
تسريبات الأسد… حين تكشف الكواليس ما يحاول الإعلام تضخيمه
مقدمة: الإعلام بين أداة كشف وأداة فتنة
بعد تسريبات بشار الأسد ولونا الشبل والضجة التي أثارتها تلك المقاطع وما زالت تثيرها، والاستضافات التي قامت بها قناة العربية الإخبارية للمحللين والإعلاميين والمسؤولين من سوريا وروسيا ولبنان، زاد يقيني في خطورة هذه الأداة التي تسمى الإعلام وما يتبعها من محطات وقنوات ووسائل تواصل اجتماعي وغيرها وكيفيه استطاعتها في تضخيم الحقائق والوقائع ونفيها او تثبيتها واعادة توجيه الانظار نحو اي موضوع او قضيه حتى ان مر عليها سنين طويله جدا.
أولًا: مشاهد التسريب… كواليس لا تفاجئ من يعرف حقيقة النظام
لقد رأيت التسريبات الأخيرة والتي أفضل أن أسميها كواليس، لأنها كانت مصورة في برنامج خاص بتلك المرحلة الصعبة التي مرت بها سوريا، وتشابه المشاهد التي تظهر فيها أخطاء الممثلين.
ولكن الفرق بينها وبين الكواليس هو أنها ليست أخطاء، بل وقائع ومشاعر داخلية حقيقية كان يشعر بها المتواجدون في المقطع.
وأنا لم أستغرب ما جاء فيها أبدًا؛ لأن ما كان يفعله بشار الأسد في شعبه أكبر مما قاله في المقاطع المنتشرة.
بل إن ذهابه لمنطقة تمت مهاجمتها من جيشه ومن ميليشيا حزب الله ومن جاء معهم من مرتزقة من كل بقاع الدنيا أشد وطأة من تلك العبارات التي كان يتفوه بها أثناء سيره في تلك المناطق التي تظهر عليها اثار القصف والتدمير ومن ضحكات الاستهزاء التي كانت تصدر منه ومن لونا الشبل والشخص الذي كان معهم في المركبة.
ثانيًا: لغة الجسد… خوف وتباهي في آن واحد
قذارة الأسد والشبل ظهرت في حوارهم وحديثهم الذي كان فيه الكثير من التباهي والكثير من الخوف من المجهول وأكد لي ذلك تصرفات بشار الأسد ونظراته وحركات جسده غير المتزنة والتي لا تليق برئيس جمهورية؛ حيث كان يتلفت ويتحدث كالمراهق وليس كشخص متزن عاقل.
وقد رأيت أن وضع الأسد وطريقة حديثه كانت تعكس المأزق الذي كان يعيشه، وإحساسه بأن الأمور قد فلتت من يده، وأنه كان يعيش ضغوطًا كبيرة من كل الجهات: ضغط روسي، وضغط حزب الله، وضغط إيراني، وضغط دولي .
ثالثًا: قناة العربية… تركيز على بوتين وتجاهل للواقع السوري
وبالنسبة للجهة التي نشرت المقطع وهي قناة العربية، لفت نظري أمر جعلني أتأكد أن القنوات العربية الإخبارية تتفنن في البحث عن إثارة الجدل والفتن.
فقد ركزت المذيعة في حديثها مع الضيف الروسي على ما ذكره بشار واستهزائه ولونا الشبل بالرئيس الروسي بوتين، واستهزائهم بعمره، ورد بشار بالقول كله عمليات .
وكأنهم يعتبرون ذكر بوتين أهم ما جاء في هذا التسريب، وتجاهلت المذيعة الواقع الذي تعيشه المناطق السورية وأهلها.
وقد سألت أكثر من مرة عن ردة فعل بوتين حين يشاهد هذا المقطع، وما الذي قد يقوم به مع بشار الأسد.
وكان رد الضيف الذي كان يعمل بشكل مباشر وقريب من الرئيس الروسي صادمًا لها؛ لأنه تحدث بعقلانية وقال إنه يعرف الرئيس الروسي جيدًا وكيفية تفكيره، وأفاد أنه سيبتسم فقط ويقول: بشار يغار من نضارة بشرتي واردف أن الرئيس الروسي متزن وليس صاحب عقليه مقلبه .
وحينها تغيّر وجه المذيعة وشكرت الضيف وقامت بإنهاء المكالمة المرئية.
رابعًا: الحوار مع الضيف اللبناني… الموضوعية التي لا تعجب المذيعين
وكذلك كان الوضع مع الصحفي اللبناني حين تحدث عن حزب الله وأخبرها أنه لا يدافع عن الحزب، ورد بموضوعية ومن دون تحيز عن سبب تواجد الحزب في سوريا والانقسام الداخلي في الحزب نفسه حول ما تم الحصول عليه في حرب سوريا وما تمت خسارته في هذه الحرب وأوضح الخطأ الكبير الذي قام به الحزب في دخوله للغوطة وغيرها من مناطق سوريا وما قام به من جرائم.
وعندما لم يكن الرد كافيًا وشافيًا ومقنعًا للمذيعة أو على حسب هواها، قامت بإنهاء المكالمة بابتسامة ساخرة من الضيف.
كلا الموقفين جعلاني أتساءل:
لماذا يبحث الإعلاميون، وخاصة من يديرون البرامج الإخبارية أو الحوارية، عن إثارة الجدل ويبحثون عن تشبيك وربط الخيوط وإشعال نار الفتنة بين الحكومات والأشخاص وبين ضيوفهم؟
خامسًا: التسريبات… تأكيد للمؤكد وليس حدثًا يغيّر المشهد
مثل هذه التسريبات – إن اعتُبرت تسريبات – يفترض عند تحليلها أن يتم تناول الأمور العظيمة التي كانت تتحدث عنها وتحاول تعرية وفضح النظام المفضوح أصلًا، حتى يتم تدارك أي عثرات أو أخطاء في المستقبل السوري والعربي الذي يعتبر قاتمًا حتى الآن، في ظل وجود كيان صهيوني متربص مدعوم بقوة من إدارة ترامب وغيرها من اللاعبين الدوليين.
ومن وجهة نظري هذه التسريبات هي تأكيد للمؤكد، ولن تغير أي شيء في المشهد السوري.
فبشار وحكومته انهاروا وتركوا سوريا وهربوا منها، والشعب السوري بحكومته الجديدة يسعون جاهدين لرسم صورة مشرقة لسوريا الجديدة، وسيكون لهم ذلك بإذن الله، حتى وإن كانت هناك معارضة فاعلة وفلول يسعون لإثارة الفتن واشعال المناطق السورية بهدف تلميع صورة بشار وإظهار أن الوضع بعده من انحدار إلى انحدار.
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا