الثلاثاء، 23 ديسمبر 2025

Published ديسمبر 23, 2025 by with 0 comment

ثورة الوعي الرقمي: هل انتهى عصر "التفاهة" أم هو مجرد تبديل أقنعة؟

 

ثورة الوعي الرقمي: هل انتهى عصر "التفاهة" أم هو مجرد تبديل أقنعة؟

ثورة الوعي الرقمي: هل انتهى عصر "التفاهة" أم هو مجرد تبديل أقنعة؟



لقد سئم الجمهور العربي من المحتوى الهابط الذي استمر لسنوات يتصدر المشهد، وبدأت ملامح ثورة وعي تلوح في الأفق. هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة اصطدام الجمهور بحقائق وجودية (مثل أحداث غزة الكبرى) جعلت "تحديات الأكل" و"فلوقات الرفاهية" تبدو مقززة وصغيرة جداً أمام عظمة التضحيات والبحث عن المعنى.


1. هل هو تحول جذري أم "موضة" مؤقتة؟

ما نلاحظه اليوم هو مزيج من الأمرين. هناك نقطة تحول حقيقية لدى الجمهور الذي أصبح أكثر نضجاً في اختيار من يتابعه، وهناك تكتيك بقاء لدى صناع المحتوى.

الكثير من "مشاهير الفلس" أدركوا أن بضاعتهم القديمة لم تعد تُباع، وأن الجمهور الذي كان يضحك على تفاهتهم أصبح اليوم يحتقرها. لذا، تحولوا للمحتوى الهادف ليس دائماً عن قناعة، بل لأن "الترند" الحالي هو الوعي والجدية.


2. ظاهرة "توبة المشاهير": هل ندعمهم أم نحذرهم؟

هنا تكمن المعضلة الأخلاقية. المحتوى الهابط كان مصدر ثرواتهم، وتحولهم المفاجئ يثير الريبة.

  • لماذا التحول؟ بعضهم شعر فعلاً بالذنب (خاصة بعد رؤية أشلاء الأطفال في غزة)، وبعضهم خاف من "الإلغاء" (Cancel Culture) وفقدان المعلنين.

  • الموقف الأخلاقي: القاعدة تقول "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا". نحن ندعم المحتوى النافع بغض النظر عن قائله، لكننا لا نمنح صكوك الغفران المطلقة لصانع المحتوى إلا بعد "فترة اختبار" تثبت استمراريته واتساق مواقفه، لكي لا يكون مجرد "ركوب للموجة".


أمثلة لشخصيات عربية شهدت تحولات (من السخافة إلى المنفعة أو الجدية)

هناك نماذج عديدة، تختلف دوافعها، لكنها تعكس هذا التحول:

الشخصيةطبيعة المحتوى السابقالتحول الحاليملاحظات
شادي سرور (مصر)فيديوهات كوميدية ساخرة وتحديات صبيانية.مر بأزمات نفسية وفكرية، ثم اتجه لمحتوى أكثر عمقاً وتحدث عن قضايا وجودية ودينية.يُظهر صراعاً إنسانياً حقيقياً بين الشهرة والبحث عن الذات.
دايلر (السعودية)كان رمزاً لمحتوى المراهقين الصاخب والتفاهة المربحة.بعد أزمات قانونية وغياب، عاد بمحتوى أكثر هدوءاً، يتحدث عن تجاربه الشخصية ودروس الحياة.يراه البعض نضجاً طبيعياً مع العمر، ويراه آخرون محاولة لترميم الصورة.
نور ستارز وزميلاتهامحتوى تجميل، تسوق، ومناوشات شخصية.في الأزمات الكبرى (مثل غزة)، تحولن تماماً لنشر الحقائق، واستخدمن لغات أجنبية لمخاطبة الغرب.هذا التحول "مؤقت" غالباً لكنه أثبت أن الضغط الشعبي يغير مسار المحتوى.


كيف نستغل هذه الهبة لترسيخ الحقائق؟

لكي لا تذهب هذه الموجة سدى يجب على كل من يبحث عن التغيير والفائدة  القيام بالآتي:

  1. المكافأة بالانتباه: القاعدة الذهبية هي "المتابعة تعني الدعم". يجب أن نلغي متابعة كل من يصر على التفاهة، ونمنح "لايك" ومشاركة لكل من يقدم قيمة حقيقية، حتى لو كان ممن نحذر منهم سابقاً، تشجيعاً له على الاستمرار في النفع.

  2. الفلترة الواعية: لا نقدس المشاهير الجدد (التائبين)، بل نأخذ منهم ما ينفع ونراقب صدق توجههم.

  3. دعم "المتخصصين": بدلاً من الاعتماد على "المشهور" الذي يتحدث في كل شيء، يجب توجيه الدعم للأطباء، المهندسين، المؤرخين، وعلماء الدين الذين يقدمون محتوىً رصيناً.



الخلاصة

نحن نعيش عصر سقوط الأوثان الرقمية. الجمهور اليوم يبحث عن "الأصالة" (Authenticity). إن كان تغيير هؤلاء المشاهير من أجل مصلحتهم، فالمستقبل سيكشفهم وسيلفظهم الجمهور مجدداً. أما إن كان ناتجاً عن يقظة ضمير، فنحن كأمة بحاجة لكل صوت يخدم قضايانا.

    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا