
ظاهرة المعارضين العمانيين في الخارج وأسبابها
تزايدت في السنوات الأخيرة أعداد العمانيين الذين غادروا البلاد وعبروا عن معارضتهم للسياسات الحكومية من الخارج. تنقسم الرؤى حول هذه الظاهرة إلى اتجاهين رئيسيين:
رؤية المعارضين وأنصارهم:
يؤكدون أن سبب معارضتهم وهجرتهم هو الظلم الواقع عليهم، وتقييد حرياتهم، والتهديد الذي تعرضوا له بعد التعبير عن آرائهم السياسية أو انتقادهم لملفات مثل الفساد أو غلاء المعيشة.
تشير تقارير منظمات حقوقية دولية (مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية) إلى وجود قيود على حرية التعبير والتجمع السلمي في عُمان، واعتقال نشطاء وكتاب وصحفيين بسبب آرائهم، واستخدام قوانين فضفاضة (مثل تجريم النيل من هيبة الدولة أو إثارة الرأي العام) لقمع الأصوات المنتقدة.
يعتبر هؤلاء المعارضون أنفسهم أصحاب حق ويسعون للإصلاح السياسي والاقتصادي.
رؤية الحكومة وداعميها:
ترى أن هذه الأصوات مؤدلجة أو مدفوعة بأجندات خارجية أو أهواء شخصية، وأنها تتجاوز حدود النقد البناء إلى التحريض على الفوضى أو الإخلال بالأمن والنظام العام.
تشدد الحكومة على أن النظام الأساسي للدولة يكفل حرية الرأي والتعبير في حدود القانون، وتؤكد على استقرار البلاد والتزامها بالتحديث والإصلاح وفق رؤية "عُمان 2040".
2. النظام السياسي (دكتاتوري أم لا) وحرية التعبير
يُصنّف نظام الحكم في عُمان بأنه سلطاني وراثي.
تؤكد التقارير الحقوقية الدولية أن هناك قيوداً كبيرة على الممارسات الديمقراطية وحرية تكوين الجمعيات والأحزاب والتجمع السلمي.
التحفظات الرئيسية هي على القوانين الجزائية التي تُستخدم لتقييد النقد، والتي تراها المنظمات الحقوقية انتهاكاً للمعايير الدولية، على الرغم من انضمام السلطنة لبعض الاتفاقيات الدولية الداعمة للحقوق.
في المقابل، تشير الحكومة إلى خطوات مثل تفعيل دور مجلس عُمان (الدولة والشورى) كجزء من عملية الإصلاح، والانضمام لاتفاقيات دولية، وإنشاء اللجنة العمانية لحقوق الإنسان (التي تثير المنظمات المستقلة تساؤلات حول استقلاليتها الكاملة).
3. دخل الفرد والامتيازات (بلد غني وضعيف خليجياً)
هناك تباين واضح في مستوى دخل الفرد والرواتب في عُمان مقارنة ببعض دول الخليج الأخرى (مثل الإمارات وقطر)، حيث تُصنّف عُمان والبحرين عادةً على أنهما الأقل من حيث متوسط الرواتب ضمن دول مجلس التعاون الخليجي.
الأسباب المحتملة:
البنية الاقتصادية والاحتياطيات: تعتمد عُمان على النفط والغاز، لكن احتياطياتها ومعدلات إنتاجها أقل مقارنة بالعمالقة الخليجيين، مما يحدّ من الفوائض المالية الضخمة التي تتيح مستوى أعلى من الإنفاق الحكومي والرواتب.
الكثافة السكانية والتوظيف: مساحة عُمان كبيرة نسبياً وتحتاج لإنفاق على البنية التحتية، وعلى الرغم من انخفاض عدد السكان مقارنة ببعض الدول غير الخليجية، إلا أن الدولة تواجه تحديات في توفير فرص عمل لائقة لأعداد متزايدة من الخريجين.
التنويع الاقتصادي: تسعى عُمان لتنويع مصادر دخلها عبر "رؤية عُمان 2040"، ولكنها لا تزال في مراحل العمل على تحويل بنيتها الاقتصادية بعيداً عن الاعتماد الكبير على العائدات النفطية.
تشير الإحصائيات الرسمية إلى تحقيق السلطنة تقدماً في مؤشرات التنمية المستدامة والخدمات الأساسية (كالكهرباء ومياه الشرب والرعاية الصحية) ولكن التحدي يبقى في رفع مستوى الدخل والامتيازات لمضاهاة نظرائها الأغنى.
4. محاسبة الفساد والسارقين من الشخصيات المهمة
يُعدّ ملف محاسبة الفساد أحد القضايا التي يثيرها المعارضون والمنتقدون.
الموقف الرسمي: تشير الحكومة إلى وجود جهود لمكافحة الفساد، مثل عمل جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وتؤكد أن سلطنة عُمان حققت تقدماً في مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2024.
رؤية المنتقدين: يرى الكثير من المنتقدين أن جهود المحاسبة غالباً ما تستهدف المستويات الأقل أو المتوسطة، ويُشكّكون في وجود محاسبة حقيقية وشفافة تطال الشخصيات المهمة أو أصحاب النفوذ بشكل علني وصارم، ما يؤدي إلى ثقافة إفلات من العقاب في المستويات العليا.
تلخص بعض الدراسات الأكاديمية أهمية الشفافية وضرورة ألا يقتصر تطبيقها على الموظف العام بل يشمل القيادات العليا لمكافحة الفساد المالي والإداري.
يمكنك مشاهدة تحليل لأحد الآراء حول ظاهرة المعارضين في أكثر مواطن عُماني واجه الظلم والقمع بسبب حرية الرأي؟.
هذا الفيديو يطرح وجهة نظر حول تعرض النشطاء العمانيين للظلم والقمع بسبب تعبيرهم عن آرائهم وحقهم في التعبير.
وإليكم ملخص لأبرز النقاط الواردة في تقارير حقوق الإنسان الدولية والمحلية لعام 2024/2025 حول الوضع في سلطنة عُمان.
📝 ملخص تقارير حقوق الإنسان الدولية حول عُمان (2024/2025)
تُظهر تقارير المنظمات الدولية (مثل وزارة الخارجية الأمريكية ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش) تبايناً في تقييم الوضع الحقوقي في عُمان: إشادة ببعض الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، مقابل تحفظات قوية على الحريات الأساسية.
1. 🎤 حرية التعبير وحرية الإعلام (القيود على الأصوات المعارضة)
- القيود القانونية: تشير التقارير إلى أن القوانين العمانية لا تزال فضفاضة وتُستخدم لتقييد الحق في حرية التعبير والتجمع. هذه القوانين تجرّم أفعالاً مثل "المساس بهيبة الدولة" أو "إثارة الرأي العام" أو "التشهير"، وهي مصطلحات ترى المنظمات أنها تفتقر إلى الدقة وتسمح للسلطات بـقمع المنتقدين والمدونين.
- الاعتقالات والمضايقات: تفيد التقارير بوجود اعتقالات قصيرة الأمد واحتجاز وأشكال أخرى من المضايقات تستهدف النشطاء السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنتقدي الحكومة. هذه الإجراءات هي السبب الرئيسي وراء ظاهرة المعارضين في الخارج الذين يخشون العودة.
- الرقابة: هناك تقارير عن استمرار الرقابة على وسائل الإعلام والمطبوعات، فوفقًا لبعض المراكز الحقوقية العُمانية في الخارج، منعت الوزارة توزيع كتب لمؤلفين عُمانيين ودوليين في معرض مسقط الدولي للكتاب.
- التهديد والاحتجاز التعسفي: أوردت تقارير وزارة الخارجية الأمريكية تقارير موثوقة عن قيود خطيرة على حرية التعبير وحرية الإعلام، بما في ذلك الاحتجاز أو الاعتقال التعسفيين.
2. ✊ حريتا التجمع وتكوين الجمعيات
- قيود كبيرة: تؤكد التقارير أن السلطات تقيّد حريات التجمع السلمي وتكوين الجمعيات السياسية المستقلة، ولا تسمح بإنشاء أحزاب سياسية.
3. 💸 مكافحة الفساد والإفلات من العقاب
- جهود رسمية: تشير التقارير الحكومية (مثل تقرير اللجنة العمانية لحقوق الإنسان) إلى جهود في مكافحة الفساد والإصلاح الإداري.
- قلق مستمر: على الرغم من هذه الجهود، يبقى القلق قائماً لدى المنتقدين والمنظمات حول مدى الشفافية والمساءلة التي تطال الشخصيات المهمة وأصحاب النفوذ في القضايا المتعلقة بالفساد المالي والإداري، مما يساهم في تغذية شعور بعدم وجود محاسبة كاملة للطبقة العليا.
4. ⚖️ حقوق المرأة والعمال المهاجرين
- المرأة: على الرغم من أن القانون ينص على المساواة، إلا أن المرأة لا تزال تواجه تمييزاً بموجب القانون في قضايا مثل الطلاق والميراث والوصاية على الأطفال.
- العمال المهاجرون: تشير التقارير إلى تعرض أكثر من 140 ألف عاملة منزلية مهاجرة لـسوء المعاملة والاستغلال بسبب نظام الكفالة وعدم كفاية الحماية في قانون العمل، على الرغم من بعض التحسينات التي أُدخلت مؤخراً.
5. 🟢 الجوانب الإيجابية الملحوظة
- الضمان الاجتماعي: أشادت منظمة هيومن رايتس ووتش بقانون الضمان الاجتماعي الجديد لعام 2024 ووصفته بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح" لضمان حياة كريمة للمواطنين، واعتبرته نموذجاً للمنطقة.
- الجهود الحقوقية الداخلية: ذكرت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان (وهي جهة رسمية) في تقريرها لعام 2024 أنها تلقت أكثر من 1000 موضوع حقوقي وعملت على تسوية 937 حالة، وأن عُمان تقدمت 18 مركزاً في مؤشر حرية الصحافة العالمي (وهي نقطة تخالف تقييمات المنظمات الغربية إلى حد ما).
الخلاصة
في حين أن هناك جهوداً إصلاحية اقتصادية واجتماعية، فإن التحدي الأكبر يظل متمثلاً في تطبيق المعايير الدولية لحرية التعبير والحريات المدنية والسياسية. هذه القيود هي العامل المحوري في هجرة ومعارضة النشطاء الذين يرون أنفسهم مضطهدين بسبب آرائهم، وهي في نظر المنظمات الحقوقية مؤشر على بيئة قمعية تجاه النقد السياسي.
0 comments:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا