الجمعة، 26 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 26, 2025 by with 0 comment

العوض عند الله دائمًا مختلف وأجمل

العوض عند الله دائمًا مختلف وأجمل

العوض عند الله دائمًا مختلف وأجمل





ليس الفقد حدثًا عابرًا في حياة الإنسان، بل تجربة عميقة تهز الداخل قبل أن تمسّ الخارج. قد نفقد شخصًا، أو مالًا، أو حلمًا، أو حتى نسخة قديمة من أنفسنا كنّا نظن أننا لا نستطيع العيش بدونها. والأصعب من الفقد ذاته هو شعور الانكسار الذي يرافقه، ذلك الإحساس بأن الأرض ضاقت، وأن الأيام لم تعد كما كانت.

ومع ذلك… يبقى وعد الله حاضرًا: العوض عند الله دائمًا مختلف وأجمل.


قد نكون في أي لحظة ذلك الشخص الفاقد؛ اليوم ننظر إلى غيرنا بعين المتأمل، وغدًا قد نكون نحن من يحتاج كلمة صبر ورباطة جأش. لكن الفرق الحقيقي لا يصنعه حجم الخسارة، بل طريقة التعامل معها: الصبر والاحتساب.


الصبر ليس ضعفًا… بل وعيًا


حين نصبر، لا يعني أننا لا نتألم، بل يعني أننا نُحسن توجيه الألم. وحين نحتسب، فإننا نسلّم الأمر لله بثقة، لا باستسلام. نؤمن أن ما خرج من أيدينا لم يخرج من علم الله، وأن ما فقدناه ليس نهاية الطريق، بل قد يكون بدايته.


مثال الطلاق… حين يتحول الفقد إلى نجاة

من أقسى صور الفقد أن تفقد المرأة استقرارها العاطفي بسبب رجل مؤذٍ لا يرحم، يستهلك روحها قبل قلبها، ويطفئ فيها الطمأنينة. قد يكون الطلاق في نظر البعض خسارة، لكنه في الحقيقة قد يكون نجاة مؤلمة.

وحين تصبر هذه المرأة وتحتسب، قد يعوضها الله برجل مختلف تمامًا؛ رجل يحملها لا يثقلها، يحمل همّها قبل أن يحمل اسمها، يحتوي مشاكلها بدل أن يكون سببها. تعيش معه حياة لا تُقاس بطولها، بل بعمقها، حياة تترك أثرًا لا يُنسى، وكأن الله يقول لها: ما فقدتِه كان شرًّا، وما أتاكِ هو الخير الحقيقي.


خسارة المال… حين يكون السقوط درسًا

وكذلك من يخسر ماله، فيظن أن الدنيا أغلقت أبوابها في وجهه. لكن من يصبر ويحتسب، لا يقف طويلًا في دائرة الندم. ينهض، يتعلّم، يعيد بناء نفسه من جديد.

وكم من إنسان خسر كل شيء، ثم عاد أقوى، وحقق أضعاف ما فقده، لا لأن الظروف تغيّرت، بل لأن الإنسان تغيّر. العوض هنا لم يكن مالًا فقط، بل عقلًا أنضج، وقلبًا أصلب، ونظرة أوسع للحياة.


حين يتأخر العوض… لا يعني أنه لن يأتي

ليس شرطًا أن يأتي العوض سريعًا، وقد لا يأتي بالشكل الذي ننتظره. أحيانًا يتأخر، وأحيانًا يأتي متخفيًا. وقد يظن الإنسان أنه لم يُعوض، بينما العوض يتشكّل بهدوء في داخله.


فهناك دلالات وإشارات على قرب العوض، أولها:


الراحة النفسية بعد طول اضطراب


الثبات في القلب بعد خوف


الهدوء والسكينة رغم أن الأسباب لم تتغير


أن تتوقف عن سؤال: لماذا حدث هذا؟ وتبدأ بسؤال: ماذا يريد الله أن يعلّمني؟

هذه العلامات ليست عابرة، بل رسائل طمأنة بأن الله يجبر الخاطر قبل أن يغيّر الواقع.


خلاصة القول


العوض عند الله لا يشبه ما فقدناه، لأنه لو كان كذلك لما كان عوضًا. هو مختلف… وأجمل… وأعمق.

قد لا نفهم حكمته فورًا، لكننا نفهمها يوم نلتفت إلى الوراء ونقول: الحمد لله أن ما فقدته ذهب، لأن ما جاء بعده كان أعظم.


فاصبر، واحتسب، وامضِ بثقة…

فالله لا يكسر بخاطر عبدٍ ثم يتركه.

    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا