الأحد، 12 مايو 2024

Published مايو 12, 2024 by with 0 comment

🌿 الغيرة نعمة: بين فطرة الإنسان وتحديات الحضارة الحديثة

🌿 الغيرة نعمة: بين فطرة الإنسان وتحديات الحضارة الحديثة

 🌿 الغيرة نعمة: بين فطرة الإنسان وتحديات الحضارة الحديثة



في زمنٍ تتسارع فيه التغيرات الفكرية والاجتماعية، وتنتشر فيه مفاهيم غريبة عن قيمنا وديننا، يبقى الإحساس بالغيرة من أنبل المشاعر التي تحفظ المجتمعات من الانحلال وتقيها من الانزلاق في مستنقع الفوضى الأخلاقية.


لقد تأثرت مجتمعاتنا العربية والإسلامية في العقود الأخيرة بثقافات وافدة من الغرب، حتى أصبح بعض الناس يتبنّون تلك الأفكار دون وعي أو تمييز بين ما يصلح لنا وما يفسد فطرتنا وديننا.



 الثقافة الغربية وتأثيرها على المجتمعات العربية


لا شك أن الانفتاح على العالم أمر لا مفر منه، لكن الخطر يكمن في الانبهار المفرط بكل ما هو غربي حتى في الجوانب التي تتعارض مع مبادئنا الإسلامية.


لقد تسللت مفاهيم مثل “الحرية الشخصية” و“التحرر الكامل” و“الانفتاح بلا قيود” إلى مجتمعاتنا، وأصبحت شعاراتٍ تُستخدم لتبرير تجاوز القيم والضوابط الدينية.


ولولا **ضعف الوازع الديني وغياب التربية الأسرية السليمة** لما تمكنت تلك الأفكار من إيجاد موطئ قدم في مجتمعاتنا المحافظة.




الغيرة... فطرة إلهية تحفظ التوازن


الغيرة في الإسلام ليست مرضًا أو ضعفًا كما يحاول البعض تصويرها، بل هي **غريزة فطرية مزروعة في النفس البشرية**، بها تُصان الأعراض، وتُحفظ الكرامة، ويُحمى المجتمع من الانحراف.
يقول النبي ﷺ:

 “إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم الله عليه.”

فالغيرة هي **حارس القيم** الذي يمنع الانزلاق في المعاصي، وهي التي تدفع الرجل والمرأة إلى التمسك بالعفة والستر والحياء.


 حين تتحول الحرية إلى فوضى

إن ما نراه اليوم من مظاهر الانفتاح غير المنضبط ليس حرية حقيقية، بل **فوضى فكرية وأخلاقية** تُهدد استقرار الأسرة والمجتمع.

فحين يتجرأ البعض على اعتبار **الحشمة رجعية، والحجاب تخلفًا**، وحين يُربّى الجيل على تقليد الغرب في كل شيء، فإننا نخسر هويتنا شيئًا فشيئًا.

الحرية الحقيقية هي التي تضبطها **الضمائر والقيم والدين**، وليست تلك التي تُطلق الإنسان بلا حدود.


الغيرة بين الفطرة والضياع

لقد كانت الغيرة سببًا في حفظ المجتمعات المسلمة عبر القرون وكانت درعًا يحمي الأسرة من الانحراف.
لكن حين غابت الغيرة من القلوب، تغيّرت المظاهر والعلاقات والسلوكيات، وأصبح البعض لا يجد حرجًا في أن تُظهر المرأة جسدها أو تختلط بلا ضوابط.

إن ضعف الغيرة لا يُضعف الرجل وحده، بل يُضعف الأمة بأكملها، لأن الأسرة هي نواة المجتمع، فإذا فسدت ضاعت القيم وانحدر البناء الأخلاقي.



 دور الأسرة والمجتمع في حماية القيم


الأسرة هي المدرسة الأولى التي تُغرس فيها بذور الإيمان والحياء.
فلو نشأ الأبناء على مراقبة الله، وحب الخير، والتمسك بالحياء، لما استطاعت أي ثقافة دخيلة أن تزعزع ثوابتهم.
كما أن على الإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية دورًا كبيرًا في **إعادة الاعتبار للغيرة كقيمة إنسانية سامية**، لا كقيد أو عيب كما يصورها البعض.



 بين الغيرة والانفتاح المتزن


لا يعني الدفاع عن الغيرة رفض الانفتاح أو رفض التقدم، بل يعني **تحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة**.
يمكننا أن نتطور ونتعلم وننفتح على العالم دون أن نفقد هويتنا أو نُفرّط في ديننا.
فالغيرة ليست حجرًا على العقل أو تطرفًا فكريًا، بل هي **قوة داخلية تذكّر الإنسان بحدوده ومسؤوليته أمام خالقه.


 الخلاصة


الغيرة ليست عيبًا، بل **نعمة من الله** تحفظ بها الأمم كرامتها وهويتها.
ومتى ما ضعفت الغيرة، ضعفت الأخلاق، وبدأت المجتمعات في السقوط البطيء نحو الانحلال.
فلنحافظ على هذه القيمة، ولنعمل على غرسها في نفوس أبنائنا، لأنها الحصن الأخير في وجه موجات التغريب والانفلات.
    email this

0 comments:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا