
غيبوبة أمريكا: الحكاية التي أرادت المخابرات دفنها — قصة كاثي أوبراين
مقدمة الحكاية: هبوط غامض في خريف 1984
في إحدى أمسيات خريف عام 1984، هبطت طائرة خاصة في بلدٍ مجهول من بلدان أمريكا الوسطى. كان وفدٌ دبلوماسي رفيع المستوى يترجَّل منها، وبدا كل شيء روتينياً… لولا وجود فتاة شابة وسط الرجال، جميلة الملامح، ساكنة النظرات، خالية من أي تعبير.
هذه الشابة لم تكن دبلوماسية ولا موظفة رسمية. كانت تحمل حقيبة صغيرة تضمّ رسالة مشفّرة، وتمتلك ذاكرة فوتوغرافية قادرة على تسجيل كل حرف يُقال في الاجتماعات السرية. لكنها —على الرغم من ذلك كله— لم تكن تعرف من تكون، ولا لماذا هي موجودة هناك. كانت مجرد أداة مبرمجة؛ آلة تسجيل… وأداة استغلال.
هذه الفتاة كانت كاثي أوبراين، "النموذج الرئاسي للعبودية" كما سمت نفسها لاحقاً، وأحد أكثر ملفات التحكم بالعقول إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة.
الفصل الأول: الطفلة التي وُلدت في بيتٍ مكسور
1957 – ميشوغان: بيت يبدو عادياً… لكنه أبعد ما يكون عن الطبيعي
وُلدت كاثي أوبراين في مدينة ميوسكايغون بولاية ميشيغان سنة 1957. للناس، كان بيتها يبدو أسرةً أمريكية تقليدية. لكن ما خفي كان كارثياً.
والدها، إيرل أوبراين، لم يكن أباً قاسياً فحسب، بل كان غارقاً في سلوك منحرف بشع. اعتدى على ابنته منذ أن كانت رضيعة، ثم استغل أطفاله في تصوير موادّ غير أخلاقية كان يبيعها مقابل المال.
ورأى الأب في ابنته الصغيرة "استثماراً". طفلة لا يتجاوز عمرها ثماني أو تسع سنوات، بدأ يقدّمها لدائرة معارفه: سياسيين، رجال أعمال، صحفيين… وجميعهم يشتركون في الانحراف ذاته. والأسوأ أن بعض هؤلاء كانوا جزءاً من منظومة أكبر تتبع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA).
الفصل الثاني: لماذا كانت المخابرات تبحث عن أطفال من هذا النوع؟
من برلين المحترقة إلى مختبرات CIA
بعد سقوط برلين وانتهاء الحرب العالمية الثانية، تنافس الأمريكيون والسوفييت على "كنز العلماء". ضمن عملية مشبك الورق، هرّبت CIA عشرات العلماء الألمان، بينهم من كانوا يُعرفون بـ أطباء الموت الذين أجروا تجارب على البشر في المعتقلات.
أخطر تلك التجارب كانت التحكم بالعقول.
وفي عام 1953، أصدر مدير CIA ألان دالس قراراً سرياً بإطلاق مشروع MK-Ultra، المشروع الذي هدف للإجابة عن سؤال شيطاني:
“كيف نسيطر على عقل الإنسان؟ كيف نفصله عن الواقع ونخلق داخله شخصيات بديلة؟”
وجد العلماء أنّ الأطفال الذين يتعرضون لصدمة مستمرة ينفصل وعيهم، وتتكون لديهم شخصيات بديلة قابلة للبرمجة، وقدرة تذكر خارقة.
الفصل الثالث: كيف وصلت كاثي إلى أيدي المخابرات؟
كانت مواد والدها الإباحية هي المفتاح. حين قُبض عليه وهو يرسل طرداً يحتوي صوراً لأطفاله، تدخلت CIA. عرضت عليه صفقة:
– سلمنا ابنتك…
– ولن نحاسبك على جرائمك، وسنمنحك حماية ونفوذاً.
وباعها الأب بدمٍ بارد.
ومن تلك اللحظة اختفت كاثي من حياتها الطبيعية، ودخلت مرحلة "صناعة الدمية"، وفق منهج Monarch، أحد فروع MK-Ultra.
الفصل الرابع: البرمجة عبر الخيال والصدمة
ديزني… والطقوس القاتمة
أُجبرت كاثي على مشاهدة أفلام "أليس في بلاد العجائب" و"ساحر أوز"، ليس للتسلية، بل لاستخدام القصص في برمجتها النفسية، حتى يختلط الخيال بالواقع في ذهنها.
ثم بدأت سلسلة من الطقوس العنيفة والصدمات المروّعة، هدفها:
-
خلق الطاعة العمياء
-
بناء ذاكرة فوتوغرافية
-
فصل الوعي وخلق شخصية بديلة
كبرت كاثي… وكبر معها الجحيم.
الفصل الخامس: السيناتور روبرت بيرد… المشغّل الأعلى
كان أبرز من استغلها هو السيناتور روبرت بيرد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ. في العلن كان سياسياً صاحب نفوذ، وفي الخفاء كان أحد كبار المشغّلين في مشروع التحكم بالعقول.
كان يستخدم أساليب غريبة منها عزف معيّن بالكمان لإدخالها في حالة غيبوبة قبل تنفيذ أوامره.
الفصل السادس: زواج قسري… وحياة مع قاتل
أمرها مشغلها بالزواج من رجل يدعى واين كوكس، قاتل محترف يعمل ضمن فرق اغتيال مرتبطة بالوكالة. أجبرها على مشاهدة عمليات قتل وتمثيل بالجثث. وكانت تُسقط حملها مراراً، ويُستخدم الجنين في تجارب أمام عينيها.
حتى حملها السابع أُجبرت على إكماله، ووضعت طفلة سمّوها كيلي، التي خضعت منذ لحظاتها الأولى لبرامج مشابهة.
الفصل السابع: النقل إلى المشغّل الجديد — أليكس هيوستن
حين بدأ الزوج يفقد السيطرة بسبب الإدمان، نُقلت كاثي إلى أليكس هيوستن—متعهد حفلات معروف، وساحر يمتلك فقرة تحريك الدمى… لكنه في الحقيقة عميل CIA، واستخدم حفلات الموسيقى لنقل المخدرات.
أصبحت كاثي تحت سيطرته الكاملة، تُقدَّم كهدايا لضيوف سياسيين ودبلوماسيين، وتُستغل لضمان الولاء أو الابتزاز.
وفي تلك المرحلة وصلت إلى أروقة البيت الأبيض، بعد أن رأت الوكالة نجاح برنامجها بصورة مبهرة.
الفصل الثامن: الشرارة التي كسرت الجدار — مارك فيليبس
كان مارك فيليبس موظفاً متعاقداً مع وزارة الدفاع، مطلعاً على دراسات العقل وتعديل السلوك. وفي منتصف الثمانينيات، قادته الصدفة للعمل مع أليكس هيوستن.
منذ لقائه بكاثي، لاحظ عليها "نظرة الألف ياردة" — نظرة الذين شهدوا صدمات ساحقة. رأى سلوكها الآلي، واستجابتها الكاملة للأوامر… وفهم أن شيئاً غير طبيعي يحدث.
وبينما كان يعمل معهم، كان الشك يكبر داخله… إلى أن وقع الحدث الذي غيّر كل شيء، وفتح أمامه باب الحقيقة — وحياة من الهروب مع كاثي وإنقاذها من البرنامج.
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا