الجمعة، 28 يناير 2022

Published يناير 28, 2022 by with 0 comment

الطائرات المسيّرة والوكلاء: تحليل لسياسة إيران الإقليمية ومؤشرات العجز الاستراتيجي

 

المسيرات وسيلة إيران في التعبير عن العجز

الطائرات المسيّرة والوكلاء: تحليل لسياسة إيران الإقليمية ومؤشرات العجز الاستراتيجي


مقدمة: المسيرات كأداة للصراع الإقليمي

شهدت المنطقة مؤخراً تصعيداً ملحوظاً في استخدام الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ، من محاولة استهداف رئيس الوزراء العراقي إلى الهجمات الأخيرة على منشآت حيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة. يربط المراقبون بين هذه الأحداث خيطاً مشتركاً يتمثل في السياسة الإقليمية الإيرانية التي تعتمد على شبكة من الوكلاء في مناطق الصراع.

تتخذ هذه الدولة الإقليمية على عاتقها مهمة تأجيج الصراعات، مستخدمة خطاباً يوفر غطاءً لحماية مصالحها، لكن هدفها المعلن يتجاوز ذلك نحو تحقيق نفوذ استراتيجي إقليمي.

نموذج التدخل الإقليمي وأثره على الدول

عند تحليل الدول التي شهدت تدخلاً من قِبل قوى إقليمية معينة، نجد هناك أنماطاً مشتركة:

  • التشتت السياسي وغياب الهوية الوطنية: حيث يسيطر فصيل أو تيار معين على مفاصل الدولة، مما يؤدي إلى طمس الهوية الوطنية الجامعة وتهميش الرؤى الأخرى.

  • عزل المعارضة: يواجه كل صوت ينادي بالاستقلال عن النفوذ الإقليمي مصيراً صعباً.

  • استخدام التوترات الداخلية: عندما تخرج الأمور عن السيطرة، يتم اللجوء إلى سلاح التفرقة والتعصب لزيادة الصدامات الداخلية، مما يدفع المجتمع إلى الهاوية لصالح الطرف الذي يحقق مصالح النفوذ الخارجي.

تحديات العلاقة التاريخية والتعاطي مع الأجيال

إن الجوار الجغرافي بين دول الخليج وإيران يفرض وجود تحديات تاريخية وسياسية معقدة. إن هناك حاجة ملحة لبلدان المنطقة العربية للتركيز على الأجيال القادمة، وغرس الروح الوطنية القوية والهمة العالية، بعيداً عن بث اليأس أو التركيز على الماضي السلبي.

في المقابل، يدرك صناع القرار في طهران أهمية الاستثمار في الهوية والتعبئة الوطنية لأجيالهم، وهو ما يتطلب منا كعرب رفع مستوى الوعي الاستراتيجي وتبيان الأساليب المتبعة في رسم خريطة الصراعات الإقليمية.

مسرح اليمن: تحول الصراع إلى حرب وكلاء

حرب اليمن، التي كان مخططاً لها أن تنتهي بسرعة، اتخذت منحنى آخر بدخول قوى إقليمية في مستنقعها، مما زاد من دعم جماعة الحوثي. هذا الدعم اللامحدود بالأسلحة والخبراء أدى إلى تحول الصراع إلى حرب وكلاء بين قوى إقليمية متنافسة. وبما أن التحالف الداعم للشرعية يتكون أساساً من دول خليجية، أصبح دور الطرف المقابل (إيران) في هذا الصراع أكبر.

إن العلاقة بين إيران والحوثيين هي علاقة تبادل مصالح واضحة. فالحوثي يحقق لإيران النفوذ الجيوسياسي، بينما يحصل الحوثي على الدعم اللازم لبقائه. وهذا النموذج يتكرر مع فصائل أخرى في العراق ولبنان.

المسيرات مؤشر على العجز وليس القوة

عندما تشعر إيران بأن الأمور تخرج عن نطاق سيطرتها، أو تتعرض لهزائم ميدانية، فإنها تلجأ إلى تكتيكات المناورة العسكرية عبر وكلائها.

  • في العراق: جاء استهداف رئيس الوزراء بعد نتائج الانتخابات التي لم تخدم مصالح طهران، في محاولة لإرسال رسالة تحذيرية وإثارة القلاقل.

  • في الإمارات: جاء القصف الصاروخي والمسير بعد انتصارات مهمة لقوات مدعومة إقليمياً، مثل "ألوية العمالقة"، التي استعادت السيطرة على مناطق استراتيجية، مما يشير إلى أن الهجوم كان محاولة للتغطية على الإخفاقات في الميدان أو عقاباً على الدعم المقدم للخصوم.

إن استخدام المسيرات والصواريخ بعيدة المدى، وإن كان يمثل تصعيداً خطيراً، يمكن أن يُفسر كدليل على العجز عن مواجهة الخصوم مباشرة أو تحقيق نتائج سياسية عبر القنوات التقليدية، مما يجعلها أداة للاحتجاج والضغط.

اللبنانيون و"محور المقاومة" المزعوم

في لبنان، أدى دعم إيران لحزب الله إلى تعاظم قوة الحزب، ليصبح "دولة داخل دولة". هذا الوضع هو سبب رئيسي في ما يعيشه لبنان اليوم من انهيار اقتصادي واجتماعي، حيث أصبحت القرارات السياسية تخضع بشكل كبير لتأثير هذا الطرف.

حتى في غزة، نشهد انقساماً فلسطينياً واضحاً، حيث يرى بعض أنصار الحركات المسلحة في إيران الداعم الأقوى لهم، مما يدفعهم إلى تأييد وكلاء إيران في المنطقة، حتى لو كان ذلك يتعارض مع مصالح ومواقف الدول العربية التي قدمت دعماً مادياً وإنسانياً هائلاً للقضية الفلسطينية على مدار عقود.

إن الموقف الإيراني ثابت: تنديد بالردود عليها، ودعم للهجمات التي يقوم بها وكلاؤها، دون اكتراث واضح للضحايا المدنيين أو تدمير البنية التحتية في تلك البلدان. هذا التلاعب والتراخي في المفاوضات دليل على استراتيجية طويلة الأمد تهدف لزيادة النفوذ الإقليمي.

Read More
    email this

الجمعة، 21 يناير 2022

Published يناير 21, 2022 by with 0 comment

بحثاً عن الشهرة بأي ثمن: ظاهرة "صُنّاع التفاهة" على منصات التواصل


بحثاً عن الشهرة بأي ثمن: ظاهرة "صُنّاع التفاهة" على منصات التواصل


مقدمة: الشهرة الشائنة وإرث الأعرابي

روى الإمام ابن الجوزي حادثة غريبة حدثت أثناء الحج، حيث قام أعرابي بفعل شنيع ومستهجن في بئر زمزم أمام الطائفين. وعندما سُئل عن دافعه لذلك، أجاب بكل بساطة: "حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي فعل كذا وكذا!".

مع أن فعل هذا الأحمق قد سطّر اسمه في التاريخ كرمز للسخافة والجرأة غير المسؤولة، إلا أن دافعه كان واضحاً: الحرص الشديد على بلوغ الشهرة، حتى لو كانت شهرة سلبية أو شائنة.

ظاهرة "صُنّاع التفاهة" في العصر الرقمي

في وقتنا الحاضر، تتجسد روح هذا الأعرابي في ظاهرة واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي. لقد تحولت الشهرة إلى هدف مقدس لدى البعض، يتم السعي إليه بشتى الطرق التي تخالف الأعراف والقيم.

نجد اليوم فئات تسعى إلى تحقيق "المجد الرقمي" عبر سلوكيات تُصنف كـ "محتوى رخيص"، ومنها:

  • من يسعى للشهرة بقدر ما ينشر من خوف أو ترويع للآخرين.

  • من يسعى لها بقدر ما يفسد وينتهك من الأخلاق والعادات المجتمعية.

  • من يلهو ويلعب بالموارد والنعم، أو يتبجح بالتبذير.

  • من يقدم محتوى يعتمد على التعري أو الكشف المفرط عن الجسد لجذب الانتباه.

هؤلاء هم مشاهير اللحظة الزائلة الذين يعتمدون على الصدمة لتحقيق الانتشار.


التأثير السلبي على القيم والمجتمع

للأسف، لا يقتصر تأثير هؤلاء المؤثرين على أنفسهم، بل يمتد ليصبح وباء اجتماعياً ينخر في الوعي العام. كثير من أبنائنا وبناتنا، وحتى بعض الكهول، يتأثرون بهم ويتابعون "جديدهم"، بل قد يتخذون منهم قدوات، ظناً منهم أن الشهرة تستحق التضحية بالقيمة والأخلاق.

إن هذا النوع من المحتوى يسعى إلى تلويث الفضاء الرقمي المشترك الذي نعتمد عليه في حياتنا اليومية والتواصل البنّاء. لقد أصبحت المنصات الاجتماعية ساحة اختبار لقيمنا ومبادئنا.

دعوة للمتابعة الواعية

إن الواجب علينا كمستخدمين هو التمييز بين المحتوى الهادف والمحتوى الذي لا يضيف إلا التفاهة والصدمة. فكما أننا نحرص على نقاء مصادر المياه والهواء، يجب علينا أن نحرص على نقاء المحتوى الذي نستقبله ونشاركه.

نتمنى أن يتجه مجتمع المؤثرين نحو تقديم محتوى إيجابي وبنّاء يخدم الصالح العام، ويستبدل البحث عن الشهرة الشائنة بالبحث عن المجد القيمي والإنساني الحقيقي.

Read More
    email this

الاثنين، 17 يناير 2022

Published يناير 17, 2022 by with 0 comment

تأثير "السوشيال ميديا" على السيادة والقانون: جدل مشعل النامي والفنانة أحلام حول إجراءات السفر

 

النامي وأحلام يشعلان وسائل التواصل

تأثير "السوشيال ميديا" على السيادة والقانون: جدل مشعل النامي والفنانة أحلام حول إجراءات السفر


جدل الحجر الصحي: الفنانة أحلام والقانون الكويتي

شغلت قضية الفنانة الإماراتية أحلام والمحلل السياسي الكويتي مشعل النامي منصات التواصل الاجتماعي مؤخراً، إثر مقطع فيديو تحدثت فيه أحلام عن تجربتها مع إجراءات الحجر الصحي في الكويت.

الجدل بدأ عندما اعترضت أحلام على تطبيق الإجراءات عليها، مشيرة إلى مرور فنان آخر، هو القطري فهد الكبيسي، دون الخضوع لنفس القواعد. أثارت هذه المناشدة العلنية بعض ردود الفعل الغاضبة في الأوساط الكويتية.


رد فعل النامي: نقد حاد للسلوكيات غير المسؤولة

كان المحلل السياسي مشعل النامي من أبرز المنتقدين لأسلوب الفنانة، حيث هاجم مناشدتها العلنية لأمير الكويت وولي عهده. وقد رأى النامي أن هذا التصرف يمثل تجاوزاً غير مسؤول، مشدداً على أن قوانين الدولة تسري على الجميع دون استثناء للقادمين أو المقيمين، بغض النظر عن شهرتهم. وأكد النامي على ضرورة احترام القرارات السيادية للدولة.

وبغض النظر عن شدة العبارات التي استخدمها النامي في هجومه، فقد أشار إلى نقطة مهمة: وهي أن مناشدة أحلام تسببت في فتح تحقيق داخلي في الأجهزة الأمنية للتأكد من حيثيات مرور الفنان القطري فهد الكبيسي، والتحقق من مدى قانونية الإجراءات المتبعة.

مشعل النامي، المعروف بأسلوبه الجذاب ونظرته الشمولية في تحليلاته السياسية محلياً ودولياً، سبق له التعرض لقضايا المشاهير، لكن حدة رده هذه المرة كانت لافتة، مما يضع تساؤلات حول دوافع هذا النقد القوي.


الخروج العلني: بين حق المناشدة ومكانة القانون

تكمن الأخطاء الجوهرية في قضية المناشدة العلنية لأحلام في شقين:
تحدي السيادة: المناشدة بطلب استثناء من قرار يسري على الجميع، خاصة في مسألة حساسة كالصحة العامة، هو تصرف غير مقبول.


إثارة النعرات: التكرار على صفة "أحلام الإماراتية" و "فهد القطري" كان يمكن أن يفسر على أنه محاولة لخلق مقارنة أو إيحاء بوجود تفضيل في المعاملة بين مواطني دول الخليج، وهو أمر يستبعد تماماً في دولة كالكويت التي لطالما كانت رائدة في جمع الكلمة الخليجية.


من ناحية أخرى، قد تكون أحلام قد تصرفت من منطلق ثقافي سائد في بعض دول الخليج، حيث يُعتبر الخروج العلني بمناشدة المسؤولين في وسائل الإعلام أمراً مقبولاً كوسيلة لتبسيط الإجراءات أو لفت النظر لقضية ما، لكنها لم توفق في اختيار الموضوع والمنصة.

مكاسب الجدل غير المتوقعة

من المفارقات في هذا الجدل، أن المناشدة التي اعتبرها النامي "خاطئة"، أدت إلى نتيجة إيجابية غير مقصودة، وهي تنبيه السلطات والتدقيق في الإجراءات المتبعة في المنافذ الحدودية وفتح تحقيق في واقعة مرور الفنان القطري الكبيسي. هذا الأمر يضمن محاسبة أي تقصير محتمل ويوضح أهمية الشفافية في تطبيق القانون.


دروس مستفادة: مسؤولية المؤثرين في الفضاء الرقمي

للأسف، أخذ الموضوع منحنى آخر، حيث انقسمت وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، ووصل الأمر إلى تبادل الإساءات والاتهامات بين بعض المتابعين الكويتيين والإماراتيين.

كان من الأفضل لكلا الشخصيتين المؤثرتين أن يوازنا حديثهما، فالخلافات بين الشخصيات العامة، خاصة في منطقة الخليج التي تتميز بعلاقات وثيقة، قد تجر صغار العقول إلى تصادمات غير ضرورية. إن أهم ما يميز العلاقات الخليجية هو القدرة على احتواء الخلافات وإخماد نار الفرقة بسرعة بفضل الروابط الأخوية المتينة.

إن هذه الحادثة هي تذكير بمسؤولية المؤثرين في استخدام منصاتهم لمعالجة القضايا العامة بأسلوب راقٍ وتحليلي، بدلاً من إثارة الجدل الذي قد يشتت الانتباه عن جوهر القضايا القانونية والسيادية.

Read More
    email this

الاثنين، 10 يناير 2022

Published يناير 10, 2022 by with 0 comment

الكويت.. "دانة الخليج" بين إرث الريادة وتحديات التنمية المعاصرة

 
دانة الخليج لم تعد كذلك

الكويت.. "دانة الخليج" بين إرث الريادة وتحديات التنمية المعاصرة



المقدمة: إرث الريادة وصناعة التاريخ


عند ذكر دول الخليج العربي، تبرز الكويت دائماً كدولة كانت في الطليعة وصاحبة دور محوري ورائد. منذ تأسيسها، رسخت الكويت مكانتها كـ "دانة الخليج"، ليس فقط بحكم ثروتها النفطية، بل بفضل ريادتها السياسية والثقافية التي كان لها بصمة واضحة على مستوى المنطقة.

الكويت، بتاريخها الغني، كويت الكلمة الحرة والمواقف المشرفة، شكلت نموذجاً للدولة الصغيرة ذات التأثير والحضور الخليجي والعربي الفعال، وحازت على احترام وتقدير الجميع.


السبق الاقتصادي والديمقراطي

كان اكتشاف النفط في الكويت بمثابة بشرى خير لم تقتصر فائدتها على البلاد وحدها، بل امتدت لتشمل الدعم التنموي والاقتصادي والصحي والتعليمي للعديد من الدول المجاورة في بداياتها. وقد كان هذا العطاء سبباً في اعتراف تلك الدول بفضل الكويت، وتسمية المؤسسات والشوارع وحتى المواليد بأسماء شيوخها، عرفاناً بالدور التاريخي الذي لعبته القيادة الكويتية.

بالإضافة إلى السبق الاقتصادي، كانت الكويت أول دولة خليجية تدخل عصر الديمقراطية، حيث شهدت أول انتخابات للسلطة في المنطقة، ليصبح "مجلس الأمة" جهازاً تشريعياً عظيماً يجمع كفاءات البلاد للتخطيط للمستقبل. وقد كان المجلس منارة للحوار والنقاشات الجريئة حول مشاكل الكويت والخليج والأمة، وكانت القرارات تتخذ فيه بما يصب في الصالح العام، مما رسخ مكانتها كمركز للقرار الحر.


من التحول الكبير إلى دوامة التشرذم

منذ الغزو العراقي والتحرير الذي تبعه، تغيرت الأوضاع بشكل كبير. فبعد مرحلة الصمود والوحدة الوطنية التي أشاد بها العالم، دخلت الكويت في مرحلة عُرفت محلياً بـ "الحوسة" أو التشابك في معظم نواحي الحياة.

برزت ظواهر سلبية لم تكن معهودة في الماضي، وشهدت الأنظمة والقوانين اختراقات متزايدة، وتراجعت وتيرة الإصلاح والتنمية. إن تقاذف التهم والخلافات السياسية المستمرة منذ التحرير أمر محزن، ويهدد بإضاعة جهود الوحدة والتكاتف التي ظهرت في أصعب الأوقات.

إن وطن النهار يحتاج اليوم إلى العودة لروح التعاضد والاجتماع على قلب رجل واحد، ورفع البناء التنموي من جديد بدلاً من التشرذم الذي بدأ يؤثر على الحياة السياسية والاجتماعية.


تحديات الفساد والركود التنموي

للأسف، لم تسلم الكويت من آفة الفساد وسوء توزيع الثروات، وهي ظواهر أصابت أغلب الدول التي تعتمد على النفط. هذا الوضع تسبب في تباطؤ وتوقف حركة النماء والتطور التي كانت تسير بخطى سريعة، لتتأخر الكويت اليوم كثيراً عن الركب الخليجي المتسارع في التنمية العمرانية والاقتصادية.

الأمر مؤلم عندما نرى من كان رائداً ومُعلِّماً لطريق النجاح والتفوق يقف اليوم في مكانه، بينما تتقدم من حوله الدول التي كانت تستلهم منه. هذا التراجع لا يسعد أحداً، بل يدفع إلى التساؤل حول كيفية معالجة الفساد وإطلاق المشاريع التنموية الكبرى.


الوحدة الوطنية وأمل العودة

يظل الثابت الأهم هو الشعب الكويتي، المعروف بكرمه وجوده وولائه المطلق لآل الصباح. لقد كان الحب والوفاء والإخلاص هو الرابط بين حكام الكويت وشعبها، حيث اختلطت دماء الشهداء في أكثر من موقف، وبقيت علاقة الحاكم بالمحكوم تتسم بـ "الميانة" التي تتيح للمواطن البسيط إيصال صوته دون خوف.

إن هذا الترابط هو أساس القوة. نتمنى أن تعود دانة الخليج لتستلهم من تاريخها الريادي، وتتجاوز التحديات الداخلية لترتقي إلى القمة من جديد، وتقدم نموذجاً في التنمية الشاملة، كما كانت دائماً.

Read More
    email this

السبت، 8 يناير 2022

Published يناير 08, 2022 by with 0 comment

تحديات التطبيع: هل يمكن للمصالح الاقتصادية تجاوز التعقيدات الجيوسياسية والتاريخية؟

سيبقون لصوص رغم التطبيع

تحديات التطبيع: هل يمكن للمصالح الاقتصادية تجاوز التعقيدات الجيوسياسية والتاريخية؟


مقدمة: عصر التقارب تحت المجهر

شهدت الأعوام الماضية دخول العديد من الدول العربية في مرحلة جديدة من العلاقات مع إسرائيل، حيث تحول التبادل التجاري والزيارات المتبادلة والسياحة إلى أمر علني وغير مستغرب. وبغض النظر عن التقييمات المختلفة لهذا التطور الدبلوماسي، يبقى التطبيع في النهاية شأناً سيادياً لهذه الدول، وتجربة تخضع للتحليل والمتابعة لمعرفة مدى تأثيرها الفعلي على المنطقة.

لقد بدأت الوفود السياحية ورجال الأعمال الإسرائيليون بزيارة هذه الدول، وتوطدت العلاقات بشكل متسارع. ولكن بعيداً عن البروتوكولات الرسمية، تبرز تساؤلات جوهرية حول قدرة هذا التقارب السياسي والاقتصادي على تجاوز المشاكل الجيوسياسية العميقة والجراح التاريخية.


تباين الرؤى: السياسة الرسمية والواقع على الأرض

من أهم التحديات التي تواجه مسار التطبيع هو التناقض بين لغة التعاون الاقتصادي والموقف الميداني. فبينما يتم الحديث عن فتح صفحات جديدة ونشر أجواء من التسامح، تستمر قضايا التوسع والاستيطان التي تضرب بعرض الحائط العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

هذا التباين يضع عبئاً كبيراً على أي محاولة لبناء الثقة طويلة الأمد. إن استمرار التوترات المرتبطة بقضايا الأمن، وحماية المقدسات، وحقوق الشعب الفلسطيني، يغذي شعوراً عاماً بعدم الاطمئنان، ويثبت أن التغير في السياسات العليا لم يتبعه تحول موازٍ في جوهر النزاع القائم على الأرض والعدالة التاريخية.


حوادث فردية وتساؤلات حول الخلفية الثقافية

في سياق الزيارات والسياحة، تم تداول تقارير عن وقوع بعض الحوادث الفردية التي تتعلق بمخالفات أمنية أو عمليات سرقة في فنادق ومطارات بعض الدول المطبّعة.

على الرغم من أن هذه التصرفات تبقى أفعالاً فردية لا يمكن تعميمها على مجتمع كامل، إلا أنها تثير تساؤلات هامة:

  • مدى جدية التقارب: هل هذه الحوادث مؤشر على غياب الاحترام للقوانين والأعراف في المجتمعات المضيفة؟

  • خلفية الانفصال: هل يعكس هذا النوع من السلوكيات الفردية فجوة ثقافية أو فكراً مجتمعياً لم يتأثر بعد بأجواء الانفتاح والتعاون المزعومة؟

هذه التصرفات، وإن كانت محدودة، تقوّض جهود الحكومات التي سعت إلى مد جسور التواصل، وتجعل الشعوب أكثر حذراً تجاه أي تقارب لا يرتكز على الاحترام المتبادل للقوانين والسيادة.


الرؤية الاستراتيجية: ما وراء المصلحة؟

من الواضح أن الدافع وراء السعي نحو التطبيع من الجانب الإسرائيلي هو في المقام الأول تحقيق مصالح اقتصادية وأمنية، والتحرر من العزلة الدولية المفروضة.

إن التحدي الذي يواجه الدول العربية هو كيفية تحقيق التوازن بين الاستفادة من الفرص الاقتصادية الجديدة وبين الحفاظ على المبادئ والقضايا الجوهرية. إن الاعتماد على أن التقارب الاقتصادي سيؤدي تلقائياً إلى حل القضايا السياسية المعقدة قد يكون رهاناً غير مضمون.

يجب على الأطراف العربية أن تدرك أن الحفاظ على المصالح العليا يتطلب التعامل بحذر شديد، والتمييز بين التعاون الاستراتيجي الذي يخدم المنطقة وبين التنازل عن الحقوق الأساسية. لقد اعتدنا في المنطقة العربية على التباين في المواقف، لكن من الضروري الآن التمييز بوضوح بين من يسعى للسلام المبني على الحق والعدل ومن يسعى لتحقيق أطماع توسعية على حساب الجار.

Read More
    email this

الثلاثاء، 4 يناير 2022

Published يناير 04, 2022 by with 0 comment

لماذا يصعب تكرار نموذج "كليفلاند كلينك أبوظبي" الصحي المتكامل في العالم العربي؟


لماذا  يصعب توفير مثل هذا المستشفى المتكامل  في الدول العربية ؟

لماذا يصعب تكرار نموذج "كليفلاند كلينك أبوظبي" الصحي المتكامل في العالم العربي؟



مقدمة: نموذج "كليفلاند كلينك أبوظبي" كوجهة علاجية عالمية

في رحلة البحث عن رعاية صحية موثوقة وممتازة، تبقى بعض المؤسسات علامة فارقة في الذهن. ومن بين هذه الصروح الطبية الحديثة، يبرز مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي الواقع في جزيرة الماريه، كقصة نجاح تستحق التأمل والدراسة. منذ افتتاحه، لم يكتفِ المستشفى بجلب خيرة الأطباء والطواقم الطبية الأكفاء من مختلف أنحاء العالم، بل وضع معياراً جديداً للرعاية الصحية الشاملة والمتميزة في المنطقة.


لما يصعب توفير مثل هذا المستشفى المتكامل  في الدول العربية ؟

التنوع والكفاءة: سر التميز الطبي والإداري

يتميز كليفلاند كلينك أبوظبي بتعدد أقسامه واختصاصاته، حيث يضم نخبة من الأطباء والجراحين المتخرجين من أعرق الجامعات العالمية. هؤلاء الكفاءات، الذين تركوا بصمات واضحة في مستشفيات مرموقة ببلدانهم، يمثلون قيمة مضافة للمرضى والمراجعين.

ورغم أن الاسم قد يوحي بأن الطاقم والإدارة أجانب بالكامل، إلا أن الواقع يكشف عن تنوع مذهل في الجنسيات، ما يشكل إثراءً حقيقياً:

  • تجد فيه الطبيب السوري، والممرضة المصرية، والأخصائي التونسي، والمعالج العراقي، إلى جانب العديد من الكفاءات العالمية.

  • وجود عدد كبير من أبناء الإمارات في مختلف الأقسام، مع هيمنة الكفاءات الإماراتية على المناصب الإدارية العليا، وهذا التوازن هو ما أضفى على المستشفى هذا التفرد والنجاح.

هذا التنوع اللغوي والثقافي يضمن سهولة التواصل؛ فالمراجع يستطيع التعبير عن حالته بالإنجليزية، العربية، الأوردية، الفرنسية، الألمانية، وغيرها، مما يزيل حاجز اللغة ويعزز راحة المريض.


لما يصعب توفير مثل هذا المستشفى المتكامل  في الدول العربية ؟

خدمات تفوق المعايير الفندقية: بيئة علاجية متكاملة

لا يقتصر التميز على الجانب الطبي، بل يمتد ليشمل تصميم مبنى المستشفى ومرافقه التي تضاهي، بل وتفوق، خدمات الفنادق العالمية ذات السبع نجوم. بدءاً من خدمة صف المركبات والمواقف الواسعة، وصولاً إلى المحلات التجارية التي توفر المأكولات والمشروبات والهدايا وخدمات العناية الشخصية، كل ذلك يهدف لتوفير تجربة مريحة ومتكاملة للمتعاملين.


لما يصعب توفير مثل هذا المستشفى المتكامل  في الدول العربية ؟

وإدراكاً لأهمية راحة الكادر، وفرت إدارة المستشفى بيئة عمل مثالية للطاقم الطبي والإداري، تشمل:

  • أماكن خاصة للراحة والاسترخاء وصالات لياقة بدنية.

  • مناصق هواء طلق ومنصات مطلة على البحر وكورنيش مصغر، مما يضمن تجديد طاقة الكادر.


الموقع الاستراتيجي وسلاسة الإجراءات

تم اختيار موقع المستشفى بعناية فائقة في جزيرة الماريه القريبة من جزيرة الريم، بإطلالة ساحرة على البحر. هذا الموقع، بالإضافة إلى تصميم الغرف الذي يوفر راحة نفسية للمرضى، يساهم في عملية الاستشفاء.

أما سير العمل، فيتسم بـ النظام واليسر المطلق؛ لا تعقيد في الإجراءات، ولا تأخير في المواعيد، ومصلحة المريض وذويه هي الأولوية القصوى. وقد أسهم هذا النظام الدقيق في عدم ورود أي شكاوى أو ملاحظات منذ الافتتاح، مما يؤكد على جودة الخدمة التي تفوق توقعات المراجع.



لما يصعب توفير مثل هذا المستشفى المتكامل  في الدول العربية ؟

الرؤية المستقبلية: لماذا يصعب تكرار هذا النموذج في الدول العربية؟

يعالج كليفلاند كلينك أبوظبي المرضى من مختلف الجنسيات والدول، سواء من الإمارات أو المقيمين فيها، أو زوار من دول عربية وإفريقية وأوروبية وأمريكية، ما يثبت عالمية المستشفى وعدم اقتصاره على شريحة معينة.

هنا يطرح السؤال الجوهري: لماذا يصعب توفير مثل هذا الصرح الطبي في باقي الدول العربية؟ وهل هذا الأمر مستحيل؟

الأمر ليس بالصعوبة المطلقة، خاصة وأن النموذج أصبح واقعاً ملموساً في دولة الإمارات. لكنه يتطلب أولاً وقبل كل شيء:

  1. رؤية قيادية واعية: عقل يفكر ويستطيع جلب مثل هذه المؤسسات الطبية العالمية.

  2. أشخاص يحملون "هم" المواطن: اهتمام حقيقي بالجانب الصحي للمواطنين والمقيمين باعتباره أهم ما يملك الإنسان.

إذا تم تخصيص جزء من الميزانيات المخصصة للمعدات الحربية والأسلحة لتطوير الأنظمة الصحية، يمكن لأغلب البلدان العربية إنشاء مؤسسات طبية بنفس الكفاءة. وهذا لن يوفر فقط رعاية صحية متقدمة، بل سيخلق فرص عمل ويكسب الكوادر المحلية خبرات هائلة بالاحتكاك مع الأطباء والإداريين العالميين الذين يملكون سنوات ضوئية من التطور في هذا المجال.

تخيلوا: مؤسسة طبية ضخمة في بلدان مثل سوريا والعراق واليمن، بطواقم محلية توجهها وتديرها كفاءات عالمية، تسير بنظام إداري يخلو من الفساد أو الاختلاسات، وتقدم العلاج للجميع دون تفريق أو عنصرية. هذه هي المنافسة الحقيقية التي يجب أن نسعى إليها.



 




Read More
    email this

الاثنين، 3 يناير 2022

Published يناير 03, 2022 by with 0 comment

"الغنى المؤجل": تحليل التحديات الاقتصادية والاجتماعية في سلطنة عمان

 

"الغنى المؤجل": تحليل التحديات الاقتصادية والاجتماعية في سلطنة عمان

 "الغنى المؤجل": تحليل التحديات الاقتصادية والاجتماعية في سلطنة عمان


تتمتع سلطنة عمان بمكانة فريدة كدولة خليجية ذات تاريخ عريق وإرث بحري يمتد عبر القارات. سياسياً، غالباً ما تثير سياسات السلطنة الاهتمام، حيث تتبع مساراً دبلوماسياً مستقلاً يرتكز على مبدأ "النأي بالنفس" ومحاولة لعب دور الوسيط الحكيم في نزاعات المنطقة، وهو نهج يكسبها احترام البعض، وقد يثير حفيظة البعض الآخر.

بعيداً عن السياسة، يبرز موضوع اقتصادي حيوي يحتاج إلى تحليل، وهو ما يمكن تسميته بـ "التناقض الاقتصادي العماني".


التناقض الاقتصادي: بلد غني ومواطنون في حاجة

منذ فترة، تظهر على السطح ملاحظات ومقاطع صوتية تعكس شكوى بعض المواطنين العمانيين من ضيق العيش وتحديات اقتصادية، مطالبين الحكومة بالنظر في أوضاعهم.

هنا يبرز التساؤل المنطقي: كيف يمكن لبلد خليجي يزخر بالخيرات والثروات الطبيعية أن يواجه قطاع من شعبه مثل هذه التحديات؟

قد يرى البعض أن هذه الحالات فردية ولا تمثل الشعب بأكمله، وأنها موجودة في كل بلد. هذا صحيح إلى حد ما، ولكن عندما يصبح هذا الصوت مسموعاً ومتكرراً في بلد يمتلك كل مقومات النجاح والتقدم، ويبلغ عدد سكانه رقماً يمكن استيعABه (حوالي 5.5 مليون نسمة)، يصبح من الضروري التوقف لتحليل الأسباب الجذرية لهذا التناقض. فأين تذهب عائدات تلك الخيرات؟


1. التحدي الأكبر: الفساد الإداري والمالي

أحد أهم المعوقات التي تواجهها أي دولة في طور النمو هو الفساد الإداري. لقد أدرك السلطان هيثم بن طارق هذا التحدي مبكراً وعمل على إصدار توجيهات صارمة لتجفيف منابعه.

لكن المشكلة تكمن في أن هذا الفساد قد يكون متجذراً في بعض مفاصل الدولة منذ سنوات طويلة. لذا، تتطلب مواجهته جهداً استثنائياً لا يقتصر على القوانين، بل يحتاج إلى تطبيقها بحزم على الجميع، دون مراعاة للمكانة أو المنصب، لضمان وصول الدعم لمستحقيه.


2. سوء توزيع الثروة والتباين الطبقي

النتيجة الطبيعية للفساد الإداري هي سوء توزيع الثروة. عندما تغيب آليات المحاسبة والرقابة المالية الفعالة (مثل نظام "من أين لك هذا؟")، ينشأ تباين طبقي واضح:

  • طبقة عليا: تتمتع بامتيازات خاصة ووضع مختلف عن باقي أفراد الشعب.

  • طبقة وسطى وكادحة: وهي الطبقة الأكبر التي تعمل بجد ومثابرة، ولكنها في الوقت نفسه تتحمل العبء الأكبر لأي متغيرات اقتصادية أو إصلاحات ضريبية.

إن صمت هذه الطبقة الوسطى أحياناً، خوفاً من فقدان المكتسبات، قد يمنح المستفيدين من الوضع الراهن دافعاً للاستمرار، مما يعمق الفجوة بدلاً من ردمها.


3. التعتيم البيروقراطي وغياب الشفافية

التحدي الثالث هو وجود "حاجز بيروقراطي" يمارسه بعض المتسلطين في المناصب الوسطى. هؤلاء قد يمنعون صوت المواطن الحقيقي وشكواه من الوصول إلى صانع القرار (السلطان وحكومته) الذي يسعى للإصلاح.

خشية هؤلاء المسؤولين من المساءلة قد تدفعهم إلى "تجميل" الواقع أو حتى مهاجمة أي صوت يخرج للمطالبة بحق أو رفع مظلمة، مما يؤدي إلى إخراس الأفواه التي تنطق بكلمة الحق، ويجعل الحلول دائماً قاصرة لأنها بُنيت على معطيات غير دقيقة.


4. الجمود الإداري واحتكار المناصب

من المشاكل المعقدة التي تعاني منها العديد من الإدارات الحكومية هي "الجمود الوظيفي". قد نجد مسؤولاً أمضى عقوداً في منصبه، يرفض التنحي أو التغيير خوفاً من ذهاب الامتيازات.

المشكلة الأكبر هي أنه حتى لو غادر المنصب، فإن أثره يبقى من خلال القوانين البالية والأنظمة التي وضعها. لذلك، يجب على الحكومات الذكية إشراك الشباب المتعلم والمتفتح في اتخاذ القرارات وتولي المناصب، لأنهم أبناء هذا الجيل ويدركون متغيراته، مع الاستفادة من أصحاب الخبرة كمستشارين.


خاتمة: أمل في الإصلاح بقيادة جديدة

برغم كل هذه التحديات، يبقى الأمل في التحسين والإصلاح قائماً بوجود السلطان هيثم. إن الشعب العماني يتأمل خيراً في قيادته الجديدة، وينتظر ترجمة هذه الرؤى الإصلاحية إلى واقع ملموس.

إن النهوض الحقيقي للدول والأمم لا يكون إلا بشعوبها، وليس بأصحاب الأرصدة والأفكار العقيمة. سلطنة عمان بلد غني، لكن تفعيل هذا الغنى لخدمة كل مواطن لا يزال "مع وقف التنفيذ"، بانتظار تذليل هذه العقبات الإدارية والاقتصادية العميقة.

Read More
    email this