتان غريبتان قلبتا المشهد

عند التدقيق في تفاصيل الهجوم، تظهر مفارقتان لافتتان:

أولًا: المستفيد الوحيد

عند تحليل النتائج السياسية والأمنية، تبدو إسرائيل الطرف الوحيد المستفيد من الهجوم، سواء على مستوى تعزيز رواية “التهديد الإيراني”، أو الدفع نحو تشديد الإجراءات الأمنية ضد الجاليات المسلمة.

ثانيًا: البطل الذي أربك الرواية

العنصر الأكثر إحراجًا في القصة هو أن الشخص الذي أنقذ اليهود واشتَبك مع المسلحين كان مواطنًا مسلمًا يدعى أحمد الأحمد.

أحمد واصل الاشتباك مع المهاجمين حتى أُصيب بطلقين ناريين، ونُقل إلى المستشفى حيث خضع لعملية جراحية، ويتابع رئيس الوزراء الأسترالي شخصيًا حالته الصحية، فيما وصفه الشارع الأسترالي بـ”البطل”.


أسئلة مشروعة بلا إجابات

تداخل هذه الخيوط يفتح الباب أمام تساؤلات كبرى:

  • ما علاقة إيران بالهجوم إذا كانت إسرائيل المستفيد الأكبر؟

  • كيف تواجد المواطن المسلم أحمد الأحمد في الاحتفال؟

  • ما هو عيد الحانوكا الذي كان يُحتفل به؟

  • كيف حصل المسلحون على السلاح رغم القوانين الصارمة في أستراليا؟

  • وما هي النتائج السياسية والأمنية التي ترتبت على الهجوم؟


قوانين السلاح في أستراليا… ذاكرة مجزرة بورت آرثر

للإجابة عن سؤال السلاح، لا بد من العودة إلى عام 1996، حين شهدت أستراليا مجزرة بورت آرثر، التي نفذها مسلح أسترالي يُدعى مارتن براينت، أسفرت عن مقتل 35 شخصًا.

آنذاك، وصفته الصحافة الأسترالية بـ”المسلح” وليس “الإرهابي”، رغم فداحة الجريمة.

بعد تلك المجزرة، شُددت قوانين السلاح بشكل غير مسبوق، وجرى جمع أكثر من مليون قطعة سلاح من المواطنين وإتلافها، وفرضت شروط صارمة على اقتناء السلاح، من بينها إثبات “الضرورة القصوى”.


فكيف وصل السلاح والعبوات الناسفة؟

الصدمة كانت حين أعلنت الشرطة أنها عثرت في سيارة المهاجمين على عبوات ناسفة، ما يعني أن الهجوم لم يكن مجرد إطلاق نار، بل كان يمكن أن يتطور إلى كارثة أكبر لولا تدخل أحمد الأحمد.

هذا الاكتشاف فتح فرضية خطيرة:
هل كان المسلحان يعملان بمفردهما؟ أم أن هناك جهة مولت ودعمت وخططت؟


الرواية الإسرائيلية والأدلة الثلاثة

إسرائيل سارعت للإجابة، واتهمت الحرس الثوري الإيراني، مستندة إلى ثلاثة “أدلة”:

  1. رصد الموساد لتحركات إيرانية – وفق ادعائه – في عدة دول لاستهداف جاليات يهودية.

  2. اعتراف المخابرات الأسترالية بأن أحد المنفذين كان تحت المراقبة الأمنية قبل الهجوم.

  3. اكتشاف أن أحد المسلحين اشترى منزلًا قبل عام واحد فقط، وهو ما اعتبرته إسرائيل دليلًا على أن التخطيط للهجوم استغرق عامًا كاملًا، وليس عملًا فرديًا عشوائيًا.

وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن هذا المستوى من التخطيط لا يمكن أن يتم دون دعم جهاز استخباراتي منظم.


خلاصة المشهد

ما جرى في أستراليا ليس مجرد حادث أمني، بل قضية متشابكة تتداخل فيها:

  • السياسة

  • الاستخبارات

  • الإعلام

  • سرديات الإرهاب

وبين اتهامات بلا أدلة قاطعة، وبطولة مواطن مسلم أربكت كل الروايات، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل نحن أمام هجوم معزول؟ أم حلقة في صراع دولي أكبر تُستخدم فيه الأحداث لإعادة رسم المشهد؟

    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا