الجمعة، 3 ديسمبر 2021

Published ديسمبر 03, 2021 by with 0 comment

"صدمة النجم": التفسير النفسي وراء بكاء وصراخ الجماهير عند رؤية المشاهير

إنهم غير مصدقين!

"صدمة النجم": التفسير النفسي وراء بكاء وصراخ الجماهير عند رؤية المشاهير



في مشهد يتكرر في عوالم الشهرة، قد نرى نجماً لأحد البرامج الحوارية يمر وسط حشود جماهيرية هائلة في معرض للكتاب. تحيط به إجراءات أمنية وحواجز تمنع وصول الجمهور إليه. لكن، بمجرد مروره، تضج الجماهير بالصياح، والصراخ، وحتى البكاء، في حالة من الذهول وكأنهم "غير مصدقين" أنهم يرونه وجهاً لوجه.


يثير هذا المشهد تساؤلاً جوهرياً، خاصة عند مقارنته بحفلات توقيع كبار الروائيين والمفكرين، التي قد لا يتجاوز الحضور فيها المئة أو المئتي شخص، بينما يتجاوز جمهور "نجم التوك شو" الآلاف. لكن بعيداً عن هذه المقارنة، يبقى السؤال الأهم: ما هو سر ظاهرة بكاء وصراخ الجماهير عند رؤية نجومهم؟


ما هي ظاهرة "صدمة النجم" (Starstruck)؟


يعتقد البعض أن هذا الصراخ والصياح قد يكون مفتعلاً بهدف لفت الانتباه أو إثارة التفاعل. لكن الحقيقة أن هذه الظاهرة تُعرف علمياً بـ "صدمة النجم" (Starstruck).


إنها حالة نفسية حقيقية وصدمة عاطفية تحدثها مقابلة المشاهير والرموز "الأسطوريين" وجهاً لوجه في نفوس معجبيهم. هذه الحالة لا علاقة لها بالادعاء، أو التصنع، أو أنها تصرفات مدفوعة الأجر لجذب انتباه الإعلام.


ظاهرة عالمية وتاريخية

هذه الحالة ليست جديدة، بل هي ظاهرة عالمية ذات جذور تاريخية عميقة، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك:

  • فريق البيتلز (The Beatles): في الستينيات، احتشدت الجماهير بالملايين في مطار هيثرو لاستقبال أعضاء الفريق. كانوا يتصايحون ويبكون، غير مصدقين أنهم يشاهدون "الفريق الأسطورة" أمامهم.


  • عبد الحليم حافظ: في مصر منتصف السبعينيات، تكرر المشهد بشكل مأساوي إثر وفاة الفنان عبد الحليم حافظ. أصيبت الفتيات بنوبات صراخ وحزن شديدة، ووصل الأمر ببعضهن إلى إلقاء أنفسهن من الشرفات كنوع من الانهيار العاطفي الكامل.


التفسير النفسي: لماذا نفقد السيطرة؟


لفهم هذه الظاهرة، يمكن النظر إلى ما ذكره الكاتب روبرت جرين في كتابه الشهير "قواعد السطوة" (The 48 Laws of Power). يتحدث جرين عن "الهالة" أو "السطوة" التي يبنيها المشاهير حول أنفسهم، والتي تجعلهم في مكانة شبه أسطورية في عقول متابعيهم.


عندما يلتقي المعجب بالنجم، يحدث تصادم بين الصورة الذهنية "الأسطورية" وبين الواقع المادي. هذه اللحظة، التي يتحول فيها الحلم إلى حقيقة، تسبب صدمة عاطفية ونفسية تفقد صاحبها السيطرة على ردود أفعاله، فتنفجر المشاعر في صورة صراخ أو بكاء.


أهمية دراسة الظاهرة

إن دراسة ظاهرة "صدمة النجم" ومعرفة دوافعها ليست مجرد أمر "طريف"، بل هي شديدة الأهمية لعدة أسباب:

  1. فهم السلوك الإنساني: تساعدنا على تفسير سلوكيات الجماهير وآليات عمل العقل الجمعي.

  2. قوة التأثير: تكشف مدى هيمنة المشاهير والرموز على نفوس وقلوب متابعيهم والمؤمنين بهم.

  3. التوجيه الإيجابي: يمكن الإفادة من فهم آليات هذا التأثير الكبير في توجيه الجماهير والتأثير عليهم، ليس فقط في المجال الترفيهي، بل أيضاً في دعم القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تستحق كل هذا الاهتمام والشغف.

Read More
    email this
Published ديسمبر 03, 2021 by with 0 comment

لقد تغيرت فماذا عنك؟

 


لقد تغيرت فماذا عنك؟


ذاع على مواقع التواصل، مقطع مصور لطيف وملهم في الوقت نفسه، برغم حدته المضمرة، لقد بدا الصوت أنثوياً صرفاً ونسوياً بوضوح.


حيث تسرد فتاة بقوة وثقة الخلاصة التي توصلت لها في علاقاتها مع الآخرين فتقول: لقد تغيرت!


بهذه العبارة تبدأ حديثها، بتلك النعومة الحارقة، والواثقة في الوقت نفسه، تتوالى الجمل بدقة هادفة، فيشعر السامع أنها آتية من قصص وتجارب وجراحات لا يستهان بها، وذلك ما جعلها تتغير وهنا تصح تلك الجملة القائلة (نحن لا نتغير بمرور الزمن ولكن بمرور البشر)!


تقول: «لقد تغيرت، توقفت عن السعي لمراضاة الزعلانين، والسؤال عمن لا يسأل عني، وأن أحمّل نفسي عناء الشرح والتبرير للذين يتعمدون سوء الفهم أو للأغبياء الذين لا يفهمون، كما توقفت عن التبرير للذين يخطئون علي ويتجاوزون حدودهم، أو لمن يحكم علي دون أن يستمع إلي»، فما أحوجنا جميعاً لهذا الوعي.


هل نحتاج فعلاً لأن نتغير؟ نعم إذا كان ذلك لصالح حياتنا وعلاقاتنا وصحة نفسياتنا، فهناك أشخاص قد يدمروننا باسم الحب، وقد يحولون حياتنا إلى عذابات لا تنتهي بسبب نرجسيتهم وأنانيتهم، وهناك من لا ينتصر إلا لذاته، ولا يثق بمحبتك لأنه لا يراها أصلاً، هؤلاء يقول لك العالمون ببواطن النفس البشرية أخرجهم من حياتك وأغلق دونهم الباب، وأنقذ نفسك!


إن البشر بكل ما يضمرونه وما تنطوي عليه قلوبهم وضمائرهم، وتراكمات حياتهم، وسجلات تربيتهم العائلية، والصدمات التي تلقتها طفولتهم، وما زُرع فيهم من تعليمات وقيم وأخلاق قد يكونون أكبر مقالب الحياة أحياناً!


فحين تتقاطع ظروف حياتنا مع ظروف حياتهم، لابد أن نتوقع منهم الكثير، لكن ما نتوقعه ليس بالضرورة أن يتسق مع تصوراتنا، فوعي الناس وطبيعة نفوسهم وإدراكهم للعلاقات ليس من السهل تحديده أو رسمه بحسب أمنياتنا، مع ذلك فنحن من عليه أن يقرر أي التغييرين نحتمل وأيهما نختار!



الكاتبه:عائشة سلطان

Read More
    email this

السبت، 27 نوفمبر 2021

Published نوفمبر 27, 2021 by with 0 comment

رحلة الإمارات نحو الريادة: كيف حولت "لا للمستحيل" إلى واقع؟


مثليو الافلام تم حظرهم ولكن من سيحظر مثليو الواقع

 رحلة الإمارات نحو الريادة: كيف حولت "لا للمستحيل" إلى واقع؟


تُقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً فريداً في التنمية السريعة والتقدم، ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم تحديات متلاحقة، اختارت الإمارات أن تركز بوصلتها نحو تحقيق الإنجازات، مُبهرةً المراقبين بنقلات نوعية متتالية، كان من أبرزها طموحها العلمي الكبير المتمثل في "مسبار الأمل" لاستكشاف المريخ.


إن هذا المسار، الذي يرفع شعار "لا للمستحيل"، لم يكن وليد صدفة، بل هو نتاج رؤية استراتيجية واضحة.


سر نجاح الإمارات: الاستثمار في الإنسان أولاً

كثيراً ما يُطرح السؤال: كيف وصلت الإمارات إلى هذه المرتبة المتقدمة عالمياً في فترة زمنية قياسية؟

يكمن الجواب الجوهري في فلسفة القيادة. فمنذ عهد الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، تم وضع حجر الأساس على مبدأ أن "الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان".

لم تكن الأولوية يوماً لجمع الثروات، بل لتسخيرها لبناء مجتمع متعلم، ومتمكن، وقادر على قيادة عجلة التطور. هذه الفلسفة، التي سار عليها قادة الدولة من بعده، هي التي حولت التحديات إلى فرص وجعلت من الإمارات منارة للتقدم في المنطقة.


"أسعد شعب": رفاهية المواطن كأولوية استراتيجية

لم تأتِ مقولة "أسعد شعب" التي يفتخر بها الإماراتيون من فراغ. إنها نتيجة عمل دؤوب ومتابعة مستمرة لاحتياجات المواطنين. يتجسد هذا النجاح في:

  • بنية تحتية متطورة: تمتلك الإمارات اليوم بنية تحتية تضاهي أرقى دول العالم جودة وكفاءة.

  • جودة الحياة: السعي المستمر لتحسين الخدمات والبيئة المعيشية، وتقريب المسؤولين من المواطنين والاستماع لاحتياجاتهم.

  • الأمن والأمان: الشعور العام بالرضا والراحة والأمان الذي يعتبره الكثيرون الركيزة الأساسية للاستقرار والازدهار.

إن هذا النموذج، الذي يضع رفاهية المواطن في صميم خططه، هو ما يغذي الولاء العميق بين الشعب والقيادة.


مواجهة التحديات: "الشجرة المثمرة" في وجه الرياح

كما هو الحال مع أي قصة نجاح كبرى، فإن المسيرة لا تخلو من التحديات. تنطبق مقولة "الشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة" على مسيرة الإمارات، فمع كل إنجاز كبير، يزداد التركيز والتدقيق.

واجهت الدولة محاولات للتشكيك في إنجازاتها وانتقادات، ليس فقط من خصوم تقليديين، بل أحياناً من جهات كان يُتوقع منها الدعم والمساندة.


أسباب النقد والتدقيق:

  1. النجاح السريع: غالباً ما يثير التطور السريع والنجاح الباهر مشاعر الغيرة أو التنافسية، مما يدفع البعض للبحث عن أخطاء أو محاولة التقليل من شأن الإنجازات.

  2. اختلاف التوجهات: قد تنبع بعض الانتقادات من اختلافات في الرؤى السياسية أو المذهبية في المنطقة، حيث تحاول بعض الأطراف إعاقة مسيرة التنمية أو تشتيت التركيز.

  3. التأثير الإقليمي: كلما زاد نجاح الدولة، زاد تأثيرها، وهو ما قد يتعارض مع مصالح جهات أخرى تسعى لفرض أجنداتها.

لكن هذه التحديات لم تنجح في إيقاف "قطار الإمارات السريع". بل على العكس، تكسرت هذه المحاولات على صخرة الإرادة الصلبة والتركيز على الهدف، وأثمرت عن المزيد من الإنجازات التي نالت احترام العالم.


نموذج يُحتذى به: من الانتقاد إلى الإشادة

من الملاحظ أن ردود الفعل تجاه النموذج الإماراتي قد تغيرت بمرور الوقت. فبعد أن كانت بعض الأصوات تركز على الانتقاد، أصبح السواد الأعظم من المتابعين في المنطقة العربية ينظرون إلى الإمارات بإعجاب وغبطة.

أصبح الكثيرون يتمنون أن تتبنى حكوماتهم نهجاً مماثلاً يركز على التنمية والرفاهية واستغلال الموارد من أجل الصالح العام. وتكفي قراءة التعليقات على أي حدث أو مشروع جديد في الإمارات لرؤية حجم الإعجاب والرغبة في تكرار هذا النموذج الناجح، الذي أثبت أن القيادة الحكيمة والراغبة في خدمة شعبها هي المفتاح الحقيقي للخروج من دوامات الفقر والتخلف نحو مستقبل مشرق.

Read More
    email this

الخميس، 25 نوفمبر 2021

Published نوفمبر 25, 2021 by with 0 comment

نجومية مستعجلة: بين أصالة الفن وضجيج الشهرة

  

مثليو الافلام تم حظرهم ولكن من سيحظر مثليو الواقع

نجومية مستعجلة: بين أصالة الفن وضجيج الشهرة



الفن بين الأمس واليوم

في الماضي، كانت صناعة الفن تمر بمراحل طويلة وشاقة. كان الممثل يتدرّب، يتعلّم، يخوض التجارب، يسقط ويقوم حتى ينضج أداؤه ويكتسب خبرة تراكمية تُثري شخصيته الفنية. لذلك، بقيت تلك الأعمال خالدة رغم بساطة إمكانياتها التقنية.
أما اليوم، فقد دخل إلى الساحة جيل جديد من الوجوه السريعة التي صعدت بفضل ضوء الهاتف الذكي لا وهج الموهبة. لم يعد الفن يمرّ عبر المسار الطبيعي من دراسةٍ وتعبٍ وتجربة، بل عبر منصة تواصل، أو فيديو قصير، أو "هاشتاغ" يلقى رواجًا.


صناعة الشهرة في عصر السرعة

لم تعد الشهرة حكرًا على الفنانين الحقيقيين. فبفضل خوارزميات المنصات، أصبح بإمكان أي شخص أن يظهر، يثير الجدل، ويكسب آلاف المتابعين في أيام قليلة.
تعددت أنماط “النجوم الجدد”:

  1. المثيرون للجدل: الذين يعتمدون على تصرفات غريبة أو محتوى صاخب لجذب الانتباه.

  2. المؤثرون بالمظهر: الذين يعتمدون على الشكل الخارجي دون مضمون فني حقيقي.

  3. الفاشنيستات وصناع المظاهر: ممن ربطوا الجمال بالشهرة والمال، فبات المقياس عدد المتابعين لا جودة الفكرة.

  4. الظاهرة اللحظية: الذين يلمعون فجأة ثم يخفت بريقهم سريعًا لأنهم بلا أساس فني ثابت.


من النجومية إلى الاستعراض

المشكلة ليست في المنصات نفسها، بل في المعايير الجديدة التي حوّلت الفن إلى منافسة على الإعجابات بدل التقييم الفني.
صار البعض يقيس النجاح بعدد المشاهدات لا بعدد القيم التي قدّمها.
ولأن الأضواء تُغري، تسارعت الخطى نحو الشهرة دون وعيٍ بمسؤوليتها الاجتماعية والثقافية.

النتيجة؟
فقد الفن شيئًا من هيبته القديمة، وأصبح محتاجًا لإعادة تعريفٍ للنجومية: من يستحق اللقب؟ هل هو من يتقن التمثيل، أم من يثير الجدل؟


الفن الحقيقي لا يُشترى بالمتابعين

الفن الأصيل لا يُقاس بعدد المعجبين، بل بعدد القلوب التي أثّر فيها، ولا يُصنع في لحظة، بل في سنوات من العطاء.
نجوم الماضي لم تكن لديهم ملايين المتابعين، لكنهم حازوا احترامًا خالدًا لأنهم جسّدوا القيم والجمال والإبداع الحقيقي.

الجيل الجديد لا يُلام وحده، فالمجتمع والإعلام ومنصات الإنتاج ساهمت جميعًا في تضخيم شهرة سريعة لا تعيش طويلًا.


إعادة التوازن

المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة فرز حقيقي بين الموهبة والضجيج.
يحتاج الفن إلى مؤسسات إنتاج تضع الموهبة في الصدارة، وتحتضن من يستحقون النجومية بالعمل والجهد لا بالجدل.
كما يحتاج الجمهور إلى أن يكون أكثر وعيًا، فلا يجعل من الشهرة السريعة معيارًا للنجاح.


الخاتمة

النجومية المستعجلة قد تصنع صخبًا، لكنها لا تترك أثرًا.
أما الفن الحقيقي، فربما لا يُحدث ضجة في لحظته، لكنه يعيش في الذاكرة طويلاً.
يبقى السؤال مفتوحًا أمام كل فنان جديد:
هل تبحث عن شهرة تُنسى؟
أم عن فنٍ يُخلّدك في ذاكرة الناس؟


Read More
    email this

الاثنين، 8 نوفمبر 2021

Published نوفمبر 08, 2021 by with 0 comment

بين حظر الأفلام والمجتمع الواقعي: كيف نواجه ظاهرة المثلية الفكرية والسلوكية؟

 

مثليو الافلام تم حظرهم ولكن من سيحظر مثليو الواقع

بين حظر الأفلام والمجتمع الواقعي: كيف نواجه ظاهرة المثلية الفكرية والسلوكية؟


عندما أعلنت بعض الدول العربية — منها السعودية والكويت وقطر — عن حظر عرض فيلم "الأبديون" (Eternals) من إنتاج شركة مارفل بسبب مشاهد تتعارض مع القيم الأخلاقية، لاقت تلك الخطوة ترحيبًا واسعًا بين الجماهير المحافظة.


لقد رآها كثيرون موقفًا يستحق الإشادة، لأنها تؤكد أن هناك خطوطًا حمراء تحمي المجتمع من الانحدار الثقافي الذي يحاول البعض فرضه تحت مسمى “الحرية الفنية”.


السينما والهوية الثقافية

في السنوات الأخيرة أصبحت السينما العالمية وسيلة قوية للتأثير الفكري والاجتماعي. فهي لا تكتفي بعرض قصص ترفيهية، بل تبثّ رسائل ضمنية تشجّع على أنماط حياة وقيم لا تتفق مع معتقدات المجتمعات العربية والإسلامية.
ومع أن الغرب يرى في هذه الطروحات حرية شخصية، فإنها تُعدّ في منطقتنا تجاوزًا للقيم الدينية والأعراف الأخلاقية. ومن هنا تأتي أهمية أن يكون للعالم العربي موقف واضح في ما يُعرض على شاشاته.


بين المثلي في الفيلم والمثلي في الواقع

حظر الفيلم خطوة مهمّة، لكنها تكشف أيضًا مفارقة مؤلمة:
كيف نمنع الرسائل الضارة على الشاشة، بينما نغفل عمّا يجري على أرض الواقع؟

ظاهرة المثلية — فكريًا وسلوكيًا — بدأت تجد طريقها إلى بعض المجتمعات العربية، ليس فقط عبر الأفلام، بل من خلال المنصات الرقمية ومؤثري السوشيال ميديا، الذين يُقدّم بعضهم محتوى يتعاطف مع تلك الأفكار أو يروّج لها بصورة غير مباشرة.


الأسباب العميقة للانتشار

ليس من العدل اختزال الظاهرة في "تأثير الغرب" فقط، فالأسباب متعددة، منها:

  1. ضعف الوعي الأسري وغياب الرقابة الأبوية على ما يتابعه الأبناء.

  2. تأثير المنصات الرقمية التي تروّج لمحتويات تمسّ الفطرة الطبيعية.

  3. غياب التوجيه التربوي والديني المتوازن الذي يزرع في النشء القيم منذ الصغر.

  4. الفراغ العاطفي والاجتماعي الذي يجعل بعض الشباب عرضة لتجارب منحرفة فكريًا أو سلوكيًا.


كيف نحمي الأجيال؟

الحماية لا تكون بالمنع فقط، بل بالتوعية والتربية والقدوة.
على الأسرة أن تتحمّل دورها الكامل في بناء حصانة فكرية داخل البيت،
وعلى المؤسسات التعليمية والإعلامية أن تقدّم محتوى يرسّخ القيم الفطرية.
كما يجب على المجتمع المدني والمؤثرين أن يشاركوا في تصحيح المفاهيم ونشر التوازن الفكري، لا الخطاب العدائي.

نحتاج إلى مشروع وطني شامل للتوعية، يدمج بين الدين والعلم، وبين الأخلاق والانفتاح المنضبط.


تجارب مجتمعية ناجحة

شهدنا في بعض الدول العربية حملات توعوية ناجحة ضد الانحرافات الفكرية والسلوكية،
مثل الحملة المجتمعية في الكويت التي نجحت في الحد من مظاهر الإسفاف الرقمي والتطبيع مع السلوكيات الشاذة.
هذه التجارب تثبت أن التكاتف الشعبي والرسمي هو الطريق الأقصر نحو الإصلاح والوقاية.


خاتمة

الاختبار الحقيقي للمجتمعات ليس في قدرتها على منع فيلم أو مشهد، بل في قدرتها على حماية قيمها من التآكل الداخلي.
فالمثلية الفكرية، التي تبرّر الانحراف وتجمّله، أخطر من أي محتوى بصري عابر.
إن بناء وعيٍ متوازنٍ يقوم على الإيمان والفطرة هو السلاح الأقوى لحماية الأجيال من كل ما يُشوّه إنسانيتهم ويبعدهم عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها.

Read More
    email this

الأحد، 7 نوفمبر 2021

Published نوفمبر 07, 2021 by with 0 comment

موجة الجسد على وسائل التواصل: حين يصبح الجمال تجارة ومتابعة


لحوم رخيصه للبيع  على السوشل ميديا

موجة الجسد على وسائل التواصل: حين يصبح الجمال تجارة ومتابعة


في عالم السوشيال ميديا اليوم، أصبحت الشهرة متاحة للجميع، والمحتوى متنوع لدرجةٍ تُذهل المتابع. لكن مع هذا الانفتاح، برزت ظاهرة لافتة ومقلقة في آنٍ واحد: تحويل الجسد إلى وسيلة جذب وربح، حتى صار استعراض المظهر والمفاتن أحد أسرع الطرق للحصول على الشهرة والمال.


هذه الموجة الجديدة، التي يمكن وصفها بـ “موجة الجسد”، غيّرت طبيعة استخدام المنصات الرقمية، وجعلت البعض يستغلها بطرق لا تخلو من المخاطر الاجتماعية والأخلاقية.


من “المحتوى” إلى “الاستعراض”

قبل سنوات قليلة، كانت شهرة الإنترنت تقوم على الإبداع، الكلمة، والفكرة. أما اليوم، فقد تحوّل المشهد؛ إذ أصبح الجسد أداة تسويق، والصورة المثيرة وسيلة لجذب المتابعين والإعلانات.
تطبيقات مثل سناب شات وتيك توك وإنستغرام امتلأت بمحتويات تتجاوز حدود الذوق العام والعادات الاجتماعية، تحت شعار “الحرية الشخصية” أو “الفن والإبداع”، بينما في الحقيقة تُستغل للربح السريع وجمع المتابعين بأي وسيلة.


بين الانفتاح والمسؤولية

الظاهرة ليست محصورة في بلد معين، بل أصبحت ظاهرة عالمية طغت على المحتوى العربي كذلك، حتى باتت تُؤثر على فكر الشباب ونظرتهم للقيم والحياة.
السؤال هنا:
هل الحرية في التعبير تبرر التنازل عن الأخلاق والاحترام؟
وهل الشهرة السريعة تستحق خسارة المبدأ والحياء؟

هنا تأتي أهمية التوازن بين الانفتاح والمسؤولية — أن نُدرك أن التكنولوجيا وسيلة، لا غاية، وأن من يملك ملايين المتابعين يتحمّل مسؤولية كبيرة أمام الله والمجتمع.


خطر التطبيع مع الانحراف

مع كثرة هذا النوع من المحتوى، بدأ المجتمع يتأقلم معه تدريجيًا وكأنه أمر طبيعي. الخطير في ذلك أن التكرار يولّد الاعتياد، ومع الوقت يفقد الناس الإحساس بخطورة ما يشاهدون.
فإذا لم يكن هناك وعي أسري وديني ومجتمعي، فسنرى جيلًا يعيش داخل فقاعة من المقارنات الشكلية والاستعراضات الفارغة.


دور الأسرة والمجتمع

الحل لا يكون بالمقاطعة الغاضبة فقط، بل بالتربية والتوجيه المستمر.
على الأسر أن تراقب المحتوى الذي يتعرّض له أبناؤها، وتزرع فيهم وازع الضمير والخوف من الله قبل الخوف من الناس.
كما على المجتمع أن لا يمنح الشهرة لمن لا يستحقها — فالمتابعة هي وقود هؤلاء. عندما نتوقف عن دعمهم، سيخفت بريقهم.


نموذج من الوعي العربي

في الآونة الأخيرة، أطلقت بعض المجتمعات حملات توعوية ضد الإسفاف على السوشيال ميديا، مثل حملة مقاطعة بعض المشاهير في الكويت، والتي نجحت في الحد من انتشار المحتوى الهابط.
هذه الخطوات العملية يمكن أن تلهم بقية المجتمعات العربية لتبني أساليب واعية مماثلة، بعيدًا عن العنف أو التنمر، بل عبر المسؤولية الجماعية والتوعية الهادفة.


الخاتمة

وسائل التواصل الاجتماعي ليست شرًا مطلقًا، لكنها مرآة لما نقدّمه نحن.
إن أردنا محتوى راقيًا، فعلينا أن نكون متابعين راقين، وأن نُدرك أن الكلمة والمتابعة والتفاعل أمانة.
فكما أن المال يمكن أن يُستثمر في الخير أو الشر، كذلك المتابعة والاهتمام.
الاختيار دائمًا بيدنا — بين السطحية والإغراء أو القيم والإصلاح.


Read More
    email this