الأحد، 12 مايو 2024

Published مايو 12, 2024 by with 0 comment

🌿 الغيرة نعمة: بين فطرة الإنسان وتحديات الحضارة الحديثة

🌿 الغيرة نعمة: بين فطرة الإنسان وتحديات الحضارة الحديثة

 🌿 الغيرة نعمة: بين فطرة الإنسان وتحديات الحضارة الحديثة



في زمنٍ تتسارع فيه التغيرات الفكرية والاجتماعية، وتنتشر فيه مفاهيم غريبة عن قيمنا وديننا، يبقى الإحساس بالغيرة من أنبل المشاعر التي تحفظ المجتمعات من الانحلال وتقيها من الانزلاق في مستنقع الفوضى الأخلاقية.


لقد تأثرت مجتمعاتنا العربية والإسلامية في العقود الأخيرة بثقافات وافدة من الغرب، حتى أصبح بعض الناس يتبنّون تلك الأفكار دون وعي أو تمييز بين ما يصلح لنا وما يفسد فطرتنا وديننا.



 الثقافة الغربية وتأثيرها على المجتمعات العربية


لا شك أن الانفتاح على العالم أمر لا مفر منه، لكن الخطر يكمن في الانبهار المفرط بكل ما هو غربي حتى في الجوانب التي تتعارض مع مبادئنا الإسلامية.


لقد تسللت مفاهيم مثل “الحرية الشخصية” و“التحرر الكامل” و“الانفتاح بلا قيود” إلى مجتمعاتنا، وأصبحت شعاراتٍ تُستخدم لتبرير تجاوز القيم والضوابط الدينية.


ولولا **ضعف الوازع الديني وغياب التربية الأسرية السليمة** لما تمكنت تلك الأفكار من إيجاد موطئ قدم في مجتمعاتنا المحافظة.




الغيرة... فطرة إلهية تحفظ التوازن


الغيرة في الإسلام ليست مرضًا أو ضعفًا كما يحاول البعض تصويرها، بل هي **غريزة فطرية مزروعة في النفس البشرية**، بها تُصان الأعراض، وتُحفظ الكرامة، ويُحمى المجتمع من الانحراف.
يقول النبي ﷺ:

 “إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم الله عليه.”

فالغيرة هي **حارس القيم** الذي يمنع الانزلاق في المعاصي، وهي التي تدفع الرجل والمرأة إلى التمسك بالعفة والستر والحياء.


 حين تتحول الحرية إلى فوضى

إن ما نراه اليوم من مظاهر الانفتاح غير المنضبط ليس حرية حقيقية، بل **فوضى فكرية وأخلاقية** تُهدد استقرار الأسرة والمجتمع.

فحين يتجرأ البعض على اعتبار **الحشمة رجعية، والحجاب تخلفًا**، وحين يُربّى الجيل على تقليد الغرب في كل شيء، فإننا نخسر هويتنا شيئًا فشيئًا.

الحرية الحقيقية هي التي تضبطها **الضمائر والقيم والدين**، وليست تلك التي تُطلق الإنسان بلا حدود.


الغيرة بين الفطرة والضياع

لقد كانت الغيرة سببًا في حفظ المجتمعات المسلمة عبر القرون وكانت درعًا يحمي الأسرة من الانحراف.
لكن حين غابت الغيرة من القلوب، تغيّرت المظاهر والعلاقات والسلوكيات، وأصبح البعض لا يجد حرجًا في أن تُظهر المرأة جسدها أو تختلط بلا ضوابط.

إن ضعف الغيرة لا يُضعف الرجل وحده، بل يُضعف الأمة بأكملها، لأن الأسرة هي نواة المجتمع، فإذا فسدت ضاعت القيم وانحدر البناء الأخلاقي.



 دور الأسرة والمجتمع في حماية القيم


الأسرة هي المدرسة الأولى التي تُغرس فيها بذور الإيمان والحياء.
فلو نشأ الأبناء على مراقبة الله، وحب الخير، والتمسك بالحياء، لما استطاعت أي ثقافة دخيلة أن تزعزع ثوابتهم.
كما أن على الإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية دورًا كبيرًا في **إعادة الاعتبار للغيرة كقيمة إنسانية سامية**، لا كقيد أو عيب كما يصورها البعض.



 بين الغيرة والانفتاح المتزن


لا يعني الدفاع عن الغيرة رفض الانفتاح أو رفض التقدم، بل يعني **تحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة**.
يمكننا أن نتطور ونتعلم وننفتح على العالم دون أن نفقد هويتنا أو نُفرّط في ديننا.
فالغيرة ليست حجرًا على العقل أو تطرفًا فكريًا، بل هي **قوة داخلية تذكّر الإنسان بحدوده ومسؤوليته أمام خالقه.


 الخلاصة


الغيرة ليست عيبًا، بل **نعمة من الله** تحفظ بها الأمم كرامتها وهويتها.
ومتى ما ضعفت الغيرة، ضعفت الأخلاق، وبدأت المجتمعات في السقوط البطيء نحو الانحلال.
فلنحافظ على هذه القيمة، ولنعمل على غرسها في نفوس أبنائنا، لأنها الحصن الأخير في وجه موجات التغريب والانفلات.
Read More
    email this

الأربعاء، 17 أبريل 2024

Published أبريل 17, 2024 by with 0 comment

علي المعشني: صوت التحليل الهادئ والعقلاني في المشهد العربي**


علي  المعشني: صوت التحليل الهادئ والعقلاني في المشهد العربي


فالمحلل الحقيقي هو من يقرأ ما وراء الحدث، ويربط بين الأسباب والنتائج ليمنح المتابع فهماً أوسع لما يدور حوله، وهذا ما يميز المحلل العُماني **علي بن مسعود المعشني** الذي استطاع أن يلفت الأنظار بأسلوبه الهادئ والعميق عبر منصته الإعلامية **«نبراس»**.

تُعدّ الساحة الإعلامية العربية اليوم مزدحمة بالمحللين والمتحدثين في مختلف مجالات السياسة والمجتمع والاقتصاد، إلا أن القليل منهم يملك القدرة على الجمع بين **العمق والتحليل الموضوعي والرؤية المستقبلية**.


**أسلوب متفرّد في التحليل**


يتميّز المعشني بحضور إعلامي مؤثر وكاريزما لافتة تجعله قريباً من المستمع، إذ يخاطب جمهوره بلغة واضحة ومباشرة تجمع بين البساطة والعمق.

فهو يقدّم قراءاته للأحداث الإقليمية والعربية من منظور **عروبي وإسلامي متوازن**، بعيداً عن المبالغة أو الانحياز، ويحرص على تسليط الضوء على القضايا الكبرى للأمة العربية والإسلامية، داعياً إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات.



 **جماهيرية وتأثير واسع**


يحظى  المعشني بمتابعة واسعة في أوساط المثقفين والمهتمين بالشأن السياسي في الخليج والعالم العربي.
ويرى فيه الكثيرون نموذجاً للمحلل الذي يجمع بين **الجرأة والانضباط المهني**، في حين يختلف معه آخرون بسبب مواقفه من بعض الملفات الإقليمية، إلا أن الجميع يتفق على **عمق تحليله وجرأته في الطرح**.



**الواقعية في النقد والطرح**


من أبرز ما يميز المعشني أنه **ينتقد من أجل البناء لا الهدم**، فحين يوجّه نقده لدول الخليج مثلاً، فهو يفعل ذلك بدافع الإصلاح والحرص على المصلحة العامة، وليس بدافع المعارضة أو الإثارة الإعلامية.
ويُعرف عنه رفضه للمجاملات السياسية والدبلوماسية الزائدة، ودعوته الدائمة إلى توحيد المواقف العربية والإسلامية وتجنّب التنازع الذي يضعف الأمة.



**رؤية شاملة وثقافة واسعة**


يتمتع  المعشني بثقافة موسوعية واطلاع واسع على التاريخ والسياسة، وهو قارئ نهم وباحث ميداني، سافر إلى عدد من المناطق الساخنة مثل اليمن ليطّلع عن قرب على تفاصيل الأحداث.
ويقدّم من خلال قناته على يوتيوب تحليلات أسبوعية يغوص فيها في **خفايا الملفات العربية**، وخاصة القضية الفلسطينية، حيث يقدّم رؤية نقدية عميقة تجمع بين الحسّ الإنساني والقراءة الواقعية.



 **كاريزما وهدف واضح**


الكاريزما التي يتمتع بها المعشني جعلته محطّ إعجاب فئة كبيرة من المتابعين، إذ يرونه نموذجاً للمحلل العربي الحر الذي لا ينجرف وراء الشعارات أو الولاءات.
أما رسالته الأساسية، فهي الدعوة إلى **الوعي والتفكير النقدي والتوازن** في قراءة الأحداث، وإحياء الحسّ القومي والديني لدى الشباب العربي.



 **خاتمة**


يبقى  المعشني مثالاً للمحلل الواعي الذي يمارس دوره الإعلامي بروح المسؤولية والالتزام، ويجسّد نموذج المثقف الخليجي الذي يضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار.
وفي زمن كثُرت فيه الأصوات وتداخلت الاتجاهات، تبقى الأصوات الهادئة والعقلانية مثل صوت المعشني **نبراساً يهدي العقول ويوقظ الضمائر**.

Read More
    email this

الخميس، 28 مارس 2024

Published مارس 28, 2024 by with 0 comment

⚖️ العدالة والاستقرار: رؤية تحليلية لتحديات الأمن المجتمعي

 

تفشي الظلم في بلاد العدالة

⚖️ العدالة والاستقرار: رؤية تحليلية لتحديات الأمن المجتمعي



من الملاحظات التي تسترعي الانتباه في متابعة المشهد العالمي والمحلي، سواء عبر النشرات الإخبارية أو منصات التواصل، وجود تزايد في معدلات الجرائم والتحديات المجتمعية المقلقة على مستوى العالم. هذا الارتفاع يمكن ربطه -جزئيًا- بالأجواء العالمية المشحونة، والصراعات التي تؤدي إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وهي عوامل تنعكس سلبًا على استقرار الأفراد والمجتمعات.



وفي سياق أمتنا العربية والإسلامية، تبرز عوامل مشتركة تقف وراء العديد من التحديات الأمنية. ورغم أن الجريمة ظاهرة إنسانية عالمية، إلا أن هناك أسسًا ومبادئ تميز مجتمعاتنا، وعلى رأسها المرجعية الدينية القويمة التي تنظم الحياة وتضع ضوابط صارمة لحفظ النفس والحقوق، جاعلةً من تعاليمنا مؤشرًا دائمًا للعدل والرحمة.


💎 الأساس القيمي والضرورة الإنسانية للعدل

إن ديننا الحنيف وضع قواعد راسخة تحرّم القتل وسفك الدماء والاعتداء على حقوق الإنسان، مؤكدًا على مبدأ الرحمة والعدل في التعامل مع الجميع. هذه التعاليم تمثل حصنًا قيميًا، وتؤكد على أن العدل ليس مجرد قانون وضعي، بل هو واجب إنساني وديني يضمن كرامة الإنسان واستقراره.

ومع ذلك، تظهر في مجتمعاتنا تحديات هيكلية تغذي بيئة عدم الاستقرار، وأبرزها:

 * التحديات الاقتصادية وسوء توزيع الفرص: حيث يؤدي ضعف الإمكانيات الاقتصادية والحاجة إلى العوز، وعدم تكافؤ الفرص في توزيع الثروات والموارد، إلى شعور بالإحباط يدفع البعض إلى السعي للكسب غير المشروع، أو يضعف وازع القناعة والرضا.

 * تحديات في تطبيق العدالة والمساواة: الشعور بـغياب الإنصاف أو الإحساس بالظلم، سواء كان مرتبطًا بالتعسف الإداري، أو استخدام النفوذ لتجاوز القوانين، أو أكل حقوق الآخرين، يمثل تحديًا خطيرًا يمس الثقة بين الأفراد والمؤسسات، وهو أساس أي بناء مجتمعي سليم.


🌐 الاستثمار في البشر والعدالة الاقتصادية

في مواجهة هذه التحديات، يجب أن تكون الأولوية القصوى لـالاستثمار في الإنسان باعتباره الخط الأول والحصن المنيع للوطن.


 * الشعب هو القوة المحركة: إن الكوادر الوطنية، وخاصة الشباب، هم من يحرك عجلة الاقتصاد، والازدهار، والنمو. متى حظي هؤلاء بالرعاية الكافية، والتعليم الجيد، والتدريب على المهن، وتكافؤ الفرص، تقل الحاجة إلى القوى العاملة الأجنبية، ويزداد الإبداع المحلي.


 * الوفرة في الرزق مسؤولية إلهية وسعي بشري: مسألة تزايد الأعداد السكانية ليست عائقًا بل قوة دافعة، كما حثنا نبينا الكريم. فبدلاً من القلق بشأن الموارد، ينبغي على صانعي القرار بذل الأسباب وتطبيق مبدأ الإنصاف والمساواة في منح الحقوق والفرص.

 فالمساواة في المعاملة والتقدير، وعدم المحاباة أو تفضيل فئة على أخرى، تضمن أن موارد الوطن تكفي للجميع، وتؤسس لعدل اقتصادي يقلل من دوافع الجريمة.


🏛️ إصلاح المؤسسة القضائية: ركيزة الحكم الصالح

إن العدل أساس الملك، والمؤسسة القضائية هي آخر الحصون التي يجب أن تُصان وتُقوّى. إن أي قصور في هذه المؤسسة يهدد الاستقرار المجتمعي العام.

 * أهمية الثقة القضائية: إن الشعور بوجود قضاة نزيهين يحكمون وفق مرجعية إسلامية أصيلة وخوف من الله، دون محاباة لنفوذ أو سطوة، هو ما يبعث الاطمئنان في نفوس الناس. متى شعر الناس بأن حقوقهم مصانة وأن لا قوة تعلو فوق قوة القانون، زادت ثقتهم في الدولة وقلت دوافعهم للجوء إلى العنف أو أخذ الحق باليد.

 * ضرورة المراجعة والتطوير: يجب العمل على تطوير النظم القضائية والإدارية لمواجهة الثغرات التي يستغلها البعض لتضييع الحقوق. كما ينبغي مراجعة كفاءة وتأهيل القائمين على القضاء، وضمان قدرتهم على العطاء الذهني والجسدي الكامل لخدمة العدالة، فالعدل يحتاج إلى فطنة ويقظة دائمتين.


 * العدل ينتج خيرًا شاملاً: إن الاهتمام بتقوية العدل يُثمر خيرًا في جميع مناحي الحياة؛ فهو يقطع الطريق على تجار الظلم، ويمنع نشوء المشاحنات المجتمعية، ويجعل الناس يعيشون في أمان وطمأنينة.


🤲 نداء للمسؤولية

إن من يتولى أمور الناس ويدير شؤونهم يحمل أمانة عظيمة. فالسعي للعدل والإنصاف ليس مجرد عمل إداري، بل هو عبادة ومسؤولية تُحاسب عليها الأجيال العدل هو الضمان لبقاء الذكر الحسن والأثر الطويل.


علينا أن ندرك أن العدالة الشاملة، التي تشمل العدالة الاقتصادية (تكافؤ الفرص) والعدالة القضائية (الإنصاف في الحكم)، هي صمام أمان مجتمعاتنا، وهي أساس بناء الأوطان القوية والمستقرة.

Read More
    email this

السبت، 17 فبراير 2024

Published فبراير 17, 2024 by with 0 comment

🕊️ عجز العالم أمام مأساة غزة: إلى متى الصمت؟

 

🕊️ عجز العالم أمام مأساة غزة: إلى متى الصمت؟

🕊️ عجز العالم أمام مأساة غزة: إلى متى الصمت؟


تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيدًا خطيرًا ومعاناة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، فيما يكتفي العالم بالصمت والبيانات الشكلية. ومع استمرار سقوط الضحايا المدنيين، تتجدد الأسئلة حول موقف المجتمع الدولي وضعف الموقف العربي والإسلامي في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية.


منذ أكثر من قرن، يمر الشعب الفلسطيني بمحطات متكررة من المعاناة، لكن ما يجري اليوم في غزة يعدّ من أكثر المآسي قسوة ووحشية. فقد طالت الغارات الأطفال والنساء والشيوخ، وانهارت البنية التحتية وتدهورت أوضاع المستشفيات، في وقت يعيش فيه السكان تحت حصار خانق ونقص في الماء والغذاء والدواء.


🌍 صمود الشعب الفلسطيني


رغم كل هذا الدمار، يثبت الفلسطينيون يومًا بعد يوم أنهم أصحاب قضية عادلة لا تموت. فالإصرار على البقاء والمقاومة لا ينبع فقط من المعتقد، بل من ارتباطٍ أصيل بالأرض والهوية. إنها معركة وجود لا تُقاس بالقوة العسكرية، بل بالإيمان بالحق والتمسك بالأمل.


⚖️ غياب الدور الدولي


يتساءل كثيرون: أين المنظمات الإنسانية؟ أين القرارات الدولية التي وُضعت لحماية المدنيين؟ الإجابات مخيبة. فالدعم السياسي لبعض القوى الكبرى للعدوان يجعل مبدأ العدالة مفقودًا. وحتى بيانات التنديد لم تعد تكفي أمام حجم المأساة التي تُنقل على الشاشات.


🕋 موقف الأمة العربية والإسلامية


تعاني الأمة العربية والإسلامية من انقسام واضح وتباين في المواقف، ما جعل الصوت الجماعي غائبًا عن الساحة. لو توحدت الجهود، لأمكن تخفيف المعاناة وفرض حلول عادلة. غير أن الانشغال بالخلافات الداخلية أضعف الموقف العربي، وجعل الشعوب تكتفي بالتعبير عبر وسائل التواصل دون تأثير فعلي.


💔 أطفال غزة.. ضحايا بلا ذنب

المشاهد التي تصل من غزة تُظهر أطفالًا يخرجون من تحت الأنقاض ووجوهًا فقدت ملامح الطفولة. هؤلاء يمثلون الجانب الأكثر وجعًا في القصة، ويجعلون العالم يتساءل: أين الضمير الإنساني؟ إن حماية الطفولة واجب عالمي لا يجوز تجاهله تحت أي مبرر سياسي.


🌱 الأمل في التغيير

ورغم الألم، يبقى الأمل قائمًا. فالأمم تنهض حين تدرك ضعفها وتسعى لإصلاحه. الطريق نحو الكرامة يبدأ من الوعي والتكاتف ونشر الحقيقة. لا بد أن يكون الدعم الإنساني والإعلامي والحقوقي مستمرًا، لأن الصمت تواطؤ، والسكوت عن المأساة لا يصنع سلامًا.



📰 خلاصة المقال

إن ما يجري في غزة ليس مجرد أزمة سياسية، بل مأساة إنسانية تستدعي موقفًا أخلاقيًا عالميًا. المطلوب من المجتمع الدولي أن يتحرك لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات، ومن الشعوب أن تبقي صوتها عاليًا دفاعًا عن العدالة والكرامة الإنسانية.
Read More
    email this

الأحد، 21 يناير 2024

Published يناير 21, 2024 by with 0 comment

جرأة موصلة للوقاحة

 

جرأة موصلة للوقاحة

جرأة موصلة للوقاحة


لم يكن الاختلاف بين الرجل والمرأة يومًا مدعاة للتنازع، بل سُنّة فطرية اقتضتها حكمة الله في خلقه. فلكلٍّ منهما صفاته وسماته التي تُميّزه عن الآخر، وتجعل كلاً منهما مكمِّلاً للثاني لا نظيرًا له.


فالرجولة لا تكتمل إلا بما فُطر عليه الرجل من قوة وصلابة وحزم، وهي صفات تزيده مهابة وتكسبه وقارًا. كما أنّ الأنوثة في المرأة تكمن في رقتها ولطفها وحيائها، وهي ما يجعلها موضع تقدير واحترام في المجتمع.


لكن ما نشهده اليوم هو انحراف خطير في المفاهيم، إذ بات بعض النساء يسعين إلى التخلّي عن أنوثتهن الفطرية في محاولة لاكتساب صفات الذكور، ظنًّا منهن أن ذلك قوة أو تحرّر، بينما هو في الحقيقة خروج عن طبيعةٍ إنسانيةٍ أرادها الله متكاملة لا متصادمة.


في الأزمنة الماضية، كانت المرأة العربية رمزًا للحياء والعفّة، تتزيّن بأخلاقها قبل مظهرها، وتتحرّج من مخالطة الرجال أو مزاحمتهم في كل شأن. وكان الشعراء والأدباء يتغنّون بأنوثتها وسموّ خُلقها، لا بجمالها الخارجي فقط، بل بما تحمله من صفات الرفق والسكينة والحياء.


ومع مرور الزمن وتقدّم الوسائل الحديثة، بدأ هذا الحياء يتراجع، وظهرت نماذج جديدة من النساء تحاول كسر كل الحواجز باسم “الحرية والمساواة”. فبعد أن كانت الجرأة عند المرأة تُقاس بقدرتها على التعبير الواعي والثقة بالنفس، أصبحت عند البعض تجاوزًا لكل حدٍّ وحياء، حتى صار ما يُعرف بالجرأة في كثير من الأحيان أقرب إلى الوقاحة المرفوضة دينيًّا واجتماعيًّا.


لقد استغلّ بعض المفكرين والحركات الغربية هذه الموجة لتغيير هوية المرأة المسلمة، فرفعوا شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها الهدم، كـ “تحرير المرأة” و“المساواة المطلقة”، ليجرّدوها من قيمها، ويجعلوها سلعةً تُستهلك في الأسواق الإعلامية والتجارية. ثم خرجت من رحم تلك الدعوات حركة “النسوية المتطرفة” التي تجاوزت حدود المناداة بالحقوق المشروعة إلى محاولة إسقاط كل القيم الأسرية والدينية التي تقوم عليها المجتمعات.


وللأسف، تبنّت بعض النساء تلك الأفكار، وابتعدن عن قيم العفّة والحياء، بل أصبحت الوقاحة في الكلام أو الظهور بلا ضوابط تُعدّ عند البعض دليلاً على القوة والاستقلال، بينما هي في حقيقتها ضعفٌ وهشاشةٌ وانسلاخٌ عن الجذور.


الأدهى من ذلك أن بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بدأت تُبرز تلك النماذج وتلمّعها، حتى صارت قدوة للفتيات الصغيرات، اللاتي اندفعن نحو تقليد مظاهر سطحية لا تمتّ للقيم بصلة، فكانت النتيجة ضياع هوية جيلٍ كاملٍ بين التقليد والانبهار.


وفي الوقت نفسه، يشهد الغرب — الذي صدّر إلينا مفاهيم “التحرّر” — مراجعات واسعة لتجربته، بعدما تسبّبت الحريات المطلقة في تفكّك الأسر وضياع القيم، وأدرك كثير من المفكرين هناك أن في التعاليم الإسلامية حلولًا تحفظ التوازن بين الحرية والمسؤولية، وبين الكرامة والحياء.


إنّ ما نحتاج إليه اليوم هو وقفة صادقة لإعادة النظر في الاتجاه الذي نسير نحوه، فالمجتمعات لا تُبنى بالتحرّر المفرط، بل بالالتزام الواعي. وينبغي تفعيل دور المؤسسات الدينية والثقافية في توعية الشباب والفتيات بخطورة الانسياق وراء التقليد الأعمى، وغرس مفاهيم الحياء والاحترام والتكامل بين الجنسين، بدلًا من الصراع بينهما.


فالمجتمع الراقي هو الذي يعرف أن **الحياء لا يُنافي القوة، وأن الجرأة بلا خُلق ليست شجاعة بل سقوط**.
Read More
    email this

الأربعاء، 17 يناير 2024

Published يناير 17, 2024 by with 0 comment

فتنة الذباب الالكتروني

 


# فتنة الذباب الإلكتروني


**بسم الله الرحمن الرحيم**
نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يُثبّتنا على دينه، ويجعل لنا من كل ضيق فرجًا ومن كل هم مخرجا.


الفتن عبر التاريخ رافقت الأمم، بعضها أشدُّ أثرًا يهدد دين الشعوب وكيانها، وبعضها أقل ضررًا، لكن الخطر الحقيقي يكمن في قدرة الفتنة على التسلل إلى النفوس تدريجيًا وتحويل الواقع إلى حالة من القلق والتشتت. ومع تطور وسائل الاتصال، نشأت فتنة جديدة تلبس ثوب العصر: **فتنة الذباب الإلكتروني** — جيش من الحسابات والأصوات الممولة أو المخادعة التي تنتشر عبر منصات التواصل، وتعمل على زعزعة الاستقرار وتعكير صفو المجتمع.


## ما هي «الذباب الإلكتروني»؟


الذباب الإلكتروني هو مجموعة من الحسابات والأفراد المؤثرين الذين تُوظَّف منشوراتهم لتعزيز رسائل مُحددة — سياسية أو اجتماعية أو نفسية — إما لصالح جهات داخلية أو خارجية. تختلف دوافع هؤلاء بين السعي للربح، والرغبة في الانتقام، والاغتراب الإيديولوجي، أو حتى الجهل بالآثار البعيدة لمنشوراتهم.


## من هم مجنِّدو الذباب الإلكتروني؟


يمكن تصنيف من يتم تجنيدهم إلى مجموعات رئيسية:

* **الشباب المحرومون**: عاطلون عن العمل أو محرومون من التعليم، يحملون امتعاضًا من واقعهم، فيصبحون سهل الاستغلال مقابل وعود مالية أو وعود بتحسين وضعهم.


* **المثقفون المستاءون**: أصحاب شهادات وخبرات، بعضهم يشعر بالظلم أو بالإهمال، فيقع فريسة لوعود الانتقام أو التعبير عن الاستياء عبر منصات مُموَّلة.


* **المتورطون أو الفارّون**: أشخاص انكشف أمرهم في قضايا قانونية فهربوا أو تقوّوا بأذرع داعمة خارجية، يستخدمون معلوماتهم وخبراتهم لشن هجومٍ من الخارج.


* **المتأثرون بأفكارٍ متطرفة**: من انقادوا إلى أيديولوجيات متشددة أو جماعاتٍ تُغرر بالأعضاء وتوظفهم في حملاتها الإلكترونية.

* **المدافعون المأجورون**: من يُجنَّدون للدفاع عن أنظمة أو شخصيات معينة وتجميل صورتهم عبر حملات إلكترونية منظّمة.


## كيف يتم التجنيد والتوجيه؟

الممولون والكشافون يعتمدون على أساليب نفسية واجتماعية متدرجة:

1. **الاستغلال العاطفي والاقتصادي**: اللعب على حاجة الشخص ومحاولة إشباعها مقابل ولاء مؤقت.
2. **إضفاء طابعٍ وطني زائف**: تحفيز الحماس الوطني، ثم توجيهه نحو أهداف مُحددة.
3. **التشويه والتزوير**: نشر قصص أو صور أو اتهامات تُستعمل كأدوات لتغيير الرأي العام.
4. **التعزيز الوظيفي**: تقديم مكافآت، إقامة، أو منصات إعلامية بديلة لتضخيم الصوت.
5. **الاستبدال الدوري**: استنزاف العناصر ثم استبدالها بآخرين عند انكشافها أو فقدانها التأثير.


## آليات التأثير والضرر


سرعة الانتشار وحجم المتلقين هما مفتاح قوَّة الذباب الإلكتروني. حين يتجاوب الجمهور (بغض النظر عن وعيه)، تتحول فكرة بسيطة إلى خطاب واسع يمكن أن يولّد نقاشات سلبية، خصومة اجتماعية، أو حتى احتجاجات واضطرابات. وبدل أن يكون النقاش بناءً، يتحول إلى تشاحن وتراشق تعطّل فرص الحلّ الحقيقي.


## كيف نتصدى لهذه الفتنة؟

1. **التوعية الإعلامية**: تعليم الجمهور طرق التمييز بين المعلومة الموثوقة والمضخمة، وتعزيز الثقافة الرقمية.

2. **تقوية المؤسسات**: تفعيل دور الإعلام الرسمي والمجتمعي وتقديم قنوات شفافة للاستماع للشكاوى والمطالب.

3. **الرقابة المسؤولة**: العمل القانوني مع منصات التواصل للحد من الحسابات المزوّرة والممولة بشكلٍ يخالف القانون.

4. **دعم الفئات الضعيفة**: مشاريع تشغيلية وتعليمية للشباب والمحرومين تقلّص هامش الاستغلال.

5. **التركيز على الحوار الوطني**: فتح قنوات للحوار الجاد بين المواطنين وصناع القرار لتفريغ الاحتقان سلمياً.


## خاتمة


فتنة الذباب الإلكتروني ليست مجرد مشكلة تقنية أو إشكالية تواصلية فحسب؛ إنها تحدٌّ اجتماعي وسياسي يتطلب تضافر الجهود: حكوماتٍ ومؤسساتٍ ومدارسًا وأُسرًا لكلٍّ دوره. بالوعي والعمل الجماعي يمكن أن نحدّ من تأثير هذه الفئة، ونعيد للمجتمع صحته وسلامته.
Read More
    email this

الاثنين، 8 يناير 2024

Published يناير 08, 2024 by with 0 comment

ما الذي يجري هناك ؟

 
ما الذي يجري هناك ؟

 ما الذي يجري هناك؟


**بسم الله الرحمن الرحيم**
نبدأ بالدعاء: نسأل الله أن يفرّج كرب إخواننا، وأن يحفظ الأمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.


الحدث الأخير — طوفان الأقصى — جاء بخيره وشرّه. شهدنا ردود فعل عنيفة من الجانب المقام، وتوالت ردود أفعال عربية وإقليمية ودولية متفاوتة في الحجم والأثر. بينما عبّر كثيرون عن التضامن، كانت التحركات العمومية والدولية أقلّ مما توقّع البعض من حيث الحسم والتأثير، فبدا المشهد ملتبسًا بين مواقف تصنعها الضغوط السياسية وحسابات المصالح، وبين دوافع إنسانية حقيقية دفعت دولًا وجماعات للتدخل المحدود.

على الأرض: تعقيدات متزايدة


مع تتابع الأيام تغيّرت ملامح الصراع: هدنة هنا، تصعيد هناك، نزوح أعداد كبيرة من المدنيين، وتوغلات متجددة في مناطق آمنة ظنًّا أنها ملاذ. التباينات داخل المعسكرين—الصهيوني والفلسطيني—جعلت الصورة أكثر تعقيدًا، بينما تحرّكت أذرع إقليمية (جنوب لبنان، البحر، وغيرهما) بدرجات متفاوتة من التأييد أو الاستفزاز. هذا التنوع في المواقف يثير سؤالاً مشروعًا: من يدير المشهد في الداخل والخارج فعلاً؟ وهل ما نراه الآن مقدّمة لسيناريوهات مخططة مسبقًا؟


 حدود نقل المعلومة: ما لا تراه الكاميرات


الصحافة الميدانية والمراسلون يبذلون تضحيات كبيرة لنقل الوقائع، ونقدّر جهودهم بشدّة. لكن دورهم يظلّ محصورًا في ما يظهر على الأرض. كثير مما يجري وراء الكواليس — في مكاتب القرار، وغرف التشاور الدولية، وصفقات النفوذ — يظلّ خارج متناول عدسات الكاميرات، لذلك يبقى لدى المتابعين شعورٌ بأنّ ثمة حقائق مخفيّة أو مؤشرات لم تُعرض كاملة.


أسئلة يجب أن تُطرح


* هل هنالك خطط استراتيجية تُحاك في الخلفية تختلف عن الانطباع العام؟
* لماذا تبدو بعض التدخلات أقلّ من مستوى التوقعات رغم الشعارات المدويّة؟
* كيف ستنعكس الخلافات الداخلية على مستقبل قيادة الموقف الفلسطيني؟
* وما دور الأطراف الإقليمية والدولية في تحديد مسارات المواجهة أو التهدئة؟


قراءة واقعية ونصيحة عملية


من الضروري التذكير أن أي مسار عسكري أو سياسي لا يُدرس تبعاته جيدًا قد يكلف المدنيين ثمناً باهظًا. لذلك، على القيادات الفلسطينية — ممثلةً بكل أطيافها — أن تتجاوز التناحر الداخلي، وأن تضع مصلحة الشعب وسلامة المدنيين في المقام الأول. الحوار الوطني والتنسيق فيما بين الفصائل يمكن أن يوفِّرا رؤية موحّدة تضمن تمثيلًا أفضل للمطالب وتخفّف من الخسائر.


كما أن المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية مطالبون بمسؤولية إنسانية حقيقية: الحضور الفعلي الذي يحمِي المدنيين ويؤمن ممرات إنسانية آمنة أهم من بيانات التأييد الشكلية.

خاتمة: الأمل في يد أصحاب القضية


نأمل أن تكون إدارة الملف بيد أصحاب القضية وأن تظلّ لهم الكلمة الفصل، مع دعم حقيقي من الأخوة والأصدقاء. الصراع إذا هدأ الآن قد يظل مُشتعلاً إذا لم تُعالج جذور المشكلة؛ وكلّما ارتقينا في مستوى الحوار والتخطيط، قلّت فرص التدهور وتوسّع الدائرة. قلوبنا مع أهلنا في غزة وكل فلسطين، وندعو أن يكتب الله لهم الفرج والنجاة والعدل.

Read More
    email this

السبت، 6 يناير 2024

Published يناير 06, 2024 by with 0 comment

مهدي باكستان

 

مهدي باكستان

مهدي باكستان.. ظاهرة تثير الجدل في بلد التناقضات


تُعد باكستان من أكثر الدول الإسلامية تنوعًا في الأعراق واللغات والعادات الاجتماعية، وهذا التنوع انعكس بوضوح على ملامح المجتمع وتكوينه الفكري والمعيشي. فمن يتابع أخبار هذا البلد العجيب يدرك أنه لا يكاد يمر يوم من دون وقوع حادثة لافتة أو قضية مثيرة للجدل، وكأن هذا البلد يعيش على إيقاع أحداث متلاحقة لا تنتهي.

قد يكون السبب في ذلك هو الوضع الأمني الداخلي المضطرب، إلى جانب ضعف تأثير المؤسسات الدينية والاجتماعية في التوجيه والإصلاح، على الرغم من وجود علماء أجلّاء وأصحاب رأي سديد. كما لا يمكن إغفال الفساد الإداري والمالي الذي أنهك مؤسسات الدولة، إضافةً إلى طبيعة المجتمع القاسية والعادات القبلية المتوارثة التي ما زالت تتحكم في تفاصيل الحياة اليومية، خصوصًا في قضايا الزواج والشرف والعقاب. كل هذه العوامل مهّدت الطريق أمام ظواهر غريبة تظهر بين الحين والآخر، كان آخرها ما يُعرف إعلاميًا بـ "مهدي باكستان".


قصة محمد قاسم.. الرجل الذي ادّعى الرؤى

محمد قاسم، مواطن باكستاني عادي ظهر فجأة في المشهد العام، وبدأ يتحدث إلى الناس مدّعيًا أنه يرى رؤى وأحلامًا تتعلق بأحداث عالمية ومحلية، بعضها تحقق — حسب قوله — وبعضها ما زال ينتظر وقوعه. ومع مرور الوقت، أخذ يوحي لمتابعيه — بطريقة غير مباشرة — بأنه المهدي المنتظر المذكور في الأحاديث النبوية، دون أن يصرح بذلك علنًا.


روّج الرجل لنفسه بذكاء، مستخدمًا وسائل الإعلام الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي التي ساعدته على الانتشار السريع. ومع كثرة متابعيه، بدأ البعض يُصدق رواياته، بينما اعتبره آخرون مجرد راوٍ للأحلام والمبالغات.


لماذا صدّقه الناس؟

يرجع انتشار فكر محمد قاسم إلى عدة عوامل:

  1. ضعف الوعي الديني العام لدى فئات كبيرة من الناس في القرى والمدن الصغيرة.

  2. غياب دور حازم من السلطات في التصدي لمثل هذه الدعاوى قبل أن تتفاقم.

  3. استغلال وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من أي فكرة قابلة للانتشار الفوري.

  4. الفراغ الروحي لدى الشباب الذي يبحث عن أمل أو مخلّص في ظل الأزمات المتكررة.

وبمرور الوقت، صار لمحمد قاسم أتباع يدافعون عنه بشدة، وينتظرون أحلامه الجديدة، ويتعاملون معها كحقائق، مما أثار قلق العلماء والدعاة الذين حاولوا تنبيه الناس إلى خطورة الانسياق خلف مثل هذه الادعاءات.


موقف العلماء والمؤسسات الدينية

تأخرت المؤسسات الدينية في التصدي لهذه الظاهرة، إما بسبب الخشية من تضخيمها إعلاميًا أو بسبب القيود الرسمية التي تحدّ من تحرك العلماء بحرية. ومع ذلك، ظهرت أصوات علمية ناضجة حذرت من خطورة تصديق مثل هذه الدعاوى، وذكّرت الناس بأن الإيمان بالغيب لا يعني تصديق كل من يروي رؤيا أو حلمًا.


المهدي الحقيقي بين النصوص والدجل

الأحاديث الصحيحة التي وردت عن النبي ﷺ تثبت أن المهدي المنتظر سيظهر في آخر الزمان بأمر من الله تعالى، وليس بناءً على رؤى أو أحلام. فقد قال رسول الله ﷺ:

«لا تقوم الساعة حتى يملك الناس رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، فيملؤها قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا»

هذا الحديث الصحيح وحده كافٍ لبيان أن المهدي لا يُعرف إلا حين يأذن الله بظهوره، وأن ادعاء أي شخصٍ لهذا اللقب أو الإيحاء به ضربٌ من الضلال والفتنة التي حذر منها العلماء.


الموقع الإلكتروني والانتشار

أنشأ محمد قاسم موقعًا إلكترونيًا بلغات عدة، منها العربية، يعرض فيه أحاديثه ورؤاه المزعومة، ويردّ على التساؤلات التي يطرحها متابعوه. وقد جاء فيه سؤال لافت:

هل محمد قاسم هو الإمام المهدي؟

وهو سؤال يكشف بوضوح الهدف من كل هذه الدعاية، فكيف يُطرح مثل هذا السؤال أصلًا، والمهدي لا يُعلن عن نفسه، ولا يُعرف زمانه أو مكانه إلا بعلامات محددة وردت في السنة النبوية الصحيحة؟

🔗 رابط الموقع (للاطلاع فقط):
https://muhammadqasimpk.com/ar/blog/is-muhammad-qasim-imam-mahdi

خلاصة القول

محمد قاسم ليس الأول ولن يكون الأخير ممن ادّعوا أو لمحوا إلى أنهم المهدي المنتظر، فالتاريخ الإسلامي شهد العديد من هؤلاء الذين انتهى ذكرهم دون أثر، وبقيت الحقيقة كما هي:

أن الله وحده يعلم زمن ظهور المهدي، ومتى تكون الأرض بحاجة إليه.

وعلى المسلمين جميعًا أن يكونوا أكثر وعيًا وتمييزًا، وألا يتركوا عقولهم نهبًا لمن يدّعون الكرامة أو الاصطفاء بغير دليل، وأن يعلموا أن الدين لا يُبنى على الأحلام، بل على العلم واليقين والبصيرة.


Read More
    email this

الخميس، 4 يناير 2024

Published يناير 04, 2024 by with 0 comment

مشاهد من الحرم: تأملات وانطباعات من زيارة روحانية

 

مشاهد من الحرم

مشاهد من الحرم: تأملات وانطباعات من زيارة روحانية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هداني لزيارة بيته الحرام مجدّدًا وزيارة مدينة النبي صلى الله عليه وسلم — طيبة الطيبة — بعد غياب دام عشر سنوات. كانت الرحلة تجربة روحانية مفعمة بالحنين، وغمرتني فيها نسائم الإيمان وذكريات أهل ذلك العصر النبوي الأصيل.


خلال زيارتي رصدت جانبين متباينين: جانب يبعث على الفخر والامتنان لجهود المملكة العربية السعودية وقادتها في خدمة الحرمين الشريفين، وجانب يحتاج إلى وقفة وصياغة لتحسين تجربة الزائر. إذ لا يخفى على أحد التوسعات الضخمة والتجهيزات الهائلة التي جعلت أداء المناسك أكثر سهولة وأكثر أمانًا، مما يستحق الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده وكافة القائمين على خدمة المقدسات.


إشادات مستحقة

تبدّت أمامي الجهود التنظيمية والإنشائية التي أنقذت آلاف القلوب من الازدحام وفرت بيئة ملائمة لأداء العبادات بخشوع وطمأنينة. هذه الجهود ليست بسيطة، بل تُعدّ إنجازًا يستحق الثناء من قيادة وشعب المملكة.


ملاحظات على سلوك بعض العاملين وسلوك الزوار

رغم ذلك، لاحظت أمورًا اثارت انزعاجي وأظنّ أنها تستحقُ الإصغاء والتدارك:

  1. أسلوب التعامل مع بعض الزوّار: شاهدت حالات تشدّد في التعامل الأمني مع معتمرين بسطاء، خصوصًا من دول آسيوية وإفريقية. مثلاً، مَشهدٌ لأحد المعتمرين المسنين الذين سُحبوا بعنف أثناء أدائهم الصلاة عند الصفا والمروة؛ موقفٌ أثار استياء المشاهدين وألّبَ قلوبًا كانت في زيارةٍ للخشوع.
    إن فهم خلفيات الزائرين وبيئتهم الثقافية والتعليمية يقتضي علاجًا تربويًا وتوعويًا، لا ردود فعلٍ عنيفة في كل مرة.

  2. الجهل ببعض الآداب الشرعية: بعض الزوار يقومون بممارسات اعتادوا عليها في مجتمعاتهم ولم يعرفوا أنها قد تكون خاطئة أو مُمثلة للبدع. لذا تقع مسؤولية كبيرة على الجهات المسؤولة في بلدان الزوار لتهيئتهم قبل السفر، وعلى القائمين داخل الحرم لتقديم توجيهٍ هادئ ومؤدب.

  3. التدافع حول الحجر الأسود: ما لاحظته من كثافة وتدافع عند مقام الحجر الأسود يسبّب اختلاطًا محرجًا بين الجنسين وإجهاداً لبعض النسوة. هذا النوع من التدافع يعرض الناس للإرهاق والإيذاء ولا يخدم روح العبادة. لقد اعتدتُ على نظامٍ وتوجيهٍ أفضل في الماضي، وأتفهّم أن الزيادة الكبيرة في أعداد الزوار والتوسعات العمرانية غيرت ديناميكية الحرم، لكن يظلّ تنظيم الدوريات، والإرشاد الصوتي، والرقابة الهادئة ضروريًا لتخفيف هذه الحالات.

توصيات عملية

  • تكثيف التوعية قبل الوصول: على الدول المرسلة للحجاج والمعتمرين توفير برامج توعوية مبسطة بلغات متعددة تشرح آداب وطريقة أداء المناسك، وتوضح الممارسات الممنوعة.

  • تدريب عنصري أكثر على التعامل الثقافي: تعزيز تدريب عناصر الأمن والمتطوعين على كيفية التعامل مع زوّار من خلفيات ثقافية مختلفة بصبر واحترام.

  • إدارة التدافع عند النقاط الحساسة: اعتماد آليات مرنة لتنظيم مسارات الطواف والزيارة، مع تحكيم دور مرشدين وطلاب علم مختصين للتوجيه الهادئ.

  • قنوات تواصل للشكاوى والمقترحات: تفعيل آليات سهلة للزوّار للتبليغ عن أي سلوك غير لائق من أي طرف، مع ضمان المتابعة والاعتذار عند الخطأ.

خاتمة

أُجمل ما في الزيارة أنها تذكّر الإنسان بعظمة الدين وبهجة العبادة، ومع ذلك لا يَغفل المرء الحاجة المستمرة إلى التحسين والتوجيه. أسأل الله أن يحفظ المملكة وقيادتها، وأن يبارك في جهود من يخدمون الحرمين، وأن يظل بيت الله الحرام ملاذًا للخشوع والطمأنينة. كما أدعو لجعل تجربة الزائرين أكثر إنسانيةً واحترامًا، لأن منتهى كل جهد في خدمة الحرمين هو راحة قلوب الضيوف وخشوعهم.

Read More
    email this

الاثنين، 18 ديسمبر 2023

Published ديسمبر 18, 2023 by with 0 comment

من المسافة صفر: صمود غزة في وجه العدوان وتحوّل الرأي العام العالمي نحو الحقيقة

 

من المسافة صفر: صمود غزة ورسائل من قلب النار

أرض لا تعرف الاستسلام

في مناطق مشتعلة لا تهدأ، يعيش الفلسطينيون حياة تمزج بين حب الأرض والإصرار على البقاء. هناك في غزة، حيث تختلط رائحة الدخان بصوت الأذان، يرفض الناس الخضوع رغم كل ما يواجهونه من حصار وعدوان، مرددين: كلنا مشروع شهادة من أجل كرامة الأرض والإنسان.


إنه مشهد يختصر معاني الصبر والثبات في وجه آلة الحرب التي لا تميز بين طفل وامرأة ورجل.


ما بين المقاومة والحق في الدفاع

قد يختلف البعض مع بعض ممارسات الفصائل الفلسطينية، لكن الجميع يتفق على أن ما يعيشه الشعب الفلسطيني هو نضال مشروع للدفاع عن حقه في الحياة الكريمة، مثل أي شعب على وجه الأرض.


فعلى مدى عقود من الاحتلال، بقي الفلسطينيون نموذجًا للصبر والتحمل، يواجهون واحدة من أقسى التجارب الإنسانية في العصر الحديث، دون أن تنكسر إرادتهم أو يضعف إيمانهم بعدالة قضيتهم.


معاناة تتحدث عنها الأرض

إنه ليس من السهل الحكم على من يعيش تحت القصف المستمر والدمار اليومي.
حين ينقطع عنهم الغذاء والدواء والماء، وتُدمر منازلهم فوق رؤوسهم، تخرج من أفواههم كلمات الغضب والخذلان. لكن لو وضعنا أنفسنا مكانهم، لوجدنا أن مشاعرهم نابعة من عمق الألم والإحساس بالوحدة، لا من الكفر بالقضية أو التخلي عن إخوتهم في الإنسانية والعروبة.


مقاومة رغم الحصار

مع توغل الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، تواصل المقاومة – رغم ضعف الإمكانيات – إحداث أثر عميق في الميدان.


ولم يعد من الممكن إنكار حجم الصدمة النفسية التي تصيب جنود الاحتلال أنفسهم، حيث تتحدث تقارير إعلامية عن امتناع بعضهم عن القتال أو عودتهم بحالة نفسية صعبة بعد مواجهات مباشرة في مناطق القتال التي باتت تُعرف بـ"المسافة صفر".


الثبات أمام القصف والمعاناة

رغم الحصار القاسي والقصف الذي لا يتوقف، يدهش الفلسطينيون العالم بثباتهم وإيمانهم.
مشاهد الأطفال الذين يبتسمون رغم الألم، والأمهات اللواتي يودعن أبناءهن بالشجاعة والإيمان، أصبحت رموزًا عالمية للصمود الإنساني.


إنها لحظات تجسد القوة الداخلية لشعب يواجه الموت بكرامة ويمنح الحياة معنى مختلفًا.


الحقيقة التي انكشفت أمام العالم

الأحداث الأخيرة كشفت للعالم الوجه الحقيقي للاحتلال. فبعد عقود من الدعاية التي حاولت تبرير ما يجري، أصبحت الصور القادمة من غزة كفيلة بتغيير الرأي العام العالمي.


خرجت المظاهرات في مدن كبرى حول العالم، رافضة استمرار العدوان، ومطالبة بوقف فوري للعنف، وبمنح الفلسطينيين حقهم المشروع في العيش بسلام وأمان.


رسائل من تحت الركام

في قلب هذه المعاناة، يسطر المقاتلون والفلسطينيون دروسًا للعالم في الصبر والإيمان والكرامة.
فهم لا يملكون الأسلحة المتطورة، لكنهم يملكون الإرادة والإيمان، ويؤمنون أن الأرض لا تُستعاد إلا بالثبات والعمل والصبر.


من بين الركام، تخرج رسائلهم إلى كل مظلوم في هذا العالم: لا تفقد الأمل، فالنصر يولد من رحم المعاناة.

الخاتمة: غزة… وجع الإنسانية وضميرها الحي

ما يجري في غزة لم يعد قضية سياسية فحسب، بل أصبح اختبارًا أخلاقيًا للعالم بأسره.
فمن يقف مع الحق الإنساني، يقف مع الشعب الفلسطيني في سعيه نحو الحرية والكرامة.
ورغم الألم الكبير، فإن الأمل لا يزال حيًا في نفوس الفلسطينيين الذين علمونا أن التمسك بالأرض هو التمسك بالحياة ذاتها.

Read More
    email this